الأحد، 5 أغسطس 2012

أهم رجل في مصر!


من هو أهم رجل في مصر الآن؟ ببساطة شديدة ودون أدنى تفكير، هو ذلك الرجل الذي نراه عند مفارق الطرق وإشارات المرور، جالساً تحت أشعة الشمس الحارقة، يبدو على وجهه الإعياء، بينما ملابسه الرسمية رثة وبالية. ينظر إلى الفراغ بعينين زائغتين، يمد يده للمارة بينما يحمل في يده مقشة. نعم، إنه "الزبال".

هذا الرجل الذي عندما احتاجته مصر بشدة، أدارت له ظهرها وفتحت صفحات الجرائد وساعات الهواء البرامجية، للتروج لفكرة برجوازية بحتة، أطلقها واحد يعتقد أنه يحب وطنه ويخلص لها، بدعوة الشباب والفتيات لكي ينزلوا إلى شوارع مصر لتنظيفها، بينما الرجل صاحب المهمة الرئيسية يجلس محدقاً في الفراغ، لا يملك قوت يومه، ولا حتى ما يسد به رمقه كي يمتلك القوة الكافية التي تساعده على أن ينهض ليقوم بعمله وينظف الشوارع.

هل نحن نحب مصر فعلاً؟ سؤال سرمدي نطرحه ونجيب عنه بحمية فارغة من مضمونها عندما نجيب "بالطبع ومستعدين لأن نفديها بأرواحنا". شكراً أيها السادة فمصر لا تحتاج إلى أرواحكم الآن ولكن إلى عقولكم. وبمناسبة العقول، إعطوني عقولكم وحاولوا إفهامي بقدر حجم عقلي الضئيل. كل المصريين يدفعون شهرياً مبلغاً مخصصاً للنظافة مع فاتورة الكهرباء، أليس هذا كافياً لإصلاح وضع الزبالين في مصر وبالتالي قيامهم بمهامهم العملية؟. إن رواتب عمال النظافة في مصر لا تتجاوز المائة وخمسين جنيهاً مصرياً، هل بإمكان أعتى اقتصاديو العالم أن يقسموا هذا المبلغ على احتياجات رجل واحد بلا أسرة أو أي نوع من الالتزامات المادية كالسكن والكهرباء والماء والملبس والمأكل؟.

دعونا من راتب عامل النظافة، هل المبلغ المخصص للنظافة ضمن فاتورة الكهرباء لا يكفي لأن تخصص هيئة النظافة في مصر صناديق حديدية لكل شارع، حتى تقوم كل أسرة بإلقاء قمامتها فيها؟ هل لا يكفي لتخصيص سيارات تمر أسبوعيا على الشوارع لتفريغ هذه الصناديق؟ أين تذهب نقود المصريين المدفوعة من أجل النظافة؟

كثيرون ممن يحبون الجلوس أسفل الشجر للتأمل وطرح الحلول العاجية، يصدرون اتهامات جزافية بحق المصريين، كونهم شعب غير متحضر يلقي بالقمامة في الشارع، وهؤلاء أجيبهم بأنه؛ لو لم يكن هناك مخالفات رادعة في إنجلتراً مثلاً او حتى الإمارات الدولة العربية المجاورة، لكان الإنجليز وأهل الإمارات أول من يلقي بالقمامة في الشوارع. وبما أنني عشت في الإمارات، أحب أن أبلغكم أن مخالفة من يلقي بورقة في الشارع تصل إلى خمسمائة درهم، يدفعها المخالف فورياً أو يتم القبض عليه، و هذا بالطبع يتم بعمل دؤوب من قبل البلديات أو المحليات كما نعرفها هنا في مصر. هل لو تم تنظيم المحليات وتطهيرها في مصر وتخصيص غرامات رادعة لمن يلقون بالقمامة في الشوارع سنقول نفس الكلام الخاص بأن المصريين غير متحضرين؟. الحضارة يا سادة تأتي بالقوانين وتنفيذها، لكننا فيما يخص النظافة في مصر لا توجد لدينا قوانين ولو وجدت لن تجد من ينفذها.

وبعد ما سبق؛ هل حل مشكلة القمامة في مصر هو الحركات العنترية، التي تدعو إلى نزول الشوارع لتنظيفها؟ أم تنظيم المحليات ورفع المستوى المعيشي لعمال النظافة، وتطوير هيئة النظافة واستخدام النقود المخصصة لها على فاتورة الكهرباء بدلاً من سرقتها؟

مصر دولة وليست معسكراً للكشافة مثلما قال أحد الزملاء عندما سمع بالحملة التي أخذت لها كم من يوم في صدارة عناوين الصحف، ثم خبت واختفت مثلها مثل كل الحركات والمبادرات العنترية.

متى نتوقف عن تقمص شخصية عنتر بن شداد ونبدأ في إقامة ركائز دولة حقيقية؟

مجرد سؤال!!!