الأربعاء، 31 مارس 2010

أندرو وماريو ...قصة ظلم مصرية

لن أتحدث عن إسلام أو مسيحية....لن أناقش أي الدينين أحق بأن يتبع ... فكل هذه الأمور بعيدة تماما عن قضية أندرو وماريو.هذان الطفلان وبكل بساطة من حقهما علينا جميعا مثل كل طفل مصري أن ينشآ في بيئة هادئة بعيدة عن المشاحنات والصراع، من حقهما علينا جميعا أن نوفر لهما فرصة البقاء في حضن والدتهما، تماما مثلما يقر القانون المصري نفسه بأن يبقى الطفل في حضانة أمه حتى الخامسة عشر من عمره، من حقهما علينا جميعا أن لا نزرع الشك في قلبيهما الصغيرين نحو اعتقاد ولدا وتربيا عليه.
من حق والدهما البالغ العاقل أن يقرر ما يشاء بشأن عقيدته، ومن حقه أن ينشئ أسرة جديدة على الاعتقاد الذي انتمى إليه، لكنه ليس من حقه أبداً أن يزرع الفتنة في قلب بيته الذي هجره بإرادته وأعلن رفضه له. ما الذنب الذي اقترفته الأم كاميليا كي تعيش تلك المحنة التي فرضها زوجها السابق عليها وعلى طفليها؟ لم نقرأ أبدا في أي صحيفة من الصحف أن كاميليا هاجمت حق الزوج في تبديل دينه، لم نقرأ أنها أساءت إلى دينه الجديد الذي اختاره، بعكسه هو الذي ذكر ضمن حيثيات دعوته لضم الطفلين إليه أنه يخاف عليهما من معاقرة الخمر وأكل لحم الخنزير والتردد على الكنائس وكأن الكنائس بيوتا لممارسة الرزيلة!..وللأسف الشديد بدلاً من أن نقف أمام الأب ونلومه على إساءته إلى دين 10% من المواطنين المصريين نقدم له الأطفال على طبق من فضة وبحكم محكمة.
لا أدري على أي أساس حكم القاضي للوالد بحضانة الأطفال؟ ما هو النص القانوني الذي استند إليه؟ مبدأيا الحضانة للأم ومسألة أن الأبناء يتبعون دين أبيهم، فهما بالفعل يتبعان دين أبيهما، فعندما ولدا كان الأب مسيحيا وبالتالي أصبحا مسيحيين مثله، كون الأب قد قرر لنفسه أمرا آخر، فهذا لا يلزم سواه، خاصة أننا لا نتحدث هنا عن طفلين رضيعين لا يدركان شيئاً، فأندرو وماريو بلغا من العمر إحدى عشر عاماً، يعلمان جيداً ما هو الدين الذي يتبعاه..ينتميان إليه بقلبيهما وإن كان من حقهما يوما أن يغيرا هذا الدين، فبالتأكيد لن يكون الآن، فلماذا لم يفكر القاضي بأن يعطي للطفلين الحق في تقرير مصيرهما مثل والدهما تماماً؟ وما رأي القاضي في أن الطفلين يرغبان في أن يبقيا مسيحيين؟ هل الدين بالإكراه؟ ومن سنكره؟ طفلان! ؟ وما هو موقف القاضي لو عكسنا الآية وكان الأب مسلماً ورغب في التحول إلى المسيحية ورغب في أن يجر أبنائه معه للدين الذي تحول إليه؟ ..آه نسيت فبلادنا لم تعبد سوى طريق واحد باتجاه الاسلام ومن لا يرغب في الاسلام فمصيره إما الهجرة خارج مصر أو العيش في الخفاء مثل محمد حجازي....هذه هي الديموقراطية وهذه هي العدالة والمساواة بين المواطنين!
أنا أم ولا أرضى أبداً أن أواجه مصير كاميليا..وأنا مسلمة وأرفض أن ينضم إلى ديني طفلين مكرهين على الدخول في الدين ...ما الذي سيحققه الاسلام بدخول أندرو وماريو إليه؟ ما الذي سنستفيده نحن المسلمون بانتماء أشخاص إلى ديننا كرهاً بحكم محكمة؟ ...إنه بلاء ومصيبة على الدين ...فمن يدرينا ما الذي يمكن أن يفعلاه هذين الطفلين عندما يكبرا؟ ولماذا لم نفكر بأنهما سيغادران مصر في أول فرصة تسنح إليهما ويعودا إلى المسيحية مرة أخرى في الخارج؟...هل ستلاحقوهما أيضاً أم سيسافر الأب وراءهما حتى يطمأن أنهما لا يشربان الخمر ولا يأكلان لحم الخنزير ولا يترددان على الكنائس؟!
أيها العقلاء أدعوكم جميعاً للتضامن من أجل إطلاق هذين الطفلين في سماء الحرية؟ ويا مسلمو مصر ساعدوا أندروا وماريو حتى لا يكرهوا ديننا ويكرهونا؟ ويا رجال الدين الاسلامي حققوا عدالة الاسلام وقول الله بأنه لا إكراه في الدين؟ ويا قضاة مصر ...قليل من العدل البعيد عن التعصب والمغالاة من فضلكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق