الأربعاء، 31 مارس 2010

محجبات ومنقبات في البارات والملاهي الليلية!

أحب أصدقائي أن يحتفوا بي في نهاية إجازة العيد الأضحى الماضية والتي كانت الأولى لي في القاهرة بعد خمس سنوات كاملة لم أشهد خلالها أي عيد في مصر الحبيبة. طلبت منهم أن يكون الاحتفاء على شكل سهرة في أحد الملاهي الليلية لأنني أرغب في الرقص وتمضية بعض الوقت الممتع والخاص معهم. قام واحد من المجموعة بتنظيم الحفل وبالفعل توجهنا جميعاً " وصل عددنا إلى ثلاثين صديق وصديقة" إلى المكان المحجوز لنا به طاولة تتسع لعددنا الكبير. كل ما سبق لا علاقة لكم به ولكن المهم والذي أكتب عنه الآن، هو أنني بمجرد وصولي للمكان طلب مني الحارس أن أنتظر في استقبال الفندق قليلاً حتى تنتهي حفلة " الماتينيه"، لكنني أحببت أن أقف قليلاً في الشارع أراقب حركة الناس " جزء من طبيعتي الخاصة"، وأثناء وقوفي أبصرت فتاة محجبة تتحدث في هاتفها المحمول وللحق لم تلفت انتباهي كثيراً فما ظننته أنها بالتأكيد واحدة من نزلاء الفندق، لكن المفاجأة هي أنها وبعد انتهائها من محادثتها التليفونية اتجهت نحو باب الملهى الليلي ودخلت. هنا لفتت الفتاة نظري بشدة ولكني مع ذلك أحسنت بها النية وفكرت أنها ولابد تعمل في المكان وأكل العيش مر كما يقولون. أحببت أن أتأكد من ظني فتبعتها وإذا بها جالسة على أحد الطاولات وأمامها زجاجة بيرة احتست منها القليل قبل أن تقوم وتتجه نحو البقعة المخصصة للرقص مع الرجل الذي كان يجاورها الطاولة لترقص معه رقصاً من الصعب وصفه بأي شيئ سوى بالجنسي المثير " كما يحبون أن يصفوا رقص الراقصات الشهيرات في إشارة إلى أنهن سبب مباشر في فساد المجتمع". لم أتمكن من إغلاق فمي وكما يقولون فغر فاهي ولم أستطع إغلاقه أو السيطرة عليه هو وعيني التي ظلت تبحلق في الفتاة بشيئ من البله وعدم القدرة على الاستيعاب.
أيها السادة والسيدات، أعترف أنني امرأة تحب الرقص بكافة أنواعه حتى أنني أنفق المال من أجل الحصول على فصول تعليمية في الرقص الشرقي والغربي واللاتيني، فأنا مؤمنة بأن الرقص أحد أهم الأدوات للتعبير عن الجسد، ولا أنكر هذا الأمر على أي رجل أو امرأة في الوجود بل أنني أدافع عن الراقصات الموصومات بالعار دوما في بلادنا، لكن ومع تصاعد التيار الديني في مصر وتحول جميع النساء إلى الحجاب، بل والدفاع المستميت عنه كفريضة إسلامية سادسة خاصة بالمرأة واتهامي دائماً بالخروج عن الدين فقط لأنني أقول أن الحجاب ليس فرضاً إسلامياً، أتساءل هنا، ما الذي يعنيه الحجاب بالضبط مع امرأة تتردد على الملاهي الليلية وتشرب الخمر وترقص رقصاً خليعاً مع رجل؟ لو كانت تلك الفتاة بعد أن دخلت الملهى نزعت عنها غطاء شعرها، كنت تفهمت موقفها ولمت المجتمع الجائر الذي ضيق العيش على المرأة حتى اضطرت أن ترتدي الحجاب من أجل الحصول على القبول الاجتماعي في الشارع، لكن تلك الفتاة وكثيرات أتوا بعدها في حفلة السواريه التي كنت أحد زبائنها، لم ينزعوا عنهم غطاء الشعر بل جلسوا كما هم وشربوا صنوف الخمر المختلفة ورقصوا ولا أريد أن أفصح عن شكل تصرفاتهم المشبوهة في الملهى، مع العلم أن هذا المكان لا يستقبل العاهرات وهذا ما تأكدت منه قبل أن أذهب إليه لتمضية السهرة مع أصدقائي.
المثير أنني عندما أعلنت عن استيائي من المشهد الخاص بالحجاب أمام المسؤول عن الملهى وأخبرته أن المحجبات ممنوعات من الدخول إلى الملاهي الليلية والبارات في دول كثيرة يدين غالبيتها بالإسلام كنوع من أنواع احترام الحجاب نفسه، أجابني بأن هذا الأمر غير معمول به في مصر وأنه معتاد على تردد المحجبات على الملهى بل إنه أخبرني أن هناك فتاة منقبة تتردد على المكان باستمرار وإن كانت تدخل إلى حمام النساء أولا لتنزع لباسها الديني وتخرج إلى الصالة بعد ذلك لتمضية سهرتها، وعندما اتسعت فتحة فمي، هون علي الأمر وقال لي " لماذا تتعاملين مع الأمر بجدية، الحجاب والنقاب في مصر لا يعني تدين ولا اقتراب من الله، إنه مجرد ملابس يرغب الشارع في رؤية المرأة داخلها" بل إنه زادني من الشعر بيتاً وقال أنه يتردد على أحد البارات في إجازته الأسبوعية وقد اعتاد أن يرى امرأة منقبة تدخل إلى البار لتحتسي وحدها زجاجة ويسكي كاملة وبسرعة شديدة ثم تدفع حسابها وترحل.
الجميل في الأمر أنني برغم كوني غير محجبة إلا أنني لا أشرب الخمر لأن هناك آية قرآنية واضحة تقول "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا" (البقرة 219)، أما الحجاب فلم ترد فيه آية بمثل هذا الوضوح وإنما يتم تأويل الآيات القرآنية بالشكل الذي يرضي الرجال حتى يتم إخفاء المرأة وإقصائها عن المجتمع وتحويلها إلى جسد محرم، وإن كنت هنا وبعد أن شاهدت ما شاهدته في تلك الليلة أتساءل، هل من الأفضل للمرأة أن تغطي شعرها ووجهها أم أن تعيش وترتدي ما يحلو لها وتمتنع عن شرب الخمر لتعمل وتنتج ما فيه نفع للمجتمع؟ فإذا ما رغبت في تمضية أوقات مرحة مع أصدقائها ذهبت إلى ملهى ليلي وضحكت ورقصت بوعي وعادت إلى منزلها بكامل احترامها، أو تذهب إلى الحدائق والسينمات وغيره، كما يحلو لها، فأنا لا أفرض نوعية واحدة من الاستمتاع.
وفي النهاية أسألكم المغفرة لأنني أحب الرقص وأتردد على الملاهي الليلية " وإن كانت من النوعية المحترمة" وأطالبكم بالدعاء لي حتى أتوقف عن هذا الإثم الفظيع الملقب بالرقص " حتى وإن كان أداءاً حركياً فنياً راقياً"، لكني لا أسألكم أن تدعو لي بأن يهديني الله إلى الحجاب !


أمنية طلعت

نوفمبر 2009

هناك تعليقان (2):