الخميس، 9 فبراير 2012

أيها الرجل العزيز ...عصر الحرملك انتهى!


عندما ترغب في أن تشهر سيفك وتثبت قوتك وسيطرتك على المكان، فخذها نصيحة مني باعتباري أنتمي لفئة النساء، أصدر قوانيناً تقهرنا بها وتُحجم حركتنا وتمنعنا من الإبداع والمشاركة بفعالية في المجتمع حتى تجمع الجماهير حولك، فإذا ما اعترضك بعض الخبثاء من الذين يُعملون عقلهم ويفكرون، أُخرج عليهم ببعض من آيات القرآن أو الإنجيل حتى تكتم أصواتهم وتوقف عجلة أدمغتهم الدائرة، فإذا ما ظلوا على اعتراضهم، لا تخف لأن الجماهير الغفيرة لا تعلم حقيقة دينها وتتلقاه بالسمع فقط من رجال دين مسيسون في الأساس.

إن ما ذكرته سابقاً، هو ببساطة شديدة تلخيص لتاريخ وضع المرأة على مر العصور في شرقنا السعيد، حيث يواجه ولاة الأمور الأزمات الاقتصادية والاجتماعية دائماً بالهرب داخل رداء المرأة باعتبارها الحلقة الأضعف، لأنها ببساطة الأضحية الدائمة التي تقدمها كافة الأسر الشرقية قرباناً للفقر والهزيمة، وبالتالي هي لا تملك دائماً الأدوات اللازمة للدفاع عن حقوقها ومكانتها الحقيقية في المجتمع.

المرأة العربية أو الشرقية، دائماً منسية. تقف في الأزمات والصعاب لتساعد الرجل وتدفعه للأمام، فيكرمها ويدافع عنها، وبمجرد أن يسيطر على الأمور ينساها أو ينحيها جانباً ويطلب منها باسم الأخلاق والدين أن تعود إلى منزلها بدعوى حمايتها وأن المنزل هو مكانها الحقيقي!

في الربيع العربي لم تكن المرأة مجرد مشارك في الثورة ولكنها كانت فاعل رئيسي في الأحداث، وبمجرد أن استوى الرجل على عرش السلطة بدأ يفكر في تحجيم حريتها وتضييق الخناق عليها، وفي مصر وهي واقعنا الذي نعيشه، لم يتوان الرجل في كافة أشكاله السياسية سواء الليبرالية أو اليسارية أو الدينية، عن إغفالها ونكران مكانتها وحقها في أن تستوي إلى جانبه على عرش الانتصار على الفساد، فاختفت من كافة التشكيلات الوزارية والسياسية، حتى القوانين الاجتماعية التي تحفظ لها حقها كإنسان تم نسبها إلى المفسدين السابقين، وبدأت تتوارد علينا عبارات مثل " قوانين سوزان مبارك". نفس الشيئ حدث عندما أغتيل السادات وجاء مبارك بعده، تم الادعاء بالقول أن قوانين الأسرة التي أنصفت المرأة هي " قوانين جيهان السادات".

كانت البداية مع إلغاء كوتة المرأة في البرلمان، وللأسف الشديد ناصرت القوى المدنية غيرها من القوى الدينية، وادعوا أن الكوتة باطلة لأنها ضد الديموقراطية، وأن على المرأة أن تبذل مجهوداً في المجتمع حتى تحصل على أصوات الناخبين. وهذا الادعاء باطل في أصله، لأنه ببساطة كان يجب وفقاً لمقتضيات الديموقراطية، أن يتم إلغاء كوتة العمال والفلاحين أيضاً، لأنها تمييز مجتمعي مساوي تماماً لكوتة المرأة. كذلك تم إغفال أن المرأة تلعب الدور الأكبر في العمل الاجتماعي والخيري، فكافة المؤسسات الاجتماعية والجمعيات الخيرية، الفاعل الرئيسي فيها امرأة. لكن للأسف العادات والتقاليد الشرقية التي تسيطر على عقول أغلبية الشعب المصري والعربي لا تؤمن بدور المرأة السياسي، فكانت الكوتة هي الحل الأمثل لتدريب الشعب على انتخاب المرأة، خاصة وأن الكوتة جاءت في شكل ديموقراطي، ألا وهو أن يتم التنافس في الدوائر بين النساء وبعضها، تماماً مثل العمال والفلاحين. كما أنه كان قد تم تحديد عمر الكوتة بعشر سنوات فقط، بعدها تعود المرأة للتنافس بشكل طبيعي على المقاعد الانتخابية في الدوائر المختلفة.

الآن وبعد أن ضاعت منا الكوتة في زحام الانشغال بتقسيم الكعكة السلطوية، نواجه تهديد مباشر من القوى الدينية التي سيطرت على البرلمان لقوانين الأسرة التي فازت بها المرأة بعد كفاح طويل بدعوى لا شرعيتها، فنسمع مثلاً الاعتراضات على قانون الخلع بدعوى أنه لم يُطبق وفقاً للشريعة الإسلامية الصحيحة، وأنه كان وراء تفكك الأسرة المصرية، ولا أدري كيف يكون الخلع غير شرعي وقد وافق عليه الأزهر، كما لا أدري كيف خرب بيوت المصريين وقد حل أزمات آلاف النساء اللائي كن يقفن في طوابير المحاكم لسنوات طويلة في انتظار حكم قضائي بتطليقهن من أزواجهن. نفس الشيئ يواجهه قانون حضانة الأطفال والرغبة في خفض سن الحضانة مرة أخرى إلى سبع سنوات للذكر وتسع سنوات للأنثى، في حين أن المطلوب فقط هو تعديل شروط حق الرؤية للأب وإضافة حق الاستضافة عليه. هل من المعقول أن أمنع المرأة قانوناً من حقها في الزواج مرة أخرى طالماً أبنائها في حضانتها وبعد أن يمر سبع أو تسع سنوات من عمرها، يكون قطار الزواج قد فاتها بعدها، انتزع منها أبنائها؟ وهل من المعقول أن أفرق بين الإخوة أنفسهم في تفاوت أعمارهم، لينقسموا بعضهم لدى الأم والبعض الآخر لدى الأب؟ إن قانون الحضانة جاء بعد عذابات ومآسي مريرة عانى منها الأطفال والأمهات عقود طويلة ولا يمكن لنا الآن أن نعود إلى الوراء لنواجه مشاكل عذبت المجتمع سابقاً.

لا أعتقد أن المرأة المصرية التي تنتمي إلى القرن الواحد والعشرين ستصمت على هذه الخرافات التي يخرجون علينا بها من وقت لآخر، وكله باسم الدين والديموقراطية. ولا أعتقد أن قطار النساء سيتوقف عند الدفاع على مكتسباته السابقة، بل سيمضي إلى الأمام ليقتنص مكتسبات جديدة. أيها القائمون على تشريع القوانين الآن؛ لا تعتقدوا أن ضعف التمثيل النيابي للنساء داخل البرلمان سيدعم توجهاتكم لسلبنا حقوقنا، فنحن لم نعد درراً مكنونة ولا جواهر ثمينة، لأنكم إذا أردتم أن تجعلوا منا أشياء ثمينة تحفظوها في البيوت، عليكم أن تدفعوا المقابل المادي الفاحش، ولا أعتقد أن رجال مصر يملكون الآن أي أموال يغدقون بها على النساء حتى تعود إلى الخدور وتعيش دور الحُرمة داخل الحرملك.

هناك تعليقان (2):

  1. هبة الله صالح9 فبراير 2012 في 3:13 ص

    تسلم ايديكي بجد مقال مسلسل وممنطق لواقع يبتر فيه حقوق المرأة بدعاوى زائفة

    ردحذف