الاثنين، 30 أبريل 2018

تحليل نقدي يكتبه محمد غنيم / الحب فى زمن الاغتراب.. قراءة فى رواية نسائى الجميلات لــ"أمنية طلعت"



لم يكن فراق هالة سهلا.. حتى الآن لم أتجاوز الأمر..



ما بين التناغم الهندسى المعمارى والاستقصاء الصحفى استطاعت "نساء" أمنية طلعت فى رواية "نسائى الجميلات" والصادرة عن دار روافد للطباعة والنشر، أن يحلقن بنا فوق سماء المدينة الساحرة التى لم يخلق مثلها فى البلاد، وبين حداثة الزمان وعبقرية المكان هبط بنا النسوة الجميلات لتدور أحداث الرواية في شوارع واسعة وداخل بنايات شاهقة تربط بين دبى والشارقة،  ضفرت فيها الكاتبة بين تخصص الهندسة بمنظوره البحت والإبداع الصحفى وذلك عبر أبطال روايتها الأربعة، بداية من أمل الصحفية ومنال الإعلامية المرموقة إلى هالة وسميرة المهندستين الماهرتين فى مجال الإنشاء.
فى الرواية رسمت أمنية طلعت لوحة تجريدية بأربعة ألوان متداخلة متجانسة لمجتمع النساء العربى، وأوضحت كيف تؤثر وتتأثر المرأة فيه ومنه، حيث لفظت مصر ولبنان وسوريا بناتها فجمعتهن الظروف فى دبى بعد صراع مع طواحين الهواء، ملتفات متكاتفات تحت شعار "الوليات المتحدة" المكون من المصريتين أمل وسميرة، الأولى تتعامل بعنف تجاه المجتمع الذكورى مكبلة بصدمات خيانة زوجها وتعدد علاقاته النسائية مرورا بوالدها وجدها لأمها، وبالرغم من ذلك فهى مكتملة الأنوثة مكتفية بعشيق لها، لكنها عاقبته بعد اختفائه فكانت تمارس الحب بين الرجال دون تمييز، أما الثانية فتعانى من مرض شلل الأطفال لذا فهى امرأة غير مكتملة الأركان الجسدية، رغم تمتعها بمهارات فردية تجعلها مميزة دوما فى عملها، لذا كان اختيار الكاتبة لشخصية سميرة رسالة للمجتمع العقيم الذى ينظر للمرأة المعاقة بعين عوراء دائما، وكأنها سلعة تباع بثمن بخس فى سوق النساء، أما العنصر اللبنانى فى الرواية فيظهر برفاهيته المفرطة فى شخصية منال المذيعة المشهورة إبنة رجل الأعمال المرموق فى الإمارات، تسكن القصور وتركب سيارتها الليكزس، وتكتمل اللوحة باللون الأخير المتمثل فى "هالة" التى تضفى البهجة دائما بدفء الحب الكامن والإخلاص الممتد لحبيبها "أحمد" حتى آخر أنفاسها.
بدأت الكاتبة أول مشاهد الرواية بالحب معبرة عن علاقة "أمل" بـ"عادل" - ص 8 -  وتنهيها أيضا بالحب وإخلاص "هالة" لـ "أحمد" - ص 268 - فى نفس لحظة احتضارها وكأن الحب هو شريان الحياة والخلاص منها أيضا،  فالقارئ على مدى صفحات الرواية يكتشف الحب بعد الحب حتى مشهدها الأخير، الذى جعل منه الراوى، موت هالة يوم زفافها وهي تتنفس حبها الأول، وكذالك طيران سميرة فرحا بحبها وحلم عمرها ممدوح، الذى لم ير شللها ونظر بعين كاملة لاكتشاف جمالها.

أمنية طلعت فى روايتها (نسائى الجميلات) وصفت حال المغتربات "فى مجتمع لا يعرف الناس بعضهم بعضاً، كلهم عابرون بلا توقف ولا ملامح مميزة" - ص204 - يعانين من ترهلات اجتماعية قديمة وموروثات بالية فى بلادهن، بلغة حكى بسيطة وفى المجمل بليغة فى بساطتها، تقنعك بشخصياتها دون أن تحول الشخصيات إلى دمى، بل جعلتها حية تعيش وتتعايش مع القارىء، عنوانها خادع نوعا ما، لأن الرجال فيها شخصيات روائية لا تقل جاذبية عن النساء، وتدفق الحكى وفتنة السرد تجعلك تحب الشخصيات حتى غير المرغوب منها، لأنها جميعا تنبض بالحياة ولذلك تظل معهم حتى السطر الأخير، وربما تحن إلى إليهم يوما ما، الصفحات تنمو ممتلئة بالأحداث التي تدور حول نفسها فى شوارع دبى انطلاقا من شارع الشيخ زايد حتى شارع جمال عبد الناصر فى الشارقة.
غلاف الرواية
لفتنى أكثر ما لفتنى فى هذه الرواية غلافها الذى تتوسطه لوحة بائسة لرمز الجمال فى العالم، وكأن الغلاف مقصود متفق عليه  بين المصمم والمؤلفة على أن يكون العبث بلوحة الموناليزة المقدسة فى عيون الناس، بعد أن جردت من رداء الكتف ممسكة سيجارة مشتعلة بين أصابعها، تستشعر الغموض في وجهها فلا تعرف إذا كانت سعيدة أم تعيسة، هنا ظهرت رمزية الغلاف معبرا عن المرأة المكبوتة مسلوبة الإرادة المجبرة على عادات وتقاليد مجتمع تعلوه طبقة من العفن.
البناء الروائى فى نسائى الجميلات
اعتمدت أمنية طلعت فى روايتها أن تخاطب القارئ عبر لسان الراوى عبر تقنية جديدة وكأنها كسرت تابوهات استخدام الراوى العليم فى السرد مُخلقة منه "راوى نسبى المعرفة" يصيب القارئ بالريبة والشك فيما يقرأ أحيانا، فيتمسك بخيوط الرواية أكثر "وأنه والحمد لله تعالى يعمل فى وزارة الأوقاف وحاصل على شهادة من الأزهر، لا أذكر بالتحديد تخصصها" - ص221 - "فأنا لا أتذكر إن كانت أسابيع فقط هى التى مرت أم شهور" - ص. 220- ، وإن كان الرواى مستفزا فى بعض الأحيان:" فلم يجدن سوى البكاء لإعلان فرحتهن ببعضهن البعض لينتهى المشهد بعناق تكونه ثمانى أذرع".،  "ألا يوجد من يسأل أين كنت أنا؟ سأجيب حتى لو لم يهتم أحدكم بالسؤال! كنت أبحث عن الكرات الضائعة من اللاعبين بين الحفر فى ملعب الجولف!" - ص267

الحوار فى الرواية وإن كان مطولا إلا أن الكاتبة امتازت ببراعة أن تخرج ثقافة ثلاث دول عبر كلماتها العامية فى الحديث ببراح وكأنها خبيرة بعلم اللهجات، فأنت لا تتوقع أبدا أن الكاتبة مصرية حين تستمع مستمتعا لحوار منال اللبنانية مع هالة السورية، حتى وإن كانت اللهجة الشامية تجمعهم إلا أن المؤلفة استطاعت بسلاسة أن تظهر الاختلاف، وكذلك حوار أمل مع سميرة تشعرك بمصريتك وشعبية شوارع القاهرة، وأن فى قلب دبى حوارات واقعية رشيقة مكنت القارئ بالاستمتاع حتى آخر كلمات الرواية.

الرواية بدأت بضمير الراوى العليم وانتهت بلسان "أمل" متخذة أسلوب السيرة الذاتية على  الرغم من عدم استخدامه طيلة الأحداث حتى انتهاء الرواية فى ص ٢٨٧ بصيغة السيرة الذاتية "أنا أمل..." نعم ببساطة ووضوح دون الدخول فى مقدمات طويلة" .. وإن كان تعدد الأصوات هو المقصود من المؤلفة إلا أنه يتطلب قارئ متقد الذهن، حيث تغير ضمير الراوى العليم فجأة فى ص ،٢٨٥ وبالتحديد فى الفقرة الثانية ليصبح بصوت "نسائى الجميلات" - "داخل فندق حياة ريجنسى حجزنا غرفة بعددنا"، وفى الفقرة نفسها يتغير الضمير أيضا فجأة "لكننى أستطيع أن أقول لكم إن هناك خطوط حزن عتيقة لم تتمكن حتى تلك الفرحة أن تمحوها" ص. 285 ومن ثم فى الصفحة المقابلة تكملة صيغة الراوى العليم.

الاختصار ملحوظ فى النصف الثانى من الرواية بدأ فى الفصل الثانى ص ١٧١، على الرغم من تمتع القارى بالاستفاضة وتفاصيل التفاصيل فى الجزء الأول.إلا أن الاختصارات جعلت القارئ يتشبث بكل كلمة وكأنه يبحث عن التفاصيل ويتساءل لماذا لم تكتب المؤلفة مشهد عملية إجهاض أمل ومضاعفات العملية وتفاصيلها، كذلك وجود اسم ممدوح لشخصيتين مختلفتين داخل الرواية وإن لم توجد دلالة على ذالك.
ثقافة المجتمع فى دبي
جانب آخر من الرواية يكمن فى تبادل الثقافات فالرواية تجعل من  "الراوى" شاهدًا على عصرنا يطل عليه من ناطحات السحاب فى دبى،  بمبانيها ومقاهيها ومطاعمها التى كانت تتقابل فيها "منال وأمل"، وبين "سميرة وهالة" في مطعم "أبو شقرة" بأكلاته المصرية الصميمة الموجود بشارع المكتوم، متبادلين العزومة فى مطعم "عروس دمشق " بشارع المرقبات. كل ذلك بين شوارع المدينة الجميلة الساحرة التي تنتج ثقافات متعددة لم تطرق إليها أحداث الرواية، وكذلك مخبوزات "بول" وروائح الخبز الطازج ص241.. فالزمن والمكان مثلا جزأين مهمين من هذه الرحلة الجميلة.
الجانب الاجتماعى فى الرواية
تعدد الشخصيات فى الرواية يجعلنا نعتقد أن أمنية طلعت لم تكتب رواية عن أربعة نساء فقط، بل أنها مدحت الرجل أيضا "وكيف أن الحياة لا تستقيم من دون رجل.. (رجل نعشقه .. رجل لقاؤه صلاة فى قدس الأقداس)" ص. 44، فالرواية مليئة بالشخصيات التى تتنفس وتعيش وتغضب وتغنى وتحب وتكره وتفكر وتكتئب وتفكر فى الانتحار وتتفاءل وتحمل وتجهض وترقص وتطبخ وتشرب الفودكا وتخلع الحجاب وتخون وتخلص وتعشق وتسافر وتذهب وتجىء وتنزوى وتغترب وتحلم وتتحسر وتنزف وتمارس الجنس وتسمع قرآن وتصلى وتموت.. عاشت الرواية حياة جميلة لشخصيات  تشابهت فى أشياء واختلفت فى أشياء أخرى، لكنها جميعا اتفقت والتفت حول الحب، وربما جاءت فكرة (النساء الأربعة) بحثا عن توازن ضائع فى المجتمع، وذلك لتمنحنا فكرة التعدد الفكرى والتنوع والتقبل فى مجتمع يعج بجنسيات متعددة كما أن التعدد يعطى مسافة للتشابه الجميل والمختلف فى الوقت نفسه، فهناك تشابه بين "هالة" السورية الدرزية و"سميرة" المصرية مشلولة القدم قوية الإرادة المهندسة البارعة، وهناك توافق أيضا بين كل من "منال" الإعلامية اللبنانية و "أمل" الصحفية المصرية هذا التشابه يوجد فى التسامح وتقبل الآخر ولكن لكل منهما دوافعه ومعطياته المختلفة التى نتجت من الأفكار التى عايشاها على المستوى الزمنى، وعلى هذا فقد صنع التوافق والاندماج والاختلاط الأنثوى مساحة من العمق فى الشخصيات لإتاحة الفرصة لتأمل النهايات مع اختفاء الآلام وتحقيق الأحلام بما يعكس صورة لتاريخ المرأة الاجتماعى.
إنسانية الرواية
أما الجانب الإنسانى فى الرواية فيكمن فى البحث عن الحب والإخلاص والتخلص من ترهلات المجتمع الذى يفتك بالمرأة ولا يترك لها متنفسًا، فـ"سميرة" كانت مستعدة للزواج بأى رجل حتى وإن كان عن طريق الانترنت لكى يرضى عنها المجتمع  و"أمل" ممتلئة بالكراهية  تجاه الرجال لأن الحب لم يتسلل إليها إلا عبر عشيقها "عادل" أما خيانات زوجها لها ووالدها لأمها فخلقت بغضها للرجال.. كذلك نجد الحاجة والعوز حتى وإن كان للرقص.. الثراء الفاحش الذى تعيش وتتمتع به "منال"، التدين الشكلى لــ "سميرة" بداية من إعجابها بصوت الشيخ وإسدالها الطويل وسجادة الصلاة التى تدارى بها سوءاتها المتمثلة فى يدها العوجاء منتهيا الأمر بخلعها للحجاب وسهراتها فى صالات الديسكو فرحا ورقصا بين يدى ممدوح الذى يطوق خصرها مكتشفا أنوثتها متغاضيا عن سوءاتها..  والعلاقة القوية بين الشخصيات رسمت وطن الرواية وجعلته حيًا ينبض بقلوب أهله. مراهنةً على الحب فى زمن الاغتراب لتخلق منه "موهبة".. وإذا كان الراوى عليما نسبيا أو مستفزا فى بعض الأحيان إلا أن تفوق الموهبة الروائية للكاتبة جعلتنى أعشق "هالة" وأحب "سميرة" وأتعاطف مع "أمل" وأعجب بـ "منال".. وفى الوقت نفسه أتوارى بعيدا إن شاهدت "رمزى" يعبر الطريق متدحرجا بكرشه المستدير أو ألمح "عادل" يظهر بعد اختفائه المتقطع.. وربما أتتبع نبضات قلب "أحمد" وهو يستمع لأغنيات شيرين محتضنا أصابع "هالة" النائمة فى يده.
الأغانى والموسيقى
تتفق أجيال الرواية فى الرؤى الثقافية ولكنها تختلف فى الذائقه الفنية، ومن بين تبدل الهموم وتطور الإيقاع فى أحداث الرواية فكان سماع الأغانى عامل مشترك بين أبطال الرواية، بينما استخدمت المؤلفة الأغنيات فى الرواية لكى تعرض للقارئ التغير الزمنى فى الأحداث بطريقة سهلة وبسيطة وبأسلوب مختلف مواكب للعصر، ومدى العلاقات الاجتماعية الطيبة بين شخصيات الرواية، فلا اختلاف يستحق الذكر بين ذائقة أى منهم بداية من "أمل" التى تعشق فيروز، عند سماعها تضخ الأوردة بنبض حبيبها حتى تصل إلى القلب وإن ذرفت العين دمعا" وضغطت بحركة انسيابية على زر تشغيل الراديو، فانساب صوت فيروز.. صباح ومسا شى ما بيتنسى أخذت الحب وتركت الأسى بس إنت إنت وبس " لم تستطع أن تتحكم فى الدموع التى سالت مغافلة إياها" ص.8

لا يملك القارىء لرواية أمنية طلعت إلا أن يتوقع مستمتعا بالموقع الذى تحتله الأغنية وكأنه وسيلة اتصال بين العشيقين، هالة السورية التى تربت على صوت فريد وفيروز "انسالت داخل أذنيها كلمات، لم تكن تتخيل أن يكتبها أحد ليعبر عن حالها وحدها دون باقى بنات الأرض.. أو هكذا كانت تعتقد! حبيته بينى وبين نفسى وماقولتلوش عـ اللى فى نفسى ماعرفش إيه بيحصللي لما بشوف عنيه" هكذا قالت شيرين فى ص 143.
وفى ديرة سيتى سنتر، وجهت هالة المسير نحو "فيرجن ميجا ستور" ومنه إلى الرف الذى يحمل الألبومات العربية الحديثة. أشرق وجهها عندما وقع ناظرها على ألبوم شيرين الجديد، وسحبت منه نسختين" 146 "ظلت هالة ساهمة فى صمت، لكنها وبيأس حقيقى أخرجت نسخته من ألبوم شيرين  طالبة من "أحمد" أن يستمع إلى أغنية "على بالى" لأنها تحكى قصتها هى شخصيا" ص148
على الرغم من أن الغناء العربى خارج المنافسة فيما بينهن، إلا أن رابطة الوليات الأربعة تستمع للفرق الموسيقية الأوروبية ذائعة الصيت ومطربيها المميزين، "كم فات من الوقت دون أن نرى وجهنا الجميل؟! فى نفس اللحظة تضامنت أفريل لافين معهن وبدأت تصدح بأغنياتها: I am beautiful  " - ص233 - ، أما فى مطعم ومقهى شكسبير فى شارع الشيخ زايد مرت سحابة مدندنة بأغنية إيتا جيمس I've been loving you too long to stop now " ص 245-
وهنا نلاحظ أن الكاتبة قدمت في روايتها متعددة الأبعاد شهادة بالغة الأهمية فنيا وموضوعيا، عن تفاعلات جيل يتنفس بالحب حتى وإن كانت الأغانى وسيلة.
دبى بين عبقرية المكان وحداثة الزمن
أماكن مختلفة مثل الرولة فى الشارقة بزخمها والجميرا فى دبى بهدوئها وخبايها وأسرارها وسحرها...الأحداث تدور فى شوارع المدينة الساحرة التى اختصتها المؤلفة بإهداء الرواية إليها، فيها عاشت وتعايشت الأبطال حتى الراوى نفسه والروائى أيضا فى شوارع وطرقات ومبان شاهقة وفنادق معروفة، ومحال لبيع الماركات العالمية تفوع منها عبقرية المكان "اتجهت هالة نحو "فيستيفال سنتر" ثم دلفت إلى "إيكيا"  لتشترى منه شموعا ثم خرجت منه متوجة إلى "دبنهامز" لتشترى منه فستان سهرة أسود ص 165.
تناولت المؤلفة دبى كأرض خصبة ترعرعت عليها نماء الأحداث، فيها استطاعت أمنية طلعت استخدام الدوافع الفنية والنفسية لتناول دبى كمكان روائى عبقرى مغموس باستحداث التجربة العمرانية والسياحية والإلكترونية لدفع حركة مفاصل الحياة، تدور الأحداث بين ترقب حياة أربعة نساء يمثلن ثلاث جنسيات من بين ٢٠٠ جنسية عربية وأجنبية، لتثبت لنا المؤلفة أن دبي فضاء روائى يصلح لخلق عبقرية المكان وفق معطيات السرد ومرادفات الحوار، فالمؤلفة وإن كانت ملمة بشوارع المدينة إلا أنها لم تكتب إلا بعد تعايشها فى المجتمع الإماراتى بمدة امتدت لعشرة سنوات، فيه اتخذت أمنية طلعت دبى مكانا سرديا واسع المعالم، كثير الخصوصية لمدينة جميلة امتلكت كل المحفزات السردية ومن أمثلة الأمكنة الرئيسية المتجسدة فى المدينة والتي ذكرت فى الرواية بكثرة، شارع الشيخ زايد لكونه أهم شوارع المدينة وشريان الحياة الذى يصل دبى بأبو ظبى، وبالرغم من كونه إكسير حياه لما يحتضنه من مؤسسات وأبراج مهمة إلا أنه بمثابة الأنف لمدينة السحر والجمال، حيث تنقسم دبى إلى قسمين متشابهين مرورا بـ ديره سيتى سنتر، وكذلك شارع المكتوم  الى أن نخرج من فوهة الزجاجة عبر شارع بورسعيد حتى نسلك طريق الشارقة عبر شارع الوحدة منتهيا بشارع جمال عبد الناصر ومنها الى منطقة الرولة حيث مقر بيت أحد ابطال الرواية.
وكأنها خريطة نسائى الجميلات اليومية من العمل حتى السكن  المعروفة برحلة "الوليات المتحدة "فكلهن يسكن الشارقة حيث ملائمة سعر إيجار السكن إلا واحدة فمنال تسكن القصور بمنطقة جميرا فى دبى، فإن صح القول بأن الرواية سيتسع مجال انتشارها إلى الوطن العربى، وستتخطى مرحلة المحلية، لكونها وليدة فى مجتمع يعج بالتطور الدائم ممزوجة أحداثها بالصدق الفنى للروائية التي نسجت أبطال روايتها من واقع المجتمع الذى عاشته بنفسها، ورغبته فى التأثير على المجتمع دفعتها إلى الإصرار على كتابة الرواية التى تأخذ القارئ إلى عالم مشوق وتمرير الأفكار فى قالب مختلف ومثير يستطيع أن يسيطر على عقله من خلال كلماتها عبر لغتها الحوارية التى تعكس الضوء على المكان وكأنه انكسار ظل عبر النبرات.
الخاتمة
تركز أمنية طلعت فى روايتها على إبراز دور المرأة فى المجتمع العربى وتطالبها بالدفاع عن حقوقها ولا يقتصر دورها فى الرواية على إبراز الجانب الإيجابى فقط بل تشير بوضوح إلى الجانب السلبى أو الجهل أو التمسك بالعادات والتقاليد حتى إن كان لها تأثير نفسى "تعيشى عمرك كله على الحسنات.. حسنة من جوزك وحسنة من ولادك وحسنة من أخواتك .. كل دا وانتى عاملة لى فيها صابرة ومكافحة لكن الحقيقة أنك مازوشية ومنسحقة  اتولدتى واتربيتى على أنك تكونى عبدة للجميع" هكذا كانت تحاور أمها ص ٢٧٥
ممكن أن نصف الرواية بأنها "رواية بطعم الحب" وحديقة مليئة بالمتعة وتقنيات الفن والإبداع والسرد ووصف الشخصيات، لأنها تناقش مشاكل اجتماعية حية للمرأة من واقع المجتمع العربى وأخيرا أستطيع القول إننى عشقت هالة من بين الأحداث "لم يكن فراق هالة سهلا.. حتى الآن لم أتجاوز الأمر"



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق