الأربعاء، 31 مارس 2010

آية وفاطمة وزينب .....رفعتن رؤوس البنات

في الوقت الذي تشهد فيه الحركة التقدمية النسائية في مصر والعالم العربي، نكوصاً وتراجعاً، يوجع القلب ويحز في النفس، ويجعل نظرتنا نحن النساء إلى المستقبل شبه سوداوية، حيث بات معظمنا يخاف على مستقبل بناته من أن يكون مصيرهن مصير الجدات الأوائل، اللائي كن محكومات بالقهر والذل داخل الحريم، تظهر من وقت لآخر نماذج لفتيات و نساء يثبتن أنه مازالت هناك نساء لا بأس بأعدادهن، مؤمنات بعدالة حقهن المساوي للرجال في الحياة وأنهن لسن ناقصات ولا عورات.

آية مدني وفاطمة عمر وزينب السيد نماذج رائعة ومضيئة لهذا النموذج من الفتيات الذي نتمنى أن نجد مثله في كل المجالات، فآية مدني التي احتلت المركز الثامن في منافسات دورة الألعاب الأوليمبية التي أقيمت في بكين، ونجمة المنتخب المصري للخماسي الحديث، استطاعت مؤخراً أن تتصدر قمة التصنيف العالمي، حيث جاءت آية في صدارة ترتيب لاعبات العالم برصيد 215 نقطة متفوقة على البريطانية هينرفيل صاحبة فضية بكين والألمانية لينا شونيبون صاحبة ذهبية بكين، كما أنها تفوقت في التصنيف على إميلي كازيه صاحبة ذهبية بطولة العالم 2008 والتي جاءت في المركز الرابع مقارنة بآية التي تصدرت القائمة متفوقة على كل ما سبق من أسماء لبطلات العالم في الخماسي الحديث، مما ينبهنا إلى نقطة هامة جدا، ألا وهي أن آية لا ينقصها كلاعبة محترفة أي شيئ على المستوى الشخصي، وأن ما ينقصها فعلا هو اهتمام وزارتنا العظيمة راعية الرياضة والشباب بها، وتوفير المناخ الملائم لها كي تتفرغ لتدريباتها دون التفكير في أي شيئ آخر في الحياة، تماما مثلما تفعل كل الدول المحترمة مع مواهبها الرياضية، خاصة أن آية عندما تحصل على مركزا متقدما في لعبتها على مستوى العالم، لا تحصل عليه لنفسها، لكن تحصل عليه باسم دولتها، أي أن النفع لنا نحن المصريون وللدولة التي نتبعها، ألا وهي بالمناسبة إذا كان أحد مسئولي الشباب والرياضة قد نسى، جمهورية مصر العربية.

أما الرائعتين فاطمة عمر وزينب السيد، فقد عادتا من منافسات الأولمبياد المخصص لذوي الاحتياجات الخاصة، مكللات بالفل والياسمين وأول ميدالية ذهبية جلبتها فاطمة إلى مصر في أولمبياد 2008، الذي عاد منه الأصحاء بدنياً ( كما زعموا) خاليين الوفاض، فقد استطاعت فاطمة أن ترفع 141.5 كجم محققة بذلك رقماً أولمبياً وعالمياً جديدا ضمن منافسات الأولمبياد الخاص بذوي الاحتياجات الخاصة، وهو نفسه التي عادت منه زينب بالمركز الثالث والميدالية البرونزية في مجال رفع الأثقال أيضاً عن وزن 44 كيلو.

ما يجذب الانتباه فعلاً في انتصارات آية وفاطمة وزينب، أنهن حققن انتصارات رياضية مذهلة في مجالات رياضية تتطلب قوة بدنية كبيرة، فالخماسي الحديث ورفع الأثقال لعبتين تحتاجان قوة عضلية وإرادة من حديد حتى يكمل فيها الانسان الطريق إلى النهاية بشكل عام، فما بالكم بالنساء اللائي يدأب مجتمعنا العزيز بوصفهن بالرقيقات الناعمات الضعيفات المحتاجات دائماً إلى رعاية ووصاية من أي ذكر أياً كان شكله!..لذلك فإن البطولات التي حققتها هؤلاء البنات الرائعات، لا يمكن وصفها بأنها انتصارات عادية للمرأة المصرية، لكنها أيضاً إثباتاً جديداً يعيد إلى الأذهان الصورة الحديثة عن المرأة التي حاولت الدولة المصرية المدنية في الخمسينات والستينات من القرن الماضي أن تكرسها في الأذهان، لكن للأسف مع ضعف تلك الدولة المدنية المأمولة أمام المشروع الأصولي في المنطقة (لسن بصدد مناقشة الأسباب هنا)، بدأت تغيب قيم المرأة القوية المساوية للرجل، لتحل محلها فكرة القوارير، التي نتمنى أن تختفي قريباً.

العزيزات آية وفاطمة وزينب، لقد ذكرتموني بأسماء بنت أبي كعب المقاتلة الشرسة في صفوف جيش الرسول والتي زادت عنه في "أحد" عندما حمل عليه المشركين بسهامهم، والتي انقضت على مسيلمة الكذاب في حروب الردة و ماتت وجسدها يحمل إحدى عشر طعنة من إثر الحروب التي شاركت فيها الرسول وخلفائه من بعده، وحاربت مع ابنها الذي أنشأته محارباً شرساً مثلها. وخولة بنت الأزور التي قادت كتيبة في صفوف خالد بن الوليد في غزوة تبوك وحررت أخيها من الأسر كثيراً ومنعت مع كتيبتها النسائية الرجال عندما اشتد وطيس الحرب على المسلمين من الانسحاب والتقهقر إلى الوراء ودفعوهن إلى إكمال النزال حتى النصر أو الشهادة.

هكذا تكون البنات وهكذا تكون النساء....لذلك أقول ورأسي شامخة لأنني أنتمي للجنس الذي تنتمون إليه : رفعتن رؤوس النساء يا أجمل البنات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق