الجمعة، 31 مايو 2019

كحك وبسكوت من غير مشاكل صحية في عيد الفطر







الفكرة السائدة عن الذين يتبعون نظاماً غذائياً في حياتهم، أنهم لا يستمتعون بالطعام والحلويات الخاصة بالمناسبات والأعياد، وهذا غير حقيقي بالمرة، فمن يعيش حياة صحية لا يعيش محروماً من متعة الطعام والحلويات، وسوف أثبت لكم ذلك اليوم مع وصفات صحية للكحك والبسكوت الذي يتميز بهما عيد الفطر وكذلك تارت المربى .
وكل سنة وأنتم طيبين


كحك العيد الصحي
كحك العيد بطريقته العادية ثقيل جداً على المعدة، وغالباً ما يخرج الأطباء في القنوات التلفزيونية لحيذرونا من تناوله بكميات كبيرة، فما رأيكم لو قدمت لكم وضفة صحية للكحك يمكنكم معها تناول الكميات التي ترغبون بها دون خوف من مشاكل الهضم أو السمنة؟
حضري كوبين من الدقيق الأسمر ونصف كوب شوفان وربع كوب لبن جوز هند ونصف كوب زيت نخيل وماء ورد وكيس خميرة فورية.
أضيفي الشوفان إلى الدقيق في وعاء عميق، ثم ذوبي الخميرة الفورية في لبن جوز الهند مع ملعقتين من ماء الورد. بعد ذلك أضيفي الزيت إلى الدقيق والشوفان وقومي بفرك الخليط بالزيت حتى يمتزج تماماً، ثم ابدأي بإضافة لبن جوز الهند مع الخميرة والماء ورد تدريجياً وحسب حاجة العجين إلى أن يمتزج تماماً به وتتكون لديكِ عجينة متماسكة لا تعلق بين أصابعك.
اتركي العجين جانباً لمدة ساعة على الأقل حتى تختمر، ثم ابدأي في تجهيز الحشوة.
قومي بغلي حوالي 15 تمرة مجففة في قليل من الماء ثم اتركيه ليهدأ، وأثناء ذلك اطحني خليط من المكسرات في مطحنة الخلاط وامزجيهم مع البلح والسمسم في الـ food processor.
بعد اختمار العجين، ابدأي في تقطيع العجين قطعاً مدورة حسب الحجم الذي ترغبين فيه للكحكة الواحدة، وقومي بتجويفها ثم ضعي جزء من الحشوة واغلقي عليها ودوري العجينة ثم ابدأي في نقرشتها بالشوكة ... واستمري بنفس الأداء مع الرص في صينية مدهونة بالزيت ثم ضعيها في الفرن لمدة خمس دقائق.
إذا رغبتي في رش السكر الناعم على سطح الكحك فلا مانع ولكن من الأفضل تناوله هكذا دون سكر.


بسكوت العيد الصحي
بالطبع هذه الوصفة لا علاقة لها ببسكوت العيد الشهير، لكنها ستقدم لك بسكوت في النهاية وتحديداً بسكوت شيكولاتة! ... نعم بسكوت الشيكولاتة ولكن مع إضافة كلمة صحي.
حضري كوب من الدقيق الأسمر ونصف كوب شوفان واخلطيهما في وعاء عميق مع ملعقة من البيكنج باودر وربع كوب سكر بني وملعقتان من الكاكاو الخام.
جانباً قومي برب بيضة مع ملعقة صغيرة ماء ورد وجهزي حوالي ثلاث ملاعق زيت نخيل أو زيت جوز هند، وربع كوب لبن جوز هند، وقومي بتسييح مكعبين من الشيكولاتة الخام "بدون لبن وسكر".
أضيفي الزيت على خليط الدقيق والسكر والكاكاو الخام والشوفان والسكر، وحاولي مزجها تماماً. بعد ذلك أضيفي البيضة المربوبة مع ماء الورد وامزجيها أيضاً بالخليط. ثم أضيفي القليل من لبن جوز الهند تدريجياً وليس شرطاً استخدام الكمية المذكورة كاملةً، فقط ما يحتاجه الخليط حتى تتشكل لديك عجينة متماسكة وليست طرية تماماً. في النهاية ضعي الشيكولاتة الخام السايحة على العجين وحاولي مزجها بالعجين كله حتى يتشربها تماماً.
على ورقة فويل ابرمي العجين في شكل اسطواني وغلفيه بالفويل ثم ضعيه في الثلاجة لمدة ساعة. عندما تخرجي العجين من الثلاجة أزيلي عنه الفويل وقطعيه بسكين ثم رصيه في صينية وأدخليه الفرن لمدة خمس دقائق فقط.


تارت المربى الصحي
حتى تُثري مائدة حلوياتك للعيد، سأقدم لك طريقة سهلة وصحية لتارت المربى، وأتمنى استخدام مربى الريجيم المتوفرة في الأسواق. أنا شخصياً استخدمت مربى مصنوعة منزلياً بطريقة صحية بقليل من السكر (سوف أقدم لكم موضوعاً كاملاً عن كيفية صناعة المربات الصحية في المنزل لاحقاً).
المقادير عبارة عن كوبين من الدقيق الأسمر وربع كوب سكر بني ونصف كوب زيت جوز هند أو نخيل وملعقتين من البيكنج باودر، مع بيضتين مربوبين في ملعقة ماء ورد وربع كوب لبن جوز هند.
اخلطي الدقيق بالبيكنج باودر والسكر، ثم أضيفي البيض بماء الورد وامزجيهما جيداً، ثم الزيت مع المزيج جيداً أيضاً، ثم نبدأ في إضافة لبن جوز الهند تدريجياً وحسب حاجة العجين، وكما ذكرت سابقاً ليس شرطاً استخدام كمية اللبن المذكورة كاملة، فقط حتى تحصلي على عجين طري ومتماسك ويخلص تماماً من يدك.
افردي العجين داخل صينية مدورة ( احتفظي بجزء صغير من العجين جانباً) بحيث تصنعي ما يشبه صينية من العجين داخل الصينية، ولكن احرصي على ألا تكون سميكة ولا رقيقة ولكن اجعليها تُشكل طبقة متوسطة داخل الصينية.
ضعي المربى ( استخدمت مربى مشمش حيث يتوفر المشمش في الأسواق الآن) داخل صينية العجين ثم ساوي حواف العجين على جوانب الصينية، وبجزء العجين الذي احتفظتي به، قومي ببرم قطع من العجين وشكلي بها شبكة أو شعاع شمس مثل الذي قمت بتشكيله أنا كما ترين في الصور، وبعد أن تنتهي ضعي الصينية في فرن متوسط الحرارة واتركي التارت لمدة أقصاها 15 دقيقة مع المتابعة حتى لا يحترق.
وعيد سعيد على الجميع مع حلويات عيد من غير مشاكل.
وانتظروا المزيد من الحلوى الأسبوع القادم لنكمل أسبوع الأعياد في فرح وسعادة.


الأربعاء، 15 مايو 2019

المكان يلعب البطولة في عرض"الرجال لهم رؤوس" بعلبة ألوان





دائما ما تراودنا الأحلام بتحويل كل فضاء متاح إلى ساحة فنية، نقدم عليها كل أنواع الفنون، لنصل إلى كل الناس في كل مكان، فنخلق البديل للأفكار الظلامية والهدامة، بالأدب والفن، وهذا هو ما شعرت به في "علبة ألوان" بالزمالك، المركز الثقافي الخاص الذي قرر أن يضيف العروض المسرحية إلى أنشطته الثقافية والفنية المتنوعة، فكان "الرجال لهم رؤوس" هو باكورة عروضهم المسرحية، ما يجعلها انطلاقة قوية في هذا العالم، ساعدهم عليها بلا شك الدكتور علاء قوقة، الذي يلعب بطولة هذه المسرحية المنتجة من قبل المعهد العالي للفنون المسرحية والذي يعد أباً روحياً لها، حيث سافر بها في الفترة القريبة الماضية إلى الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية مع الفنانة الشابة إيناس المصري ومهندس الديكور والمخرج محمود فؤاد صدقي محققين نجاحاً كبيراً، وهو ما يحسب له في دعم انتشار فن المسرح خارج أطره التقليدية المتعارف عليها.
ربما يلعب المكان هذه المرة دوراً ملحوظاً في تقديم مسرحية "الرجال لهم رؤوس" من تأليف الكاتب الكبير محمود دياب، حيث استطاع محمود فؤاد صدقي أن يستغل القاعة التي هي في الأصل صالة كبيرة داخل قصر من القصور التاريخية التي تشتهر بها منطقة الزمالك، مستخدماً قطع الأساس الموجودة في المكان بتكوين  صالة منزلية داخل حيز في آخر القاعة لتدور داخله الأحداث مع تعليق وحدة إضاءة في السقف إضافة إلى استغلاله لمصابيح الإضاءة العادية داخل الصالة، وهو ما لفت انتباهي بشدة طوال العرض، فلقد جلس صدقي على كرسي مرتفع القوائم، بجوار أزرار الإضاءة المثبتة في الحائط، ليلعب بالإضاءة وفقاً للأحداث باحترافية محسوبة أدت الغرض منها، فلم نشعر بأن خروجنا بعيداً عن خشبة المسرح التقليدية أثر سلباً على العرض، ولم لا؟ فمحمود يعشق تحطيم الحوائط الإيطالية ويفضل الغوص دائماً مع المشاهدين في عالم يشبه الواقع، متحدياً نفسه ومتجاسراً في المواجهة.
مقاعد الجمهور أيضاً أخذت شكلاً حداثياً أقرب إلى الطبيعي، فلقد جلس بعضنا على مقاعد خشبية والبعض الآخر جلسة على وسائد موزعة على الأرض أمام فضاء الأحداث، لا يفصل بيننا وبين بطلي العرض سوى خطوات قليلة ما جعلنا نتأثر بالأحداث ونتفاعل معها أكثر، ونحن نرى قطرات العرق التي تنساب على وجهيهما، بينما تصل أنفاسهما إلى مسامعنا ونشعر بكل خلجة من خلجات أدائهما النابض على جلودنا، وهو ما أضفى على المسرحية روحاً واقعية جعلتنا نشعر وكأننا نشاهد عرضاً حياً داخل دفئ المنزل.
قُدمت مسرحية "الرجال لهم رؤوس" كثيراً من قبل، سواء داخل مصر أو في مختلف البلاد العربية، ومازالت تُقدم برؤى إخراجية متنوعة، ولكن هذه النسخة التي يلعب بطولتها الفنان الدكتور علاء قوقة تتميز ببساطتها وقدرتها على الاقتراب من المشاهد، فلقد فكك قوقة شخصية الزوج ليخرجه من إطاره المحدد في الرجل ضعيف الشخصية الذي ينسحب بإرادته من كل المعارك رغم إدراكه التام لكافة أبعادها وخفياها، ويجبر المشاهد على التعاطف معه أو الاقتناع بوجهة نظره الانسحابية، فرغم أن محمود دياب يسقط شخص الجثة على الزوج ليجعلهما واحد، إلا أن قوقة ينجح في اللعب بالشخصية لتكون محببة لدى المتلقي، وبدلا من أن يسخر منها أو يتخذ موقفاً مضاداً لها، يتبنى قضيتها.
أما إيناس المصري التي لعبت دور الزوجة، فقد استطاعت أن تجسد باحتراف شخصية الزوجة العصابية التي فقدت صبرها مع زوجها المتخاذل دوماً، والذي يجد طوال الوقت أسباباً للانسحاب، لتشتعل جدلية الرجولة في مواجهة الإنسانية، وهل الرجل الحقيقي هو من تنعدم لديه الإنسانية ليكون مجرد مخلوق فظ يتعامل بدم بارد مع كل شئ بشع وقبيح؟
جدال ممتد بين الزوج والزوجة "قوقة والمصري" فيما يشبه المباراة الكلامية حتى يأتي الطرد الذي يحمل الجثة منزوعة الرأس، وهنا يصل الصراع بين الاثنين إلى ذروته في محاولة الوصول لصاحب الجثة وكيف يمكنهما التخلص منها، وهنا تنشأ فكرة علاقة الرأس بالرجل، فهل تكمن قوة الرجل في جسده الثقيل؟ أم أن قوته في رأسه؟ هذا الرأس الضائع الذي يأتي متأخراً بعد محاولات ساذجة من قبل الزوج للتخلص من الجثة أو إخفائها بطرق كوميدية تشعل غيظ زوجته، التي فاض كيلها من انهزاميته المستمرة.
رأس الجثة هي نفسها رأس الزوج، ولذلك عندما تستعيد الجثة رأسها يخرج الزوج ليبلغ الشرطة بعد أن قرر أخيراً أن يتخذ موقفاً شجاعاً واحداً في حياته، لكن الزوجة تعلن بعد خروجه أن بيتها الآن لم يعد يحتوي على جثث، وهنا يأتي السؤال: من الذين لهم رؤوس؟ الرجال أم النساء؟
نص مسرحي مثير للجدل بلا شك، فهو يترك المشاهد حائراً بين أصابع اتهام موجهة للزوجة وكأنها هي التي وقفت وراء كل ذلك للتخلص من زوجها الخانع أو المسالم، وبين الشعور بالفرح، لأنها تمكنت أخيراً من إقناع زوجها بأن يكون شجاعاً ويتخذ موقفاً إيجابياً لأول مرة في حياته.
نص حيوي متجدد أضفى عليه المكان هذه المرة دفئاً قربه من نفس المشاهدين، ما يجعلنا نتمنى أن يجد المسرح مكاناً في كل المساحات من حولنا، فهذه التجربة فتحت باباً يمكن للمسرح فيه أن يصل إلى الجميع دون حمل عبئ التفكير في ميزانية تأسيس مسرح، فنحن لا نحتاج إلى خشبة تقليدية أو ديكور مصنع خصيصاً للنص كي نشاهد مسرحاً، فقط علينا فتح كل المنافذ المتاحة لاستقبال العروض. 
المقال نشر في جريدة القاهرة بتاريخ 14 مايو 2019

الاثنين، 13 مايو 2019

"يعيش أهل بلدي" مسرحية كوميدية سياسية تناقش الحالة المصرية دون خطابة





في إطار كوميدي، يقدم المؤلف محمد بغدادي تشريحاً سياسياً مشوقاً للحالة المصرية، ودون أن يسقط في هوة الجدل أو النقاشات المطولة، وربما استطاع أن يخرج عن دائرة الخطابات المباشرة الفجة وإن لم تغب تماماً عن مسرحية "يعيش أهل بلدي".  
يناقش بغدادي قضية العصر بالنسبة لمجتمعاتنا العربية والمصرية بشكل خاص، حيث يغيب الصوت الحقيقي للشعب وسط ضجيج المنتفعين والمؤدلجين سياسياً والمتطرفين دينياً والمحتكرين للأسواق وغيرهم ممن يتصدرون الصورة دائماً، فيشوشون على رؤية الحاكم أو يستدرجونه إلى مناطق منافعهم خوفاً من فقد كرسي الحكم أو طمعاً فيه دون أدنى رغبة أو فعل حقيقي يصب في مصلحة الوطن وأهله من الأغلبية الشعبية والمعروفة سياسياً بطبقة المهمشين، هؤلاء الذي تُقطع ألسنتهم كي لا تظهر الحقيقة وتُشل أيديهم عن الإصلاح، فيبقى الحال ثابتاً للأبد ويظل المحتكرون للبلد رابضين على أنفاسه مهما طال الزمن، فهم لا يموتون أبداً مثلماً أوضح بغدادي بذكاء شديد في الدراما التي قدمها.

يستخدم المؤلف قصيدة "يعيش أهل بلدي" لأحمد فؤاد نجم والتي لحنها وغناها الشيخ إمام عيسى كإطار لرؤيته السياسية في المسرحية، حيث الحاكم الجديد يصر على أن يشكل مجلساً وطنياً من ممثلي طوائف الشعب المختلفة مستعيناً بمساعده الذي ورثه من تركة الحاكم السابق، لكنه لا يقابل سوى المنتفعين وأصحاب المصالح على اختلاف توجهاتهم وأشكالهم، وهنا نجد التفصيل لأبيات القصيدة، حيث المثقفين أصحاب الكلمات الرنانة والخطابات المفوهة والتي لا علاقة لها بحقيقة الشارع وآماله وطموحاته، ورجال الأعمال الذين لا يحملون أي رؤية اقتصادية وطنية، لكنهم مع ذلك يتحكمون في كل موارد البلد ويستخدمونها لتحقيق مكاسب كبيرة وسريعة تعود بالنفع عليهم وحدهم. يقابل أيضاً "ولاد الرايقة" أو تلك الطبقة التي يمكن وصفها بالعاطلين بالوراثة، والذين لا ينتمون فعلياً إلى البلد ولا يعرفون عنها شيئاً ليستمتعوا بحياتهم دون أدنى اهتمام بأي شئ يدور حولهم، وكذلك هوامير الروتين الذين يتحكمون في البرلمان والقوانين فيقتلون أي فرصة للتغيير، ثم طائفة المتشددين دينيا الذين يهدمون فكرة الوطن من أساسها.


تظل صورة الحاكم المعلقة في مكتبه وغرفة الاجتماعات تتناقص تدريجياً بعد مقابلة كل طائفة شعبية مزيفة، ليظل وحده في الصورة مع الشعب الحقيقي الذي يتصدر المشهد خلفه مع هؤلاء المثقفين الشعبيين إن صح التعبير، الذين يعرفون جيداً آلام وطنهم ويمتلكون العلاج الصحيح، لكنهم دائماً ما كان يتم استبعادهم من الصورة.


ملحمة وطنية صيغت برهافة حس عالية ووضعت في إطار كوميدي بعيد عن المغالاة والإفيهات المزعجة، استطاع المخرج عاصم نجاتي أن يؤولها إخراجياً باحتراف ودون أن ينحو بها إلى أي شكل غرائبي لاستعراض العضلات، فلقد سمح لنا بمشاهدة مسرحية ذكرتنا بالمسرحيات الخالدة التي تحمل الكلمة والمتعة البصرية، فلقد استعان بالمسرح الدوار مقسماً إياه إلى ثلاثة أقسام، قسم يمثل غرفة المكتب وقسم لغرفة الاجتماعات وغرفة لكرسي الحكم الذي يبدأ به أحداث المسرحية، وبالتالي يتم الانتقال بين مشاهد المسرحية في سلاسة ودون استخدام "الإظلام" كثيراً لتغيير قطع الديكور أو دخول وخروج الممثلين.


كان اختيار نجاتي لمجموعة الممثلين بالمسرحية موفقاً جداً، فلقد تألق النجم أحمد سلامة في تأدية دور الحاكم، ما يشكل إضافة كبيرة لرصيده الفني، حيث الثبات في الحركة وصياغة الأداء باحترافية بعيداً عن الاستسهال في نسخ الشخصية من أعمال كثيرة سابقة قدمت أبعاداً مشابهة لشكل الحاكم، حيث يمزج في أدائه بين وقار شخصية الرئيس وبين شعبويته، فهو يملك مواصفات الحكمة والذكاء ولكنه لا يعدم بساطته التي تنبع من انتمائه لوطنه.


أما النجمة انتصار فقد أبدعت في دورها المتعدد الوجوه الذي لعبته، وأعادت به تأكيد حرفيتها كفنانة مسرحية أصيلة، قادرة على مواجهة الجمهور والتفاعل معه، كما أن مسرحية "يعيش أهل بلدي" قدمت لها الفرصة لتلعب بوجوهها الأدائية كيفما شاءت، فهي مدعية الثقافة وهي سيدة الأعمال الجشعة وهي المتشددة دينيا وهي موظفة الحكومة الروتينية المنتفعة والفتاة العابثة المدللة وهي الاقتصادية المتلاعبة. وجوه متعددة نحتتها انتصار بدقة وبذلت معها مجهوداً كبيراً يستحق الثناء، فلقد كانت تغير الشخصيات بملابسها واكسسواراتها في وقت قليل جداً دون أن يبدو عليها أي تشتت ما يؤكد قدراتها الأدائية كممثلة لم تركن إلى ما حققته من نجومية وتتطلع إلى المزيد.
أما الفنان محمد رضوان الذي لعب دور مساعد الحاكم، فنستطيع أن نلقبه بفاكهة المسرحية، فهو يمتلك قدرات كوميدية شديدة الشفافية وبعيدة تماماً عن أي ابتذال في محاولة لاستدراج الضحك من أفواه الجماهير، كما أنه يتمتع بلياقة وقدرات حركية مسرحية مبهحة تشد النظر نحوه بمجرد ظهوره على الخشبة.

لم يكن تصميم الاستعراضات بالمسرحية موفقاً للأسف، فلقد ركن محمد عبد الصبور إلى حركات معتادة وأصبحت مملة من كثرة تكرارها، كما أنها لم تتفق وأحداث المسرحية، إضافة إلى أن الراقصين أنفسهم لم يتمتعوا بالكفاءة المطلوبة وشعرت بثقل حركاتهم وأنا على مقاعد المتفرجين للأسف، رغم أن الموسيقار الكبير علي سعد قدم ألحاناً عذبة للأغاني التي ألفها محمد بغدادي، كانت لتتيح قماشة عريضة لتصميم رقصات إبداعية أكثر تعبيراً عن مضمون المسرحية.
في النهاية يمكننا اعتبار مسرحية "يعيش أهل بلدي" بداية موفقة لإعادة العروض الكبيرة والمتميزة للمسرح القومي بعد غياب طويل وهو ما يحسب لمديره الجديد الفنان أحمد شاكر عبد اللطيف.

المقال منشور في جريدة القاهرة بتاريخ 7 مايو 2019

الأحد، 12 مايو 2019

عودة قوية لباليه جيزل على خشبة المسرح الكبير






قدمت فرقة باليه أوبرا القاهرة العرض العالمي "جيزيل"، والذي يجمع بين الواقع والخيال بأسلوب تراجيدي من خلال قصة حب رومانتيكية بين أحد النبلاء وبين فتاة قروية بسيطة. القصة مستوحاه من أسطورة رواها الشاعر الألماني "هاينه" عام 1833، تروي حكاية رقصة ليلية معروفة في البلاد السلافية باسم "ويليس"، ترقصها أرواح صبايا عذارى كن مخطوبات، ولكن لسوء حظهن وافتهن المنية ليلة زفافهن، لكن أرواحهن الشابة والمحبة للحياة، لا تنام مطمئنة في قبورها، فبالرغم من أن قلوبهن كفت عن النبض، إلا أن أقدامهن بها شوقاً ملحاً للرقص الذي حرمهن منه القدر ولم يكتفين منه في حياتهن، ولذا فهن ينهضن في الليالي المقمرة إلى "وادي الصمت"، ويرصدن الطريق، فإذا ما مر بهن عابر سبيل، خرجن له من كل اتجاه في أجمل صورة، وتحلقن حوله راقصات، ليجبرنه على الرقص طيلة الليل حتى يتعب وتخور قواه ثم يموت وينتقل إلى عالمهن في موكب تتزعمه ملكتهن المتوجة.


من منطلق هذه الأسطورة، وُضعت دراما جيزيل، حيث الدوق النبيل ألبرت يقع في غرام الفتاة القروية جيزيل، وأثناء احتفالات القرية بموسم الحصاد ترقص جيزيل مع الفتيات، بينما تحذرها أمها لأن قلبها ضعيف، لكنها تستمر في الرقص والمرح، ثم يأتي الدوق ومعه "باتيلدا" خطيبة ألبرت، ويكشف حارس الغابة الذي يحب جيزل، كذب ألبرت عليها، فتتأثر تأثراً بالغاً ولا يتحمل قلبها الضعيف فتقضي نحبها.


يدور الصراع في هذا الباليه على عدة مستويات، فهناك مستوى الفروق الطبقية، حيث ينتمي ألبرت لطبقة النبلاء الأريستقراطيين وتنتمي جيزيل إلى طبقة الفلاحين البسيطة، وهناك الصراع الذي يدور بين ألبرت النبيل وبين هانز حارس الغابة حول جيزيل، حيث يفوز ألبرت المتخفي في زي فلاح بقلبها، لكن هانز يكشف خديعته لها وارتباطه بفتاة أخرى من طبقته الاجتماعية، ما يجعل جيزيل تتأثر تأثراً بالغاً وتفقد حياتها، أي أننا هنا في مواجهة دراما ذات صراع يتصاعد ويتطور حتى يصل إلى ذروته رغم عدم وجود الكثير من التفاصيل الدرامية.


ويعد باليه جيزيل أحد الباليهات البيضاء الرومانتيكية، والباليه الأبيض هو الذي يتضمن فصلاً على الأقل ترتدي فيه الراقصات الثوب الأبيض المميز للباليه، لتعبر عن أرواح هائمة أو أطياف أو ملائكة مثل باليه "بحيرة البجع"، والفصل الثاني من "جيزيل" تظهر أطياف العذارى يرتدين ثياب الفرح وتحيط بهن الورود، ليقدمن عدداً من الرقصات العذبة التي تبرز خصوصية الباليه كفن يحتفي بانسيابية الجسد ورونقه.


يحتوي باليه جيزيل أيضاً على عدد من الرقصات الشعبية الشائعة في أوروبا، مثل رقصة الكوادريل التي نشأت في فرنسا وانتشرت بعد ذلك في جميع أنحاء أوروبا، لتكون من الرقصات الشعبية التي يرقصها الفلاحون في الأفراح، وهي رقصة حية وسريعة يشارك فيها النساء والرجال، وكذلك احتوى الفصل الأول على عدد من الفالسات والرقصات الليلية والتارنتللا الشعبية الإيطالية، إضافة إلى رقصة هندية لراقصة المعبد، وبالتالي ندرك أن هذا الباليه على بساطة خطوط قصته الدرامية إلا أنه من أكثر الباليهات التي تقدم متعة الفرجة على التشكيلات المتنوعة لفن رقص الباليه في إطار مخملي شديد النعومة والفخامة.


ألف موسيقى "جيزيل" الموسيقار الفرنسي أدولف تشارلز آدم، وهو معروف بعشقه للمسرح حيث ألف سبعين أوبرا واثنى عشر عرضاً للباليه خلال منتصف القرن التاسع عشر، ولكن لم يبق من أعماله سوى "جيزيل" و "القرصان"، اللذان يقدمان حتى اليوم، بينما قدم التصميم الحركي، المصمم الإيطالي جان كواريللي بياتشيني وهو راقص إيطالي ومصمم رقصات وُلد في باريس.
برعت فرقة باليه أوبرا القاهرة في تقديم "جيزيل" على المسرح الكبير تحت إدارة أرمينيا كامل، وقيادة أوركسترا لناير ناجي، وتصميم ديكور لمحمد الغرباوي وتصميم إضاءة لياسر شعلان وتصميم ملابس لناديشدا توفوستلاك ومارنا مارتسينكو، بينما أبدعت مريم كارابيتيان في تقديم دور جيزيل وأحمد يحيى في دور ألبرت وسعيد محسن في دور هانز.


تميزت أيضاً الراقصات رينا أوكاموتو وساتسوكي ماتسيموتو وكريستينا لازوفيتش وروزيلا أناروما ونادية ليشينكو في تقديم الرقصات الثنائية لأطياف العذارى في الفصل الثاني من الباليه، ونفس الأمر بالنسبة للرقصات الثنائية للفلاحين في الفصل الأول والتي شارك فيها أورارا ماتسوزاوا وساتسوكي ماتسيموتو ورينا أوكاموتو وحسن التابعي ومحمد حامد وعمر أمين.


كانت عودة باليه جيزيل إلى خشبة المسرح الكبير بعد غياب واحد وعشرين عاماً، حدثاً استثنائياً بالفعل، وقد أثبتت دار أوبرا القاهرة من خلال فرقة الباليه التابعة لها، على أنها قادرة على تقديم مثل هذا الباليه العالمي الشهير بستوى يرقى إلى العالمي حتى من حيث تفاصيل الديكور والإضاءة والملابس، وأتمنى أن يدخل في ريبرتوار المسرح الكبير السنوي، ليستمتع جمهور الباليه في مصر بمشاهدته كل عام.


 نشر المقال بجريدة القاهرة بتاريخ 30 ابريل 2019 

الخميس، 9 مايو 2019

فطارك وسحورك عندي ... وليمة رمضانية سهلة وصحية






في رمضان وعلى عكس ما هو مفروض أن يكون؛ تمتد الموائد بأطباق الطعام الدسم سواء في الإفطار أو السحور إضافة إلى الحلويات، فتكون النتيجة هي زيادة كبيرة في الوزن مع نهاية الشهر الفضيل، رغم أننا كنا صائمين.
ما رأيكم لو قدمت لكم مائدة إفطار مُشبعة وفي نفس الوقت صحية ولن تكلفكم الكثير اقتصادياً أو في وقت تجهيزها ... والأهم أنها ستحافظ على وزنكم وربما لو واظبنا على نفس الأداء طوال رمضان ستفقدون الكثير من الوزن؟
عصير الكنتالوب
أغلبنا يُفطر على الخوشاف وقمر الدين وغيرها من المشروبات التقليدية الشهيرة، لكن للأسف كلها لا تعمل على ترطيب الجسد بعد فترة انقطاع عن المياه تصل إلى 16 ساعة على أقل تقدير وهذا هو المطلوب ... أن نرطب أجسادنا بمشروب يروي العطش ويجهز المعدة لبدء العمل بعد طول انقطاع.
ثمرة الكانتالوب لها فوائد عديدة ولكن أفضل شئ هو احتوائها على نسبة عالية من المياه والسكريات المفيدة، لذلك فإن تجهيز مشروب من الكانتالوب سيكون مناسباً جداً لنُفطر عليه.
تجهيز عصير الكانتالوب لا يحتاج أي مجهود، فبعد تقشير الثمرة وتفريغها من البذور، نقوم بتقطيعها ووضعها في كأس الخلاط مع كمية تملأ قبضة يدنا من النعناع الطازج، وما يعادل أربع ملاعق كبيرة من العسل الأبيض وعصير ليمونتان مع رشة ملح خفيفة. وبعد إضافة قليل من الماء ومكعبات الثلج نضرب الخليط قبل الآذان بدقائق معدودة ليكون رطباً ومنعشاً في لحظة الإفطار.


شوربة البصل
أهم صفة شائعة بين الناس عن البصل هي أنه "بيفَوَّق"، وهذا هو ما نحتاج إليه بعد الإفطار، فأغلبنا يشعر بتراخي في جسده، وهذا ما ستعالجه شوربة البصل.
تجهيز شوربة البصل لا يحتاج إلى الكثير وهي خفيفة وسهلة، فبعد تقطيع أربع بصلات متوسطات الحجم قطعاً صغيرة في إناء عميق، نقوم بتشويحها بمعلقتي ماء حتى يذبل، ثم نضيف أربعة فصوص ثوم مهروسين وحزمتين من الزعتر الطازج المفري، أو ما يعادلهما من الزعتر المجفف، ثم نضع معلقتين من الدقيق الأسمر ونقلبها مع البصل والزعتر والثوم حتى يختلطوا تماماً.
نذيب مكعب مرقة خضار في كوب ماء ونضيفه مع كوبين أو ثلاثة للمزيج، ثم قليل من الفلفل الأسود والملح وورقتي لوري "غار"، ونقلب حتى يمتزج الخليط تماماً مع بعضه ونتركه على النار عشرة دقائق.
بعد أن يهدأ مزيج الشوربة نقوم بضربه في الخلاط، لتكون الشوربة جاهزة للتقديم.


سلطة الحمص
الحمص من البقوليات التي تُعد نظاماً غذائياً متكاملاً في حد ذاتها، فهو يحتوي على بروتين وأملاح معدنية مثل الكبريت والبوتاسيوم والفسفور والحديد والكالسيوم، فالحمص من الأكلات الشعبية المغذية المنشطة للمخ والأعصاب، وهو مفيد أيضاً للشعر ومن المأكولات التي تساعد على فقد الوزن.
للحمص أساليب كثيرة للطهي وأسهل طريقة هي السلطة.
لتجهيز الحمص المجفف للسطلة يجب أن نقوم بغلي ما يعادل كوب منه في الماء ثم نتركه في الماء بعد اغلاق النار ما يقارب الساعة ليكون طرياً تماماً، بعد ذلك نخلطه ببصلة متوسطة الحجم مفرية ونصف كوب بقدونس مفري وفصي ثوم مهروسين وثلاث حبات طماطم مقطعة صغيراً.
أما الدريسنج، فيتكون من ثلاث ملاعق خل تفاح وعصير ليمونتين وملعقتي زيت زيتون وملح وفلفل وكمون وسماق، وبعد التقليب جيداً نسقي به السلطة ونقلبها ونتركها ساعة قبل الأكل ليكتسب الحمص طعم الدريسنج.




الطبق الرئيسي
هذه الوصفة يمكن تقديمها بقطع من صدور الدجاج أو الماشروم.
نقوم بتقطيع صدور الدجاج قطعاً صغيرة ( نقطع ثمرات الماشروم الطازج)، ثم نجهز التتبيلة:
-         زعتر مجفف
-         - ملح وفلفل
-         ملعقتان كبيرتان عسل أبيض
-         رأس ثوم
-         6 ليمونات
-         بصلتنا كبيرتان
-         زيت زيتون
-         ثمرتان من الخرشوف (لو توفر)
نقطع البصل قطعاً صغيرة ونخلطها بزيت الزيتون والزعتر والملح والفلفل والعسل والليمون والثوم المهروس ونمزجها جيداً قبل أن نضيف قطع الدجاج أو الماشروم إلى المزيج مع الخرشوف بعد تقشيره وتقطيعه صغيراً.
نترك الخليط ساعة قبل أن نضعه في الفرن لمدة عشرة دقائق أو ربع ساعة كحد أقصى. وبعد أن تنضج نقدمها مع الأرز الأبيض.



السحور
أنصح بعدم تناول أي نوع من الحلويات ما بين الإفطار والسحور وبدلاً من ذلك دعونا نهتم بشرب المياه، أما في السحور فمن الممكن تناول طبق صغير من المكسرات والقراصية والمشمشية والتين المجفف مثلاً، فسوف تشعرون معها بالشبع كما أنها ستصمد في المعدة فترة طويلة وتمدكم بالسكريات التي ستمنحكم الطاقة أثناء الصيام.
وكل سنة وأنتم طيبين