الاثنين، 30 سبتمبر 2019

"بيت الأشباح" .. حديني يعيد إنتاج نفسه بتكرار ثنائية "الاغتراب والحنين"







إعادة إنتاج الفكرة درامياً مرة بعد أخرى تُفقد الفكرة أهميتها ومعناها، فأن تلبس الفكرة أثواباً مختلفة لا يعني أبداً أنك قدمت جديداً، ولا يعني أبداً أنك تنضج درامياً، فلا يهم اختلاف الاسم بقدر ما يهم اختلاف المحتوى المندرج تحت هذا الاسم.
ربما تكون هذه هي الأزمة التي يعاني منها المسرحي الموهوب محمود جمال حديني، فلقد وقع في هوة فكرة الاغتراب في الوطن باللعب على نوستالجيا الماضي الذي لابد وأن يكون جميلاً! ولم يتمكن منذ مسرحية "1980 وإنت طالع" أن يخرج منها، فبمراجعة المسرحيات التي شاهدتها له بشكل شخصي، مثل "يوم أن قتلوا الغناء" و إنهم يعزفون" و "إريوس" التي قرأتها في كتاب مطبوع، نكتشف إن حديني الذي يمتلك ناصية حياكة الدراما المسرحية باحتراف عالي وموهبة من الصعب الاختلاف عليها، انسجن في عبوة فكرية واحدة وإن اختلفت أُطر التناول.


في مسرحية "بيت الأشباح" التي تواصل عروضها الناجحة على المسرح العائم، يعيد حديني ما قد سرده علينا من قبل ولكن هذه المرة من خلال ثيمة البيت المسكون بالأشباح، حيث يستند إلى الميثولوجي الشعبي الخاص بأن هناك أرواح تظل عالقة بين السماء والأرض، ترفض استكمال رحلتها نحو العالم الآخر لأن هناك مهام معلقة على الأرض لم تنهها بعد.
ومن منطلق البيت الوطن، وإسقاط فكرة الشبحية على الإنسان المصري، يحشد حديني المؤلف والمخرج للعرض شخصيات متنوعة تجسد شرائح الشعب المصري على مدار عصور مختلفة، فمنذ عصر الباشوات والبكوات مروراً بالستينات والسبعينات والتسعينات ووصولاً إلى 2011 وثورة 25 يناير التي يتعامل معها محمود جمال دائماً باعتبارها نهاية الأحلام الثورية أو قمة صراع المواطنة التي ضاع معها كل شئ. وسواء اتفقنا أو اختلفنا معه في رأيه فهذا ليس ما أعنيه هنا، ولكن ما أعنيه هو التشبث بالفكرة والاستمرار في الدوران حولها بأساليب وطرق مختلفة، فهو يشير في "بيت الأشباح" إلى فكرة ضياع الحلم لدى المصريين مهما اختلفت العصور، فنجده مثلاً يرسم شخصية لفتاة تعمل مدرسة موسيقى، توفت في أول يوم عمل لها في زلزال 1992، والفتاة الأخرى التي تعمل مصورة صحفية وتوفت في ثورة 2011، والمطربة التي سجلت أسطوانة واحدة لأغنية وحيدة غنتها في بداية القرن العشرين لكن لم يسمعها أحد وماتت دونها، وعازف البيانولا الحزين لأن البيانولا لم تعد تصدر تغريداتها، ومصمم الملابس الراقي والرومانسي الذي يموت تحت عجلات السيارات لأنه قرر أن يرقص مع حبيبته في الشارع، وما إلى ذلك من الإسقاطات على فكرة انتهاء إمكانية الحياة بحرية وحب في بلادنا من خلال استخدام موتيفات تكررت إلى حد الملل في العشرة سنوات الماضية، مثل إعادة أو تقديم شريط الكاسيت بالقلم الرصاص وآلة البيانولا المفتقدة رغم أنها اختفت منذ أكثر من سبعين عاماً، ما يجعلني أتسائل "كيف تجسد بؤرة حنين لدى حديني الذي لم يصل إلى الأربعين من عمره بعد؟!".


يقع المخرج محمود جمال حديني في غرام النص الذي كتبه، فيعجز عن اتخاذ القرار باختصار نصفه على الأقل، فنحن نجلس على مقاعد المتفرجين على مدار ساعتين ونصف لنشاهد تطويلاً لا مبرر له، وبدايات لنهايات حتمية للدراما، فكلما يصل بنا إلى القمة ونتوقع النهاية، نجده ينحو بنا في اتجاه آخر، ما أصابني بنوع من الدوار وأنا أتابع الأحداث، وفي النهاية لا يجد أمامه سوى أن يجعل من الشاب الذي هرب من أهله وحياته الروتينية ليعيش مع الأشباح، شخصية خائنة تواطأت مع البواب لطرد الأشباح من البيت الذي يسكنوه حتى يتقاضى مبلغاً مالياً كبيراً يسافر به ليعيش في الخارج، بينما يشتري مستثمر جشع البيت من أجل هدمه والبناء عليه، فنجد أنفسنا في مواجهة ثلاثية تقليدية تم قتلها درامياً آلاف المرات وهي: (بيع الوطن – الرحيل من الوطن – مسخ ثقافة الوطن).

يزحم حديني خشبة المسرح بالعديد من الشخوص بلا مبرر درامي مفهوم، ففي اعتقادي البسيط، كان بإمكانه الاستغناء عن نصف شخصيات الأشباح وعلى سبيل المثال "مجموعة الباشا" والتي تتكون من الباشا وسكرتيره والسفرجي والشغالة، أربعة شخصيات كان بالإمكان اختصارها في الباشا وسكرتيره فقط، هذا بالإضافة إلى شخصيات أخرى كثيرة لم يكن وجودها ضرورياً في نسيج الحكاية ولم تفعل سوى إثارة الفوضى فوق خشبة المسرح، حيث لم يتمكن حديني المخرج من إدارة خشبته بشكل منضبط خاصة عندما تلتف الأشباح حول الشاب الذي يقرر السكن معهم ويتحركون معه دون أن يراهم.


لم يكن اختيار مجموعة الممثلين موفقاً أيضاً، فلقد خرج الأداء التمثيلي مفتعلاً وتشنجياً ما قلل من التفاعل مع الأحداث، وإن كان هناك بعض الاستثناءات مثل أمل نور الدين وفادي ثروت ومريم الجندي، وربما كانت إدارتهم المشوشة على خشبة المسرح هي السبب في هذا المستوى من الأداء. ورغم أن موسيقى العرض خرجت باهتة وبلا هوية حيث خليط غير مفهوم من أنواع مختلفة من الموسيقى، إلا أن الديكور والإضاءة جاءا موفقين للغاية ومعبرين عن الدراما وتواتر أحداثها وشخوصها.
في النهاية لا أخفي أنني من أكثر المتحمسين لمحمود جمال حديني ككاتب مسرحي، لكن من الذكاء أن يتوقف الكاتب للدخول في غمار تجارب حياتية وتأملية مختلفة حتى يعثر على فكرة يجدد بها دمائه وقلمه، فنحن لسنا من مطربي التسعينيات الذين يجب عليهم تعبئة شريط كل عام حتى يظل متواجداً على الساحة.


الأحد، 29 سبتمبر 2019

"يهوذا" عرض مستقل يناقش فكرة الخطيئة في القومي للمسرح 2019






لطالما كانت شخصية يهوذا الاسخريوطي موضع إلهام لدى الأدباء والفنانين للتدليل على الخيانة البشرية، وهو ما استخدمه كريم عبد الكريم مؤلف ومخرج عرض "يهوذا" الذي شاركت به فرقة "مرحلة" المستقلة ضمن المسابقة الثانية بفعاليات الدورة الثانية عشر للمهرجان القومي للمسرح.
تدور أحداث المسرحية حول فكرة الخطيئة، وكيف يمكن أن يرتكبها الإنسان رغم أنها ضد مبادئه المعلنة، من خلال تجسيد الصراع الدائر حول شخصية يهوذا الذي كان واحداً من تلاميذ السيد المسيح، لينقلب ضده ويسلمه للجنود الرومان مقابل عشرين من الفضة.


يُفصل المؤلف والمخرج لصراع الإنسان الداخلي بين ما يظهره وبين ما يدور في عقله من أفكار تبدو شريرة له هو نفسه، وهو ما نطلق عليه "وسوسة الشيطان"، وذلك باستخدام أشهر خاطئ ملعون في التاريخ بعد قابيل، "يهوذا الاسخريوطي"، فيختار من قصة سيدنا المسيح هذه اللحظة الخاصة بوقوع يهوذا في هاوية اللعنة الأبدية لتسليم المُخلص.
تبدأ المسرحية التي تتميز بأنها شديدة الدقة في استخدام التفاصيل المعيارية للمسرح، حيث لا جنون ولا شطط إبداعي، فقط كل شئ مُقدم بميزان حساس، تبدأ بمشهد للمعبد اليهودي الذي وفقاً للتاريخ الإنجيلي، لم يكن يستقبل سوى الفريسيين والصدقويين، ولا يعترف بالطبقات المهمشة من اليهود، حيث كانوا ينبذون الكنعانيين والمرضى والفقراء المطرودين على أطراف المدينة وفقاً للشريعة اليهودية التي تحكم فيها كهنة المعبد. نجد هؤلاء المهمشين يتجمعون أمام بوابة المعبد في انتظار المسيح المخلص كي يشفيهم بلمسة من يديه، مع استنكار الكاهن الذي يأمر مساعده كي يتبين أمر هؤلاء الغرباء.
يظهر بعد ذلك الشخص الذي يجسد المسيح وقد تم تغطية وجهه تماماً، وهو ما رأيته غير مناسب درامياً، فلو كنت ترى أن هناك ما يعيب تجسيد شخص المسيح فنياً، فلا يوجد ما يجبرك على تجسيده على الخشبة، حيث بالإمكان استبدال المشهد بما يعبر عنه من آلاف الحلول الفنية!

يتعرض النص لأكثر من خط للصراع، فنجد مثلاً الكاهن ومساعده، حيث الكاهن الذي يدافع عن سطوته ومكانته بسيطرته على المعبد والسلطة الدينية ويعادي المسيح وتعاليمه لأنها لا تخدم مصالحه السلطوية، فيبدو متسقاً مع ذاته ودوافعه التي تعادي المخلص، وفي المقابل يأتي مساعده ويهوذا، فالمساعد يحاول أن يوازن بين حفاظه على عمله بالمعبد وبين إيمانه بتعاليم المسيح، وكذلك يهوذا يحاول أن يحسم الصراع داخله بين تسليم المسيح للرومان لأن مملكته في السماء ولأن هذا هو القدر المكتوب له وللبشرية، وبين إيمانه به وبتعاليمه!، نفس الصراع الذي يعيشه الإنسان طوال الوقت بين ما هو مفروض أن ينحني له كي يعيش مفردات الحياة المادية، وبين قناعاته وإيمانه بفكرة أو مبدأ.

رغم كلاسيكية الديكور والتناول الدرامي للنص، إلا أن الكرويجراف جاء متميزاً جداً، حيث مشاهد الصراع للشيطان وأتباعه مع يهوذا خرجت في رداء حركي راقص متقن وإبداعي، استطاع أن ينقل الإحساس بوسوسة الشيطان ليهوذا وتكتله مع أتباعه عليه من أجل إقناعه بأن صلب المسيح قدر محتم، وأنه ما هو إلا أداة لتنفيذ مشيئة الله بتحقيق قدر المسيح المحتوم، كي يذهب إلى مملكته في السماء.
الإضاءة أيضاً خرجت متميزة، وتحديداً في المشهد الأخير من المسرحية ذات الفصل الواحد، حيث ينتهي الصراع النفسي داخل يهوذا بشنق نفسه، وظهور المسيح في عمق بوابة المعبد وهو مصلوب، ليتحقق المصير وتتجسد الخيانة الكبرى في التاريخ إلى الأبد.

خرجت مسرحية يهوذا ككبسولة سريعة وخاطفة، لعرض رشيق رغم كلاسيكية الإطار الذي انصب داخله، لكن في النهاية نستطيع أن نميز فيه أداء الممثلين الذين جسدوا دور الشياطين على المستويين التمثيلي والراقص، كذلك الممثل الذي أدى دور يهوذا رغم انفعالية الأداء في بعض الجمل، وإن كان في المجمل قدم أداءً تمثيلياً مميزاً، وإن كان ثبات الديكور وظهوره في شكل كتلة ضخمة لم يساعد على إظهار تنوع وتلاحق الأحداث، وهو ما ساعدت الإضاءة على تفكيكه قليلاً، لكن يبقى الديكور نقطة الضعف الواضحة لعرض تميز بالانضباط الدرامي الشديد.


الخميس، 26 سبتمبر 2019

ضمن القومي للمسرح .. إعلام القاهرة تقدم رؤية مغايرة لدخان ميخائيل رومان







يقدم مايكل بسطا مخرج مسرحية "الدخان" في طبعتها الإنتاجية عن مسرح كلية الإعلام جامعة القاهرة، رؤية درامية حديثة لمسرحية ميخائيل رومان التي كتبها في ستينيات القرن الماضي، والتي تدور في نسختها الأصلية في ثلاث فصول وتناقش الإدمان والصراع الدائر في نفوس الشباب بين أفكار الأجيال القديمة المتحجرة، والأجيال الجديدة المتطلعة للمستقبل، ويتجسد ذلك في شخصيتي المسرحية الرئيسيتين حمدي وجمالات. الشقيقان الكبيران الذان قرءا الكتب التي تركها والدهما المتوفي في صندوق أسود دلالة على جمود فكر الأجيال السابقة، ما جعلهما يقعان في سؤال وجودي عن كينونتهما وقيمة حياتهما، وفي الوقت الذي قررت جمالات أن تنخرط في روتين الوظيفة وترتبط برجل لا يحبها ويأخذها كخطوة عملية في طريق تحقيق تطلعاته المادية، يقع حمدي في شباك الإدمان الذي حقق له اللذة المفتقدة في حياته الواقعية والتي تفرض عليه العمل في وظيفة لا تشبهه فقط من أجل جلب الأموال التي تحتاجها الأسرة وتحديداً أخيه الصغير.


دمج مايكل بين شخصية حسنية خطيبة حمدي وشخصية أمه التي تعطيه المال وهي تعرف أنه سيشتري به المخدرات، كما جدد في تناول باقي شخوص المسرحية مثل شخصية المعلم رمضان تاجر المخدرات وأفراد أسرة حمدي، كما أنه فكك كلاسيكية النص ليجرب معه لعبةً مسرحية تمسك بتلابيب المشاهد من أول مشهد وحتى آخره، ففي فصل واحد سرد مايكل مسرحية رومان على لسان شخصيتين، يدخلان في تحدٍ بينهما، حيث شخصية فتحي الأخ الأصغر والذي تبدأ المسرحية به في مواجه "ملاك أو شيطان" يصر كل واحد منهما على رأيه، ففتحي يرى أنه بالإمكان إنقاذ حمدي وإعادته إلى حياته الطبيعية حيث عمله وخطيبته التي يحبها، لتتدخل الشخصية الأخرى وتفسد عليه كل محاولاته الرومانسية لتعيدها إلى واقعها القبيح، ونظل نتابع هذا الصراع من خلال أحداث المسرحية التي تنكشف معها زيف الشخصيات في الحياة من حول حمدي وادعائهم الدائم لواقع غير حقيقتهم التي تنكشف في لحظة صراحة أوقعتهم فيها شخصية "الملاك/الشيطان" كنوع من الإسقاط على غياب الدور الفاعل للعائلة في حياة أبنائهم والفجوة التي تفصل بينهما الآن.


خرجت رؤية الديكور حيوية ومعبرة عن رؤية المخرج الحداثية للمسرحية، حيث تم وضع إطارات صور خشبية ضخمة يقف داخلها شخصيات المسرحية في وضع يجسد شكل إطار الصورة وهم يرتدون الأقنعة على وجوههم، ليخرج كل واحد منهم في اللحظة الدرامية التي يساهم فيها، ومن ثم يعود إلى مكانه عندما يصدر الأمر من فتحي أو "الملاك/ الشيطان"، كما استطاع الممثلون من طلاب كلية الإعلام جامعة القاهرة أن يجسدوا أدوارهم باحتراف ويتحركوا في فضائهم المسرحي بحساب شديد الدقة أخرج رؤية منضبطة للتناول الإخراجي الجديد، خاصة الفتاة التي لعبت دور "الملاك الشيطان" والتي تتميز بقدرات تمثيلية وحركية ملحوظة، حيث جمع دورها مع شخصية فتحي تابلوهات راقصة تجسد الصراع بينهما حول رومانسية أو فجاجة الحياة!


جاءت الإضاءة أيضاً متناغمة مع أحداث المسرحية، وذلك باستخدامها كفاصل بين أركان خشبة المسرح للتركيز على أحداث بعينها بعيداً عن باقي الممثلين الذي لا يغادر أغلبهم الخشبة، فيكون تغييبهم بالإظلام وتركيز بقعة الضوء على الحدث الدرامي الحالي، ونفس الشئ بالنسبة للموسيقى التي جسدت الصراع الدائر بين الأبطال حول السؤال الدائم منذ الأزل: من هو الإنسان داخل هذا الكون الواسع؟ وهل هناك قيمة للحياة التي نحياها.
يعتمد النص على المونولوجات الطويلة التي يغلب عليها الطابع التراجيدي، بجانب مشاهد كوميدية قليلة تنتج عن المفارقة التي تظهر عندما يلتقي حمدي المثقف بالمعلم رمضان تاجر المخدرات الحقود ورجاله ورغبة المعلم في أن يدمر حمدي تمامًا ويقضي عليه ويجعله أحد صبيانه.
أثارت مسرحية "الدخان" والتي تًعد من أبرز ما كتب "رومان" عندما عرضت لأول مرة جدلًا واسعًا بين الجمهور والنقاد، إذ اعتبرها البعض نصًا جريئًا وصادمًا يقدم المدمنين من منظور مختلف، وذهب آخرون إلى تسفيه النص واعتباره لا يرقى لأن يكون على خشبة المسرح.



فكرة التقديس والاستعباد والتطلع إلى الحرية والتمرد لرفض كل قيود المجتمع تبرز بقوة في هذا النص الاجتماعي الصادم، والذي جعله مايكل بسطا مخرج العرض أكثر صدامية عندما قلب العملة على وجهها الآخر واكتشفنا في آخر العرض أن فتحي هو حمدي لتقلب الآية ويقف من كان يلعب دور حمدي مرتدياً ملابس فتحي ليؤنب أخيه ويتهمه بالضياع، وذلك ليقول بكل صراحة: كلنا يمكن أن نكون حمدي، نضيع في الدخان هرباً من حياة لا نرى قيمة لحياتنا داخلها!



الأربعاء، 18 سبتمبر 2019

تجسيد اغتراب الإنسان المعاصر في "حذاء مثقوب تحت المطر"




ضمن المسابقة الثانية والتي تضم عروض الجامعات ضمن فعاليات المهرجان القومي للمسرح، قدمت فرقة بانجية التابعة لجامعة عين شمس عرض "حذاء مثقوب تحت المطر" من تأليف محمد السوري الذي أخذه عن نص كافكا، ومن إخراج عمرو عفيفي، على مسرح العرائس.
يجسد نص "حذاء مثقوب" معاناة الإنسان المعاصر داخل منظومة الحياة المادية الرأسمالية والتي تتوحش متوغلة في حياتنا، لتحول مفردات أيامنا لآليات متشابهة تأكل القيم الإنسانية، بل تأكل صفاتنا البشرية أيضاً، لتحولنا إلى آلة تدور بسيور تتقافز على تروس، تعيد الكرة كل يوم دون سؤال أو تفكير أو نظر للعلاقة بيننا وبين أي شئ حولنا، أو حتى البحث وراء السبب الذي يدفعنا إلى القيام  بنشاط معين بشكل دوري، فلا يكون لوجودنا قيمة بدون ما نعمله وبدون ما نجنيه من مال، فقيمة وجودنا تتحدد بالقيمة المادية وما يُترجم عنها في صيغة عينية ملموسة. لا وجود للعلاقات أو الارتباطات بين الإنسان وما حوله، وهو واقع الذي فرض على الإنسان منذ بداية عصر النهضة وصعود دور الآلة على الإبداع البشري، ما فرض الإحساس بالاغتراب على الإنسان المعاصر الذي فقد الصيغة الارتباطية بينه وبين ما تنتجه يداه وأصبح يعمل في مهن مفروضة عليه فقط من أجل الحصول على النقود التي ستضمن له البقاء على قيد الحياة ... لكن كيف؟

هذا ما يناقشه السوري في نصه حيث يبدأ من لحظة الاحتفال بأعياد الميلاد وبداية سنة جديدة، تعزف الفرق الموسيقية في الشوارع موسيقى واحدة مراراً وتكراراً، ويمر شخص يعمل بائعاً متجولاً يحاول أن يبيع مبيداً حشرياً، ثم يسأل المشاهدين على مقاعدهم إن كان هناك باباً للخروج من هنا، مسقطاً السؤال على الخروج من هذه الحياة!
يصعد بعد ذلك إلى خشبة المسرح ليختفي في الظلام، الذي يتبدد تدريجياً ليظهر مجموعة من العاملين في مدينة للملاهي، ويقرر صاحب العمل أن من يؤدي دور الدبدوب الضاحك لن يصعد إلى المسرح مرة أخرى لأنه بكى، ولا يعبأ لتبريره موقفه بأنه بكى لأن أحد الأطفال غرس موساً في قدمه أثناء العرض، فأنت غير مصرح لك أن تتألم، فقط نفذ الدور المحدد لك من قبل "الوكيل" هذا الشخص الذي لا يدري لماذا يعمل في مهنته هذه والذي لا يعود إلى منزله ولا يستجيب لعاطفة زوجته، لقد تحول إلى ترس في الآلة التي تدور دون توقف واستسلم دون سؤال!


يأتي هذا الشاب الذي لا يدري لماذا يعمل في شخصية دبدوب إلا لأجل توفير إيجار منزله ويوفر الطعام لعائلته، أخته التي اشترى لها الكمان لأنها تحب الموسيقى، وأمه التي يوهمها بأنها تعمل ويبيع لها إنتاج يديها من ملابس في حين يشتريها هو ويلقيها في القمامة بمقر عمله كل يوم، ووالده الذي قرر أن لا يعمل بعد أن أحرق بنفسه مشروعه الخاص لأنه لم يعد يعرف ما الذي يمكن أن يفعله بعد أن حقق النجاح في العمل!
علاقات متشابكة لا تفصح إلا عن غربة نفسية داخل المجتمع الذي لا يُثمن الإنسان، فالشخص الذي يلعب دور الدبدوب الضاحك يسقط ميتاً فجأة، فلا يفكر من حوله سوى في من سيأخذ طعامه الذي خلفه وراءه؟ ولا يسرع لإسعافه الطبيب بل يتركه حتى يموت ولا يتخذ موقفاً يوزاي هول "الموت"، فهو مجرد ترس سقط وعلينا إيجاد البديل له، وهو ما يقوم به البطل فيسندوا له دور الدبدوب الضاحك، رغم أنه هو نفسه لا يجد ما يضحكه!


هناك أيضاً شخصية الفتاة المغنية والتي لا تشعر بحب البطل وإعجابه بها وتعتقد أنه مثل والدها وباقي أفراد عائلتها يضحكون من أنفها الكبير ولا يرون فيها سوى فتاة دميمة رغم صوتها الجميل، لذلك فهي لا تفكر سوى في التخلص من هذه المشكلة التي تفسد عليها حياتها ضمن مجتمع حدد مواصفات الجمال في شروط لا يمكن الخروج عليها.
البطل أو "سامسا" الحشرة، والذي لعب دوره الفنان الشاب مصطفى خطاب بقدرات تفوق أي توقعات خاصة بممثل يلعب دوراً في مسرح جامعي غير احترافي، يصل إلى مفترق طرق في حياته، حيث لم يتمكن من تحييد شخصيته الحقيقية التي تجسد إنسانيته والتي شخصها المؤلف في شخصية رسام مسقطاً عليه صفات فان جوخ الذي قطع أذنه، فيبدأ في التدهور النفسي تدريجياً إلى أن يسقط في هوة العزلة عن المجتمع من حوله ولا يتمكن من الذهاب إلى العمل أو التواصل معهم بكلام مفهوم، فهم لا يسمعون سوى صراخه وهو لا يستطيع أن يوصل لهم ما يرغب في قوله، فيتحول في نظرهم إلى حشرة ويتخلى عنه أبوه وأمه وأخته رغم كل التضحيات التي قدمها من أجلهم، وحتى حبيبته عندما تأتي لزيارته تُحقر من شأنه وتخبره أنها أتت فقط لترى شخصاُ أكثر منها دمامة، حتى تتواطأ أسرته على التخلص منه وقتله بالمبيد الحشرينظراً لنه تحول في نظرهم إلى مجرد "حشرة" مخيفة.

قسم المخرج الفضاء المسرحي إلى نصفين، نصف يجسد صالة منزل سامسا وصالة اجتماعات العمل، ونصف يجسد غرفة نوم سامسا، مع وجود فتحة في الخلفية تجسد النافذة التي يصل منها موسيقى عيد الميلاد الرتيبة المملة، مع قطع ديكور بسيطة سهل تحريكها تتكون من بعض طاولات ومقاعد خشبية، يمكن تحويلها إلى طاولة سفرة أو طاولة اجتماعات.
استخدم المخرج عمرو عفيفي فرقة موسيقية لعزف موسيقى حية للعرض، حيث لعب المؤلف دور المايسترو، كما وظف الإضاءة بشكل تقليدي في التركيز على الحدث بشخوصه المتورطة فيه، وكان الأداء التمثيلي للطلاب المشاركين متميزاً، لكن يظل مصطفى خطاب الذي لعب دور "الفتى الدبدوب" أو "الحشرة سامسا" يفوق أي أداء متعارف عليه، حيث يستخدم جميع حواسه للتعبير إضافة إلى القدرة العالية في تحريك جسده، فنحن لم نكن نشاهد ممثلاً هاوياً في مسرح جامعي، بل ممثلاً محترفاً اشتغل على أدواته التعبيرية جيداً ووظف جميع أعضاء جسده للتعبير عن الأحداث والحالات النفسية المعقدة التي يتتطلبها الدور، فالدور الذي لعبه مصطفى دوراً شديد التركيب والتعقيد ويتطلب قدرات جسدية عالية جداً، وهذا ما قام به الفتى بجدارة.


السبت، 14 سبتمبر 2019

إسلام إمام يتفاءل رغم أنف فولتير على المسرح القومي




برغم أن الكاتب الفرنسي الكبير فولتير كتب رواية "كانديد" أو "التفاؤل" ليسخر من التفاؤل في عالم يراه مليئ بالشرور، إلا أن المخرج إسلام إمام أعد نص مسرحية "المتفائل" لتعزيز فكرة التفاؤل في الحياة مهما حدث لنا من شرور. عندما كتب فولتير روايته الفلسفية الخيالية "كانديد" في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، كان هناك مذهب فلسفي سائد في أوروبا كلها، للفيلسوف جوتفريد فيلهلم لايبنتز، اسمه التفاؤل يقوم على أساس" كل شئ سيسير إلى الأفضل في أفضل العوالم الممكنة"، وذلك لأن "الله إله محب للخير".


كان فولتير من أكثر المعارضين لهذا المذهب، فوفقاً له: كيف يمكن التفاؤل في ظل كل هذه الشرور التي تحيط بالعالم؟، متأثراً بحرب السنوات السبع في أوروبا 1756 إلى 1763، وزلزال لشبونة المدمر، وتسونامي التي نتج عنها حرائق عيد جميع القديسين. وفي الوقت الذي عانى فيه الفلاسفة من أجل تفسير كل هذه الكوارث ضمن سياق عالم مذهب التفاؤل الأفضل، كتب فولتير رواية "كانديد" وقصيدة "زلزال لشبونة"، التي وصف فيها الزلزال قائلاً أنه:"واحد من أفظع الكوارث في أفضل العوالم الممكنة".
هذه الرواية الكبيرة والتي تقع أحداثها في ثلاثين فصلاً، قام إسلام إمام بإعدادها للمسرح القومي متبنياً نظرية لايبنتز على عكس فولتير، ليجعل من البطل كانديد متفائلاً بالفعل رغم كل الكوارث التي يلقاها في حياته، فهو يحافظ على تفاؤله وأنه بالتأكيد سيصل لما يحلم به ويتمناه، مادام يحمل حباً للعالم أجمع ولا يرتكب الشرور.
يضبط إسلام النص بحيث يتوافق مع التقاليد العربية، فيجعل من كانديد إبناً لأخت الأمير التي تزوجت من رجل من عامة الشعب وبالتالي فإن كانديد محروماً من أن يكون أميراً، في حين يعتبر كانديد ابناً غير شرعي لأخي البارون في قلعة ويستفاليا بالنص الأصلي، قام بتسليمه إلى أحد المعلمين داخل القصر ليعلمه، فعلمه مبدأ التفاؤل هذا طوال حياته داخل القصر، لا يعلم أي شئ عن ما يدور خارجه، إلى أن اكتشف خاله "وفقاً لتعديلات إسلام" أنه يحب ابنته فيطرده من القصر لأنه لا يحق له التفكير فيها كزوجة، نظراً لأنه ليس أميراً .


يحاول إسلام أن يمصر النص بقدر الإمكان، فرغم أن عائلة كانديد سواء خاله وزوجته وابنتهما التي يحبها يحملون أسماءً فرنسية ويرتدون جميعاً ملابساً ذات طابع أوروبي ينتمي إلى القرن الثامن عشر في ظل ديكور ينتمي إلى طراز الروكوكو، إلا أنه ينجح في صنع نوع من الازدواجية بين الأجواء الفرنسية، والأجواء المصرية بشكل يصنع مواقف كوميدية مضحكة، يقودها النجم الكوميدي ذو الطابع الخاص جداً سامح حسين على خشبة المسرح، في مباراة للضحك الراقي تجمع بين سوسن ربيع ويوسف إسماعيل وسهر الصايغ وعزت زين.


في الوقت الذي يحتوي النص الأصلي لفولتير على كثير من المواقف المؤلمة التي تعرض لها كانديد بعد طرده من القصر، يقدم إسلام طبخته الخاصة على خشبة القومي، من خلال ديكور موحي وديناميكي، حيث يخرج كانديد من القصر ليتشرد في الشوارع معبراً عن ذلك بديكور متحرك لممرات تشبه قوس النصر يتنقل بينها سامح حسين "كانديد" حتى يصل في النهاية إلى مقر معسكر الجيش الهولندي الذي سيطر على فرنسا في حرب السنوات السبع، ليدور حواراً إنسانياً بسيطاً حول قيمة الإنسان في مقابل قيمة "فكرة الوطن" التي يبيعها الساسة للمواطنين البسطاء حتى يجرونهم في حروب مدمرة لتحقيق أطماع شخصية، وبعد أن يتمكن كانديد من الفرار من الجيش، ننتقل معه بسلاسة أيضاً إلى ديكور بسيط ولكنه شديد الإتقان والإيحاء لسفينة قراصنة يتورط معهم. وهنا يجب الإشارة إلى الفنان الصاعد والمتميز أمجد حجار الذي قام بدور القرصان، فأمجد يتميز بأسلوب خاص جداً في فن الكوميديا يبشر بوضعه على قمة النجومية قريباً، فلقد قدم مشهداً في غاية التميز مع سامح حسين، أشعلا فيه الصالة بالضحكات، حتى أكاد أجزم بأنه من أفضل المشاهد التي قدمتها المسرحية على الإطلاق.


ربما يلعب عنصر الديكور في مسرحية "المتفائل" دوراً بطولياً فلقد استطاع حازم شبل أن يقدم خطوطاً واضحة لديكور المسرحية، ورغم وضوح هذه الخطوط وانتمائها التاريخي للقرن الثامن عشر، إلا أنه أضاف عليها لمساته الموحية والتي بدت شديدة التضامن مع الأحداث لتبرزها وتؤكد عليها، ويتجلى ذلك في ديكور بوابات الشوارع المتحركة التي يتنقل بينها كانديد، وديكور سفينة القرصان وديكور جزيرة المجوهرات خاصة في المركبة التي تتحرك عليها الملكة "آيات مجدي" بعرض خشبة المسرح، ثم السفينة التي رحل عليها كانديد ليعود إلى ابنة خاله لينقذها.


كالعادة تبرع نعيمة عجمي في تصميم ملابس الشخصيات بمراحل تحولاتها، فهي لا تكل من الدراسة للعصور التاريخية المختلفة لأوروبا، وتتميز عن غيرها في وضع الخطوط الصحيحة لأزياء العصور الوسطى، كما تتمتع بخيال خصب لتصميم الشخصيات الفانتازية ويظهر هذا بوضوح في ملابس ملكة الجزيرة.
أوحت لي الأشعار التي كتبها طارق علي بأننا نشاهد كارتون مدبلج على قناة أطفال، ولا يمكنني التعليق على الألحان، فالكلمات فرضت هذا الشكل الطفولي عليها، وإن كانت المعالجة التي قدمها إسلام إمام بشكل عام وقعت في شرك السذاجة في التناول في كثير من المشاهد، أبرزها كان مشهد الجزيرة والملكة ، فلقد كان يليق للعرض أكثر على قناة سبيس تون.
مسرحية "المتفائل عمل مسرحي كلاسيكي لا يقدم رؤية جديدة لشكل المسرح التقليدي، وإن كنت أتساءل إن كان من المناسب لعصرنا الحالي تقديم عمل مسرحي مدته ثلاث ساعات ونصف؟!

المقال منشور بجريدة القاهر في أغسطس 2019 

الأربعاء، 11 سبتمبر 2019

مناضل عنتر يكسر نمطية الأداء الراقص في "الاستثنائي" بافتتاح القومي للمسرح 2019






يكسر مناضل عنتر مع عرضه "الاستثنائي" والذي قُدم على خشبة المسرح الكبير ضمن فقرات حفل افتتاح المهرجان القومي للمسرح، الإطار الحركي الذي ظل يعمل داخله لسنوات طويلة والذي لم يختلف عمن سبقوه في مدرسة الرقص المعاصر التي بدأت في مصر على يد وليد عوني.
في "الاستثنائي" يدخل مناضل في تجربة حركية جديدة تنتمي لموجة الرقص الحديث في العالم والذي دخل بالجسد إلى مناحي شديدة التعقيد في التعبير الحركي، تتطلب الكثير من القدرات الجسدية والتدريبات الشاقة على الرقص، وهو ما أستطيع أن أقول أن "الاستثنائي" وضع قدم مستقبل الرقص التعبيري في مصر على أول عتباته.
داخل علبة حديدية أو زنزانة على شكل علبة تدور أحداث العرض، حيث نشاهد مجموعة من الراقصين يجسدون محاولات الخروج من داخل هذه العلبة، للتعبير عن فكرة الاختلاف، فالمختلف هو من يشذ عن القاعدة دائماً ويخرج عن إطارها الخانق ليقدم الأفكار الجديدة ويعبر بحرية ويكسر القوالب التقليدية، ليدفع قاطرة الحياة نحو المستقبل.
نحن نشاهد طوال الوقت الراقصين وهم في محاولات دائمة للخروج من هذه العلبة أو القفص الحديدي ذو الأبواب المنتشرة على جوانبه، لكنهم يعودون داخلها مرة أخرى، أو يصعد بعضهم فوقها ليشاهد ما يدور في الأسفل من صراع في محاولة متعسرة للتعبير.
في ظني أن هذه العلبة ترمز لمسرح العلبة الإيطالية، الذي يحاول الفنانون طوال الوقت كسر قوالبه وهدم حائطه الرابع الوهمي الذي يفصل بين الفنانين والجمهور، ولذلك فكل المجددين في المسرح، قدموا أشكالاً مختلفة للفضاء المسرحي، حاولوا فيها تذويب الحواجز الفاصلة بين الممثل والجمهور، ليتحول الجمهور إلى شريك متورط في اللعبة المسرحية.


وقد اعتمد مهندس الديكور عمرو الأشرف على فكرة التجهيز في الفراغ، حيث لا يوجد ديكور اعتيادي للعمل، فقد قام بتصميم قفص حديدي كما ذكرت، ليجسد نمط التجهيز في الفراغ والذي يعتمد على وضع شخصيات أو عناصر مادية توضح وتعبر عن المعنى.
اعتمد مناضل عنتر في هذا العرض نوعاً مختلفاً من أنواع الرقص، يمكن أن نطلق عليه "رقص الشوارع" أو الـ Street Dance والذي يجمع عدداً من أنواع الرقص المختلفة مثل الباليه والبريك دانس والهيب هوب وغيرها بأساليب تعبيرية حركية أكثر جرأة وحدة، وهذا النوع من الرقص يحتاج إلى مستوى حركي عالي جداً لا يتوفر في مصر حتى بين المحترفين، ولذلك كانت المفاجأة أن نشاهد هذا المستوى العالي من الأداء الحركي مقارنة بما هو سائد لدينا، بحيث يشكل خطوة أولى أو بداية قوية في هذا الطريق، أتمنى أن تتطور لتبلغ المستويات العالمية التي حطمت جميع المقاييس السابقة في قوة الأداء الحركي الراقص.
يسقط مناضل اسم "الاستثنائي" على الفنان، الذي لا يقبل نمطية الحياة بل يسعى دائماً إلى قلب الجمود على رأسه، فهو لا يستطيع العيش في مكان مليئ بالأنماط المتكررة ولذلك فهو يكسر القوالب دائماً مهما كلفه الأمر من تضحيات وأحزان.
عرض "الاستثنائي" يعيد مناضل عنتر إلى الساحة الإبداعية المسرحية من جديد، بعد أن خلع عنه جلده البالي وارتدي ثياباً أدائية عصرية تحاكي لغة الحاضر في العالم أجمع.