الأربعاء، 31 مارس 2010

أحمد ومريم ونور...ضحية من؟

لا يمكنني التفكير في مصير أحمد صلاح وزوجته مريم المسيحية التي تحولت إلى الإسلام وطفلتهما نور، سوى بانزعاج شديد، فهي بلا شك حادثة يشيب لها رأس الولدان كما يقولون، استقبلناها جميعاً مسلمون ومسيحيون على أرض مصر بكثير من الحزن والأسى. ورغم ما أثارته تلك القضية من توتر طائفي مؤسف على الصعيدين المسلم والمسيحي في مصر، دعا البعض إلى الإدعاء بأن هناك ميليشيات مسيحية مسلحة تظهر على السطح في مواجهة الميليشيات المسلمة الموجودة منذ زمن، إلا أنني لا أستطيع أن أنظر إلى تلك القضية من هذه الزاوية ولا أن أصدق أن هناك بالفعل ميليشيات مسيحية أو مسلمة على أرض الكنانة.
دعونا نفكر في هذه القضية بهدوء شديد وبعيداً عن أي تعصب ديني. إن الحادثة في شكلها الظاهري ما هي إلا حادثة شرف مثلها مثل أي حادثة قتل يقوم بها أحد ذكور العائلات المتحفظة ضد امرأة خرجت عن ناموس التقاليد العتيقة للعائلات المصرية كواحدة من البلدان ذات التقاليد الشرقية الخاصة بالنساء، وهنا لا أحاول التقليل من شأن بشاعة ما حدث، بل أنني أطالب بأن يكون هناك توعية حقيقية بين الناس لرفع مستوى تفكيرهم الخاص بالمرأة ومفهوم الشرف الذي يتم حصره فيها وفي موضوع جسدها، حيث أن المرأة في حقيقة الأمر كائن حر في اختيار مقدراته ولا تمثل شرفاً لأي أحد حتى لو كانت عائلتها.

الشق الثاني للقضية هو مسألة التحول الديني في بلادنا، فالقانون المصري يقر بحرية الأفراد في اختيار العقيدة، لكنه يحد من تلك الحرية بإقراره الشريعة الإسلامية كمصدر أساسي للتشريع، ووفقاً للمتعارف عليه أن من يتحول عن الإسلام مرتد ويجب أن يقام عليه حد الردة ( مع التحفظ على موضوع حد الردة لاختلاف العلماء حوله)، وبالتالي لا يستطيع من وُلِدَ على الإسلام أن يتحول عنه على الأقل بشكل علني رسمي (حادثة محمد حجازي مثالاً)، لكنه في نفس الوقت بإمكان من وُلِدَ على المسيحية أن يتحول عنها علنياً ورسمياً، وهنا في رأيي تكمن المشكلة التي تزيد من حالة الاحتقان بين المسلمين والمسيحيين من أبناء الوطن الواحد، حيث يكون الظاهر هو إقبال المسيحيين على الاسلام والعكس صحيح، مما يخلق عداءً بين الطرفين واستعلاءً لطرف على الطرف الآخر. وفي رأيي المتواضع، إن لم تكن الدولة بقادرة على إقرار حق المسلم في التحول عن الاسلام قانوناً، فلتمنع بالقانون أيضاً إمكانية التحول عن المسيحية وبالتالي تعترف بعدم إقرار حرية الأفراد في اختيار العقيدة وتكون المساواة في الظلم أكبر عدل تحققه بين مواطنيها.

الشق الثالث للقضية وهو يندرج تحت مبدأ المساواة في الظلم عدل أيضاً، هو أن الإسلام يبيح للمسلم الزواج من كتابية بينما يمنع ذلك عن المرأة المسلمة التي لا يحق لها الزواج من غير المسلم، في حين لا تقر الديانة المسيحية زواج المسيحي أو المسيحية من غير التابعين لديانتهم، ووفقاً لما سبق لم نشهد على مدار التاريخ زواج مسيحي من مسلمة حيث لا تقر الشريعة الإسلامية وبالتالي القانون هذه الحالة، لكننا شهدنا زواجاً بين مسلم ومسيحية حيث تقر الشريعة الإسلامية والقانون ذلك، بينما لا تقره الشريعة المسيحية. هنا يا سادة نصل إلى النقطة الرئيسية في الموضوع، وهو أن المسيحية التي تتزوج من مسلما تكون قد خرجت عن ناموس ديانتها وبالتالي عن طوع وقبول عائلتها، كما أن زواج مسيحيات من مسلمين يقلل من عدد النساء في سن الزواج داخل الصفوف المسيحية مما يتسبب بشكل أوبآخر في خلل سكاني. لذلك أعتقد أنه من مبدأ إقرار العدل والمساواة بين المواطنين في جميع الحقوق والواجبات أن تعمل الدولة على سن قانون يمنع زواج المسيحيات من مسلمين. وعلى الرجل المسلم الذي يرغب في الزواج من مسيحية أياً كان السبب أن يتحمل الابتعاد عنها تماما مثلما يفعل المسيحي عندما يقع في حب مسلمة، أو فلتُقر الدولة الزواج المدني قانوناً ولتترك من يرغب في عقد زواجه خارج الكيان الديني المسلم أو المسيحي، أن يفعل ذلك دون النظر إلى ديانة أو طائفة طرفي الزواج.

وحتى لا يزايد على ولائي لديني المزايدون، فأنا أعلن تسليمي بكافة أحكام الله التي ذكرها في قرآنه، لكنني وبكل بساطة من منطلق العدل الذي أومن به، ومن منطلق عشقي لوطني ورغبتي في أن يعيش المصريون جميعاً في ظل مفهوم عادل متساوي لحقوق المواطنة أياً كان دينهم أو طائفتهم، وحتى لا يطل شبح مثل تلك الحوادث برأسه المفزع علينا مرة أخرى، أطالب الحكومة المصرية بتشريعات جديدة تطبق ما سبق وذكرته حقنا لدماء المصريين....وقلبي مع مريم في مصابها في زوجها وأسأل الله إتمام شفائها وابنتها...آمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق