الأربعاء، 31 مارس 2010

ثقافة الحور العين والخطاب الذكوري المفروض حتى على الجنة

عندما كنت أقرأ تاريخ الطائفة الإسماعيلية وما نتج عنها من جماعة حسن الصباح التي اشتهرت بجماعة الحشاشين أيام الخلافة العباسية، لم أكن أعلم أن مسألة الحور العين التي تم بها إغراء عددا من الشباب اليانع حينها للانضمام إلى قلعة آلموت ( القلعة التي بناها حسن الصباح لتدريب الشباب على القتال وفرض فكرة الاستشهاد للوصول إلى الجنة والتمتع بمباهجها ومن ضمنها الحور العين) سوف يعاد طرحها في عصرنا هذا للقيام بنفس الدور، ألا وهو إغراء الشباب اليانع أيضا للاستغراق في الحلم بالجنة والابتعاد عن مسائل الدنيا ومنها بالتأكيد بناء دولة عربية مدنية ذات مقومات اقتصادية قوية تجابه القوى الغربية والأمريكية تحديدا.
في كل مناسبة دينية نتلقى جميعا رسائل إليكترونية تدعونا للدعاء بشكل معين وإعادة إرسال نفس الرسالة لعشر أشخاص مثلا كي نحصل على مائة أو مائتين حسنة ( كأننا نحن الذين سنحاسب الله يوم القيامة بعدد الحسنات التي جمعناها ونفاصله فيها بدلا من ابتغاء رحمته) ومنها يصلنا رسائل عن الحور العين، وكيف أن للرجل الديٌن سبعين من الحور العين أو من النساء الجميلات البيضاوات، البضات العذراوات إلى آخره من الصفات التي تشبه الدعايات الهوليودية الخاصة بالنساء المرمريات اللائى من الصعب أن تصادفهن في الشارع العادي الذي نسير فيه.
من كثرة هذه الرسائل وما يتبعها من مناقشات غريبة ومضحكة بين النساء والرجال عن الحور العين، وكيف أن المرأة ليس لها شيئا في المقابل، قدم رجال الدين الأعزاء المبجلين آراء أو تصريفات لم ترد لا في القرآن ولا في السنة مثل أنها ستجتمع بزوجها في الآخرة وأنها ستحشر في سن الثلاثين أو أن شهوة المرأة في الحلي والمجوهرات وليست في الرجال... إلخ. من أجل كل ما سبق قررت الخوض في هذه المسألة.
الحور العين في المعجم اللغوي
بداية يجب أن نعرف المعنى اللغوي لكلمة حور عين، وكي نعرفها يجب أن نقسمها إلى حُور ثم عِين، وفي المعجم المحيط سنجد أن كلمة حور بضم الحاء معناها كالتالي:
الحور: الأحور والحوراء :- من النساء: اللواتي هن بيضٌ. - : النقص والهلاك / إنه في حور وبور، أي في غير صنعة ولا إجادة أو هو في ضلال/ الباطل في الحور/ أي في نقص وتراجع.

أما عين فمعناها وفقا لمعجم محيط المحيط : هي الواسعة العين.

إذا من منطلق المعنى السابق نحن نتحدث عن نساء بيض واسعات العيون. والأسئلة التي تفرض نفسها هنا، هل يقتصر وجود النساء واسعات العيون على الجنة فقط؟ وماذا عن النساء السود واسعات العيون؟ وماذا عن النساء البيض والسود غير واسعات العيون؟
ألا تلاحظوا هنا نوعا من التمييز، فكأن هناك مفاضلة بين النساء، وتفضيل للمرأة ذات اللون الأبيض والعين الواسعة على غيرها من النساء، فلماذا لا يكون نساء الجنة هؤلاء سوداوات؟ هل هناك ما يعيب الشعوب السوداء بأسرها دونا عن النساء فقط؟
ألم يكن الإسلام هو صاحب الدعوة الأولى في المساواة بين البشر وعدم التفضيل بينهم على أساس اللون والعرق والجنس؟
في خطبة الوداع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين: " يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد ألا إن أباكم واحد لا فضل لعربي على أعجمي ولا أعجمي على عربي ولا أحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى ... أبلغت؟ قالوا أبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم."
فهل يساوي الله بيننا على الأرض في الدنيا ويفاضل بيننا في الآخرة وفي الجنة؟
الحور العين في القرآن الكريم
في سورة الدخان الآية 54 :
بسم الله الرحمن الرحيم
كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ
صدق الله العظيم
وفي تفسير الطبري يقول : الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : كَمَا أَعْطَيْنَا هَؤُلَاءِ الْمُتَّقِينَ فِي الْآخِرَة مِنْ الْكَرَامَة بِإِدْخَالِنَاهُمُ الْجَنَّات , وَإِلْبَاسِنَاهُمْ فِيهَا السُّنْدُس وَالْإِسْتَبْرَق , كَذَلِكَ أَكْرَمْنَاهُمْ بِأَنْ زَوَّجْنَاهُمْ أَيْضًا فِيهَا حُورًا مِنْ النِّسَاء , وَمِنَ النَّقِيَّات الْبَيَاض , وَاحِدَتهنَّ : حَوْرَاء , وَكَانَ مُجَاهِد يَقُول فِي مَعْنَى الْحُور , مَا : 24111 - حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِين } قَالَ : أَنْكَحْنَاهُمْ حُورًا. قَالَ : وَالْحُور : اللَّاتِي يَحَار فِيهِنَّ الطَّرَف بَادٍ مُخّ سُوقِهِنَّ مِنْ وَرَاء ثِيَابهنَّ , وَيَرَى النَّاظِر وَجْهه فِي كَبِد إِحْدَاهُنَّ كَالْمِرْآةِ مِنْ رِقَّة الْجِلْد , وَصَفَاء اللَّوْن . وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُجَاهِد مِنْ أَنَّ الْحُور إِنَّمَا مَعْنَاهَا : أَنَّهُ يَحَار فِيهَا الطَّرَف , قَوْل لَا مَعْنَى لَهُ فِي كَلَام الْعَرَب ; لِأَنَّ الْحُور إِنَّمَا هُوَ جَمْع حَوْرَاء , كَالْحُمْرِ جَمْع حَمْرَاء , وَالسُّود : جَمْع سَوْدَاء , وَالْحَوْرَاء إِنَّمَا هِيَ فَعْلَاء مِنَ الْحَوَر وَهُوَ نَقَاء الْبَيَاض , كَمَا قِيلَ لِلنَّقِيِّ الْبَيَاض مِنْ الطَّعَام الْحَوَارِيّ , وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى ذَلِكَ بِشَوَاهِدِهِ فِيمَا مَضَى قَبْل . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ قَالَ سَائِر أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 24112 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِين } قَالَ : بَيْضَاء عَيْنَاء , قَالَ : وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود " بِعِيسٍ عِين " . * - حَدَّثَنَا بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , فِي قَوْله : { بِحُورٍ عِين } قَالَ : بِيض عِين , قَالَ : وَفِي حَرْف ابْن مَسْعُود " بِعِيسٍ عِين " . وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود هَذِهِ , يَعْنِي أَنَّ مَعْنَى الْحُور غَيْر الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مُجَاهِد ; لِأَنَّ الْعِيس عِنْد الْعَرَب جَمْع عَيْسَاء , وَهِيَ الْبَيْضَاء مِنْ الْإِبِل , كَمَا قَالَ الْأَعْشَى : وَمَهْمَه نَازِح تَعْوِي الذِّئَاب بِهِ كَلَّفْت أَعْيَس تَحْت الرَّحْل نَعَّابَا يَعْنِي بِالْأَعْيَسِ : جَمَلًا أَبْيَض . فَأَمَّا الْعِين فَإِنَّهَا جَمْع عَيْنَاء , وَهِيَ الْعَظِيمَة الْعَيْنَيْنِ مِنْ النِّسَاء .

ومن ما سبق نجد اختلاف بين الذين حاولوا تفسير الآية من السلف الصالح، فيما إذا كانت الحور العين هن من يحار فيهن الطرف أو هن البيض ذوات العيون الواسعة، وإن كانت اللغة العربية تقدم التفسير الثاني على الأول، ألا وهو أنهن النساء البيض ذوات العيون الواسعة.

الآية الثانية التي ورد فيها ذكر الحور العين هي في سورة الطور آية 20 حيث يقول تعالى:

بسم الله الرحمن الرحيم
مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ
صدق الله العظيم
وتفسيرها وفقا للطبري:
وَقَوْله : { مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُر مَصْفُوفَة } قَدْ جُعِلَتْ صُفُوفًا , وَتُرِكَ قَوْله : عَلَى نَمَارِق , اكْتِفَاء بِدَلَالَةِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْكَلَام عَلَيْهِ، وَقَوْله : { وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَزَوَّجْنَا الذُّكُور مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُتَّقِينَ أَزْوَاجًا بِحُورٍ عِينٍ مِنْ النِّسَاء , يَقُول الرَّجُل : زَوِّجْ هَذَا الْخَلْف الْفَرْد أَوْ النَّعْل الْفَرْد بِهَذَا الْفَرْد , بِمَعْنَى : اجْعَلْهُمَا زَوْجًا . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الزَّوْج فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته هَا هُنَا , وَالْحُور : جَمْع حَوْرَاء , وَهِيَ الشَّدِيدَة بَيَاض مُقْلَة الْعَيْن فِي شِدَّة سَوَاد الْحَدَقَة. وَقَدْ ذَكَرْت اخْتِلَاف أَهْل التَّأْوِيل فِي ذَلِكَ , وَبَيَّنْت الصَّوَاب فِيهِ عِنْدَنَا بِشَوَاهِدِهِ الْمُغْنِيَة عَنْ إِعَادَتهَا فِي هَذَا الْمَوْضِع , وَالْعِين : جَمْع عَيْنَاء , وَهِيَ الْعَظِيمَة الْعَيْن فِي حُسْن وَسَعَة.
أما الآية الثالثة والتي ورد فيها ذكر الحور العين فهي الآية 22 قي سورة الواقعة:
بسم الله الرحمن الرحيم
وَحُورٌ عِينٌ
صدق الله العظيم
وتفسيرها كالآتي عند الطبري:
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَحُور عِين } اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { وَحُور عِين } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة وَبَعْض الْمَدَنِيِّينَ " وَحُور عِين " بِالْخَفْضِ إِتْبَاعًا لِإِعْرَابِهَا إِعْرَاب مَا قَبْلهَا مِنْ الْفَاكِهَة وَاللَّحْم , وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُطَاف بِهِ , وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ مَعْرُوفًا مَعْنَاهُ الْمُرَاد أَتْبَعَ الْآخَر الْأَوَّل فِي الْإِعْرَاب , كَمَا قَالَ بَعْض الشُّعَرَاء : إِذَا مَا الْغَانِيَات بَرَزْنَ يَوْمًا وَزَجَّجْنَ الْحَوَاجِب وَالْعَيُونَا فَالْعُيُون تُكَحَّل , وَلَا تُزَجَّج إِلَّا الْحَوَاجِب , فَرَدَّهَا فِي الْإِعْرَاب عَلَى الْحَوَاجِب , لِمَعْرِفَةِ السَّامِع مَعْنَى ذَلِكَ وَكَمَا قَالَ الْآخَر : تَسْمَع لِلْأَحْشَاءِ مِنْهُ لَغَطَا وَلِلْيَدَيْنِ جُسْأَة وَبَدَدَا وَالْجُسْأَة : غِلَظ فِي الْيَد , وَهِيَ لَا تُسْمَع . وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْض قُرَّاء الْمَدِينَة وَمَكَّة وَالْكُوفَة وَبَعْض أَهْل الْبَصْرَة بِالرَّفْعِ { وَحُور عِين } عَلَى الِابْتِدَاء , وَقَالُوا : الْحُور الْعِين لَا يُطَاف بِهِنَّ , فَيَجُوز الْعَطْف بِهِنَّ فِي الْإِعْرَاب عَلَى إِعْرَاب فَاكِهَة وَلَحْم , وَلَكِنَّهُ مَرْفُوع بِمَعْنَى : وَعِنْدهمْ حُور عِين , أَوْ لَهُمْ حُور عِين . وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يُقَال : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ قَدْ قَرَأَ بِكُلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا جَمَاعَة مِنْ الْقُرَّاء مَعَ تَقَارُب مَعْنَيَيْهِمَا , فَبِأَيِّ الْقِرَاءَتَيْنِ قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب . وَالْحُور جَمَاعَة حَوْرَاء : وَهِيَ النَّقِيَّة بَيَاض الْعَيْن , الشَّدِيدَة سَوَادهَا . وَالْعَيْن : جَمْع عَيْنَاء , وَهِيَ النَّجْلَاء الْعَيْن فِي حُسْن .
ونلاحظ من التفسير السابق أنهم اختلفوا على القراءة الخاصة بالآية، وقيل فيما قيل أن الحور العين جماعة حوراء نقية بياض العين شديدة سوادها، ولم يحدد هنا هل تلك الجماعة من النساء أم من الرجال.
أما الآية الرابعة فهي في سورة الرحمن رقم 56 :
بسم الله الرحمن الرحيم
فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ.
ثم آية رقم 72 :
حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ
تفسير الآيات في الطبري كما يلي :
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { فِيهِنَّ قَاصِرَات الطَّرْف } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي هَذِهِ الْفُرُش الَّتِي بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَق { قَاصِرَات الطَّرْف } وَهُنَّ النِّسَاء اللَّاتِي قَدْ قُصِرَ طَوْفُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ , فَلَا يَنْظُرْنَ إِلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الرِّجَال . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25634 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الْمُحَارِبِيّ , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِي يَحْيَى , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { فِيهِنَّ قَاصِرَات الطَّرْف } قَالَ : قُصِرَ طَرْفُهُنَّ عَنْ الرِّجَال , فَلَا يَنْظُرْنَ إِلَّا إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ . 25635 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة { فِيهِنَّ قَاصِرَات الطَّرْف } . .. الْآيَة , يَقُول : قُصِرَ طَرْفُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجهنَّ , فَلَا يُرِدْنَ غَيْرهمْ. 25636 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { قَاصِرَات الطَّرْف } قَالَ : لَا يَنْظُرْنَ إِلَّا إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ , تَقُول : وَعِزَّةِ رَبِّي وَجَلَالِهِ وَجَمَالِهِ , إِنْ أَرَى فِي الْجَنَّة شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْك , فَالْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَك زَوْجِي , وَجَعَلَنِي زَوْجَك.
وَقَوْله : { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْس قَبْلهمْ وَلَا جَانّ } يَقُول : لَمْ يَمَسَّهُنَّ إِنْس قَبْل هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ صِفَتَهُمْ , وَهُمْ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ { وَلِمَنْ خَافَ مَقَام رَبّه جَنَّتَانِ } وَلَا جَانّ يُقَال مِنْهُ : مَا طَمَثَ هَذَا الْبَعِيرَ حَبْل قَطُّ : أَيْ مَا مَسَّهُ حَبْل . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعِلْم بِكَلَامِ الْعَرَب مِنْ الْكُوفِيِّينَ يَقُول : الطَّمْث هُوَ النِّكَاح بِالتَّدْمِيَةِ , وَيَقُول : الطَّمْث هُوَ الدَّم , وَيَقُول : طَمَثَهَا إِذَا دَمَاهَا بِالنِّكَاحِ , وَإِنَّمَا عَنَى فِي هَذَا الْمَوْضِع أَنَّهُ لَمْ يُجَامِعْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانّ . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25637 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْس قَبْلهمْ وَلَا جَانّ } يَقُول : لَمْ يُدْمِهِنَّ إِنْس وَلَا جَانّ . 25638 -حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ رَجُل عَنْ عَلِيّ { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْس قَبْلهمْ وَلَا جَانّ } قَالَ : مُنْذُ خَلَقَهُنَّ. 25639 - حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن يَزِيد الطَّحَّان , قَالَ : ثنا أَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير , عَنْ مُغِيرَة بْن مُسْلِم , عَنْ عِكْرِمَة , قَالَ : لَا تَقُلْ لِلْمَرْأَةِ طَامِث , فَإِنَّ الطَّمْث هُوَ الْجِمَاع , إِنَّ اللَّه يَقُول : { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْس قَبْلهمْ وَلَا جَانّ } . 25640 -حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد فِي قَوْله : { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانّ } قَالَ : لَمْ يَمَسَّهُنَّ شَيْء إِنْس وَلَا غَيْره. 25641 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانّ } قَالَ : لَمْ يَمَسَّهُنَّ . 25642 - حَدَّثَنَا عَمْرو بْن عَبْد الْحَمِيد الْآمِلِيّ , قَالَ : ثنا مَرْوَان بْن مُعَاوِيَة , عَنْ عَاصِم , قَالَ : قُلْت لِأَبِي الْعَالِيَة امْرَأَة طَامِث , قَالَ : مَا طَامِث ؟ فَقَالَ رَجُل : حَائِض , فَقَالَ أَبُو الْعَالِيَة : حَائِض , أَلَيْسَ يَقُول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلِهِمْ وَلَا جَانّ } . فَإِنْ قَالَ قَائِل : وَهَلْ يُجَامِع النِّسَاءَ الْجِنُّ , فَيُقَال : { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْس قَبْلهمْ وَلَا جَانّ } ؟ فَإِنَّ مُجَاهِدًا رُوِيَ عَنْهُ مَا . 25643 -حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّد بْن عُمَارَة الْأَسَدِيّ , قَالَ : ثنا سَهْل بْن عَامِر , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن يَعْلَى الْأَسْلَمِيّ عَنْ عُثْمَان بْن الْأَسْوَد , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : إِذَا جَامَعَ وَلَمْ يُسَمِّ انْطَوَى الْجَانّ عَلَى إِحْلِيلِهِ فَجَامَعَ مَعَهُ , فَذَلِكَ قَوْله : { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ } . وَكَانَ بَعْض أَهْل الْعِلْم يَنْتَزِع بِهَذِهِ الْآيَة فِي أَنَّ الْجِنّ يَدْخُلُونَ الْجَنَّة . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25644 - حَدَّثَنِي أَبُو حُمَيْد أَحْمَد بْن الْمُغِيرَة الْحِمْصِيّ , قَالَ : ثني أَبُو حَيْوَة شُرَيْح بْن يَزِيد الْحَضْرَمِيّ قَالَ : ثني أَرْطَاة بْن الْمُنْذِر , قَالَ : سَأَلْت ضَمْرَة بْن حَبِيب : هَلْ لِلْجِنِّ مِنْ ثَوَاب ؟ قَالَ : نَعَمْ , ثُمَّ نَزَعَ بِهَذِهِ الْآيَة { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانّ } فَالْإِنْسِيَّات لِلْإِنْسِ , وَالْجِنِّيَّات لِلْجِنِّ .
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { حُور مَقْصُورَات فِي الْخِيَام } يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ هَؤُلَاءِ الْخَيْرَات الْحِسَان { حُور } يَعْنِي بِقَوْلِ حُور : بِيضٌ , وَهِيَ جَمْع حَوْرَاء , وَالْحَوْرَاء : الْبَيْضَاء . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْحَوَر فِيمَا مَضَى بِشَوَاهِدِهِ الْمُغْنِيَة عَنْ إِعَادَتهَا فِي هَذَا الْمَوْضِع . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25682 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّات , عَنْ مُجَاهِد { حُور } قَالَ : بِيضٌ . * - قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ مُسْلِم , عَنْ مُجَاهِد { حُور } قَالَ : بِيضٌ . 25683 - قَالَ : ثنا وَكِيع , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد { حُور } قَالَ : النِّسَاء . 25684 -حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : حَدَّثَنَا عُبَيْد قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { حُور مَقْصُورَات } الْحَوْرَاء : الْعَيْنَاء الْحَسْنَاء. 25685 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان : الْحَوَر : سَوَادٌ فِي بَيَاض . 25686 -قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَام } قَالَ : الْحُور : الْبِيضُ قُلُوبُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ . وَأَمَّا قَوْله : { مَقْصُورَاتٌ } فَإِنَّ أَهْل التَّأْوِيل اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيله , فَقَالَ بَعْضهمْ : تَأْوِيله أَنَّهُنَّ قُصِرْنَ عَلَى أَزْوَاجهنَّ , فَلَا يَبْغِينَ بِهِمْ بَدَلًا , وَلَا يَرْفَعْنَ أَطْرَافَهُنَّ إِلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الرِّجَال . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25687 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيل , عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّات , عَنْ مُجَاهِد : { مَقْصُورَات فِي الْخِيَام } قَالَ : قُصِرَ طَرْفُهُنَّ وَأَنْفُسُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ . * - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا وَكِيع , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد { مَقْصُورَاتٌ } قَالَ : قُصِرَ طَرْفُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجهنَّ فَلَا يُرِدْنَ غَيْرَهُمْ . * - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , { مَقْصُورَات فِي الْخِيَام } قَالَ : قَصَرْنَ أَنْفُسَهُنَّ وَأَبْصَارَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ , فَلَا يُرِدْنَ غَيْرهمْ . 25688 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه وَابْن الْيَمَان , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنِ الرَّبِيع { مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَام } قَالَ : قَصَرْنَ طَرْفَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ . * - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد { مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَام } قَالَ : قَصَرْنَ أَنْفُسَهُنَّ وَقُلُوبَهُنَّ وَأَبْصَارَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ , فَلَا يُرِدْنَ غَيْرهمْ . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن يَمَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد { مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَام } قَالَ : قُصِرَ طَرْفُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فَلَا يُرِدْنَ غَيْرهمْ . * - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { مَقْصُورَات } قَالَ : مَقْصُورَات عَلَى أَزْوَاجهنَّ فَلَا يُرِدْنَ غَيْرهمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِذَلِكَ أَنَّهُنَّ مَحْبُوسَات فِي الْحِجَال. ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25689 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن يَمَان , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنِ الرَّبِيع , عَنْ أَبِي الْعَالِيَة { حُور مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَام } قَالَ : مَحْبُوسَات فِي الْخِيَام . 25690 -حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن مُحَمَّد الْبُزُورِيّ , قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنِ الرَّبِيع , بِمِثْلِهِ . 25691 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ مُجَاهِد , عَنِ ابْن عَبَّاس { مَقْصُورَات } قَالَ : مَحْبُوسَات . 25692 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا ابْن يَمَان , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَر السِّنْدِيّ , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب , قَالَ : مَحْبُوسَات فِي الْحِجَال . 25693 -حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { مَقْصُورَات فِي الْخِيَام } قَالَ : لَا يَبْرَحْنَ الْخِيَام. 25694 - حَدَّثَنِي عُبَيْد بْن إِسْمَاعِيل الْهَبَّارِيّ , قَالَ : ثنا عَثَّام بْن عَلِيّ , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح , فِي قَوْله : { حُور مَقْصُورَات فِي الْخِيَام } قَالَ : عَذَارَى الْجَنَّة . * - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَأَبُو هِشَام قَالَا : ثنا عَثَّام بْن عَلِيّ , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ أَبِي صَالِح , مِثْله . 25695 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ . سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { مَقْصُورَات } قَالَ : الْمَحْبُوسَات فِي الْخِيَام لَا يَخْرُجْنَ مِنْهَا . 25696 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : { مَقْصُورَات فِي الْخِيَام } قَالَ : مَحْبُوسَات , لَيْسَ بِطَوَّافَاتٍ فِي الطُّرُق . وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ يُقَال : إِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَصَفَهُنَّ بِأَنَّهُنَّ مَقْصُورَات فِي الْخِيَام وَالْقَصْر : هُوَ الْحَبْس وَلَمْ يُخَصِّصْ وَصْفَهُنَّ بِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَات عَلَى مَعْنًى مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا دُون الْآخَر بَلْ عَمَّ وَصْفَهُنَّ بِذَلِكَ , وَالصَّوَاب أَنْ يُعَمَّ الْخَبَر عَنْهُنَّ بِأَنَّهُنَّ مَقْصُورَات فِي الْخِيَام عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ , فَلَا يُرِدْنَ غَيْرَهُمْ , كَمَا عُمَّ ذَلِكَ . وَقَوْله : { فِي الْخِيَام } يَعْنِي بِالْخِيَامِ : الْبُيُوت , وَقَدْ تُسَمِّي الْعَرَبُ هَوَادِجَ النِّسَاء خِيَامًا , وَمِنْهُ قَوْل لَبِيد : شَاقَتْك ظُعْنُ الْحَيِّ يَوْمَ تَحَمَّلُوا فَتَكَنَّسُوا قُطُنًا تُصِرُّ خِيَامُهَا وَأَمَّا فِي هَذِهِ الْآيَة فَإِنَّهُ عَنَى بِهَا الْبُيُوت . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 25697 - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ سَعِيد , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : ثنا عَبْد الْمَلِك بْن مَيْسَرَة , عَنْ أَبِي الْأَحْوَص , عَنْ عَبْد اللَّه { حُور مَقْصُورَات فِي الْخِيَام } قَالَ : الدُّرّ الْمُجَوَّف . 25698 - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَ : ثنا شَبَّابَة , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ عَبْد الْمَلِك عَنْ أَبِي الْأَحْوَص , عَنْ عَبْد اللَّه , مِثْله . 25699 - حَدَّثَنِي يَحْيَى بْن طَلْحَة الْيَرْبُوعِيّ , قَالَ : ثنا فُضَيْل بْن عَيَّاش , عَنْ هِشَام , عَنْ مُحَمَّد , عَنْ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله : { حُور مَقْصُورَات فِي الْخِيَام } قَالَ : الْخَيْمَة لُؤْلُؤَة أَرْبَعَة فَرَاسِخ فِي أَرْبَعَة فَرَاسِخ لَهَا أَرْبَعَة آلَاف مِصْرَاع مِنْ ذَهَبٍ . 25700 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم , عَنْ إِسْرَائِيل , عَنْ مُسْلِم , عَنْ مُجَاهِد , عَنْ ابْن عَبَّاس { فِي الْخِيَام } قَالَ : بُيُوت اللُّؤْلُؤ . 25701 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الْأَحْمَسِيّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن عُبَيْد , قَالَ : ثنا إِدْرِيس الْأَوْدِيّ , عَنْ شِمْر بْن عَطِيَّة , عَنْ أَبِي الْأَحْوَص , قَالَ : قَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : أَتَدْرُونَ مَا حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَام ؟ الْخِيَام : دُرّ مُجَوَّف. 25702 - قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن عُبَيْد , قَالَ : ثنا مِسْعَر , عَنْ عَبْد الْمَلِك , عَنْ أَبِي الْأَحْوَص فِي قَوْله : { حُور مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَام } قَالَ : دُرّ مُجَوَّف . وَبِهِ عَنْ أَبِي الْأَحْوَص قَالَ : الْخَيْمَة : دُرَّة مُجَوَّفَة فَرْسَخ فِي فَرْسَخ , لَهَا أَرْبَعَة آلَاف مِصْرَاع مِنْ ذَهَبٍ. 25703 - ثنا أَبُو دَاوُدَ , قَالَ : ثنا هَمَّام , عَنْ قَتَادَة , عَنْ عِكْرِمَة , عَنِ ابْن عَبَّاس قَالَ : الْخَيْمَة فِي الْجَنَّة مِنْ دُرَّة مُجَوَّفَة , فَرْسَخ فِي فَرْسَخ لَهَا أَرْبَعَة آلَاف مِصْرَاع . 25704 - حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن الْمِقْدَام , قَالَ : ثنا الْمُعْتَمِر , قَالَ : سَمِعْت أَبِي يُحَدِّث عَنْ قَتَادَة , عَنْ خُلَيْد الْعَصْرِيّ قَالَ : لَقَدْ ذُكِرَ لِي أَنَّ الْخَيْمَة لُؤْلُؤَة مُجَوَّفَة لَهَا سَبْعُونَ مِصْرَاعًا , كُلّ ذَلِكَ مِنْ دُرّ . 25705 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ مُوسَى بْن أَبِي عَائِشَة , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر أَنَّهُ قَالَ : الْخِيَام : دُرّ مُجَوَّف . 25706 -قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : الْخِيَام : دُرّ مُجَوَّف . 25707 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِيّ , قَالَ : ثنا وَكِيع وَيَعْلَى عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد : فِي الْخِيَام : قَالَ : الدُّرّ الْمُجَوَّف . 25708 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد { فِي الْخِيَام } قَالَ : خِيَام دُرّ مُجَوَّف . 25709 - قَالَ ثنا مِهْرَان , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مَنْصُور , عَنْ حَرْب بْن بَشِير , عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون , قَالَ : الْخِيَام : الْخَيْمَة : دُرَّة مُجَوَّفَة . 25710 - حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا وَكِيع , عَنْ سَلَمَة بْن نُبَيْط , عَنِ الضَّحَّاك , قَالَ : الْخَيْمَة : دُرّ مُحَوَّفَة . 25711 -حَدَّثَنَا أَبُو هِشَام , قَالَ : ثنا ابْن الْيَمَان , عَنْ أَبِي مَعْشَر , عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب { فِي الْخِيَام } : فِي الْحِجَال . 25712 - قَالَ : ثنا عُبَيْد اللَّه وَابْن الْيَمَان , عَنْ أَبِي جَعْفَر , عَنِ الرَّبِيع { فِي الْخِيَام } قَالَ : فِي الْحِجَال . 25713 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَمْرو بْن أَبِي قَيْس , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد : { فِي الْخِيَام } قَالَ : خِيَام اللُّؤْلُؤ . 25714 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد { فِي الْخِيَام } الْخِيَام اللُّؤْلُؤ وَالْفِضَّة , كَمَا يُقَال وَاللَّهُ أَعْلَمُ . 25715 -حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { حُور مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَام } ذُكِرَ لَنَا أَنَّ ابْن عَبَّاس كَانَ يَقُول : الْخَيْمَة دُرّ مُجَوَّفَة , فَرْسَخ فِي فَرْسَخ , لَهَا أَرْبَعَة آلَاف بَاب مِنْ ذَهَب . وَقَالَ قَتَادَة : كَانَ يُقَال : مَسْكَن الْمُؤْمِن فِي الْجَنَّة , يَسِير الرَّاكِب الْجَوَاد فِيهِ ثَلَاث لَيَالٍ وَأَنْهَاره وَجِنَانه وَمَا أَعَدَّ اللَّه لَهُ مِنْ الْكَرَامَة . 25716 - حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس : الْخَيْمَة : دُرَّة مُجَوَّفَة , فَرْسَخ فِي فَرْسَخ , لَهَا أَرْبَعَة آلَاف بَاب مِنْ ذَهَب . 25717 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَام } قَالَ يُقَال : خِيَامُهُمْ فِي الْجَنَّة مِنْ لُؤْلُؤ . 25718 -حَدَّثَنِي يَعْقُوب , قَالَ : ثنا ابْن عُلَيَّة , عَنْ أَبِي رَجَاء , عَنِ الْحَسَن , فِي قَوْله : { مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَام } قَالَ : الْخِيَام : الدُّرّ الْمُجَوَّف . 25719 -حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى قَالَ : ثني حَرَمِيّ بْن عُمَارَة , قَالَ : ثنا شُعْبَة قَالَ : أَخْبَرَنِي عُمَارَة , عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي قَوْل اللَّه : { حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَام } قَالَ : " دُرّ مُجَوَّف " . 25720 - حُدِّثْت عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول كَانَ ابْن مَسْعُود يُحَدِّث , عَنْ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " هِيَ الدُّرّ الْمُجَوَّف " يَعْنِي الْخِيَام فِي قَوْله : { حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَام }. 25721 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مَنْصُور , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَام } قَالَ : فِي خِيَام اللُّؤْلُؤ .


إذا الآيات الثلاث لا تتوحد على معنى واحد ثابت أكيد، وإن كان التفسير الذي استراح له أغلب المسلمين (ربما لسبب ما في أنفسهم) هو أن الحور العين نساء بيضاوات واسعات العيون أو نساء شديدات بياض العيون شديدات سوادها، وإن كانت الآيات لم تبح بكل التفاصيل التي ذكرها الطبري في تفسيره للآيات الثلاث، مع الوضع في الاعتبار أنه هو نفسه (الطبري) قدم تفسيرين يجزم أنهما الأصح للحور العين، فهن نساء بيضاوات واسعات العيون وهم في نفس الوقت جماعة شديدة بياض العيوان شديدة سوادها. إذا ليس أكيدا هنا أن الحور العين نساء بيض شفافات باد مخ سوقهن من وراء ثيابهن ويرى المرء كبدهن من شدة رقة الجلد.
معنى كلمة سوق لمن لا يعرف في تاج العروس: سوق : الساقُ: ساقُ القَدَم، وهي من الإنْسانِ ما بينَ الكَعْبِ واَلركْبَةِ مُؤَنَّث.
والمخ كما في معجم محيط المحيط: نِقْيُ العظم ؛ وفي التهذيب : نِقْيُ عظام القصب ؛ وقال ابن دريد : المُخُّ ما أُخرج من عظم.
ملاحظة سريعة:
لا أدري إن كان من المثير والممتع جنسيا بالنسبة للرجل أن تكون المرأة شفافة يرى كبدها وأجهزتها الداخلية من شدة رقة جلدها، مع الوضع في الاعتبار الأمعاء الغليظة بكل ما تحمله من فضلات طعام تستعد للإخراج!

نلاحظ في الآيات السابقة، أن الحور العين هي من ضمن المزايا التي سيحصل عليها المؤمنين المتقين عندما يدخلون الجنة، وإذا اتبعنا القاعدة، التي تقول أنه عندما يتحدث الله إلى المؤمنين بصيغة جمع المذكر السالم، فإنه يكون بذلك متحدثا للنساء والرجال، فهل تسري نفس القاعدة هنا؟ وإذا كان يخص الرجال بالحديث هنا، فماذا للنساء في الجنة خاصة أننا لو لاحظنا في سورة الدخان تأتي الحور العين في السياق العام لوصف ما سيلقاه المؤمنون في الجنة وهي كالتالي:

بسم الله الرحمن الرحيم
إن المتقين في مقام أمين، في جنات وعيون، يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين، كذلك وزوجناهم بحور عين، يدعون فيها بكل فاكهة آمنين، لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم. صدق الله العظيم
وإذا تعاملنا مع الحور العين على أنها كما قال الطبري في واحد من تفسيراته انها جماعة حوراء ولم يحدد نوع الجماعة إذا كانت ذكورا أم إناثا، فهل يكون الحور العين جماعة حوراء من الذكور والإناث لكل المؤمنين من الذكور والإناث ايضا؟
بعض الفقهاء قالوا فيما يخص السؤال الخاص بماذا للنساء في الجنة إذا كانت الآيات السابقة موجهة فقط للرجال، أن من طبيعة النساء الحياء ولهذا فإن الله عز وجل لا يشوقهن للجنة بما يستحين منه، لأن شوق المرأة للرجال ليس كشوق الرجال للمرأة ولهذا فإن الله شوق الرجال بذكر نساء الجنة، أما المرأة فشوقها إلى الزينة من اللباس والحلي يفوق شوقها إلى الرجال لأنه مما جبلت عليه كما قال تعالى ( أو من ينشأ في الحلية) الزخرف 18.
وبالعودة للآية التي سبق ذكرها وتفسيرها اكتشفنا أن لا علاقة لها بما ستلقى النساء من نعيم في الجنة فالآية كاملة كالآتي:
بسم الله الرحمن الرحيم
أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ
صدق الله العظيم
وتفسيرها كما ورد في تفسير الطبري كالآتي:
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة وَهُوَ فِي الْخِصَام غَيْر مُبِين } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : أَوَمَنْ يَنْبُت فِي الْحِلْيَة وَيُزَيَّن بِهَا { وَهُوَ فِي الْخِصَام } يَقُول : وَهُوَ فِي مُخَاصَمَة مَنْ خَاصَمَهُ عِنْد الْخِصَام غَيْر مُبِين , وَمَنْ خَصَمَهُ بِبُرْهَانٍ وَحُجَّة , لِعَجْزِهِ وَضَعْفه , جَعَلْتُمُوهُ جُزْء اللَّه مِنْ خَلْقه وَزَعَمْتُمْ أَنَّهُ نَصِيبه مِنْهُمْ , وَفِي الْكَلَام مَتْرُوك اسْتَغْنَى بِدَلَالَةِ مَا ذَكَرَ مِنْهُ وَهُوَ مَا ذَكَرْت . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنِيّ بِقَوْلِهِ : { أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة وَهُوَ فِي الْخِصَام غَيْر مُبِين } , فَقَالَ بَعْضهمْ : عُنِيَ بِذَلِكَ الْجَوَارِي وَالنِّسَاء . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23804 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة وَهُوَ فِي الْخِصَام غَيْر مُبِين } قَالَ : يَعْنِي الْمَرْأَة . 23805 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَلْقَمَة , عَنْ مَرْثَد , عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : رَخَّصَ لِلنِّسَاءِ فِي الْحَرِير وَالذَّهَب , وَقَرَأَ { أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة وَهُوَ فِي الْخِصَام غَيْر مُبِين } قَالَ : يَعْنِي الْمَرْأَة . 23806 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : قَالَ ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله { أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة وَهُوَ فِي الْخِصَام غَيْر مُبِين } قَالَ : الْجَوَارِي جَعَلْتُمُوهُنَّ لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا , كَيْفَ تَحْكُمُونَ . 23807 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة وَهُوَ فِي الْخِصَام غَيْر مُبِين } قَالَ : الْجَوَارِي يُسَفِّههُنَّ بِذَلِكَ , غَيْر مُبِين بِضَعْفِهِنَّ . 23808 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا ابْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة { أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة } يَقُول : جَعَلُوا لَهُ الْبَنَات وَهُمْ إِذَا بُشِّرَ أَحَدهمْ بِهِنَّ ظَلَّ وَجْهه مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيم . قَالَ : وَأَمَّا قَوْله : { وَهُوَ فِي الْخِصَام غَيْر مُبِين } يَقُول : قَلَّمَا تَتَكَلَّم امْرَأَة فَتُرِيد أَنْ تَتَكَلَّم بِحُجَّتِهَا إِلَّا تَكَلَّمَتْ بِالْحُجَّةِ عَلَيْهَا . 23809 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ { أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة وَهُوَ فِي الْخِصَام غَيْر مُبِين } قَالَ : النِّسَاء . وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِذَلِكَ أَوْثَانهمْ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُون اللَّه . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 23810 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة } . ... الْآيَة , قَالَ : هَذِهِ تَمَاثِيلهمْ الَّتِي يَضْرِبُونَهَا مِنْ فِضَّة وَذَهَب يَعْبُدُونَهَا هُمُ الَّذِينَ أَنْشَئُوهَا , ضَرَبُوهَا مِنْ تِلْكَ الْحِلْيَة , ثُمَّ عَبَدُوهَا { وَهُوَ فِي الْخِصَام غَيْر مُبِين } قَالَ : لَا يَتَكَلَّم , وَقَرَأَ { فَإِذَا هُوَ خَصِيم مُبِين } 36 77 وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى بِذَلِكَ الْجَوَارِي وَالنِّسَاء , لِأَنَّ ذَلِكَ عَقِيب خَبَر اللَّه عَنْ إِضَافَة الْمُشْرِكِينَ إِلَيْهِ مَا يَكْرَهُونَهُ لِأَنْفُسِهِمْ مِنَ الْبَنَات , وَقِلَّة مَعْرِفَتهمْ بِحَقِّهِ , وَتَحْلِيَتهمْ إِيَّاهُ مِنْ الصِّفَات وَالْبُخْل , وَهُوَ خَالِقهمْ وَمَالِكهمْ وَرَازِقهمْ , وَالْمُنْعِم عَلَيْهِمْ النِّعَم الَّتِي عَدَّدَهَا فِي أَوَّل هَذِهِ السُّورَة مَا لَا يَرْضَوْنَهُ لِأَنْفُسِهِمْ , فَاتِّبَاع ذَلِكَ مِنَ الْكَلَام مَا كَانَ نَظِيرًا لَهُ أَشْبَه وَأَوْلَى مِنْ اتِّبَاعه مَا لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْر . وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة } فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة وَبَعْض الْمَكِّيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ " أَوَمَنْ يَنْشَأ " بِفَتْحِ الْيَاء وَالتَّخْفِيف مِنْ نَشَأَ يَنْشَأ , وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْكُوفَة { يُنَشَّأ } بِضَمِّ الْيَاء وَتَشْدِيد الشِّين مِنْ نَشَّأْته فَهُوَ يُنَشَّأ. وَالصَّوَاب مِنَ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا أَنْ يُقَال : إِنَّهُمَا قِرَاءَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ فِي قِرَاءَة الْأَمْصَار , مُتَقَارِبَتَا الْمَعْنَى ; لِأَنَّ الْمَنْشَأ مِنَ الْإِنْشَاء نَاشِئ , وَالنَّاشِئ مُنَشَّأ , فَبِأَيَّتِهِمَا قَرَأَ الْقَارِئ فَمُصِيب . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَة عَبْد اللَّه " أَوَمَنْ لَا يُنَشَّأ إِلَّا فِي الْحِلْيَة " , وَفِي " مَنْ " وُجُوه مِنْ الْإِعْرَاب الرَّفْع عَلَى الِاسْتِئْنَاف وَالنَّصْب عَلَى إِضْمَار يَجْعَلُونَ كَأَنَّهُ قِيلَ : أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة يَجْعَلُونَ بَنَات اللَّه , وَقَدْ يَجُوز النَّصْب فِيهِ أَيْضًا عَلَى الرَّدّ عَلَى قَوْله : أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُق بَنَات أَوَمَنْ يُنَشَّأ فِي الْحِلْيَة , فَيَرُدّ " مَنْ " عَلَى الْبَنَات , وَالْخَفْض عَلَى الرَّدّ عَلَى " مَا " الَّتِي فِي قَوْله : { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدهمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا } .
فأين مما سبق أي ذكر للنعيم الذي ستلقاه المرأة في الجنة؟ ومع احترامي للفقهاء أصحاب هذا الرأي، فإن القرآن لم يقصر عشق الحلي والذهب على النساء، بل إن الرجال أيضا يشتهونها كما قال تعالى في الآية الكريمة رقم 14 من سورة عمران:
بسم الله الرحمن الرحيم
زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّة وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ
صدق الله العظيم
ولا أعتقد أن هناك آية في القرآن تفصل لعشق المرأة للحلي والذهب والفضة، كما تفصل هذه الآية لعشق الرجال لها.
إذاً لو كانت الحور العين تعني النساء البيضاوات واسعات العيون، ولو كانت آيات وصف متع الجنة بما فيها من سندس وإستبرق مقصود بها الرجال فقط دونا عن النساء، فماذا للنساء في الجنة؟ ولو كان لنا الحلي والذهب والفضة؟ فهل تعتقدون أنه سيكون لمثل هذه الأشياء قيمة في الجنة؟ هل سنحتاجها كنساء؟ وما الذي سنفعله بها في الجنة حيث لا قيمة حقيقية لها هناك؟


الحور العين في الحديث الشريف
عندما بدأت مشواري البحثي عن الأحاديث التي ورد فيها ذكر الحور العين، وجدت منها الكثير، لكنني فضلت أن أتعامل مع الأحاديث الأكثر شهرة في هذا المضمار. دعونا نبدأ رحلتنا مع هذه الأحاديث لنرى :
الحديث الأول:
حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا زهير بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن النعمان بن أبي العياش عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أدنى أهل الجنة منزلة رجل صرف الله وجهه عن النار قبل الجنة ومثل له شجرة ذات ظل فقال أي رب قدمني إلى هذه الشجرة فأكون في ظلها فقال الله هل عسيت إن فعلت أن تسألني غيرها قال لا وعزتك فقدمه الله إليها ومثل له شجرة ذات ظل وثمر فقال أي رب قدمني إلى هذه الشجرة أكون في ظلها وآكل من ثمرها فقال الله هل عسيت إن أعطيتك ذلك أن تسألني غيره فيقول لا وعزتك فيقدمه الله إليها فتمثل له شجرة أخرى ذات ظل وثمر وماء فيقول أي رب قدمني إلى هذه الشجرة أكون في ظلها وآكل من ثمرها وأشرب من مائها فيقول له هل عسيت إن فعلت أن تسألني غيره فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره فيقدمه الله فيبرز له باب الجنة فيقول أي رب قدمني إلى باب الجنة فأكون تحت نجاف الجنة وأنظر إلى أهلها فيقدمه الله إليها فيرى أهل الجنة وما فيها فيقول أي رب أدخلني الجنة فيدخله الله الجنة قال فإذا دخل الجنة قال هذا لي قال فيقول الله عز وجل له تمن فيتمنى ويذكره الله سل من كذا وكذا حتى إذا انقطعت به الأماني قال الله عز وجل هو لك وعشرة أمثاله قال ثم يدخل الجنة يدخل عليه زوجتاه من الحور العين فيقولان له الحمد لله الذي أحياك لنا وأحيانا لك فيقول ما أعطى أحد مثل ما أعطيت قال وأدنى أهل النار عذابا ينعل بنعلين يغلي دماغه من حرارة نعليه.
• من الحديث السابق نلاحظ أن عدد الزوجات في الجنة من الحور العين اثنين (2) .
الحديث الثاني:
حدثنا ابن السرح حدثنا ابن وهب عن سعيد يعني ابن أبي أيوب عن أبي مرحوم عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله عز وجل على رءوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره الله من الحور العين ما شاء.
• نلاحظ في هذا الحديث أن عدد الحور العين غير محدد (يختار ما يشاء)، ما يناقض الحديث السالف ذكره.

الحديث الثالث:
حدثنا يزيد أخبرنا هشام عن محمد عن أبي هريرة قال:
كنا عنده فإما تفاخروا وإما تذاكروا فقال الرجال في الجنة أكثر من النساء فقال أبو هريرة أولم يقل أبو القاسم صلى الله عليه وسلم إن أول زمرة من أمتي تدخل الجنة وجوههم على صورة القمر ليلة البدر والثانية على أضوإ كوكب دري في السماء لكل رجل منهم زوجان من الحور العين يرى مخ سوقيها من وراء الحلل والذي نفس محمد بيده ما فيها من أعزب.
نلاحظ الآتي في الحديث السابق:
• تأكيد عدد الحور العين باثنين لكل رجل، كما تتساوى هنا أول وثاني زمرة من المؤمنين الداخلين الجنة بأدنى الرجال مرتبة في الجنة – لاحظ الحديث الأول.
• يحتوي الحديث على تفرقة غير مبررة وتكاد تصل إلى حد العنصرية ضد المرأة حيث قال إن الرجال في الجنة أكثر من النساء ولم يقل لماذا؟
• النساء قليلات في الجنة يقابلهم حور عين للرجال .... أي عدل هذا؟
• الجنة لا يوجد بها أعزب ولا ذكر لأي وسيلة ترغب النساء في الجنة.
الحديث الرابع:
حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن حدثنا نعيم بن حماد حدثنا بقية بن الوليد عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن المقدام بن معدي كرب قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للشهيد عند الله ست خصال يغفر له في أول دفعة ويرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع في سبعين من أقاربه.
قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب
نلاحظ في هذا الحديث التالي:
• الشهيد له اثنين وسبعين من الحور العين وليس اثنتين فقط.
• ما تم ذكره في الحديث من خصال ست يمنحها الله للشهيد، قاصرة على الشهيد من الرجال، فماذا للشهيدة الأنثى؟ لماذا لم يأت على ذكرها الرسول رغم أن أول شهيد في الإسلام كان امرأة وهي سمية بنت الخياط أم عمار بن ياسر.
الحديث الخامس:
حدثنا محمد بن فضيل عن عمارة عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم على أشد ضوء كوكب دري في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتفلون ولا يتمخطون أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك ومجامرهم الألوة وأزواجهم الحور العين أخلاقهم على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم في طول ستين ذراعاً.
نلاحظ في الحديث التالي:
• يتجاهل الحديث المرأة تماما باعتبارها جزء من المجتمع الإسلامي، فلا هي مذكورة مع أول زمرة ولا مع الذين يلونهم، ثم إن وصف ما سيتمتع به هؤلاء في الجنة ويحصلون عليه، قاصر على الرجال – أمشاطهم ذهب ورشحهم المسك و مجامرهم الألوة وأزواجهم الحور العين - فأين مكانة النساء في الجنة؟ لماذا لم يتحدث الرسول عن النعيم الذي سيلقونه في الجنة؟ أم أن مكانة المرأة المسلمة مهما فعلت ستكون متدنية في الجنة كأن تكون في الزمرة الثالثة أو الرابعة ...الخ.
• من المعروف أن الإسلام أعطى للمرأة حقوقها وساواها بالرجل في كل الأمور وكما ذكرت في الفصل الأول " قرن في بيوتكن" وصلت المرأة لمنزلة المحاربة والزاهدة والعالمة فماذا بعد كي تكون من المنتمين للزمرة الأولى، وإن كانت النساء ضمنيا مع الزمرة الأولى فهل سيكون جزائهن حور عين أيضا ... أم رجال عين؟
الحديث السادس:
حدثنا عبد الوهاب بن الضحاك حدثنا إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة عن معاذ بن جبل قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تؤذي امرأة زوجها إلا قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله فإنما هو عندك دخيل أوشك أن يفارقك إلينا.
نلاحظ في الحديث التالي:
نلاحظ أن الزوجة من الحور العين تدعو على الزوجة الأرضية التي آذت زوجها... فمن يدعو على الزوج الذي يؤذي زوجته وهم كثر وربما أكثر، حيث معاناة المرأة وفقا للأبحاث الاجتماعية على مستوى العالم كثيرة، خاصة فيما يتعلق بقضايا ضرب الزوجات وقتلهن وحرقهن...فمن هنا وفقا للوضع الاجتماعي السيئ الذي نعيشه يستحق الدعاء عليه؟ من لنا نحن النساء في الجنة حتى يدعو على أزواجنا الذين يسيئون إلينا؟ أم أن المرأة المسلمة قد تخلى الله عنها؟
الحديث السابع:
حدثنا هناد وأحمد بن منيع قالا حدثنا أبو معاوية قال حدثنا عبد الرحمن بن إسحق عن النعمان بن سعد عن علي قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الجنة لمجتمعا للحور العين يرفعن بأصوات لم يسمع الخلائق مثلها قال يقلن نحن الخالدات فلا نبيد ونحن الناعمات فلا نبؤس ونحن الراضيات فلا نسخط طوبى لمن كان لنا وكنا له، وفي الباب عن أبي هريرة وأبي سعيد وأنس قال أبو عيسى حديث علي حديث غريب.
نلاحظ في الحديث ما يلي:
• الحديث أنكره كل من أبي هريرة وأبي سعد وأنس.
• يحتوي وصف الحور العين هنا على شئ من الاستفزاز، حيث أنهن ناعمات لا يبأسن بينما نحن على الأرض نبأس وهن راضيات لا يسخطن أما نحن فنسخط ونرفض ونثور ونطالب بحقوقنا...فهل هذا المنطق الذي يتعامل به الإسلام؟ أن تتحول المرأة إلى جسد ناعم دائما وتضع قفلا على فمها فلا تنطق أبدا وترضى بكل شئ حتى ( ضرب الأحذية).
• إن كان للحور العين مجتمعا في الجنة، وبالمقابل رجال الأرض يتزوجوهن في الآخرة، فأين مكاننا نحن...لا يوجد للمرأة المسلمة مجتمعا في الجنة ولا يوجد لها أزواج أو على أقل تقدير زوج واحد؟
الحديث الثامن:
حدثنا سويد أخبرنا عبد الله أخبرنا رشدين بن سعد حدثني عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أدنى أهل الجنة الذي له ثمانون ألف خادم واثنتان وسبعون زوجة وتنصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت كما بين الجابية إلى صنعاء.
ووفقا لشرح الحديث كما هو وارد في سنن الترمذي في صفة أهل الجنة فإن المقصود بالزوجة هنا الحور العين، أي غير ماله من نساء الدنيا.
ونلاحظ في الحديث ما يلي:
• يظهر التناقض هنا بين هذا الحديث وما سبقه من أحاديث، حيث 72 زوجة لمن هم أدنى مرتبة من الجنة، بينما سبق من أحاديث يؤكد أن من هم في أول زمرة يحصلون على اثنتين فقط... فأين الحقيقة؟ وكيف تتناقض أقوال الرسول مع بعضها؟
• ما الفرق هنا في هذا الحديث بين الرجل العادي الذي يدخل الجنة والشهيد؟ حيث أنه في حديث سابق قيل أن الشهيد هو الذي يختص باثنين وسبعين زوجة من الحور العين.

الحديث التاسع:
حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا يونس عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل من أهل الجنة زوجتان من حور العين على كل واحدة سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء الثياب.
في هذا الحديث نقع في الحيرة مرة أخرى، فهل عدد الزوجات من الحور العين اثنتين وكل واحدة لديها سبعين حلة؟ أم أن عددهن اثنين وسبعين ولا ذكر للحلل؟ .. أين الحقيقة تحديدا في كل هذه الأحاديث، التي من المفترض أنها جميعا قيلت بوساطة شخص واحد، منزه عن مثل تلك التناقضات حيث أنه يحمل كلمة الله التي يتم تنزيلها عليه بواسطة الوحي.
الحديث العاشر:
حدثنا هشام بن خالد الأزرق أبو مروان الدمشقي حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك عن أبيه عن خالد بن معدان عن أبي إمامة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من أحد يدخله الله الجنة إلا زوجه الله عز وجل ثنتين وسبعين زوجة ثنتين من الحور العين وسبعين من ميراثه من أهل النار ما منهن واحدة إلا ولها قبل شهي وله ذكر لا ينثني
قال هشام بن خالد من ميراثه من أهل النار يعني رجالا دخلوا النار فورث أهل الجنة نساءهم كما ورثت امرأة فرعون.
أما في معنى قوله ( وله ذكر لا ينثني) وفقا لسنن بن ماجة : كناية عن وفور قوة القيام .
ونلاحظ في الحديث ما يلي:
• هذا الحديث جد غريب وعن نفسي أستبعد تماما أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قد قاله في أي يوم من الأيام، لكن للأسف الحديث مذكور في سنن ابن ماجة في فصل الزهد! ومن صفات أهل الجنة! ولا يوجد حوله أي تشكيك وبالتالي أتمنى أن يقوم رجال ديننا الحنيف الغيورين على الإسلام بدراسته وشرحه شرحا ينزهه مما اعتور به.
• الحديث يحمل روحا لا علاقة لها بروح الإسلام وهدفه الأصيل ألا وهو الحرية لكل البشر بمختلف أجناسهم وطبقاتهم وأعراقهم، فنحن نجد أن المرأة تورث كالمتاع في الجنة، حيث الرجل الذي يدخل الجنة يرث الرجل الذي دخل النار في زوجته وهو أمر مرفوض تماما بالنسبة للمرأة التي ارتضت الإسلام دينا كي ينتشلها من الجاهلية التي كانت تبيعها وتورثها وتتعامل معها على أنها مجرد سقط متاع، فمن غير المعقول أن يكون مآل المسلمة الصالحة التي تدخل الجنة في النهاية، أن تكون ضمن سبعين امرأة يتم توريثهن لرجل من رجال الجنة. وأي متعة في أن تكون المرأة واحدة ضمن سبعين امرأة واثنين من الحور العين لرجل واحد مهما بلغت قوته الجنسية كما هو وارد في الحديث.
• نلاحظ أن الحديث هنا يحاول تفسير التضارب بين الأحاديث التي تؤكد نصيب الرجل بزوجتين اثنتين من الحور العين، والأحاديث التي تؤكد أن عددهن يصل إلى اثنتين وسبعين زوجة، فنجده يقول أن اثنين من الحور العين وسبعين امرأة أرضية يرثها الرجل من الرجال الذين دخلوا النار.
• الشيء المقزز أيضا الوصف الخاص بالقبل الشهي ( العضو الأنثوي) والذكر الذي لا ينثني لدى الرجل ما يجعل الأمر أشبه بالأساطير الجنسية الخاصة بأفلام البورونو.
• الشيء المثير للجدل أيضا هو أننا نعرف جميعا كمسلمين حقيقة يتم الترويج لها بيننا من قبل مشايخ الجوامع ورجال الدين بشكل عام، أن من يموت على الإسلام بشهادة الشهادتين قبل وفاته، فهو في الجنة لا محالة، حتى لو دخل النار للتكفير عن أخطائه فهو في الجنة في النهاية، والسؤال ما الذي سيفعله هؤلاء الرجال القادمون من النار إلى الجنة بعد أن يكون قد تم توزيع زوجاتهم؟.
• الغريب في هذا الحديث أيضا أنه يتناقض مع الحديث الذي يقول أن أغلب أهل النار من النساء، فإذا قمنا بحسبة بسيطة، سنجد أنه عندما يأخذ رجل واحد من رجال الجنة سبعين زوجة دخلت الجنة من سبعين رجلا دخل النار، فسنكتشف أنه في مقابل كل رجل يدخل الجنة هناك سبعين امرأة تدخل الجنة، إذا النساء أكثر من الرجال في الجنة بما ينفي الحديث السابق. .... حتى لو سلمنا بأن الرجل الواحد يتزوج أربع نساء، وبالتالي كل رجل في النار له أربع زوجات دخلن الجنة، سنكتشف بحسبة بسيطة أيضا أن في مقابل كل رجل في الجنة هناك 17.30 امرأة في الجنة.
الحديث الحادي عشر:
حدثنا عبد الله حدثني أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان بن سعد عن علي رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في الجنة سوقا ما فيها بيع ولا شراء إلا الصور من النساء والرجال فإذا اشتهى الرجل صورة دخل فيها وإن فيها لمجمع للحور العين يرفعن أصواتا لم ير الخلائق مثلها يقلن نحن الخالدات فلا نبيد ونحن الراضيات فلا نسخط ونحن الناعمات فلا نبؤس فطوبى لمن كان لنا وكنا له.
• نلاحظ في هذا الحديث تصوير يحمل شهوات خيالية تداعب المخيلة، وأشبه بأفلام الخيال العلمي حيث إذا اشتهى رجل صورة دخل فيها وعاش خيالاته...هل من المعقول أو المصدق أن يكون رسول الله قد قال هذا الكلام؟
الملاحظ على الأحاديث السابقة، خاصة تلك التي تصف الأعضاء الجنسية للذكر والأنثى، وكيف سيكون قبل المرأة شهي وعضو الرجل موفور وما إلى ذلك من الأوصاف التي لو أتى على ذكر مثلها أو ما يشابهها أديب من الأدباء الآن، لرماه دعاة ديننا الحنيف وحماة القيم والأخلاق في المجتمع، بالفسق والفجور والخروج على آداب ديننا الحنيف..... لذلك أتساءل إن كان دعاتنا الصالحين ومشايخنا حماة الدين، قد قرأوا مثل هذه الأحاديث المنسوبة إلى رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، وحاولوا ولو مجرد محاولة أن يبحثوها ويبحثوا في صحة نسبها للرسول. وإن كانت قد مرت عليهم ومتأكدين من صحتها، فلماذا يضيقوا الخناق على الأدباء والمبدعين المساكين، الذين يكونون في تلك الحالة لا يفعلون أكثر من اتباع سنة نبيهم الذي هو قدوة لهم في الوصف والقدرة على التعبير.
ردود سريعة على ماقاله " ابن العثيمين" فيما يخص الحور العين
قال الشيخ العثيمين: إنما ذكر – أي الله عز وجل – الزوجات للأزواج لأن الزوج هو الطالب وهو الراغب في المرأة، فلذلك ذكرت الزوجات للرجال في الجنة وسكت عن الأزواج للنساء ولكن ليس مقتضى ذلك أنه ليس لهن أزواج ...... بل لهن أزواج من بني آدم.
وردي الوحيد على ما قاله الشيخ العثيمين، ان السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، هي التي طلبت الرسول عليه الصلاة والسلام للزواج، فكانت بذلك هي الطالبة والراغبة، أي ان حصر الطلب والرغبة على الرجل، عادة وتقليد إجتماعي وليس غريزة أو أمر ديني إلزامي، وعلى مدار التاريخ كانت هناك نساء طالبات وراغبات في الرجال، وطلبوهم للزواج مثل شجرة الدر التي طلبت عز الدين أيبك للزواج مثلا وغيرها كثيرات.
الأمر الآخر هو من الذي قرر أن أزواجنا في الجنة من بني آدم؟ لا يوجد نص قرآني على ذلك، بالإضافة إلى أنه لو كان الأمر كذلك، فإنه سيكون تفرقة في الجزاء بالإثابة في الجنة، فلماذا يفوز الرجل بنساء غير أرضيات، شفافات، يحار فيهن الطرف، لا يتزمرن، لا يبأسن ......إلخ، ولا يكون جزاؤنا نحن النساء غير رجال أرضيين شبعنا وربما نكون قد وصلنا إلى حد الضجر منهم، فأين الإثابة هنا بشئ من الأرض؟ في حين أن الوعد بالجنة يؤكد ان فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.
ويفصل الشيخ العثيمين لوضع المرأة الاجتماعي في الحياة الدنيا وما يقابله من جزاء في الجنة، فالمرأة التي لم تتزوج والتي ترملت ولم تتزوج بعد زوجها والمطلقة التي لم تتزوج أيضا والتي لم يدخل زوجها الجنة يزوجها الله تعالى بما يقر بها عينها.... ووفقا للأحاديث السابقة فستكون ضمن جيش جرار من النساء سبعين امرأة أرضية و اثنين من الحور العين....أي بكل بساطة ستعاني من فريق ضرائر بدل أربعة فقط في الأرض.
أما المراة التي ماتت وهي متزوجة فهي في الجنة لزوجها الذي ماتت عنه – الكلام للشيخ العثيمين- وهنا أتساءل وماذا عن الملايين من النساء للائي اضطررن للحاجة أو العوز أو قلة الحيلة على مدار التاريخ أن يبقين على ذمة أزواجهن وهن يعشن الذل والمهانة والعذاب ولا يحملن في صدورهن سوى الكره لهذا الزوج ومكرهات على العيش معه؟ هل يكون جزاء صبرهن على البلاء في الدنيا أن يكن مع نفس الأزواج في الجنة؟
أما المرأة التي مات عنها زوجها وتزوجت بعده فهي لآخر أزواجها في الجنة – الكلام للشيخ العثيمين – وأتساءل، ماذا لو كان آخر أزواجها هو أسوأهم؟ هل من العدل أن يكون زوجها في الجنة؟
إن كانت المرأة متعة للرجل، فالرجل أيضا متعة للمرأة، لا تفرقة في ذلك ولا توجد تفرقة بيولوجية بين حجم رغبات الرجل والمرأة على المستوى الجنسي، فالأصل في الأشياء هو تجاذب كل من الجنسين لبعضهما البعض، وهذه هي الفطرة التي جبلنا عليها، لكن للأسف يتم التدخل في هذه الفطرة بتحويرها وتحويلها وتبديلها، ونجد أنفسنا محاطين بكم من القيم التي تدعي أن المرأة خلقت بلا شهوة ولا رغبة في الرجال، وأن شهوتها موجهة للذهب ولفضة والماس، متجاهلين تماما أن أكثر من نصف سكان الكرة الأرضية من الفقراء والفقيرات الذين لا يعرفون ما هو الذهب لكنهم يعرفون تماما ما هو الجنس والرغبة الجنسية، فكيف يتم استبدال متعة مجانية غير مكلفة بمتعة صعب الحصول عليها على الأرض؟ أعلم تماما أنه سيرد علي قائل، بأن الفقيرة ستثاب بالذهب الذي لا تعرفه في الأرض، وسأقول له، إذا لماذا لا يثاب الرجل بشئ حرم منه في الأرض أيضا، وهو الذي خبر متعة الجنس وعرفها، فلماذا لا يكون الذهب أيضا هو المقابل؟
إن هذا الأمر في رأيي، أمر شائك ومن الصعب حسمه، وبالتالي نرجو أن لا يتم إقحام الدين – ديننا الحنيف – في مثل تلك الصغائر، لأننا لو نظرنا إلى متع الجنة التي يتم تعديدها في القرآن سنجد أنها في عصرنا هذا لم تعد بعيدة ومتوفرة، بل إن بعضها لم يعد متعا تناسب رغباتنا العصرية، لذا فلنكتفي بما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولنبتغي مرضاة الله، حبا في الله لا طمعا فيما لديه.

هناك تعليق واحد:

  1. How would you get the nomads of the 7th century Arabian desert to join the new religion, fight for it, and even die???

    Easy; promise them the things that they never had or seen in the barren desert

    ردحذف