الخميس، 26 يناير 2017

القرد بيتكلم ... سيناريو مُهلهل لفيلم جماهيري

لا يمكن إنكار أن فيلم "القرد بيتكلم" والذي تم إطلاقه مؤخراً فيلماً جماهيرياً بامتياز، حيث الرهان على الإقبال الشعبي عليه قوياً. ولا يمكن الإنكار أيضاً أنني استمتعت كثيراً بمشاهدته فهو فيلم مُبهج رغم أنه ينتمي إلى نوعية أفلام الإثارة والأكشن مع بعض خفة الدم التي تجلب الضحكات والابتسامات السعيدة، ولكن دعنا نلقي بعض الضوء على نقاط أساسية كانت تحتاج إلى تركيز أكثر من صناع الفيلم ليخرج في صورة متكاملة بشكل أو بآخر.
الفيلم يدور حول اثنين من الأخوة اللذين ورثا مهنة الساحر في السيرك عن أبيهما ويستمتعان بخفة اليد واتقان الحيل السحرية المبهرة، حيث تم تقديم بعض العروض السحرية في السيرك والتي أظن تماماً أنها كانت تحتاج إلى مزيد من التركيز على الإبهار في تقديمها بقليل من التفصيل، وهو ما لم يحدث في الفيلم فلقد جاءت خاطفة وسريعة وكأنهم يؤدون واجب في السيناريو لينتقلوا إلى الحدوتة الرئيسية للفيلم، ولكنني أظن أنها جزء رئيسي من الحدوتة احتاج كثيراً إلى التفصيل له بعمق واستخدامه في تأصيل المتعة لدى المشاهد، فقد جاءت بشكل خاطف وسريع أخل بقيمة عرض أبعاد شخصية البطلين رشاد وطه الشناوي اللذان جسد دوريهما عمرو واكد وأحمد الفيشاوي.
وربما انسحبت سرعة عرض الجزء الخاص بالألعاب السحرية على نص الفيلم كله، وكأن الأمر كان مقصوداً من مؤلف الفيلم ومخرجه بيتر ميمي، ولكن إن كانت هناك قصدية في عرض أحداث الفيلم بشكل سريع، فهي لم تخدمه على الإطلاق حيث أدى ذلك إلى إحداث توتر في استيعاب تسلسل الأحداث والتفاعل معها بشكل مكتمل وخرجت بعض مفاجآت الفيلم أو ما كان يعتقد المؤلف أنها ستأتي في شكل كاشف، كأمر متوقع فلم يحدث عنصر المفاجأة الذي كان يقصده. كما أن المُحرك أو الباعث الذي تم بناء الأحداث الدرامية للفيلم ليس مقنعاً، فمثلاً تورط الأخين الساحرين في ارتكاب عملية إرهابية باحتجاز رهائن في السيرك وتفخيخ مناطق عديدة بالقاهرة بالقنابل، غريب جداً، وهو اعتقال والدهما ظلم في قضية إرهابية في شرم  الشيخ لمدة ثلاث سنوات دون تحقيق وهو مجرد ساحر تواجد في المنطقة أثناء وقوع الحادث الإرهابي، مع العلم ان مرتكبي الحادث تم القبض والحكم عليهما بالإعدام في القضية، ما أشعرني بأن السيناريست يحاول أن يجعل من فيلمه فيلماً يطرح قضايا حقوقية بدون سبب فالسياق العام للفيلم لا يحتمل مناقشة قضايا على هذه الشاكلة إضافة إلى أن طرح تلك القضية جاء بشكل سطحي ومُخل. كذلك جاء الاعتماد على الفلاش باك لشرح تفاصيل في الفيلم لم يتم سردها في بدايته، جاء كتأدية واجب أو محاولة لفرض فكرة الغموض على الفيلم، فخرجت كتقليد مُخل لسيناريو فيلم "أولاد رزق" مع الفارق أنها جاءت محكمة ومتسقة مع سياق سيناريو الفيلم الآخر، ناهيك عن مط أحداث الفيلم بدون مبرر، فرغم أن معظم المشاهدين اعتقدوا تماماً أنه انتهى في لحظة خروج الساحرين والرهائن من السيرك إلا أننا فوجئنا بأنه هناك المزيد من الأحداث، تلك الأحداث التي أتت بشكل غير مقنع تماماً فكيف للواء شرطة مخضرم أن يستعين بحرامي خزائن لكي يسرق ماسة من محل المجهورات أسفل شقته مباشرة بخرم في الأرض؟ كان ينقص هذا المشهد ماري منيب وبغبغانها لننتقل إلى مشاهدة فيلم "لصوص ولكن ظرفاء"!
استعان مخرج ومؤلف الفيلم بفرقة شارموفرز الموسيقية لتقديم أغنية تتر البداية والنهاية بشكل موفق جداً، كما أن الموسيقى التصويرية لسيف عريبي وهو المنتج في نفس الوقت جاءت موفقة أيضاً، ولكن السؤال المحير هو: لماذا تم الاستعانة بأغنية أجنبية في مشهد انتهاء العملية الإرهابية وخروج الساحرين والرهائن من السيرك؟ ما هو الداعي الدرامي لذلك؟ ولماذا لم يتم تأليف أغنية خاصة لهذا المشهد يؤديها فريق شارموفرز أيضاً؟ لقد خرجت الأغنية الأجنبية كنغمة نشاز اخترقت أذني وضحكت وأنا أتخيل بيتر ميمي وقد أخذته الجلالة واعتقد للحظة أنه يخرج فيلماً لهوليوود!

في النهاية الفيلم "مُسلي وظريف" ولكن كنت أتمنى أن يتم الاعتناء أكثر بكتابة النص والاهتمام بمنطقية الأحداث والبناء الدرامي لها، أما عمرو واكد وفاروق الفيشاوي ففي رأيي سيكونا سببين رئيسيين في نجاح الفيلم أو ربما السبب الأول لنجاحه، حيث خرج أداء الفنان الكبير سيد رجب غير مُجدد وشعرت أنه استسهل أداء الدور ربما لكون الشخصية مكتوبة باستسهال أيضاً ويظل باقي الممثلين في الفيلم عاديين جداً ومتوقعين للغاية.
 http://www.innfrad.com/News/50/540144/%D8%A3%D9%85%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%B7%D9%84%D8%B9%D8%AA-%D8%AA%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%AF-%D8%A8%D9%8A%D8%AA%D9%83%D9%84%D9%85--%D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D9%88-%D9%85%D9%8F%D9%87%D9%84%D9%87%D9%84-%D9%84%D9%81%D9%8A%D9%84%D9%85

تم نشر المقال في موقع إنفراد 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق