الأحد، 20 نوفمبر 2011

"سوفت وير" حكام مصر لازم يتغير "حقيقة ما يحدث في التحرير"

من المضحك المبكي في نفس الآن، أن نشاهد في القنوات المصرية ونقرأ في جرائدنا اليومية، نفس التعليقات والردود التي كانت حكومات مبارك، ومبارك وآل مبارك يرددونها، أن المعتصمين في التحرير لا يمتّون إلى المصريين الشرفاء بصلة، وأنهم ينفذون مخططاً صهيونياً أو إيرانياً أو من بلاد الواق الواق لنسف استقرار مصر، وأمنها، واقتصادها، واجتماعها، وطبيخها، وغسيلها، ....إلخ إلخ.
في الحقيقة لا أدري، متى سيغير المتوالون على حكم مصر الـ"سوفت وير" الخاص بهم؟ كنت أتخيـّل أن العسكر سيستفيدون شيئاً مما حدث لمبارك وآله، وبدلاً من استيراد أنواع جديدة وحديثة من قنابل الغاز والرصاص المطاطي والخراطيش، سيستوردون "سوفت وير" جديداً لإدارة الوضع في البلاد حتى لا تتأزم الحالة بالإصرار على تطبيق "مانفيستو" الخمسينيات على شعب تخطى حاجز التليفزيون "الأبيض واسود" إلى الـ"آي باد" والـ"بلاك بيري".
لم أكن على اقتناع كامل بإقامة مليونية الجمعة الماضية، لأنني تنبأت لها بأن تتحول إلى مليونية ترويج للقوائم الانتخابية للأحزاب الدينية، خاصة بعد أن دس الإخوان والسلفيون أنوفهم فيها، وسرقوها من الائتلافات الثورية الشبابية التي دعت إليها لرفض استمرار الحكم العسكري للبلاد والدعوة لمجلس رئاسي مدني.
وبالطبع كما تنبأت تماماً تحولت إلى جمعة ترويج انتخابي، وانسحب شخوص مثل حازم أبو اسماعيل من الميدان، برغم دعواته الجهورية العنترية المضادة للمجلس العسكري، واستخدامه صيغاً تحذيرية عنيفة ضده، كنت أتساءل حين أتابعها، عما يمكن لـ"أبواسماعيل" القيام به، إن لم ينصع المجلس العسكري لتحذيراته؟؟؟ وفي الحقيقة أثبت زعيم حزب النور أنه قادر على تنفيذ كلمته، وترك الميدان معلقاً الاعتصام، الذي كان أول من أصر على إقامته !!!!!!
حتى صباح السبت لم أكن مقتنعة بوجود الناس واعتصامهم في التحرير، حيث أن العسكر صموا آذانهم تماماً عن سماع صوت الشعب المصري، واستمروا في استخدام "مانفيستو" النصف الأول من القرن الماضي، حيث القبض على النشطاء بدعوى أنهم محرضين على الفتن (حالة علاء عبد الفتاح مثالاً)، أو لأنهم بلطجية والاستمرار في محاكمتهم عسكرياً، في حين يحاكم العسكريون مدنياً (حالة حسني مبارك مثالاً). لن أدخل في تفاصيل ألعاب الإخوان والأحزاب السلفية وعلاقتها بحكومتنا الغراء ولا تجاهل حقوق المرأة وتجاهل وجودها في أي تمثيل وزاري أو سياسي أو فكري، أو التعامل الإرهابي المقيت مع ملف المسيحيين في مصر والإصرار على عزلهم سياسياً.
فقط سأقول أن الحالة كلها لم تكن تدعوني إلى الاقتناع بإقامة مليونية أو اعتصام لأنهم عادوا إلى سيرتهم الأولى أو سيرة زعيمهم مبارك الأولى، "الكلاب تعوي والقافلة تسير"، وطبعاً أقصد بالكلاب، نحن الشعب.
لكن ببساطة شديدة، عندما يخرج رجال الأمن المركزي على بضعة عشرات من مصابي الثورة، المعتصمين داخل خيامهم بصينية التحرير، ويفضون اعتصامهم بالقوة ضاربين إياهم على أماكن إصابتهم؟ ثم يخرج علينا رئيس وزرائنا عصام شرف، الخطيب المفوّه الذي أتينا به من الشارع، أقصد من التحرير!.. يخرج ويكتب على حسابه الخاص بـ"تويتر" و"فيس بوك"، انه مؤمن بحق المواطنين في الاعتصام وإبداء الرأي، في نفس الوقت الذي يسحل فيه رجال العيسوي المتظاهرين في الميدان ويلقون عليهم بقنابل الغاز ويوجهون إلى أعينهم الخراطيش، ويتوارد إلينا فقد الناشط والمدون مالك مصطفى، ومصور المصري اليوم أحمد عبد الفتاح لعينيهما، بينما نعرف أن الصحفية رشا العزب أصيبت بخرطوش في وجهها.. ثم تتسارع الأحداث ويصعد بلطجية الشرطة على أسطح المنازل في باب اللوق وشارع محمد محمود ليلقوا بقنابل المولوتوف على المتظاهرين، وتتوارد إلينا أخبار عن وصول الجرحى إلى أكثر من ستمائة وسقوط أول شهيد من بين صفوف الشباب.... حينها لا يمكن سوى الهتاف مع شباب التحرير: "يسقط يسقط حكم العسكر... إحنا الشعب الخط الأحمر".
أيا حكام مصر العظام، سواء كنتم تلبسون الكاكي أو البدلة وربطة العنق أو تركبون ذقوناً أو تحلقون شوارباً... غيروا السوفت الوير الخاص بعقولكم... استوردوا قطع غيار حديثة لأدمغتكم ...مصر 2011 لن تعود إلى الخلف، فإما تسيرون معنا إلى الأمام أو تبقون وحدكم هناك خلف ظهورنا... في المؤخرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق