الجمعة، 25 ديسمبر 2015

جزيرة بالي .... أرض الآلهة (1)



جزيرة بالي أو أرض الآلهة كما يعرفها أهلها. رحلة لطالما خططت لها، لكن دائماً ما يذهب بك القدر إلى المكان المناسب في الوقت المناسب. ربما كان كتاب " طعام، صلاة، حب" هو الباعث الأول لزيارة تلك الجزيرة، وربما كان الحب المفقود هو الدافع الأكبر، فوفقاً للكتاب، قابلت البطلة الحب في بالي. نحن بالفعل نصلي من أجل الحب، ونخرج آلامنا وإحباطاتنا مع الطعام، وكل ما نفعله يكون رد فعل لموقعنا من الحب في تلك الحياة. لذا فربما بقليل من الصدق كان الحب هو المُحرك الحقيقي لدفعي كي أقوم بتلك الرحلة ...فهل وجدته هناك؟
كان السفر إلى بالي هو خطتي للعام 2011، ولكن قيام ثورة 25 يناير كان سبباً واحداً ووحيداً لتعطيل تنفيذ تلك الخطة، وربما تعطيل تنفيذ خطط كثيرة، لكنني بمجرد أن استعدت أنفاسي بعد انتهاء كل ما له علاقة بالثورة من توابع وعواصف وزلازل وبراكين، عادت إليَّ خطط الحياة مرة أخرة وبدأت أستعيد أحلامي المفقودة على عتبات الانتصارات الثورية، فكانت بالي التي قررت فجأة وبدون سابق إنذار، أن أحقق حلمها.
تكاليف الرحلة

الذهاب إلى بالي لن يكلفك الكثير، فتذكرة الطيران والإقامة للفرد الواحد لمدة أسبوع يكلفان 8 آلاف جنيه، وذلك بالسفر على طيران الإمارات الذي يوفر رحلة تصل إلى مطار "نجوراه  راي" في مدينة "دنباسار" – عاصمة بالي – وإن كان ذلك يستلزم الهبوط ترانزيت في دبي أولا قبل التوجه إلى بالي. مدة الرحلة من القاهرة حوالي 13 ساعة. أربع ساعات إلى دبي، ثم تسع ساعات إلى دنباسار إضافة إلى ساعات الترانزيت التي قد تكون ثلاث ساعات فقط وقد تمتد إلى 14 ساعة، كل حسب رحلته. مصر للطيران توفر رحلة إلى العاصمة الأندونيسية جاكارتا ومنها تكمل رحلتك بطيران داخلي إلى بالي، لكن تكلفة الطيران في تلك الحالة ستكون أعلى، حيث أن الطيران الداخلي في أندونسيا غالي جداً.
أما عن العملة المستخدمة في بالي، فهي الروبية الأندونيسية، حيث أن 100 دولار يساوي مليون وثلاثمئة وستين ألف روبية، وبإمكانك أن تصرف هذا المبلغ في يوم أو يومين وفقاً لترتيب أولوياتك وما الذي تريد أن تقوم به هناك.
الفنادق في بالي كثيرة جداً، ومتنوعة المستويات والأشكال من حيث الرفاهية والخدمات، ولكن بالفعل ووفقاً للتجربة، فأنت لن تحتاج أكثر من فندق ثلاث نجوم، حيث أنها فنادق ممتازة جداً من حيث الخدمات والنظافة والمنظر الطبيعي الذي يحيط بها، خاصة في مدينة "أوبود".
من دنباسار إلى سيمنياك

لا يحتاج المصريون استخراج فيزا لزيارة بالي، فقط هناك رسوم بسيطة يتم دفعها في مطار نجوراه راي بمجرد الوصول، ولكنني لم أدفع تلك الرسوم، لأنه وبمنتهى البساطة قررت حكومة أندونسيا أن تعتذر للزائرين عن تعطل طيرانهم بسبب ثورة بركان جبل رينجاني في جزيرة لومبوك، الذي أخذ ينفث دخانه بشكل مستمر ما عطل حركة الملاحة الجوية لمدة 24 ساعة، وهذا ما تسبب في تغيير موعد رحلتي وإن جاء في صالحي في النهاية، وبالتالي أُلغيت الرسوم لكل السياح في يوم وصولي السبت 21 نوفمبر الماضي.
فندق "بوتو بالي فيلا" كان هو وجهتنا بعد ذلك، وهو فندق في مدينة سيمنياك، التي وقع اختياري لها لأنها بشكل أو بآخر مركزاً تجارياً، وتحتوي على حياة ليلية مميزة، في حين تتمتع باقي المدن بهدوء القرية التي تنهي صخبها في الثامنة مساءً، كما تحتوي على مقاهي مميزة وسعرها متوسط، إضافة إلى سهولة التحرك منها إلى المزارات السياحية الشهيرة التي لا تبتعد عنها كثيراً، وغالباً ما يستقر بها السياح ليتحركوا يميناً ويساراً إلى حيث وجهة نشاطهم السياحي.
لم أستطع رغم شعوري بالإرهاق الشديد أن أُضيع يوماً من رحلتي، وقررت بمجرد وضع حقائبي في الغرفة أن أتجول في المدينة وأبحث عن سائق يصطحبني في رحلاتي التي قررتها بالفعل من قبل بداية الرحلة، وكذلك كان لدي رغبة أسعى إلى تحقيقها؛ ألا وهي الحصول على "مساج" حيث يتميز أهل شرق آسيا بأنواع المساج أوالتدليك والتقشير التي لا ينافسهم فيها أي مكان آخر من العالم.
في طريقي للبحث عن مركز للمساج جلست بمقهي "petite India" أو الهند الصغيرة، ولاسم المقهى دلالة حقيقية على "بالي"، حيث أنها بالفعل بعاداتها وتقاليدها وآلهتها وأسلوب حياة أفرادها، تُعد نموذجا مصغراً لشبه الجزيرة الهندية التي تمثل وحدة ثقافية منفردة في العالم أجمع.
بعد عصير الأناناس الذي تناولته لترطيب جوفي من حرارة الشمس، " درجة الحرارة كانت 31 ولكن الشمس واضحة تماما والرطوبة مرتفعة"، قررت استكمال رحلة بحثي عن مركز المساج، ووجدت الكثير بالفعل، فكل مترين أو ثلاثة، ستجد حتما مركزاً للتدليك والتجميل، ولكن وقع اختياري على واحد يكاد يقترب في تصميمه من تصميم المعابد الهندوسية، فلقد دخلت إليه في الأساس على اعتبار أنه معبد صغير، لكنني فوجئت بأنه مركز للتجميل. بمجرد الدخول ستجد الإله "جانيشا" بصورة الفيل التي هو عليها يتصدر المدخل، وأمامه القربان اليومي الذي يتكون من طبق مصنوع من سعف النخيل ويحتوي على زهرة الياسمين الهندي، وقطعة حلوى وقليل من الأرز المسلوق .... وسيجارة!! لم أستوعب أمر السيجارة فتجاهلته تماماً وقررت السؤال عن الأسعار، وبالفعل اخترت مجموعة تدليك وتقشير، ولكني تساءلت عن خدمة الـ "ُ Ear Candle " أو شمعة الأذن، التي لم أقابلها في صالونات التجميل من قبل، فأخبرتني الفتاة أنها شمعة توضع في الأذن وهي مشتعلة لتنظيفها، وبالطبع صدرت مني شهقة استهجان، فمن هذا الذي بإمكانه أن يضع شمعة مشتعلة في أذنه، وكيف لا تخرج الشمعة وقد أحرقت الأذن بالشعر بكل شيئ!!! . ضحكت الفتاة من رد فعلي وأكدت لي أنني لن أتمكن من الوقوف على الأمر وفائدته إلا بتجربته، وأنه لا يوجد في الأمر أي حريق أو اشتعال. روح المغامرة ارتفعت داخلي فقررت أن أخوض التجربة "و اللي يحصل يحصل". بدأت جلسة التدليل الذاتية بشمعة الأذن، فبمجرد أن استلقيت على فراش التدليك، حتى أحاطت الفتاة أذني اليمنى بفوطة صغيرة ثم وضعت شمعة ملفوفة بورق "الزبدة" داخل أذني. كنت أستمع لصوت احتراق الشمعة لكنني لا أشعر بحرارة اشتعالها، وبعد دقيقتين تقريباً، قامت الفتاة بوضع ورقة الزبدة أمام ناظري لتريني شمع الأذن الذي خرج مني، ففوجئت بكثرته رغم ظني أنني أنظف أذني بانتظام!! تشجعت لأن أسلمها أذني الأخرى فوراً وهذه المرة دون مخاوف.
انتهت جلسة التدليك والتقشير، فشعرت بخدر في جسدي أوحى لي بضرورة العودة إلى الفندق للنوم، لكنني كابرت لأكمل رحلتي على قدمي لاكتشاف ميدان سيمنياك والسوق الشهير هناك، وبالفعل فوجئت بكم المحلات والأزياء المبهرة التي تناسب الروح الآسيوية الساكنة جوار المحيط الهادي.
بعد أن انتهت جولتي دون شراء، حيث قررت التريث لرؤية كل شئ والمقارنة بين الأسعار أولاً، ولم أجد في جسدي طاقة للعودة إلى الفندق مشياً، قررت أن أستقل تاكسياً، وكما يفعل التاكسي المصري بالسياح الأجانب، فعل سائق التاكسي في بالي معي، حيث استغل كوني على غير دراية بالطرق وقاد عربته في شوارع كثيرة ليحصل مني على أعلى مبلغ يمكن الحصول عليه، وربما كوني خبيرة بمثل تلك الحركات، أخبرته أنني لن أدفع له أكثر من 50 ألف روبية أي ما يعادل 30 جنيه مصري، وبالتالي عليه أن يختصر الطرق ويأخذني مباشرة إلى الفندق.... وفعل.
خلال رحلتي لتفقد المدينة دخلت أحد الشواطئ العامة "المحيط الهادي" وقابلت "مادي" وهو السائق الذي أعطاني أفضل سعر للرحلة اليومية والتي كلفتني أربعمائة ألف روبية "240 جنيه تقريباً" لليوم الذي يمتد إلى ثماني ساعات.

معابد في قلب المحيط

أتى السائق مادي في موعده تماماً، وبدأنا التحرك الساعة التاسعة صباحاً كما اتفقنا، وقد أشعرني ذلك بالاحترام الكبير له، حيث دائماً أتوقع تأخر الناس عن المواعيد المتفق عليها باعتباري مصرية. شرحت للسائق أنني أرغب في زيارة معبد تاناه لوط أولاً، فاتجه على الفور إلى هناك. بمجرد دفع ثمن تذكرة الدخول وهي 15 ألف روبية أي حوالي عشرة جنيهات، دخلت إلى شارع طويل يصطف على جانبيه المطاعم والبازارات ومحلات الملابس، وبالفعل دخلت لتفقد الأسعار، فاكتشفت أنها أقل بما يعادل النصف لأسعار سوق سيمنياك، رغم أن المنتجات بنفس الجودة، فقررت على الفور ابتياع بعض الملابس والقبعات (بلوزتان وقبعتان كوروشيه وفستانان وتي شيرت) كل ذلك كلفني بالضبط ما يعادل 150 جنيه مصري، مع الوضع في الاعتبار أنها جميعاً منتجات ذات مستوى جيد جداً.
(تاناه لوط) معناها في لغة أهل جزيرة بالي (أرض في شرق البحر)، وهي بالفعل عبارة عن تكوين صخري على طول الساحل الجنوبي للجزيرة، تكون بفعل المد والجزر للمحيط، حيث ترى التمازج بين المياه والصخور في صورة إبداعية للخالق، بينما صوت الأمواج وهي تنكسر على الصرح الصخري تُشعرك بعنفون الحياة.
المعبد الرئيسي موجود على أكبر ارتفاع صخري على المحيط بينما تمتد سبعة معابد صغيرة أخرى على التكوينات الصخرية الممتدة على الساحل، وبينها طريق أُنشئ لربطها جميعاً، بينما المعبد الكبير يجب أن تسير في المياه لتصل إليه، وحسب الحظ مع المد والجزر، فهي إما مياه ضحلة يسهل السير فيها أو مياه عميقة قليلاً تحتاج إلى الخوض فيها بشئ من الحذر، وقد كان حظي أنها ضحلة.
بعد المرور على المعابد الصغيرة وقراءة التعليمات الخاصة بها، وأهمها بالطبع أنه يجب على الرجال والنساء تغطية سيقانهم، وبالتالي توزع إدارة المعبد (سارون) وهو عبارة عن شال كبير من القماش القطني، يُربَط على الوسط وينسدل ليسبغ الساقين حتى الأقدام، إضافة إلى ذلك فممنوع على المرأة الحائض الدخول إلى المعبد وممنوع أي ملامسات بين الرجال والنساء أياً كان شكلها وكذلك اصطحاب الطعام للداخل، أما بالنسبة للمعبد الرئيسي الكبير فلابد قبل الطلوع إليه، الحصول على بركة الكاهن الموجود في تجويف داخل الصخرة المستقر فوقها المعبد والذي يحتوي على نبع ماء عذب يجب أن تغتسل فيه أولاً ثم تذهب إلى الكاهن ليضع في الشعر للنساء زهرة ياسمين هندي وقليل من حبيبات الأرز على الجبهة ثم يرش الوجه والجسد بالمياه المقدسة. بعدها يمكن للزائر أن يصعد إلى المعبد.
بدأ معبد تاناه لوط في العمل في القرن الخامس عشر بوصية من الكاهن نيرارتا، وذلك عندما رأى التلة الصخرية الساحرة والسابحة داخل المحيط، فقرر المبيت فيها بعد أن استقبله صيادوا المنطقة وقدموا له الهدايا، فنصح في الصباح ببناء معبد فوق التلة لأنه أفضل مكان لعبادة إله البحر وفقاً للمعتقدات الهندوسية. ويُعتقد ان ثعابين البحر السامة التي توجد تحت الصخور هي التي تحمي المعبد من الأشرار، لكن بالطبع تم تطهير المكان الآن من تلك الثعابين وإن كان يربي بعض المقيمين حول المعبد بعضها.
بين المعابد التناثرة على طول ساحل المحيط يسير السائحون وكذلك المواطنون الأندونيسيون الذين يحضرون للتنزه فيجلسون على الحشائش الخضراء لتبادل الحديث وتناول الطعام وشرب مياه جوز الهند، في طقس اجتماعي أشبه بالمصريين الذين يتنزهون في الحدائق العامة، فالأمر لا يقتصر فقط على القدوم للصلاة في المعابد التي لا يتم فتحها إلا في أوقات الصلاة صباحاً او عند الغروب، بينما تعمل خادمات المعابد كالنحل في الخلية لتوزيع القرابين على تماثيل الآلهة المنتشرة حول المعابد، حيث تخلو المعابد في الداخل من أي تماثيل للآلهة الهندوسية.
بعد الانتهاء من زيارة تاناه لوط، عُدت لأجد مادي ينتظرني داخل سيارته، وبمجرد دخولي شرع في التوجه إلى وجهتنا الثانية، وهي معبد أولواتوه، الذي يُعد من أشهر المعابد الهندوسية في بالي، ويقع في قرية بيكاتو جنوب منطقة كوتا، و كلمة ULU  تعني الرأس بينما تعني كلمة WATU  الحجر، ونفس الشئ يتم منح الزائرين (سارون) للفه حول الخصر لتغطية الساقين عند الدخول، أما الذين يرتدون ملابس سابغة حتى القدمين فيتم ربط حزام أصفر حول وسطهم أيضاً قبل الدخول.
معبد أولواتوه يطل أيضاً على المحيط وأمامه توجد غابات ينتشر فيها القردة الذين يتسمون بالشقاوة، حيث يحذرك الحراس عند الدخول بالانتباه إلى النظارات الشمسية والقبعات وأي شيئ يسهل للقرد ان يسرقه، حيث سيكون من الصعب استرداده، كذلك يوجد حراس يسيرون في المسارات الممهدة بين الأشجار يحملون نبالاً كي يقذفوا القردة بالحصى الصغير عندما يتركون أشجارهم ويقررون النزول بين الناس.
تركت قبعتي ونظارتي الشمسية في السيارة وقررت أن لا أحمل سوى الكاميرا معلقة في رقبتي، وبالفعل استطاع أحد القردة سرقة نظارة شمسية من أحد الزائرين وجلس على سور منخفض وتلذذ في بطئ شديد بتحطيمها وتحويلها إلى قطع صغيرة جداً، وبقدر ما كان الأمر مضحكاً، بقدر ما شعرت بالأسف على النظارة التي ذهبت بلا رجعة وعلى صاحبها الذي وقف مندهشاً ولا يملك فعل شئ لإنقاذ نظارته.
كانت أهم ملاحظة لي أثناء زيارة تاناه لوط وأولواتوه، أن المعابد مبنية فوق الصخور المطلة مباشرة على المحيط أو السابحة داخله، بينما المعبد نفسه مبني بطراز متواضع وبسيط ولا يحتوي سوى على أماكن لوضع القرابين والتي تأكد لي أنها بالفعل تحتوي على سجائر، ربما ليعتدل مزاج الإله قبل أن يقرر مصائر عباده!
المحطة الأخير في هذا اليوم كانت لمنطقة جيمباران، وهي منطقة صيد ومنتجع سياحي تقع جنوب مطار نجوراه راي، ولا يخلو الأمر من المعابد الصغيرة المتناثرة بين المطاعم التي لا تقدم سوى وجبات السمك والأكل البحري الذي يقدم مشوياً أو مقلياً مع الأرز المسلوق المقدم فوق أوراق نخيل جوز الهند. من الأشياء الجميلة هناك أنك تنتقي السمك التي تنوي التهامها ثم التوجه لاختيار مقعدك على المحيط لتتابع غروب الشمس وهي تودع اليوم غارقة في المياه، بينما يسير أمامك بائعات القواقع والأسماك المخللة وقطع جوز الهند المخلل أيضاً، ثم تأتيك المفاجأة مقدمة في مقطوعة موسيقى يعزفها خصيصاً لك أحد الفرق المتجولة بين المقاعد على الشاطئ، بعد أن يسألوك عن بلدك، لينتقوا أغنية تناسب الوطن. الملاحظ أن الناس في بالي لا يعرفون Egypt  ولكنهم يعرفون مصر جيداً وكذلك القاهرة أو  Cairo.
حقول الأرز الشاسعة
 التزم مادي بموعده أيضاً، وبدأت رحلتي في يومي الثالث مع مسرحية تراثية راقصة، استمتعت فيها بالملابس والرقص الذي اعتمد بشكل كبير على حركة الكفوف والأصابع ونظرات العيون التي أبدعت الراقصات في تغييرها من الفرح إلى الحزن وحتى الخوف والرعب، فكانت تنقل الإحساس بالحالة المسرحية ببراعة دون أن أفهم كلمة واحدة مما يقال.
بعدها انطلقت نحو حديقة الفراشات، والتي استطاعت أن تقلني بيسر رومانتيكي نحو مواضع البهجة الطفولية، فالفراشات تطير في كل مكان حولك ولا يمكنك سوى القفز محاولا الطيران معها والعدو خلفها، بعد ذلك بإمكانك أن تضع الفراشات كبيرة الحجم على الملابس والشعر لتبدو كزينة مفرحة. تحتوي حديقة الفراشات أيضاً على ركن للحشرات الشهيرة في بالي، وقد واتتني الشجاعة لأمسك بالجراد وحشرة غريبة تتلون وفقاً للمناخ المحيط بها، وكانت تبدو كأوراق الشجر. حديقة الفراشات تحتوي كذلك على متحف للفراشات والحشرات المحنطة والتي بإمكانك اقتناء بعضها في برواز يمكن تعليقه على الحائط.

الجميل أنني بعد ذلك ذهبت لقرية جيلواتي والتي يسكنها شعب التاميل، وهي كلها مزروعة أرز يمتد على طول الطريق وعلى مدرجات الجبال، بينما تتساقط الأمطار باستمرار ولا تتوقف سوى بضع دقائق لتمنح السائرون فرصة للجفاف قليلاً. تنتشر مواضع قرابين الآلهة على رؤوس غيطان الأرز وعليها نفس القربان الذي يحتوي على قطعة حلوى وقليل من الأرز المسلوق وزهرة الياسمين الهندي وسيجارة. ويبدو أن سكان بالي جميعهم يحبون الإله جانيشا لأنه إله الحظ، فيضعون تمثاله على شكل فيل في مدخل المنازل والمطاعم والمدارس وكل شئ ويبدو أنه هو الإله الذي يعشق تدخين السجائر منفرداً بين الآلهة.

الموضوع تم نشره في شهر ديسمبر بجريدة جورنال مصر 












ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق