الاثنين، 18 فبراير 2013

المهرج والضمير


في فرنسا "مش في مصر خالص" وعام 1957 "يعني مش دلوقت أهو" اهتز العالم للفظائع التي ارتكبها رجال حكومة ديجول في ثوار الجزائر بما فيهم من جزائريين من أصل فرنسي ومسلمين ويهود، رغم أن هؤلاء الرجال أنفسهم كانوا ضحايا الجستابو أثناء الاحتلال الألماني لفرنسا قبلها بعشرين عاماً فقط، لكن فيما يبدو أن ديجول مثله مثل هتلر في المحصلة النهائية للمسألة.
بذلت حكومة ديجول قصارى جهدها كي تمنع الحقيقة من الوصول للعالم، لكن رجالاً شجعان أمثال هنري أليج قاوموا أسوأ أنواع التعذيب، فلقد كان رئيساً لتحرير جريدة جزائرية تؤمن بحرية التعبير، لكن بعد أن فُرض الحظر على جريدته، اعتقله مظليو الجيش الفرنسي وتعرض لتعذيب وحشي كان أقله حرق أعضائه الحميمة على المدفأة. عندما خرج أليج مشوهاً تماماً كتب كتابه "السؤال" الذي صادرته حكومة ديجول، لكن الحقيقة ظهرت في نهاية الأمر وتحول الكتاب إلى فيلم "الجحيم". 
هنا أستعير من الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر سؤاله في مقدمة الكتاب: " إذا كانت خمسة عشر عاما كافية لتحويل الضحايا إلى جلادين..فإن أي إنسان في أي وقت يمكن أن يجد نفسه ضحية أو جلاداً".
وبمناسبة "الضمير" الذي أعلن عن نفسه مؤخراً، فعندما تفرست في تعبيرات وجهه، لم أجد سوى وجوهاً جاعت ولم تجد لنفسها مكاناً في الماضي، فلما استفحل أمر – الحضارة versus حضارة – وجدت الفرصة مواتية كي تلعب اللا دور في المكان والزمان الصحيح تماماً لتكتمل الكوميديا العبثية التي نعيشها. 
من الصعب جداً أن يأتي ضحية ليلعب دور المستبد العادل – هذا إن اعترفنا كلياً بأنه كان ضحية – خاصة بعد نجاح فيلم " الحب في طابا 2" والذي لم ينته هذه المرة بإصابة الأبطال بمرض الإيدز اللعين، حيث أن البطولة في الجزء الثاني نسائية بامتياز وتوقفت عند حدود عروض التعري والقضاء على محتويات البار والميني بار. ويكفينا فخراً أن البطلات عدن دون أي " عك" مع جنود الحدود للدولة الصديقة إسرائيل، ولم تحدث عقب انتهاء الرحلة حالات قيئ صباحي مفاجئ، هذا لأن البطولة أُسندت لنساء بلغن سن يأس "الله يجازي عمليات التجميل خلت الماشطة صبية".
لقد أثبت التاريخ أن الشريفة المتغطية يمكن أن نكتشف فجأة أنها عاهرة، وأن البطل المغوار الذي قاوم الظلم وتعرض له يتحول في طرفة عين إلى ظالم جهول" ده إن مكنش أصلا جاهل عامل فيها أفندي" وأن من لا يمتلكون ضميراً من الأساس يصبحون الممثل الرسمي له في كافة المحافل والجبهات، وأن الزعيم العظيم الذي قتله الملك الظالم لأنه يقول ربي الله، لم يكن سوى جاسوساً مزدوجاً وعميلاً ماسونياً أصلاً .....إلخ.
لذا يا أصدقائي فلتضعوا ساقاً على ساق وتجلسوا جواري في الشمس بينما نكتفي بمشاهدة المهرجين وهم يقلبون بعضهم بعضاً من فوق المسرح حتى ينتهوا تماماً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق