الأربعاء، 10 أبريل 2013

الإمارات في مواجهة العبث


ربما بعد هذا المقال يتم ترويج أنني ممولة من قبل الإمارات ولكني مع ذلك لن يهمني أن أشهد شهادة حق في دولة تميزت في عصرنا الأرعن هذا بالعقل والتطور المستنير والذي لا يأتي على حساب أو مصلحة دول أخرى، بالعكس كانت داعم دائم للدول المجاورة أياً كان انتمائها الديني والسياسي دون مصالح خاصة تجنيها، عدا السمعة الطيبة والحكمة بعيدة النظر، وربما كان السبب في ذلك أن مؤسس هذه الدولة هو المغفور له سمو الشيخ زايد الذي استحق عن جدارة لقب حكيم العرب.
لقد جاء منح جائزة الشيخ زايد الثقافية لشخصية العام الثقافية لشيخ الأزهر، تأكيداً على منهج الإمارات الدائب على السمو على المواقف الصغيرة والتدخلات في شئونها الداخلية والخاصة بالتنظيم السري الذي تم كشفه مؤخراً لقلب نظام الحكم بها، فرغم ذلك لم تأبه لفساد السياسة وعلت بالثقافة والعلم والوسطية على كل الضغائن، كما أن منح دكتور أحمد الطيب الجائزة، حمل في طياته رسالة موجهة إلينا وإلى كل المنطقة، بأن وسطية الدين واستنارته هو الحل لكل أزماتنا الفكرية الحالية. وربما لو نوينا أن نتعلم من الإمارات شيئاً فلن يكون سوى منهجها الحداثي المستنير والذي يتتبع لغة العصر من علم وتكنولوجيا، إضافة إلى التأسيس لأجيال متطورة تواكب لغة العالم الحديث، وربما يعود هذا المنهج إلى مؤسس الإمارات الشيخ زايد، والذي عمد منذ تمكنه من توحيد الإمارات السبع إلى إرسال أبناء بلده إلى كافة بلاد العالم لينهلوا من علمها ويعودوا إلى بلادهم لتطويرها، ومازال هذا المنهج مستمراً حتى الآن، رغم أن الجيل الحديث لم يعد بحاجة إلى السفر حيث كل سبل التعليم والتدريب المتطورة تتوفر في بلاده، إلا أن فكرة التطوير الدائم وعدم ترك وسيلة معاصرة دون الاطلاع عليها وتبنيها ما زالت قائمة في أذهان حكام الإمارات السبع وتحديداً أبو ظبي ودبي.
لم تركن الإمارات إلى فكرة التلاعب بالأحداث التي تشهدها دول الثورات العربية للخروج بمصلحة سياسية أو مادية مثل دول أخرى لا داعي لذكر اسمها، واستمرت في منهجها الهادف إلى حماية أرضها ومكتسباتها التي حصلت عليها بمجهودها طوال أربعين عاماً منذ التأسيس، وفي نفس الوقت لم يكن العداء منهجها تجاه أي دولة أخرى تحاول الإفساد على أرضها بل ردت على خسة السياسة بسمو الثقافة والمعرفة.
هذه هي الإمارات التي أعرفها والتي احتضنتني أكثر من عشرة أعوام، تعلمت فيها التفكير والتعبير بحرية دون جرح الآخرين، وتعلمت فيها الكثير من الأدوات المعرفية والتكنولوجية الحديثة، ووجدت وقتاً للإبداع فكتبت على أرضها كتابين إضافة إلى كتابين آخرين أنجزت نصفهما تقريباً هناك.
لا أنكر أن قيام الثورة المصرية وتر الأجواء بالنسبة للمصريين في الإمارات قليلاً، لكن هذه الدولة الوسطية تداركت أمرها سريعاً ووضعت حداً لهذا التوتر لتعود الحياة طبيعية بالنسبة لأي مصري معتدل يعيش على أرضها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق