الأربعاء، 7 أبريل 2010

خلعت كل شيئ واختفت

قابلتها صدفة بعد مرور ثلاث سنوات من اختفائها المتعمد، كانت أخبار تمردها غير المتوقع هي آخر ما أعرفه عنها. جلسات النميمة النسائية والذكورية اجتمعت عليها، فلقد خلعت زوجها وخلعت حجابها وقدمت استقالتها من وزارة التربية والتعليم وتركت منزل حضانة أطفالها، ثم "فص ملح وداب". صديقة العمر التي أعرفها ربما منذ وعيت على الدنيا والتي كانت تشير إليها أمي كنموذج للفتاة المثالية وتطالبني أن أقلد ولو جزء بسيط من سلوكها، فهي مطيعة بعماء، هادئة حد السكون، تحمل ابتسامة دائمة كنت أراها وحدي بلا معنى، تمشي دوماً وتحت إبطها كراسة رسم وفي حقيبتها ألوان عديدة، رغم ذلك التحقت بكلية البنات مثلما رغب أهلها، وقبلت بأن تتم خطبتها على رجل يكبرها بخمسة عشر عاماً فقط لأن أهلها يرون فيه زوجا مثالياً. أنجبت ثلاثة أبناء تماماً كما حدد زوجها لنفسه، واكتفت بالعمل كمدرسة رياضيات في أحد المدارس الإعدادية حيث رفضت ترقيتها كمدرسة ثانوي، بناء على إيمان زوجها بأن التدريس للمرحلة الثانوية أمر مرهق.
تعودت أن أحبها نظراً لأنها واحدة من صديقات العمر، لكني دوماً كنت أتعجب من سلوكها في الحياة، خاصة وأنها لم تعترض ولو مرة واحدة على أي شيئ يدور حولها، تجلس بجمالها الطاغي علينا جميعاً، في سكون مشابه للموت، وربما تضحك على واحدة من تعليقاتنا على الرجال خاصة بعدما تزوجنا وأصبحت لدى كل واحدة منا قائمة اعتراضات تطاول السماء ضد زوجها وضد الزواج بشكل عام، لكنها أبداً لا تعترض ولا تستنكر أو حتى تشجب أي تصرف من تصرفات زوجها، رغم أننا جميعاً كنا نراه رجلاً كريهاً.
صديقتي التي التقيتها صدفة، تحولت مائة وثمانين درجة حتى أنني لم أعرفها، بل أقبلت هي علي فاتحة ذراعيها ومندهشة لأنني أنظر لها باستغراب، حيث كانت تظن دوماً أنني الوحيدة التي كنت أفهم داخلها جيداً. قصت علي أسباب انفجارها المكبوت سنين طويلة، فلقد أصيب زوجها بمرض السرطان ولازمته طوال فترة مرضه بجلد وصبر أربعة سنوات كاملة من العذاب في مواجهة هذا المرض القاتل، لكنه وبمجرد أن أتم الله شفاؤه، تزوج عليها مبرراً الأمر بأنه يمارس حقه الإلهي وأنها لن ينقصها أي شيئ. أكدت لي أنها لم تحزن بل على العكس، كانت تخاف من أن تغير تجربة المرض القاسية سلوكه السيئ معها منذ أول يوم زواج وتجد نفسها مضطرة إلى حبه، لكنها أفاقت على حقيقة أنها أكملت 30 عاما من عمرها دون أن تفعل شيئ واحد تحبه، فقررت أن تفعل ما تريده فقط، وبالفعل درست الديكور وهي الآن تعمل في هذا المجال وحققت نجاحاً سريعا فيه، وتعيش أيامها بسعادة مع أطفالها الثلاثة، وعندما سألتها عن موقفها من الرجال وحاجاتها الطبيعية بعد الطلاق، قالت لي ساخرة " أنا مختونة أصلاً وعمري ما حسيت بأي متعة في الجنس".

هناك تعليق واحد:

  1. و حتى لو لم تكن مختونة هي ابقى و افضل من الاحتياجات البيلوجية التي تعرضها الى التعامل مع رجال مختونين العقل يعرقلون الطريق و يضيعون سنوات العمر بلا طائل يذكر

    ردحذف