الأحد، 18 ديسمبر 2011

"مش قادرة أفتح عيوني يا مصر"


احتجت كثيراً هذا الصباح حتى أقنع نفسي بالنهوض من الفراش. لم أكن أشعر بأي تعب جسدي، فقط طفت قروح الروح على سطح نفسي فامتلأت بالسقم: "مش قادرة أفتح عيوني يا مصر". لا أرغب في أن أرى جنود وطني الذين قال عنهم رسول الله؛ خير أجناد الأرض، وهم يدهسون بكعوب أحزيتهم صدراً عارياً لفتاة مصرية. لا أرغب في أن أرى جنود وطني، ينهالون بعصيهم على رأس شاب مصري لا يهتف سوى بوطني هو مصر، لا أرغب أن أرى فوهات بنادق جنود وطني موجهة إلى صدر طفل في عمر أبنائي، لا أرغب في أن أسمع أقذع السباب يصدر من فم جندي مصري، ساباً به بنات وشباب نفس البلد التي نحمل جميعاً جنسيتها، جنسيتك أنت يا مصر.

"مش قادرة أفتح عيوني يا مصر"، لا أرغب في أن أرى ديني يُهان على أيدي المرتزقة وأصحاب اللحى المزيفة، الذين ينادون بالحجاب والنقاب ولا يفزعون لمرأى امرأة مصرية مسلمة  يُنزع عنها حجابها ونقابها بمنتهى الوحشية والعنف، ثم لا تجد من يدافع عنها سوى من يشوهون صورتهم ويقولون عنهم: " العلمانيون الكفرة". لا أرغب في أن أرى مزيداً من المشايخ والدعاة الكذابين، الذين أساءوا للإسلام وأساءوا إلينا، بينما سقط الشيخ عماد عفت فلم يوجهوا وجههم سوى شطر صناديق الانتخابات، يرقدون فوقها ويضعونها فوق الشرف والعرض والنخوة.

"مش قادرة أفتح عيوني يا مصر"، لا أرغب في أن أرى شباب بلادي منقسم على نفسه، بعضهم هائم على وجهه في حرب لا نهائية ضد العسكر الذين انتهكونا وداسوا على رؤوسنا ببياداتهم، والبعض الآخر لا يرغب في أن يصدق سوى العسكر وينقلب على أخيه من أجل وهم الاستقرار الهلامي. لا أرغب في أن أرى نساء بلادي يجهلن حتى القراءة والكتابة ويذهبن إلى صناديق الاقتراع، ليمنحن أصواتهن لمن يهدف إلى الانقضاض على حقوقهن في المستقبل. لا أرغب أن أرى تاريخ مصر يُستباح على أيدي من يدعون أنهم حماة الوطن، فيشعلون النار في المجمع العلمي، لسبب لا يعلمه سوى الله، لكنه قد يكون محاولة قميئة لبيع تراث مصر للصهاينة، والتغطية عليه بحريق، يتم تلفيقه للثوار.

"مش قادرة أفتح عيوني مصر" هناك الكثير الذي لا أرغب في أن أراه، فأنت جميلة وتستحقين الكثير، ونحن يا مصر أجمل ما فيكي ونستحق الأكثر، فلماذا تضنين علينا بأيام فرح مكتملة؟ لماذا تضنين علينا ببسمة تتسع لتشمل وجوهنا جميعاً؟ لماذا لا تمنحينا سوى العسكر وتجار الدين  والنخاسين؟ لماذا لا تمنحينا أرضاً ممهدة نسير عليها دون أن نتعثر؟ لماذا لا تمنحينا يوماً نستيقظ فيه دون هموم رابضة على صدورونا، فنستطيع أن نفتح عيوننا عن آخرها، لنبصر ضوء الشمس المبهر.




"أنا نفسي أفتح عيوني يا مصر عشان أشوف الفرحة مش الألم .... ممكن تساعديني؟"

الأربعاء، 30 نوفمبر 2011

الوجه العنيف للإسلام في أمريكا ...الأسباب والحلول

ترجمة : أمنية طلعت


عادت قضية "جوز بيمنتل" - أحد الأمريكيين المسلمين المتعاطفين مع فكر "القاعدة" والمتهم بالتآمر لتنفيذ هجوم انتحاري في نيويورك، - لتلقي الضوء على مسألة انبهار الأمريكيين المتحولين إلى الإسلام، بفكرة العنف أو ما هو معروف إسلامياً بالجهاد. هل هناك شيئ ما يكمن في عملية التحول الديني إلى الإسلام، تجعل المواطنين الطبيعيين ينقلبون إلى ملائكة موت؟

وكي نجيب على هذا السؤال دعونا نلقي نظرة على نموذج المتحولون إلى الإسلام في الغرب. في الجيل السابق يوجد لدينا نماذج متميزة للمتحولين دينياً مثل يوسف إسلام أو (كات ستيفن)، كذلك الشيخ حمزة يوسف أو (نجريد ماتسون) والذي أسس جامعة لعلوم الدين الإسلامي في أمريكا ومعروف بعلمانيته، وبالطبع أكثرهم نجومية محمد علي كلاي الملاكم الشهير. كل واحد منهم جلب موهبته غير الاعتيادية إلى الإسلام وقدم وجهاً حضارياً لفهم أفضل للدين بين المسلمين وغيرهم.

أما الجيل الأسبق فقد فعل نفس الشيئ، فبرغم أن هؤلاء المسلمين تحولوا عندما كانت القوى الإستعمارية الأوروبية تحتل وتحكم العالم الإسلامي، غلا أن رسالتهم دائماً كانت تقوم على التفاهم والاندماج داخل مجتمعاتهم. محمد أسعد ومارمادوك بيكثال قدما مثالين رائعين لذلك، فكليهما ترجما القرآن إلى الإنجليزية وبذلك سهلا التعرف على الدين الإسلامي لملايين الأوروبيين والأمريكيين الذين مازالوا يقرأون هاتين الترجمتين.

إذا ما الذي تغير اليوم؟ لماذا نرى عدداص من المريكيين المتحولين إلى الإسلام، يتآمرون ضد بلدهم أمريكا؟ من أجل أن أجيب على هذا السؤال، تنقلت مؤخراً وعلى مدار عام تقريباً بين الولايات الأمريكية المختلفة، يصحبني فريق من الباحثين، وقد قمنا بنشر ما توصلنا إليه في كتاب "رحلة عبر أمريكا"، من إصدارات 20المسلم الذي 10، وقد توصلنا إلى؛ ان المجتمع المسلم في أمريكا، يشعر بعظيم التقدير لكونه موجود في الولايات المتحدة الأمريكية ويحمل جنسيتها، لكنه في نفس الوقت يتشارك الإحساس بأنه تحت الحصار منذ حادثة 11 سبتمبر، فقد رأوا دينهم وثقافتهم وتقاليدهم تُهان ويُسخر منها بلا رحمة، إضافة إلى تأثرهم بالاعتداء على المساجد وعلى النساء الملتزمة باللباس الإسلامي.

المشكلة التي وقفنا عليها، لم تقتصر فقط على الإسلاموفوبيا المنتشرة بقوة، بل أيضاً - وهو ما أفزعنا- رأينا القيادات الإسلامية غير محددة الأهداف أو الاستراتيجية، فالقيادة المسلمة غالباً مقسمة على نفسها عرقياً وطائفياً وغير قادرة على خلق رؤية جمعية نقدمها للمجتمع في الولايات المتحدة. ونخص بالذكر القيادات الدينية التي فيما يبدو غير متواصلة مع بعضها البعض ولا مع البيئة الثقافية التي يعيشون فيها والتي تربى فيها الجيل الصغير من المسلمين.

وفي ظل غياب رسالة واضحة تؤكد السلام ووالتعاطف الذي يستقر في قلب الإسلام، ملأ الفراغ رسائل أخرى تركز على العنف والمواجهة والتي صدرت من قيادات إسلامية أخرة مثل أنور العولقي. وكي نلخص المسألة فقد أدى هذا إلى انقسام الشخصيات السياسية الأمريكية إلى فريق عدائي تجاه الإسلام وآخر مختلف معه. هذا المشهد المظلم يتأثر أيضاً بالتدخل الأمريكي السافر في كافة البلاد الإسلامية المنتشرة في أفريقيا وآسيا. فالحرب الأمريكية في أفغانستان تبدو وكان لا نهاية لها، حتى أصبحت حربها الأطول تاريخياً، ففي بلاد مثل باكستان وأفغانستان وصلت الكراهية لأمريكا إلى ذروتها.

في ظل هذه الجواء يتحول الشباب والفتيات الغربيين إلى الإسلام، مقارنين بين مفاهيمهم عن العدالة وحقوق الإنسان وبين المعاناة والظلم اللذين يعانيان منها المسلمون في بلادهم، ومع نقص الإرشاد الواضح من قيادات إسلامية محلية، حيث يتم إغرائهم دائماً برسالات رجال مثل العولقي. من هناك، الخطوة باتجاه التآمر من أجل تفجير قنبلة يعد أمراً بسيطاً.

ومن منطلق احتمال انزلاق شخص داخل الشبكة الإدارية لهذا الفكر، ويذهب بالفعل لتفجير قنبلة يقتل بها آلاف من المدنيين، قمنا بترشيح عدد من الخطوات التي نحتاج إلى تفعيلها بشكل عاجل، ومنها ربط القيادات الإسلامية بالأنشطة الثقافية والفكرية والسياسية والدينية في المجتمع، وذلك كي نقضي على عزلتهم داخل المجتمع، خاصة وأنه من الشائع في العالم الآن، أن الإسلام لا يتوافق والشروط المدنية والحضارية للحياة المعاصرة. إذا لم نقم بعمل ذلك فوراً، فسنقابل في المستقبل؛ عددا كبيرا من نموذج "جوز بيمنتل" يعملون على تفجير المجتمع.

دكتور: أكبر أحمد

رئيس قسم الدراسات الإسلامية في الجامعة المريكية بواشنطن
مترجم عن جريدة الواشنطن بوست

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011

بشائر الاستقرار ..بورصة بخير وشعب يبحث عن أنبوبة غاز


نظراً لأن الشعب المصري هو آخر من يأتي في قائمة أولويات حكام مصر قبل ثورة 25 يناير وبعدها، في حين تأتي مؤشرات البورصة ومصالح رجال الأعمال والقوى العالمية في المقدمة، فقد ظهرت والحمد لله أولى علامات الاستقرار الذي يرجوه المجلس العسكري والولايات المتحدة والخليج والإخوان المسلمون لمصر، عقب مرور أول يوم من المرحلة الأولى للإنتخابات التشريعية، فقد استطاعت البورصة لأول مرة منذ ثورة 25 يناير أن تحقق أرباحاً كبيرة ويضيئ اللون الأخضر في مؤشراتها، في حين يدور المواطنون المصريون حول أنفسهم من أجل الحصول على أنبوبة غاز وإن وصل أحدهم إلى واحدة يدفع أربعين جنيهاً على أقل تقدير ثمناً لها. كذلك تمكنت الشرطة من استلام شحنة قنابل الغاز المسيل للدموع المستوردة، بعد أن تم القضاء على حركة التمرد وسط صفوف موظفي الجمارك.

الآن نستطيع أن نقول أن مصر بخير، خاصة بعد أن حقق رجال الشرطة والجيش إحكام سيطرتهم على اللجان الانتخابية في كافة الدوائر، ولم يحدث أي نوع من العنف، سوى بعض التجاوزات القانونية للأحزاب المختلفة، وصلت لأكثر من 1700 مخالفة، والتي تصدر مشهدها حزب الحرية والعدالة وحزب النور، في حين تركوا شوارع مصر تأكل بعضها بعضاً. اختفى رجال المرور من ما يقرب الـ 80% من شوارع القاهرة وتركوا سائقي السيارات يصارعون بعضهم البعض من أجل القيادة على الأسفلت المصري، كذلك تركوا المسيحيون يُقتلون وتُنهب محالهم التجارية في قرية الغريزات بسوهاج. وفي الوقت الذي اختفى فيه البلطجية تماماً جوار وحول اللجان الانتخابية، ظهروا في التحرير وحده، وتعرضت صيدليات ومستشفيات ميدان التحرير للنهب المنظم من قبل جماعات ادعت أنها تابعة إلى لجنة الإغاثة الخاصة بنقابة الأطباء وأخرى إدعت انها تابعة إلى الدكتور صفوت حجازي وترغب في إرسال الدواء والأجهزة الطبية لنصرة أخوتنا في السودان وغزة!  وعقب إغلاق اللجان الانتخابية وانتهاء التصويت الخاص بالمرحلة الأولى، عاد البلطجية إلى بقعة الضوء مرة أخرى وهجموا على المعتصمين في ميدان التحرير، مستخدمين قنابل المولوتوف وطلقات الخرطوش التي أصبحت بقدرة قادر في يد بلطجية، بعد أن كانت اللعبة الأثيرة في أيدي رجال الشرطة ...يا سبحان الله!.

مما سبق أوجه تحياتي إلى المجلس العسكري وفصيل الأخوان وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، لأنهم تمكنوا بجهودهم المباركة أن يصعدوا بمؤشر البورصة إلى أعلى مستوياته، كذلك حققوا السعادة والأمان لكل أفراد الشعب الذي سيناله أكبر الحظوظ من قنابل الغاز، في حين سيمضي عمره كله يبحث عن أنابيب الغاز أو البنزين أو الأرز أو الزيت أو السكر أو يبحث عن وظيفة ومستشفى مناسب يعالجه وأسرته أومدرسة محترمة يعلم فيها أولاده أو شارع نظيف لا تحاصره فيه القمامة...الآن وقد وصلنا إلى الاستقرار العظيم واطمأنت قلوبنا على عودة أرصدة المليارديرات إلى الصعود في البنوك، هيا بنا ننام ودعوا المختلين عقليا والذين يُسمون أنفسهم ثواراً يتجمدون من البرد في التحرير، أو يذوبون مع المطر.






الاثنين، 21 نوفمبر 2011

"عضمة" يلقيها لنا العسكر ...قانون العزل السياسي


هل كان علينا أن نضحي بأكثر من 33 شهيداً وبعيون مالك مصطفى وأحمد عبدالفتاح وأحمد حرارة وغيرهم، وإصابة أكثر من ألفين مصري وطني بإصابات مختلفة وبالغة الخطورة، حتى يستجيب المجلس العسكري ويتعطف علينا ويوقع على قانون العزل السياسي لرجال النظام السابق؟

الإجابة " لأ" ... لم يذهب كل هؤلاء إلى ميدان التحرير ويتحملون العنف المتعمد من قبل أفراد الأمن المركزي وعناصر الشرطة على اختلافهم، وتُلقى بجثثهم جوار حاويات القمامة، من أجل تلك "العضمة" التي تلقون بها إلينا يا أيها السادة، بل ذهبوا من أجل تصحيح مسار ثورتهم التي قفزتم عليها وسرقتموها ولويتم عنقها من أجل الحفاظ على مصالحكم وأموالكم، لتعود ريمة لعادتها القديمة، ويبقى الشعب المصري كما هو، يعيش تحت خط الفقر وعلى الهامش في بلده.

قانون العزل السياسي، لم يكن سوى إجراء نطالب به حتى نضمن مصداقية الانتخابات التشريعية القادمة، لكنه وبعد ما حدث، لا قيمة له، لأن المطلب الحقيقي الآن، هو مجلس رئاسي مدني يقود مصر وشعبها في انتخاباته القادمة، وتحديد موعد أقصاه مارس القادم للانتخابات الرئاسية، وتنحي المجلس العسكري تماماً ونهائياً عن حكم مصر، فقد أثبت بالدليل القاطع أنه لا يصلح، واستقالة حكومة شرف الفاشلة والتي لم تجلب لنا سوى العار والتخبط وإحداث مهزلة كبرى على الساحة السياسية والاقتصادية المصرية.

نحن لسنا بالكلاب يا سيادة المشير لنفرح بالـ "عضمة" التي ألقيتها إلينا، نحن مصريون وطنيون نطالب بدولة مدنية عادلة تحقق التكافؤ والمساواة بين جميع أطرافها بغض النظر عن انتمائهم الديني أو السياسي أو العرقي، وكفانا ما أحدثته من عار بالمحاكمات العسكرية والفتن الطائفية وإقحام الدين في السياسة بواسطة جماعات مأجورة، وتعمد إحداث انفلات أمني في الشارع، وإطلاق بلطجية رجال مبارك علينا لزعزعة استقرارنا، والتباطؤ في الحكم على مبارك وعائلته ورجاله، وتعمد ضرب الاقتصاد المصري والسياحة المصرية بقرارتكم الخاطئة، وفتح الباب لمفسدين جدد كي يقتلوا حركة الإصلاح القادمة، وافتعال أزمات طائفية جديدة بين سلفيين وطرق صوفية ورجال أزهر وشيعة ......كفاية يا سيادة المشير ....كفاااااااية.

لا عسكر بعد اليوم ...وعن نفسي ..أنا في التحرير.   


الأحد، 20 نوفمبر 2011

"سوفت وير" حكام مصر لازم يتغير "حقيقة ما يحدث في التحرير"

من المضحك المبكي في نفس الآن، أن نشاهد في القنوات المصرية ونقرأ في جرائدنا اليومية، نفس التعليقات والردود التي كانت حكومات مبارك، ومبارك وآل مبارك يرددونها، أن المعتصمين في التحرير لا يمتّون إلى المصريين الشرفاء بصلة، وأنهم ينفذون مخططاً صهيونياً أو إيرانياً أو من بلاد الواق الواق لنسف استقرار مصر، وأمنها، واقتصادها، واجتماعها، وطبيخها، وغسيلها، ....إلخ إلخ.
في الحقيقة لا أدري، متى سيغير المتوالون على حكم مصر الـ"سوفت وير" الخاص بهم؟ كنت أتخيـّل أن العسكر سيستفيدون شيئاً مما حدث لمبارك وآله، وبدلاً من استيراد أنواع جديدة وحديثة من قنابل الغاز والرصاص المطاطي والخراطيش، سيستوردون "سوفت وير" جديداً لإدارة الوضع في البلاد حتى لا تتأزم الحالة بالإصرار على تطبيق "مانفيستو" الخمسينيات على شعب تخطى حاجز التليفزيون "الأبيض واسود" إلى الـ"آي باد" والـ"بلاك بيري".
لم أكن على اقتناع كامل بإقامة مليونية الجمعة الماضية، لأنني تنبأت لها بأن تتحول إلى مليونية ترويج للقوائم الانتخابية للأحزاب الدينية، خاصة بعد أن دس الإخوان والسلفيون أنوفهم فيها، وسرقوها من الائتلافات الثورية الشبابية التي دعت إليها لرفض استمرار الحكم العسكري للبلاد والدعوة لمجلس رئاسي مدني.
وبالطبع كما تنبأت تماماً تحولت إلى جمعة ترويج انتخابي، وانسحب شخوص مثل حازم أبو اسماعيل من الميدان، برغم دعواته الجهورية العنترية المضادة للمجلس العسكري، واستخدامه صيغاً تحذيرية عنيفة ضده، كنت أتساءل حين أتابعها، عما يمكن لـ"أبواسماعيل" القيام به، إن لم ينصع المجلس العسكري لتحذيراته؟؟؟ وفي الحقيقة أثبت زعيم حزب النور أنه قادر على تنفيذ كلمته، وترك الميدان معلقاً الاعتصام، الذي كان أول من أصر على إقامته !!!!!!
حتى صباح السبت لم أكن مقتنعة بوجود الناس واعتصامهم في التحرير، حيث أن العسكر صموا آذانهم تماماً عن سماع صوت الشعب المصري، واستمروا في استخدام "مانفيستو" النصف الأول من القرن الماضي، حيث القبض على النشطاء بدعوى أنهم محرضين على الفتن (حالة علاء عبد الفتاح مثالاً)، أو لأنهم بلطجية والاستمرار في محاكمتهم عسكرياً، في حين يحاكم العسكريون مدنياً (حالة حسني مبارك مثالاً). لن أدخل في تفاصيل ألعاب الإخوان والأحزاب السلفية وعلاقتها بحكومتنا الغراء ولا تجاهل حقوق المرأة وتجاهل وجودها في أي تمثيل وزاري أو سياسي أو فكري، أو التعامل الإرهابي المقيت مع ملف المسيحيين في مصر والإصرار على عزلهم سياسياً.
فقط سأقول أن الحالة كلها لم تكن تدعوني إلى الاقتناع بإقامة مليونية أو اعتصام لأنهم عادوا إلى سيرتهم الأولى أو سيرة زعيمهم مبارك الأولى، "الكلاب تعوي والقافلة تسير"، وطبعاً أقصد بالكلاب، نحن الشعب.
لكن ببساطة شديدة، عندما يخرج رجال الأمن المركزي على بضعة عشرات من مصابي الثورة، المعتصمين داخل خيامهم بصينية التحرير، ويفضون اعتصامهم بالقوة ضاربين إياهم على أماكن إصابتهم؟ ثم يخرج علينا رئيس وزرائنا عصام شرف، الخطيب المفوّه الذي أتينا به من الشارع، أقصد من التحرير!.. يخرج ويكتب على حسابه الخاص بـ"تويتر" و"فيس بوك"، انه مؤمن بحق المواطنين في الاعتصام وإبداء الرأي، في نفس الوقت الذي يسحل فيه رجال العيسوي المتظاهرين في الميدان ويلقون عليهم بقنابل الغاز ويوجهون إلى أعينهم الخراطيش، ويتوارد إلينا فقد الناشط والمدون مالك مصطفى، ومصور المصري اليوم أحمد عبد الفتاح لعينيهما، بينما نعرف أن الصحفية رشا العزب أصيبت بخرطوش في وجهها.. ثم تتسارع الأحداث ويصعد بلطجية الشرطة على أسطح المنازل في باب اللوق وشارع محمد محمود ليلقوا بقنابل المولوتوف على المتظاهرين، وتتوارد إلينا أخبار عن وصول الجرحى إلى أكثر من ستمائة وسقوط أول شهيد من بين صفوف الشباب.... حينها لا يمكن سوى الهتاف مع شباب التحرير: "يسقط يسقط حكم العسكر... إحنا الشعب الخط الأحمر".
أيا حكام مصر العظام، سواء كنتم تلبسون الكاكي أو البدلة وربطة العنق أو تركبون ذقوناً أو تحلقون شوارباً... غيروا السوفت الوير الخاص بعقولكم... استوردوا قطع غيار حديثة لأدمغتكم ...مصر 2011 لن تعود إلى الخلف، فإما تسيرون معنا إلى الأمام أو تبقون وحدكم هناك خلف ظهورنا... في المؤخرة.

الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

علياء المهدي... من ثائرة على المجتمع إلى حجر في وجهه

ملاحظة عابرة:

مدونة "مذكرات ثائرة" احتوت على عدة صور لفتيات عاريات ومعهم فتى آخر عارٍ تماماً يجلس في وضع، يضع عورته " عضوه الذكري" في وجه أي انسان يمر على الصورة حتى ولو سريعاً. السؤال: لماذا ترك كل أهل المحروسة صورة الذكر العاري وركز على المرأة العارية؟ لا أنتظر الإجابة الآن، لكنني متأكدة أن علماء النفس والاجتماع سوف يضعون ملاحظتي قيد الدراسة التحليلية للشخصية المصرية وسيجيبون على السؤال بصراحة شديدة، ربما بعد عشرة أعوام من الآن.


وبعد أن كسرت تابوه الكتابة، بادئة موضوعي بملاحظة، دعونا ندخل إلى عالم علياء ماجدة المهدي التي كسرت تابوهاً أكبر بكثير "تابوه الجسد". علياء، تلك الفتاة التي تبدو من ملامحها، أنها لم تتجاوز السابعة عشر من عمرها، رغم إعلانها أنها تجاوزت العشرين، والتي تُسمي نفسها بعلياء ماجدة المهدي، ما يُدلل على إيمانها واقتناعها بأحقية الأم في أن يحمل أبنائها اسمها تماماً مثل الأب، قامت بنشر صورها عارية على مدونتها الثانية "مذكرات ثائرة" في مصر، الدولة التي يلقبها كثيرون بالدولة الإسلامية الشرقية المحافظة. مع الصور تنشر علياء بضعة سطور قليلة تقول فيها: حاكموا الموديلز العراة الذين عملوا في كلية الفنون الجميلة حتي أوائل السبعينات و اخفوا كتب الفن و كسروا التماثيل العارية الأثرية, ثم اخلعوا ملابسكم و انظروا إلي أنفسكم في المرآة و احرقوا أجسادكم التي تحتقروها لتتخلصوا من عقدكم الجنسية إلي الأبد قبل أن توجهوا لي إهاناتكم العنصرية أو تنكروا حريتي في التعبير.

بمجرد أن ننزل ببصرنا قليلاً نحو التعليقات الصادرة من زائري المدونة، سنجد كثيراً من السباب الوقح والخارج عن حدود الأدب والأعراف والأديان، رغم أنهم بسببابهم، وكما هو مفترض، يحاربون الرزيلة التي اقترفتها علياء على الملأ، بالتعري كاملاً على صفحات الإنترنت. ربما نجد بعضاً من هؤلاء وبعيداً عن جسد علياء، زائراً دائماً لأجساد الغربيات والموديلات الأمريكية في مواقع أخرى أجنبية، يعمد العديد من أبناء العرب إلى كسر "بروكسي" الإنترنت كي يتمكنوا من تصفحها ومتابعة حركة الأجساد العارية للنساء على الساحة العالمية. ناهيك عن أفلام "البورن" التي تشمل نسخاً عربية، ويتم تبادلها عبر البلوتوث، ما جعل دولة مثل السعودية، تصدر قراراً ذات يوم بعدم تداول بيع وشراء أجهزة المحمول التي تحوي تقنية البلوتوث، وذلك بسبب الفضائح التي خرجت من حدود المملكة عبر الفضاء البلوتوثي العربي والغربي.

علياء وبعيداً عن جسدها، الذي علق أحدهم عليه، بأنه ليس بالجميل الذي يستحق أن يتعرى! قائلاً في تعليقه:" يععع إيه القرف ده". تمتلك مدونة بدأتها منذ عام 2008، تحمل نفس الاسم "مذكرات ثائرة"، ولكنها من خلالها تقدم أفكارها أو تعبر عن أسبابها التي جعلتها تقرر الخروج عن المجتمع وقلب تابوهاته رأساً على عقب، بهذه الطريقة المدوية!!!

في مدونة بعنوان " مذكرات بنات مفروسة" تتحدث بأسلوب بسيط ولكنه ذكي جداً، عن التفرقة في التربية داخل البيت الواحد، بين الولد والبنت، حيث يتم منح الولد صلاحيات أكثر وكذلك حق الوصاية على أخته حتى لو كانت أكبر منه سناً، إضافة إلى التضييق على حركة البنت ومراقبة تصرفاتها بشكل مخابراتي ومنعها من التحدث أو التعامل مع زملائها وجيرانها من الذكور، وفرض نوعية معينة من الملبس عليها، وحصر وظائفها في الحياة داخل جسدها، تقول علياء:

أشعر أن الأرض تهتز (تعبير مجازي) عندما تُلام فتاة علي تعرضها للتحرش أو الإغتصاب.. و هي لها حق و ليس عليها ذنب!! الأنثي إنسانة لديها الكثير لتنجزه في حياتها ولديها مشاعر يجب إحترامها و ليست كيس صابون عشان تبقي ضاعت للأبد لو تعرضت للإغتصاب أو حتي لو أحبت!! يقولون أن من لا ترتدي الملابس التي يرونها "محتشمة" (اللي هتوصل بعد كده للخرسانة المسلحة كأن اللي تحت الهدوم دي مش إنسانة) تستاهل اللي يجرالها.. لو قالعين ملط محدش ليه حق يعتدي علينا.. احنا مش أجساد متحركة ,احنا بشر.. احنا مش أقل من البلاد المتحضرة اللي الناس فيها بتحترم بعض و القوانين فيها بتحاسب الجناة!"

كذلك تنقل الفتاة، بعض من الرسائل الإليكترونية، التي نعتاد جميعاً على تسلمها بصيغة "forward" وغالباً ما تحمل مضامين دينية تقترب إلى السذاجة، كأن يخبرك أنك لو أرسلت هذه الرسالة إلى عشرين من أصدقائك، ستغنم أضعاف عددهم حسنات، أو إذا ذكرت اسم الله عشرة مرات، يعطيك الله أضعافها حسنات، حيث تعلق مقتبسة من الفنان الكوميدي عادل إمام: "والحسابة بتحسب". ومن الرسائل التي أوردتها تلك التي تسخر من النساء بشكل عام، ولكن بطريقة كوميدية، حيث يحتاج الرجل إلى ثلاث خطوات فقط لكي يتعامل مع ماكينة السحب الآلي، بينما تحتاج المرأة إلى عشرة خطوات نظراً لأنها كائن غير منظم وغبي ولا يهتم سوى بزينته. وتعلق علياء على هذه المُزحة قائلة: 

"عندما جربت إستعمال تلك الماكينات لأول مرة ,كنت في الثانية عشر و لم أحتاج إلي قراءة مثل تلك التعليمات المهينة... بل ساعدت من هم أكبر سنا مني من الرجال في إستعالها!!!...

إليكم بعض المواقف العنصرية التي أواجهها منذ طفولتي...

عندما واجهت سخافات زملائي لأني فتاة جريئة لا تسكت عن حقها و لا تخاف من الحشرات و تحب اللعب بالطين اتهموني بأنني ألعب  "لعب الولاد" "!!!       

عندما كنت أفضل حضور حصص الزراعة والصيانة التي أحبها مزوغة من حصص الاقتصاد المنزلي المفروضة على البنات، اتهموني بأنني مسترجلة.

عندما حصلت على المركز الأول في إمتحانات إبتدائي، بدلا من أن يشجعني المدرس قال لزملائي الولاد: مش عيب بنت تطلع الأولى عليكو!!!"!!!  

عندما تواجهني عبارات مثل : البنت لازم يكون صوتها واطي ومش كل الشغل مناسب للستات.

عندما انبرى أحد المدرسين أمامي باقتراح عدة حلول هطلة لـ مشكلة البطالة كان منها إن الستات تقعد في البيت وتسيب الشغل للرجالة.... الهطل!!!!

أدعو كل من يقرأ هذا البوست، قبل أن يعلق تعليق أهطل آخر أن يغمض عينيه أو يفتحهم ويفتح مخه...يتخيل إنه أنثى ذكية مبدعة قوية مثلها مثل الرجال ..لم يحطمها المجتمع الذكوري البغيض الذي يحيط بها ويحاول بكل الوسائل أن يسلبها حقوقها ..تحارب كل يوم لدفع هذه الاتهامات العنصرية السخيفة التي تقف في طريقها في كل نواحي حياتها ".



لا تتوقف علياء في طرحها الخاص لأسباب خروجها عن الأطر المجتمعية المتعارف عليها عند تلك، بل تمتد إلى مناقشة الدين نفسه، حيث أنها تعلن بكل صراحة أنها ملحدة، ولم تعد تؤمن بدين الإسلام منذ كان عمرها 16 عاماً، وربما نعثر على أحد أسباب إلحادها في آخر تدوينة لها والتي لم تكتب فيها سوى جملة واحدة: "أيهما أكثر إقناعاً؟" ثم تقدم عددا من الفيديوهات العلمية التي تشرح كيفية بدء الخلق من خلال نظرية "الانفجار العظيم"، مقارنة إياها بقصة الخلق التي وردت في الأديان السماوية الثلاثة. كذلك وتحت عنوان "ولكنها تدور" تسرد قصة جاليليو مع الكنيسة الكاثوليكية، التي كادت أن تحكم عليه بالقتل نظراً لأنه اكتشف عبر مناظيره المستحدثة، أن الأرض بيضاوية الشكل وتدور حول نفسها وحول الشمس وأن هناك كواكب أخرى غير أرضنا، وذلك في القرن الخامس عشر، وكيف أن الفاتيكان قدم اعتذاراً هاماً لجاليليو في ثمانينات القرن الماضي، ليأتي الشيخ السعودي بن باز في عصرنا الحديث ويؤكد أن الأرض مسطحة ولا تدور، مستعيناً بآيات من القرآن. ولا تهاجم علياء الأديان في حد ذاتها، حيث تعلن احترامها لكل من يختار الانتماء لدين ما، لكنها تعلن وبقوة موقفها المضاد من رجال الدين التابعين لأي دين، حيث أن مدونتها لا تخلوا من الهجوم على البابا شنودة أيضاً. تعترض أيضاً علياء من خلال تدوينة بعنوان " مذكرات مسلم صغير" على تحديد هوية الطفل الدينية في شهادة ميلاده وفقاً لديانة والده رغم أنه لم يختر شيئاً بنفسه.



تمر علياء في مدونتها على موضوعات عدة، لكنها وبلا شك ذكية في التقاط المشهد الذي ستعبر من خلاله إلى موضوعها، تماما مثلما سخرت من حكومة مصر والمصريين، الذين واجهوا إنفلونزا الخنازير بمذبحة كبرى لاحقت كافة حيوانات الخنازير، رغم تأكيد منظمة الصحة العالمية أن الفيروس لا ينتقل من الحيوان إلى الإنسان وان الإجراء الذي اتخذته مصر، سيضر بالتوازن البيئي لديها. ترصد علياء بمهارة شديدة تعليقات القراء على خبر ذبح الخنازير في مصر، وكيف أنهم تعاملوا مع الأمر باعتباره انتصاراً لدين الله على أرضه، حيث أثبت العلم أن تحريم الله لأكل الخنزير قائم على أسباب علمية صحية بحتة، وتتساءل علياء، إن كانت الخنازير من مخلوقات الله أم لا؟ وأنه حتى لو كان قد حرم أكلها، فبالتأكيد لا يطالبنا بإبادتها بهذه الطريقة الوحشية، حيث أن لها نفعاً ما في الحياة، حتى ولو كان أكل مخلفاتنا.



وكما اعتدنا على صفحات الفيس بوك، منذ بداية انتشاره، تخوض علياء حربها كملحدة ضد الجماعات الدينية بكافة أشكالها سواء في مصر أو باقي البلاد العربية، وتقوم بفضح "مخططاتهم الدنيئة لهدم مصر" وفقاً لاعتقادها، على صفحات مدونتها، كما تلقبهم بالعرعر والعراعير وأنهم من بلد عرعرستان !!!!!



من خلال مدونة علياء، لا يمكنني أن أقدمها إليكم كمادة دسمة للنميمة أو للشجب والاستنكار وربما السباب واستخدام أوصاف مثل " الانحلال الأخلاقي، وضياع قيم المجتمع"، أو الذهاب مثل بعضهم إلى القول " آدي اللي أخدناه من الثورة وشباب الثورة"، أو مثل الدكتور سيد القمني الذي وصفها بأنها مختلة نفسياً، رغم انها تدافع عنه في مدونتها بشدة وتناصر آرائه.  بل وبكل بساطة سأقدمها لكم بوصفها جرساً مدوياً للإنذار، حتى نلتفت إلى ممارساتنا اليومية تجاه المرأة، تجاه بناتنا، تجاه زميلات العمل والجارات وحتى السائرات دون اسم معلوم لنا جوارنا في الشارع، أو الجالسات بجانبنا في المترو أو الميكروباص أو الأتوبيس...فقط انظرن إليهن بوصفهن بشر ينتمين إلى نفس الطينة التي خلقكم الله منها ....هم بشر وليست لحوماً معبأة في الملابس ....هي امرأة وليست مجرد جسد.






الاثنين، 14 نوفمبر 2011

لأنني امرأة ناقصة عقل ودين !






بما أنني وفقاً للتيار الذي تروج له الآلة الإعلامية المصرية بأكملها - بما فيها الجرائد القومية والتلفزيون المصري الرسمي، ربما والله أعلم، يؤمنون لأنفسهم مقاعد مضمونة ونافذة في نظام الحكم القادم – نعود ونقول أنه بما أنني وفقاً للتيار الديني الإخواني أو السلفي أو الجماعاتي التكفيري الانتحاري، امرأة يا ولداه: ناقصة عقل ودين، فأرجوكم تحملوا نقصان عقلي وقلة حيلتي وأفهموني بالله عليكم: لماذا حتى الآن لم يتم رفع الحظر القانوني عن جماعة الإخوان المسلمين، وإشهارها كجمعية رسمية تتبع وزارة التضامن الاجتماعي، مثلها مثل باقي الجمعيات الأخرى؟

بالطبع سيخرج علي أحد الرجال أصحاب العقول المكتملة غير الناقصة الآن، ويقول لي: " هو أنت فاضية يا ست أنت؟ مش قلت الكلام ده في مقالك السابق؟". سأجيب عليه ببساطة قائلة: "سبق وأشرت إلى كوني امرأة ناقصة عقل ودين، وكما تعلمون فنحن النساء نتميز "بالرغي والرط واللت والعجن"، وبصراحة شديدة أنا فاضية ولا يوجد ما يشغلني، وبالتالي سأظل أسأل السؤال حتى يجيب علي أحدهم".

لماذا لم يتم ضم جماعة الإخوان المسلمين إلى وزارة التضامن الاجتماعي حتى الآن؟

وسؤالي ببساطة، نابع من حرصي على مصلحة الجماعة العظيمة، التي فيما يبدو ووفقاً لتهليل الجرائد القومية المصرية والتلفزيون الرسمي المصري، سيحكمون البلد لا محالة، وأنهم لديهم معلومات أكيدة بهذا الأمر من جهات عليا، وإلا فلماذا كل هذا التهليل والتطبيل ونحن مازلنا على البر ولا يوجد سوى تكهنات سياسية قد تصدق وقد تكذب؟!

سؤالي أيضاً نابع من كون مصر كلها بشعبها العظيم الواعي، طالبوا بأن تتوقف المعونات الأوروبية والأمريكية لجمعيات حقوق الإنسان المصرية، رغم أنها جمعيات رسمية مشهرة ومصادر تمويلها واضحة ومسجلة رسمياً. سؤالي نابع أيضاً من كشف الإخوان المسلمين العظماء وغيرهم من تيارات وأحزاب دينية حريصة على مصلحة الوطن، لخيوط المخطط الماسوني القذر، الذي كان سيوقد شمعة من أجل مصر لمدة عشرين دقيقة في سفح الهرم، ثم يقوم بعد ذلك برفع نجمة داوود على قمة الهرم الأكبر، بقوة السحر والشعوذة الماسونية، حيث حضر اليهود الماسونيون يحملون العصاة السحرية الخبيثة التي كانوا سيحركون بها النجمة الصهيونية فوق هرمنا العظيم.

سؤالي نابع من فتح التيارات الدينية العظيمة، لملفات جمعيات الروتاري والليونز، متهمين إياهم بأنهم رعاة الماسونية في مصر، وأنهم يتلقون تمويلاتهم من مصادر ماسونية صهيونية في أمريكا وأوروبا، وبالتالي وجب علينا نحن الغيورون على مصلحة الإخوان والجماعات السلفية والجهادية وغيرها من التي تركب الأفيال، أن نسأل: لماذا لم يتم رفع الحظر حتى الآن عن جماعة الإخوان المسلمين، وضمها لوزارة التضامن الاجتماعي، ما يجعلها تحت الرقابة المالية للوزارة، وبالتالي نعرف مصادر تمويلهم، خاصة وأنهم، " اللهم لا حسد" لديهم الكثير والوفير من الأموال التي جعلتني أفكر جدياً في الانضمام إليهم وبالتالي الحصول على عريس إخواني " متريش" يستر عليه ويستتني في البيت!

إلى كل الذين لن يعجبهم هذياني: أنا آسفة ولكن عذري معي، فأنا امرأة ناقصة عقل ودين!

Ceramic Cleopatra: How the Egyptian Capitalist Mohamed Abu Al Eineen Defrauded and Cheated His Workers

We always condemn the laborers, taking the owners and share holders’ side without asking; why the laborers are cutting the high roads or protesting? The truth is; that although we all belong to farmer and working families in Egypt, barely surviving on the minimal resources we are left to share, we somehow end up trampling on our own people’s rights while defending the causes of the thieves who destroyed the economy of our country and our future.
This theory could match the story of Ceramic Cleopatra’s Workers. They are asking for simple right and legal laws that organize the relations between them and their employer; Mohamed Abu Al Eineen. Those rights are usually obtained under Labor and Employment Law, but in Egypt, there are no benefits that we can get out of these laws, as they are not implemented on the ground.
Workers of Ceramic Cleopatra are asking for decent salaries, benefits, and safe working conditions and the right to unionize. Those rights should be ordinary as long as the owner or the investor would get high profits out of their factory, but for Ceramic Cleopatra, Mohamed Abu Al Eineen, deceived his workers in the beginning of their movement, promising that he will implement all their claims gradually, starting with improving their salaries by October 2011. October passed without anything but neglect and indifference, in fact Abu Al Eineen ended up firing some of the movement’s leaders.
Most of the people do not know that the industry of Ceramics is forbidden in most of the civilized countries all over the world, as it is very much dangerous, affecting the lungs badly. Naturally, a man working in such an industry should be secured with full health insurance, or else he will retire in a very early age, and will not be able to work in any other job.
When Ceramic Cleopatra’s workers cut the desert high way of Ismailia, Cairo; we dealt with the news as a burden on our daily life, taking the side of Mohamed Abu Al Aineen, repeating sentences like (production wheel) and (collapsing economy), without asking the main question: why did people of Egypt revolt in the first place?
We revolted to improve the quality of life for all the classes especially for the workers and farmers, to build up a strong economy by the working man’s hands. We revolted to help improve the work and life condition as a first step on the long rude of building a new Egypt for all of us all.
Dear Egyptians, instead of taking the side of Mohamed Abu Al Eineen, help Ceramic Cleopatra’s workers to win their Battle, help all the Egyptian workers live with their families as true human beings.
Omneya Talaat

السبت، 5 نوفمبر 2011

وردة السلفيين وخرفان الإخوان

رغم جمال الوردة وعطرها الزكي -هذا إن كانت الورود تفوح عطراً هذه الأيام – إلا أنني في الحقيقة أرفض أن يتم الإشارة إلى كياني البشري بوردة ملقاة في صورة، فالوردة على جمالها، عمرها قصير وتأثيرها في الكون محدود، ولا يتعامل معها سوى صنفين من البشر، إما الرومانتيكيين السابحين في فضاء غير ملموس، وإما النصابين الذي يستخدمونها لتغطية أفعالهم الدنيئة. وشكراً أيضاً لمن قد يستبدل الورد بالجوهرة أو سبيكة الذهب أو غيرها من المعادن والأحجار النفيسة، فأنا أرفض أن يتم استبدال جسدي بأشياء مهما غلى ثمنها لأنني لست شيئاً، أنا امرأة وأمتلك جسداً، إذا لم يستطع الرجال أن يواجهوا ذلك الجسد بتحضر، فليذهبوا إلى الجحيم، أو ليبحثوا عن عالم لا يوجد فيه نساء، أو يعيدوا عقارب الساعة إلى الوراء، حيث كانت المرأة تُباع وتشترى في أسواق النخاسة، أو يذهبوا ليحصلوا على دروس في علم الأحياء ليفهموا تشريح جسد المرأة وتطمئن هواجسهم لكونه جسداً بشرياً من لحم ودم، يتعرض لكل ما قد يتعرض له جسد الرجل، من مرض وشيخوخة وتشوه في حالة الحوادث، وأن المرأة تأكل وتشرب وتمارس فن الإخراج في المراحيض العامة والخاصة، وأنها مثل الرجل تستيقظ صباحاً وهي تكاد ترى أمامها شبراً، مغمضة العينين وعابسة الوجه، وأنها تغضب وتفرح وتثور وتهدأ، وأنها عندما تموت يتحلل جسدها ويأكله الدود، تماماً مثل الرجل. جسد المرأة لا يختلف عن جسد الرجل وإن كان جسد المرأة مثيراً في أعين الرجال، فجسد الرجال مثيراً أيضاً في أعين النساء، وكما للرجال شهوة، فللنساء شهوة أيضاً ...وبالتالي على حزب النور إن أراد أن يمالئ السلطة ويضع في آخر قائمته وردة ليذروا بها الرماد في أعين قانون الانتخابات، أن يضع صورة تلك التي من المفترض أن نفكر في منحها صوتنا، أو فليستبدل صور الرجال بحزم من الفجل، ليكون لدينا قائمة انتخابية تتكون من عدد من ربطات الفجل إضافة إلى وردة ...وليتقبل الله منا ومنكم يا حزب النور. أما الإخوة الإخوان أصحاب "سحب الخرفان" العظيم، فلا أدري كيف بالإمكان أن أوجه لهم ألف تحية، وهل يجب علي أن أوجه لهم هم التحية أم للمجلس العسكري، أم لحكومة شرف الموقرة؟ فحتى الآن الإخوان المسلمين ورغم تكوينهم لحزب سياسي معترف به رسمياً، إلا أن الجماعة نفسها بكافة أجنحتها العسكرية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، مازالت قائمة، بل تم الإشارة إلى حزب الحرية والعدالة، باعتباره الجناح السياسي للإخوان، وبالتالي أصبحنا في مصر نواجه جماعة الإخوان التي لا ندري في حقيقة الأمر إن كان تم تسجيلها رسمياً في وزارة التضامن الإجتماعي أم مازالت كياناً محظوراً، أم تحولت إلى كيان فضائي؟، وكذلك حزب الحرية والعدالة. ورغم أنه من المفترض أن سياسة الأخوان تُلعب في أروقة الحزب، إلا أن الفصل بين أنشطة الجماعة والحزب تكاد تكون مستحيلة، فمسابقة السحب على الخرفان التي أقامتها الجماعة الموقرة في يوم وقفة عرفات في الخامس من نوفمبر، قامت بها الجماعة باعتبارها واحدة من أنشطتها الخيرية بمناسبة العيد الأضحى المبارك، أعاده الله عليكم وعلى جميع المسلمين بخير، وكل سنة وأنتم طيبين والناس محتاجة تاكل لحمة والغلابة في البلد ما أكثرهم، وكلهم في عرض كيلو لحمة، فما بالك بخروف! هذه المسابقة المتطورة والعالمية والتي يواجهها المصريون الغلابة في الأحياء الفقيرة لأول مرة، لا يمكنني أن أستبعدها وأغمض عيني وأمارس فن البلاهة وأقول أنها نشاط خيري لا علاقة له بالانتخابات، بل إن الأمر في صلبها، لكن تقوم به جماعة الإخوان بمعزل عن الحزب السياسي، الذي يظل بكيانه المستقل بعيدا عن ممارسة الدعاية الانتخابية بربطها بالدين، وبالطبع الجماعة نفسها رفعت عن كاهله هذا العبئ وربطت الدين بالانتخابات للتأثير في أصوات الناخبين خاصة في الأحياء الفقيرة. بإمكانكم الآن أن تتساءلوا لماذا وجهت تحية إكبار وإجلال للإخوان المسلمين وحكومة شرف الموقرة والمجلس العسكري العظيم؟ والإجابة بسيطة فتحيتي للإخوان، لكونهم أذكياء يعرفون كيف يسددون الهدف، فهم أسسوا حزباً سياسياً يخترقون به عالم السياسة والمناصب في مصر، في حين الجماعة مازالت قائمة تمارس نشاطها الدعوي والعسكري والخيري وتخدم به الحزب وانتشاره بين الناس بشكل غير مباشر وبدون أي اختراق للقانون. أما تحيتي لحكومة شرف والمجلس العظيم، فلكونهم حتى الآن لم يفكروا في إلزام جماعة الإخوان المسلمين بأن يكونوا جمعية رسمية، فأمام القانون مازالت الجماعة محظورة، لم يحاول أحد لا من الإخوان ولا من الحكومة استئناف الحكم القضائي بحظرها، ومن ثم انخراطها في العمل الاجتماعي كجمعية دعوية خيرية يجب أن تتبع وزارة التضامن الاجتماعي ويتم محاسبتها ومراجعة ميزانيتها من قبل الوزارة والجهاز المركزي للمحاسبات، وإلزامها بكافة الضرائب اللازمة. من هذا المنطلق أعلن لكم أيها الإخوة في الوطن المنهوب والمسفوك والمنتهك، أنني نزعت عن فمي "الريالة" منذ زمن ...فماذا عنكم ؟

الاثنين، 10 أكتوبر 2011

كيرياليسون ...يا رب الرحمة (२)



أحلم يوماً بأن أكتب مقالاً مبهجاً، فهلا منحتني إياه يا مصر؟ نعم؛ أعترف بأنني تعبت من الألم، من الصعب أن نولد أشقياء، وتدور علينا عقارب الساعة لنشقى بمرورها أكثر. من الصعب أن نحلم بأن يكون هذا الحزن آخر الأحزان، فلا تمنحنا بلادنا سوى حزن أكثر. من الصعب أن نشيح بأبصارنا عن رؤية الدماء فلا نرى في الجهة المقابلة سوى دماء أكثر. من الصعب يا مصر أن لا تعطينا رغم عشقنا إليك سوى عذاب يليه عذاباً أكثر.
في 25 يناير منحتنا مصر أياماً عظيمة، لم نشعر رغم تساقط الشهداء سوى بالفخر لأننا نحرر تلك الأرض من عدوها الداخلي الجاثم على أنفاسها وأنفاسنا منذ عقود طويلة، ظننا جميعاً بعد تنحي الطاغية اننا لأول مرة منذ ولدنا على هذه الأرض نستنشق هواءاً نقياً، وأنه بعد طول انتظار سيأتي غدا أخيراً ويرحل الأمس المظلم الذي حل علينا طويلاً ... هل كنا مخطئين يا مينا؟ هل كنا مخطئين يا مايكل؟ هل كنا مخطئين يا كل شهداء مصر؟ أخبرونا من عليائكم الآن بما ترونه .. هل نعود مرة أخرى إلى مخابئنا ونطوي الحلم أسفل أسرتنا وننام على الخيبة كما اعتدنا سنين عمرنا الماضية؟ أم أنكم ذهبتم لتُعَبدوا بدمائكم طريقاً ممهدة تعبر عليها الحرية؟
كنت أظن أنني أقرأ الواقع السياسي بجدارة، أحلل وأفند الحقائق وأخرج بنظريات عظيمة تستقرئ مستقبلاً أعظم، لكنني بعد أحداث اليومين السابقين، لم يعد قلبي يتحمل أكثر. انتهكوا عقلي وأجهدوه بأحداثهم المتلاحقة، والتي لم تعد تترك لنا وقتاً للتفكير أو التحليل أو الاستقراء. من منا الآن بقادر أن يقول كلمة يمكننا تصديقها. فما هو السبب أو الدافع الذي يجعل الأحداث تصل إلى ما وصلت إليه أمام ماسبيرو، تلك المجزرة الدامية التي راح ضحيتها عشرات من المصريين، لم يفعلوا سوى أنهم حملوا الشموع وساروا نحو ماسبيرو ليطالبوا بحقهم في عبادة الله آمنين في كنائسهم، هل هذا كثير جداً لتلبيته؟ هل هذا المطلب فوق تحملكم؟
قبل أن يرحل مبارك وباقي رفاقه من الخونة، عشنا سنينا طويلة نعتقد أن شعب مصر تحول إلى شعب طائفي، يذبح بعضه بعضاً على أساس اختلاف الدين، لكننا اكتشفنا أن نظام مبارك هو الذي كان يخطط ويدفع إلى تنفيذ عمليات الاعتداء على الكنائس وقتل المسيحيين في دور عبادتهم، الآن ماذا؟ هل مازال نفس المخطط يسير آمناً بيننا على قدميه؟ كيف يمكن أن يقتل القاتل القتيل ويمشي في جنازته؟ يهدمون الكنائس بواسطة عملائهم ثم يقومون ببنائها على نفقتهم الخاصة؟ وأخيراً يقتلون الأبرياء ويلقون بجثثهم في مداخل البنايات المحيطة بماسبيرو، ثم يقتحموا مكاتب القنوات الفضائية ليعتدوا على العاملين فيها ويستولوا على شرائط الفيديو التي سجلوها للأحداث، ثم يخرجوا علينا بأنهم المجني عليه وليس الجاني، وبعد أن يحرضوا ضد المسيحيين علناً على شاشاتهم، يعودوا ليعتذروا ويلقوا باللوم على اندفاع المذيعين. في عرف من هذا؟ هل إلى هذه الدرجة هانت علينا أنفسنا حتى هنا عليهم، فلم يعد لنا ثمن، لم يعد لدمائنا قيمة؟ هل خرجنا في يناير لنعيد كرامة المصري وحقه في حياة كريمة، لتنقلب علينا الطاولة فتُسحب كرامتنا ويُسلب حقنا في الحياة من أصله؟
يا ولاة المور الأفاضل، ماحدث أمام ماسبيرو لم يكن فتنة طائفية، فعناصر الشرطة العسكرية تمثلكم ولا تمثل المسلمين. لم يخرج المسلمون ليقتلوا أهلهم من المسيحيين أمام ماسبيرو. كان هناك الكثير من المسلمين المشاركين في المسيرة ولم يحمل أحداً منهم سلاحاً ليرفعه في وجه المسيحيين، بل رفعتوه أنتم وضغتم على الزناد لتسحقوا القلوب اليسوعية. أرجوكم نحن لسنا أغبياء وإن كنتم تعتقدون أننا كذلك، فنحن لسنا أغبياء إلى هذه الدرجة!
بقى أن أودع الجميل مينا دانيال، صاحب الخمسة وعشرين عاماً، الشاب الذي كان عمره ألف عام. فعلت الكثير يا مينا خلال سنواتك القليلة، وكأنك كنت تُكمل قدرك سريعاً قبل أن يغدرك الزمن، أغار منك يا صاحبي لأنك ناضلت من أجل وطنك ومن أجل فقراء هذا الوطن أكثر مني رغم أنني أكبرك بأعوام كثيرة، أغار منك لأنك نلت ما طلبته من شهادة، أغار منك لأنك صليت في الكنيسة والمسجد وقدت المصلين في كليهما نحو طريق الحرية، أغار منك لأنك الآن في عالم أفضل، فأوقد لنا شمعة في طريقك إلى هناك.
ولا تنس أن تبلغ سلامي إلى أحمد بسيوني صديقي الذي عجل بالذهاب من قبلك.
عطر وزهر على روحيكما... عطر وزهر على أرواح شهداء مصر منذ مينا موحد القطرين، فلا تتركوهم يذهبو بجهد مينا إلى الخواء.

الاثنين، 3 أكتوبر 2011

الطائفية كهدف استراتيجي قومي

عندما أتأمل الأحداث الطائفية التي تطل برأسها علينا بين الحين والآخر، حتى منذ عهد ما قبل ثورة 25 يناير،أضحك. أعذروني فهي بالفعل على الرغم من مظهرها المأساوي، مضحكة في مضمونها. فأي ناظر للأحداث من أعلى يكتشف ببساطة شديدة، أن هناك رأس واحدة مدبرة ومحركة للأحداث، وأن هذه الرأس للأسف الشديد، "حافظة مش فاهمة"، بمعنى أنها لو كانت تمتلك قليل من العقل أو الفهم، لما كانت لعبت لعبتها بمثل هذا التكرار والتراتبية المملة.
يمكننا أن نقسم التكتيكات الطائفية، إلى ما قبل 25 يناير، وما بعدها. فما قبل، كانوا يعتمدون طريقة التفجير وقتل الأبرياء في الكنائس، فلما كُشفت لعبة التفجيرات وفُضح الواقفين ورائها، قال زعيم عصابة القناع الأسود، في ليلة غاب عنها القمر، لصبيانه في بطن الجبل؛ أنه عليهم تغيير التكتيك المتبع وذلك لضمان الاستمرارية والجودة لعملية " بطن الزير" المشهورة بالملف الطائفي في مصر، وبالتالي تغيير الأداء على الأرض من التفجير إلى الهدم، ودخلنا في عصر "موضة هدم الكنائس". أياً كانت الأهداف الاستراتيجية لعصابة القناع الأسود، سواء بث الفرقة وهدم اللحمة بين طرفي الوطن " المسلم والمسيحي"، أو كما يقول بعض من القلة المندسة أنها تهدف لتبرير مد قانون الطوارئ، أو مثلما يردد المتشائمون أن مشكلة الطائفية موجودة فعلاً بين المصريين وبعضهم....إلخ. فأنا لا تهمني أهداف العمليات الطائفية، بقدر ما يهمني، أن التكتيك الجديد في واقع الأمر يعود بالفائدة على المسيحيين ويحل المشكلة الأزلية والخاصة بعذاب إخراج تصاريح بناء أو ترميم وتجديد كنائس، فبمجرد أن يهدم صبيان الزعيم الكنيسة، يخرج المستنيرون والمسيحيون في مظاهرات، فتضطر الحكومة العظيمة أن تتبنى القضية وتعلن أنها ستبني الكنيسة على حسابها (قال حسابها قال!).
في حقيقة الأمر، أنا لا أصنف حاملي بطاقة الرقم القومي المصرية، سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو بهائيين أو ملحدين أو ينتمون لعبدة الشيطان وبلاد تركب الأفيال، هم في نهاية الأمر يحملون نفس الوجه الكادح الذي أُضيف إليه مؤخراً نظرة أمل للغد. التصنيف الحقيقي لدي، يكمن في تقييم أداء عصابة القناع الأسود، التي لم يتغير فيها سوى الأسماء والوجوه، بينما الأداء والمنهج واحد، وإن كان إحقاقاً للحق، فزعيم وأعضاء العصابة الجدد، يحملون قلباً رهيفاً حنوناً، وبدلاً من تلويث شوارع مصر بدماء المسيحيين، تحولوا إلى سد الشوارع بمخلفات هدم الكنائس. وأنا في واقع الأمر ما يشعرني بالضيق، هو الازدحام المروري الذي سيقع من وراء عمليات الهدم والبناء؛ لذلك أرجو من القائمين على الأمر، أن يضعوا جدولاً منظماً لهدم الكنائس المصرية وإعادة بنائها بحيث لا يكون هناك أكثر من كنيسة واحدة في كل محافظة مطلع كل شهر. اقتراحي هذا نابع من صدقي الشديد ورغبتي الأصيلة في تطوير الإدارة في مصر، نظراً لأننا بالفعل نعاني في بلدنا من سوء الإدارة، وربما يكون ذلك هو السبب الرئيسي وراء تأخرنا عن الركب المتطور لبلاد العالم، والتي لا ينقصنا " واللهي" بعقد الهاء، أي شيئ لكي نقف جوارها في الصفوف الأولى عالمياً.
يبقى أن أقول " والله الموفق"، لكنني سأوستوحي التجديد في الأداء من السادة، وأوجه رجاء لعصابة القناع الأسود وزعيمها المفدى، أدامه لمصر ولشعبها الكريم لأقول لهم: احترموا عقولنا يرحمكم الله.

السبت، 10 سبتمبر 2011

عاش نضال المُعَلِم المصري





لا يمكننا وصف حركة المعلمين المصرية، والتي تجلت بقوة في مسيرتها يوم 10 سبتمبر، غير بالقوية والناجحة، حتى لو لم يصلوا إلى تحقيق مطالبهم بعد. عندما توجهت حاملة أدواتي الصحفية، أو بالبلدي عدة الشغل، لأبدأ معهم يومهم الذي انطلق من جوار نقابتهم في الجزيرة بالقاهرة، لم أكن أتخيل أنني سأواجه واحدة من أهم الحركات المهنية في مصر، بل ومن أكثرها تنظيماً ورقياً وتوافقاً. بدأوا بأعداد لا تتجاوز المائة، وظننت داخلي أنهم بهذا العدد سيكونوا قد حققوا نجاحاً كافيا، نظراً لأنهم من الفئات الصامتة، والتي غالباً ما تحل مشاكلها بهدوء من خلال الدروس الخصوصية، وعدم التفاعل بشكل حقيقي مع الطلاب داخل المدارس. لكن المسيرة أخذت في التزايد في الطريق حتى وصلوا إلى ميدان التحرير، فانضم إليهم عدد كبير جداً قادم من اتجاه ميدان رمسيس، وبمجرد الوصول إلى شارع القصر العيني حيث مقر مجلس الشعب ومجلس الوزراء، اكتشفت حقيقة هذا الحشد التعليمي، إذا صح التعبير، حيث آلاف قد تتجاوز العشرة آلاف معلم.
داخلياً، ورغم مهاجمة الكثير من الناس لحركة المعلمين، كنت متعاطفة تماماً مع مطالبهم، فأنا انتمي إلى جيل استفاد بحق من سنوات تعليمه، وخرجنا من مراحلنا التعليمية ونحن نحمل ذكريات جيدة أكثر من السيئة في طبيعة علاقتنا بمدرسينا ومدرساتنا، لا يمكنني أن أنسى أساتذتي نساءً ورجالاً، والذين كانوا وراء تفوقي الدراسي في بلدي الفشن بمحافظة بني سويف. كلهم علموني داخل الفصل المدرسي ولم أذهب إليهم في بيوتهم للحصول على درس خصوصي. من أجل هؤلاء ذهبت إلى مسيرة معلمي مصر، لأنني أحلم بأن يعود نموذج المدرس الذي تربيت على يديه في الثمانينات وحتى منتصف التسعينات إلى الوجود.
أهم ما يمكن أن نتوقف عنده بخصوص وقفة المعلمين، هو أنها بالفعل مثلت المدرس المصري بشكل عام، فهي لم تقتصر على مادة دراسية واحدة، حتى أمناء المكاتب ومدرسي الموسيقى والألعاب شاركوا. ولا على محافظة او مدينة مصرية واحدة، الكل أتى من كل مكان في مصر. مدرسون من بني سويف والمنيا وأسيوط وأسوان والقاهرة والجيزة و حلوان والأسكندرية ومحافظات الدلتا ومحافظات القناة ومرسى مطروح وشمال سيناء، الكل حضر حاملاً لافتاتة ليشرح مطالبه ويوضح بمنتهى القوة مأساته والسبب الحقيقي وراء مافيا الدروس الخصوصية التي يحلمون جميعاً أن تنتهي حتى تعود إليهم كرامتهم ومكانتهم بين الطلاب، ويعود المعلم ليقف في مصاف الأنبياء والرسل الذي كاد أن يكون واحداً منهم، كما قال شوقي.
حركة المعلمين المصريين، انقسمت في تشكيلات جديدة وهامة، مثل اتحاد المعلمين المصريين الذي يضم ست لجان مشهروة في ست محافظات مصرية، ونقابة المعلمين المستقلة، ورابطة معلمي الثورة بحلوان والتبين، إضافة إلى العديد من التشكيلات التي تحمل اسم مدينة أو محافظة مصرية. ورغم تعدد وتباين التشكيلات والتنظيمات للمعلمين المصريين، إلا أنهم جميعاً اتفقوا على مطالب واحدة، ألا وهي تحسين ظروف المعلمين المصريين، وتحسين بيئة العمل، ووقف استنزاف ميزانية الوزارة على المكافآت والبدلات، التي تُصرف للقيادات الإدارية فقط، إضافة إلى تطبيق الحد الأدنى للأجور على المدرسين، وسرعة تطهير الإدارات والمديريات من قيادات النظام البائد. كما وجه المعلمون أصابع الاتهام إلى حكومات مصر المتعاقبة ووزراء التعليم على الأخص، واصفين إياهم بالفاسدين، منذ تولي فتحي سرور حقيبة التعليم، قائلين؛ أنهم يتجاهلون حقهم في أجر عادل يكفل لهم حياة إنسانية، وذلك لأنهم يشعرون بعدم الحاجة إلى تطوير التعليم وتحريره، وفي القلب منه المعلم، لأنه ببساطة سيتحول إلى عبئ على سلطة مستبدة فاسدة تفضل أن تتعامل مع التعليم بوصفه ملف أمني يجب وضعه تحت المراقبة بالكامل، وذلك لأن العلاقة بين التعليم الجيد القائم على أهداف إنسانية وهوية وطنية، وبين الفساد والاستبداد علاقة عكسية.
وفي النهاية أشير، إلى أن المعلمين أصروا على عدم تسييس حركتهم ورفضوا أن يرفع أي تيار سياسي لافتاته أثناء وقفتهم، لكن كالعادة كسر الإخوان المسلمون الاتفاق ورفعوا لافتاتهم، فلما جوبهوا بالرفض الشديد قاموا بإنزالها وركنها جانباً، كما عبر كثير من المدرسين عن استيائهم من وصف القنوات التلفزيونية المصرية لوقفتهم بأنها لم يحضرها سوى العشرات، في حين أن الحقيقة هي؛ إغلاقهم لشارع القصر العيني وشارع مجلس الوزراء، ما جعل عناصر الشرطة والجيش تحيط بهم، وتغلق عليهم بكردونات أمنية. أمهل المدرسون الوزير أسبوعاً حتى يستجيب لمطالبهم، وإلا فسينفذوا الإضراب العام عن العمل مع بداية العام الدراسي الأسبوع القادم.
اعتدنا في العشرين عاماً الماضية أن نتعامل مع المدرس المصري باستهانة، حتى أصبحت مهنة التدريس والمدرس أضحوكة، يتبادلها الجميع في نكات تقلل من قيمة المعلم وتصوره بالتافه المتهافت على المال، والماص لدماء أولياء المور، لكنني أعتقد أننا يجب أن نغير تلك النظرة ابتداءا من اليوم 10 سبتمبر 2011. عاش نضال المعلم المصري.

الاثنين، 29 أغسطس 2011

أنا وبوذا ومايكل



علمني بوذا أنا لا أحب بشروط، أحب فقط وتكالي على الله. علمني بوذا أن أسجل مواقفي المؤيدة والمعترضة ولا أتهاون أو أفرط في حقي، لكني مع ذلك أحب من يعارضني ولا أتعمد إيذائه ولو تعرض لأذى أناصره وأسانده. علمني بوذا أن آخذ نفساً عميقاً قبل أن يصدر مني رد فعل وأن لا أحاسب الناس على ضمائرهم بل أتعاطف معهم جميعاً وألتمس لهم الأعذار. هذا ما تعلمته من بوذا...هل تسمعون هذا الكلام لأول مرة؟ اعتدتم أنتم على من يتشدقون بما قاله الله أو الرب أو محمد أو المسيح، لكنكم وبدون مبرر منطقي واحد قررتم أن ما عدا ذلك مرفوض. أن ما عدا ذلك مفسد وحاقد وشرير ويستحق الحرق. فماذا أنتم فاعلون الآن بي وأنا أتشدق بما قاله بوذا؟
عندما اصطدمت عقليتكم بقضية البهائيين، قمتم ولم تقعدوا وقررتم أنهم كفار وخارجون عن الإسلام أو المسيحية فناصبتموهم العداء، وإلى الآن ترفضون الاعتراف بهم حتى كبشر من حقهم مشاركتكم نفس الهواء. تضامنتم في صمت على أن تقبلوا الآخر بشرط أن يكون مسيحي أو مسلم سٌني، لكنه لو كان شيئاً مختلفاً فهو ليس بآخر يمكن قبوله، لكنه عدو الله وعدوكم. في مصر قرر المسلمون بلع المسيحيين على مضض درءاً للفتنة والمشاكل، وعلى الجانب الآخر قرر المسيحيون التغاضي عن تاريخ الطائفية القديم وفتح صفحة جديدة لنفس الأسباب، وانطلق الطرفان في التشدق بحرية العقيدة والوحدة الوطنية، في الوقت الذي يؤمن كل منهما في قرارة نفسه أن الآخر على ضلال وأنه في النار.
ما سبق كان مقدمة واجبة لبدء الحديث عن مايكل نبيل. مايكل الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة الآن في السجن الحربي، دون أن ينظر له أحد بعين الاعتبار، حتى الأفراد العاديين تم تعبئتهم ضده. الكنيسة تخلت عن مايكل لأنه خرج عليها وأعلن إلحاده، بينما لم تفكر لحظة أنه في مقتبل عمره وأنه قد يعود إلى أحضانها ذات يوم بعد رحلة من التفكير والبحث التي من حق أي انسان أن يمر بها. تخلت الكنيسة عن مايكل، رغم أن أباه وأمه وأخوته وعائلته كلها مازلت تنتمي إليها وتعتقد في عقيدتها.
تخلى الإخوان المسلمون عن مايكل لأنه ليس إخوانياً ببساطة، وتخلى أبو اسماعيل عنه لأنه ليس امرأة ترتدي الحجاب، وتخلى اليسار عنه لأنه مطبع مع اسرائيل ونسوا أن حكومة مصر نفسها أكبر مطبع، حتى الليبراليين تخلوا عنه رغم انتمائه إليهم، ربما لأنهم خافوا على مصالحهم مع العسكر أو ربما لأنهم ليبراليون وهذه هي سماتهم، أن تظل براجماتياً نفعياً حتى آخر نقطة في دمك، ومايكل قضية خاسرة فهو خارج عن تابوهات المجتمع المقدسة ( ملحد ومطبع).
أما جمعيات حقوق الإنسان فحدث ولا حرج، لم نسمع منهم سوى الصمت أو مواقف خجلة تخرج من باب سد أبواب مفتوحة، وعندما تكلمت واحدة منها بقوة، اشترطت أن يتراجع مايكل عن مواقفه، ومايكل مرمي في السجن يا ولداه، فاقد الوعي بعد دخوله اليوم السابع من إضرابه عن الطعام، دون رعاية صحية ولا حتى محضر يثبت إضرابه.
القلة المندسة التي أنتمي إليها، التي لا تضع شروطاً وقيوداً لحرية الرأي، وتؤمن بحق الجميع في الاعتقاد والتفكير والتعبير، تتعرض يوميا للإهانة لأننا ندافع عن مايكل، والغريب أننا جميعاً مطالبون بأن نقول أننا لسنا مؤيدين لأفكار مايكل ولكننا ندافع عن حقه في الوجود، وأن يحاكم مدنياً إذا كان ارتكب جرماً بحق. أيها السادة مايكل لم يكن عميلاً لإسرائيل، لأنه لو كان كذلك لحاكموه العسكر بتهمة الخيانة، لكنه محكوم عليه عسكريا بتهمة إهانة الجيش وترويج إشاعات كاذبة. والسؤال هنا؛ هل الجيش هو الله أو رسوله حتى يتم سجن من يهينه؟ والسؤال الآخر؛ ألم يثبت أن إشاعات مايكل حقيقة وأن ثوار التحرير تعرضوا للتعذيب في المتحف وفي سلخانات الجيش وأن فتيات التحرير تعرضوا فعلاً لكشف العذرية؟
إن الحالة السياسية المصاحبة لمايكل نبيل، تنبئ بقوة أننا في مصر ذاهبون إلى عصر الكانتونات أو الدكاكين الصغيرة، حيث كل دكان سيراعي فراخه التي ترقد داخله ولن يهتم بباقي الفراخ، أما الشاردين أمثال مايكل فلن يكون لهم ثمن ولا دية...... فهل هذا ما ترغبون به؟
مجرد سؤال أطرحه أنا وبوذا ومايكل

الأحد، 7 أغسطس 2011

بمنتهى الشرف مع "خرم" حازم صلاح

يطالبنا حازم صلاح المرشح المحتمل للرئاسة بأن نكون شرفاء في حواره ببرنامج "ليطمئن قلبي"على قناة التحرير، هذا على اعتبار أننا في الأساس وبناء على وجهة نظره الشريفة العفيفة الطاهرة، غير شرفاء بكل ما تحتمله الكلمة من معاني باطنية وظاهرية. ما علينا فلنعتبر أنفسنا غير شرفاء وسنحاول أن نتحلى بالشرف مع كبير الشرفاء حازم صلاح.
المرشح المحتمل لرئاسة جمهورية مصر العربية - التي تعاني من مشاكل اقتصادية عويصة، ومشاكل فقر وبطالة وأمية مستفحلة، وأزمة مياه تدق على أبوابنا بقوة، وتهديد بتقطيع أوصال البلد إلى أربعة بلاد...إلخ إلخ إلخ - يرى أن الحل الوحيد لحل مشاكل مصر يكمن في أن ترتدي النساء الحجاب. ما علينا للمرة الثانية، ولنسير مع فضيلة المرشح المحتمل للرئاسة خطوة خطوة: يقول حازم أن في أمريكا تمنع النساء من ارتداء لباس البحر بالقانون، وأن من ترتدي " المايوه" يتم معاقبتها ...وهنا أتساءل بدهشة وحاجباي مرتفعان حتى منابت شعري...في أمريكا؟؟؟؟؟ فيييييين يا فضيلة المرشح؟
يقول فضيلته؛ أن الحجاب فريضة بإجماع العلماء وأنه لم يختلف عليه سوى الكتاب والصحفيين والفنانين الذين لا "يؤبه" لهم، وشدد على كلمته هذه، وبالتالي قام المرشح المحتمل، باستبعادنا وإقصائنا مقللا من قيمتنا وقيمة آرائنا وأفكارنا، باعتبارنا سفهاء من وجهة نظر عظمته، فنحن مهرجون في الأساس في نظره الكريم، لا ثمن لنا ولا لكلامنا، ولا يمكن مقارنتنا بأي حال من الأحوال، بمن هم مثله وفي مستوى عظمة ورفعة وجلالة فضيلة أفكاره العظيمة. لكنه يأبه لكلام من يصفهم بالعلماء الذين ينتمون إلى قرون خلت من قبلنا، لو جاء واحد منهم وحاول أن يسير خطوة واحدة في شوارعنا، سوف يسقط ميتاً بالسكتة القلبية، فكيف بنا نأخذ بآرائه وتفسيراته للدين وهو الذي لا يعلم كيف يتعامل مع كوبس كهرباء، أو دراجة ببدالات، ومازال يرى أننا يجب أن ندخل على حماماتنا السيراميك بدعاء دخول الحمام مستعيذين من المخلوقات القبيحة الساكنة في " الكنيف" النجس!
يقول فضيلة المرشح المحتمل، أن الحاكم من دوره أن يفعل هذه الفرائض، مشيراً إلى الحجاب، وبالتالي أتساءل، وهل من دور الحاكم أن يفعل أيضاً فريضة غض البصر؟ وإذا تم تفعيل هذه الفريضة، فكيف يمكن معاقبة من يتجاوز وينظر للمرأة بعيونه الجريئة؟ هل سيتم فقع عيونه مثلاً؟ السؤال الأهم، كيف سيتم السيطرة على تحركات عيون الرجال في الشارع؟ أم أنه دائماً المرأة هي الحائط المائل للجميع، وكل من يحب أن يثبت قوته وإيمانه وتقاته، وأنه مع مكارم الأخلاق ومع الدين، يركن على المرأة ويضغط عليها؟
يعود فضيلته يزهزه عصره وينصره على من يعاديه، ليقول؛ أنه الحمد لله يا رب، سوف يأخذنا بالرفق وبالهدوء حتى لو تطلب الأمر عشرين عاماً، وهنا أتساءل، ماذا لو أصررنا حتى بعد مرور العشرين عاماً على أننا لن نرتدي الحجاب، ماذا ستفعل؟، ثم يعود ليقول أن المسلمين الذين يترفقون بغيرهم ويطالبون بأن يكون الانسان حراً في اختياره الالتزام بالفرائض من عدمه، يقول أنهم " خرموا" خرم كبير في الدين وفيما قاله العلماء.....خرم؟؟؟؟؟!!!!!!! خرم يا فضيلتك؟ وفي الآخر ترى أننا الصحفيون سفهاء ولا يؤخذ بكلامنا؟ فماذا عن الخرم الخاص بفضيلتك؟ وهل الخرم هذا سيؤدي إلى تسريب ما، في مكان ما، لا يعلمه سوى عظمتك؟
في النهاية، يأخذها فضيلته من أصيرها ويرمي بكل ما في جعبته مرة واحدة ويقولها صراحة أن؛ " المجتمع الذي تخرج فيه فتاة وتعتدي على عفة الشباب بتبرجها البالغ وهم مش عارفين يتزوجوا، ده عنصر دخلت به على المجتمع فأفسدته". مرة أخرى المرأة هي أس البلاء بجسدها، أما الرجل فهو يا حرام مغلوب على أمره ولا يمتلك عقلاً يتحكم به في شهواته!. وبدلاً من أن يناقش مولانا حازم صلاح باعتباره مرشح محتمل للرئاسة، كيفية إنعاش الاقتصاد المصري وفتح مشاريع واستثمارات كبرى، تؤدي إلى توفير فرص عمل للشباب ورفع المستوى الاقتصادي لسكان مصر، ما يسهل بدوره زواج الشباب، يحل المسألة من بابها السهل ويقرر أن على النساء أن ترتدي الحجاب، حتى لا تعتدي على الشباب الغلابة المساكين، المحتارين برغباتهم الجنسية المكبوتة في الشوارع والحارات والمواصلات العامة.
الغريب جداً أن الشيخ المبجل الذي من المحتمل أن يعتلي سدة الحكم في مصر، لم يرد على خاطره أن الرجال المتزوجين يتحرشون بالنساء في الشوارع أكثر من الشباب غير المتزوج، وأنه رغم انتشار الحجاب والنقاب في مصر، إلا أن حوادث التحرش والاعتداء على النساء زادت وفاضت في حين أنها لم يكن لها وجود عندما كانت ترتدي النساء الميكروجيب في الستينات.
أتساءل أو أوجه سؤالاَ لمولانا المرشح، ماذا ستفعل في شهوتك، عندما تعتدي عليك النساء الأجنبيات بتبرجهم، أثناء قيامك بمهامك الرئاسية في الخارج؟ خاصة وأن النساء يعتلين سدة الحكم في بلاد كثيرة ويتولين مناصب هامة مثل وزارة الخارجية والدفاع وغيرها، بل ورئاسة الوزراء أيضاً....واللهي يا شيخ إني أخاف عليك من الفتنة، وبالتالي أوصيك بأن تقطع علاقة مصر بكل البلاد التي تسمح للنساء المتبرجات بشغل مناصب هامة.
يعود الشيخ ويقول أنه سيفعل مثل أمريكا ولن يفرض علينا نوع لبسنا فمن ترتدي ملائه هي حرة فقط عليها الالتزام بالمواصفات العامة، وطبعاً يقصد المواصفات العامة للحجاب من وجهة نظره طبعاً، فأنا متأكدة أن أغلب محجبات مصر الآن سيكن متبرجات في نظر فضيلته. حتى الآن لا أدري سبب الزج بأمريكا كمثال لكلامه، فالحقيقة لو كان يريد حازم صلاح تطبيق النموذج الأمريكي على مصر، فأنا سأكون أول الناخبين الواقفين في صفوفه الانتخابية.
فضيلته يرى أن عصرنا الحالي عصر فجر، لأن طوال 1400 عام لم تر دولة إسلامية فجر مثل الذي تراه في عصرنا الحالي، وهنا قام المرشح العظيم، بسبنا وسب أمهاتنا وجداتنا بجملة واحدة، فأنا وأمي وجدتي فاجرات في نظره، إضافة إلى تجاهله التام لسؤال المذيع، بأن كان ذلك قد شمل غير المسلمات طوال التاريخ الماضي، الماضي الشريف العفيف، وليس عصرنا الفاجر في نظر الشيخ.
حازم صلاح يرى أن الحاكم من دوره أن يقيم الدين كما يقيم الدنيا، وبالتالي يتوعدنا جلالته، بأنه سيكون مثل الملك هنري الثامن في انجلترا، الذي نصب من نفسه قيماً على الكنيسة، فقطع رؤوس كل من يخالفه بدعوى الهرطقة، لأنه ببساطة، أصبح العارف العالم القيم الوحيد على الدين وطريقة تطبيقه، ومع وفاته كان عدد المقطوعة رأسهم من الرجال والنساء قد بلغ 74 ألف رأس من كبار علماء وأدباء ومفكري وأثرياء إنجلترا آنذاك.
يدافع حازم صلاح عن موقف السلفيين وانقسامهم على أنفسهم بين مؤيد للخروج والثورة على الحاكم، ومحرم لها، ويقول أن الاختلاف في الاسلام رحمة وأن هذا دليل على رحمة الإسلام وقوته. وأتساءل لماذا يرى صلاح في الاختلاف هنا رحمة ولا يرى نفس الشيئ في مسألة الحجاب؟ ولماذا يرى أن الحجاب من المعلوم في الدين بالضرورة، بينما غيره لا يخضع لنفس المبدأ؟ رغم أن المشايخ الذين رفضوا الخروج على الحاكم أيدوا رأيهم بآيات وأحاديث وكفروا كل من خالفهم، وغيرهم على الجانب الآخر استخدموا نفس الوسيلة لدعم رأيهم وقالوا أن المشاركة في الثورة فريضة؟ هل أنتم الذين تحددون الفرائض والمعلوم وغير المعلوم بالضرورة؟ ومن أقامكم آلهة علينا والإسلام من الأساس لغى الكهنوت وجعل كتابه شاهداً بين أيدينا جميعاً نقرأه ونفسره بعقولنا وهو قرآنا عربياً سليماً وليس بالأعجمي؟
ينهي حازم صلاح كلامه بمطالبتنا بأن نترك الإسلام، فهو يقول وفقاً لكلامه أن على المسلمة التي لا ترغب في ارتداء الحجاب أن تترك الإسلام، أو أن تكون شريفة وتعلن أنها عاصية قائلة " أنا مسلمة عاصية". ما علينا للمرة الثالة، وأقولها بأعلى صوت يا فضيلة عظمة المرشح الرئاسي المحتمل، أنا مسلمة ولا أرتدي الحجاب، ولن أرتديه لأنني مقتنعة وفقاً لرؤيتي وفهمي للنص القرآني أنه ليس فرضاً، ولكني سأسير معك وسأقول لك أنني مسلمة عاصية فماذا أنت فاعل؟ هل ستجلدني أم ستسحلني أم ستجعلني أمتطي الحمار بالمقلوب وتزفني في الأسواق، أم ستحكم علي بالسجن؟ دعك من هذا، أنا امرأة وُلدت على دين الإسلام، ولكن لا أرغب في أن أكون مسلمة، فماذا أنت فاعل؟ هل ستتيح لي إمكانية تغيير ديني بمنتهى الحرية والديموقراطية؟ أم ستحكم علي بالقتل وفقاً لحد الردة المزعوم؟ وهل بعد كل ما سبق ستظل مدعياً أنك رجل ديموقراطي وتسمح بإقامة الحريات والعدالة والمساواة بين الناس؟
أرجوك يا حازم صلاح، فلتكن أنت ومن هم مثلك أكثر صراحة من ذلك، وتتوقفوا عن الادعاء بأنكم رجال ديموقراطيون، تؤمنون بحرية الفرد وكرامته مهما اختلف في العقيدة أو الفكر. أرجوك إعلنها صراحة أنك ستقيم دولة الديكتاتورية المتمسحة في الدين، وأنك سوف تبطش أول ما تبطش بالأقليات الدينية، وأنك ستحرم النساء بالهدوء وعلى مدار عشرين سنة من كافة حقوقهن حتى تحرمهن من العلم نفسه، وأنك تعدنا أنه في غضون عشرين عاماً ستكون مصر النموذج الأفريقي لدولة أفغانستان الديمقراطية المستقرة المستقلة، نَمِرة الاقتصاد التي تهدد مضاجع الاتحاد الأوروبي وأمريكا.


http://www.youtube.com/watch?v=zgpezYcRXqE

الثلاثاء، 2 أغسطس 2011

تقسيم مصر بين الواقع والمتخيل

ربما يبدو عنوان المقال وكأنه دراسة متعمقة في الموضوع، ولكن الحقيقة هي أنني أحاول تجميع كل ما تردد في هذا الشأن، سواء داخل أعمدة الرأي بالجرائد المصرية، أو بين المصريين أنفسهم في الشوارع والمواصلات العامة. الاجابة الوحيدة التي تأتي كرد فعل سريع على طرح إمكانية حدوث التقسيم في المستقبل، هي؛ لا يمكن أبداً أن يحدث في مصر فنحن لسنا مثل باقي الدول، لكن الواقع يقول، أننا المصريون ليست على رؤوسنا ريشة، وأننا لم نقدم أي معطيات أو دلائل تشير إلى تماسك خريطة مصر دون تعرضها للتمزق مثلما حدث وسيحدث في السودان للمرة الثانية لفصل إقليم دارفور واستقلاله.
نحن يا سادة على العكس تماماً، قدمنا ومازلنا نقدم كل التسهيلات الممكنة لوقوع المحظور وتقسيم مصر، لتنتظر الأجيال القادمة، ظهور مينا جديدة يحاول توحيد القطرين، وإن كان العبئ سيكون ثقيلاً لأنه سيضطر إلى توحيد الأقطار الثلاثة، لأننا اكتشفنا بين ليلة وضحاها، أننا المصريون ننتمي إلى ثلاثة أعراق، العربية والقبطية والنوبية " هاموت وأعرف جابوها منين الأعراق دي".
على مدار ثلاثين عاماً هي فترة حكم مبارك، لم يكن ينقص الإدارة المصرية، سوى أن تقسم البلد بيديها وتسلمها جاهزة لإسرائيل والأمريكان والسعودية. كانت سيناء عائدة إسمياً لحدودنا، لكنها فعلياً في حضن إسرائيل، وكان اختلاق أسباب النزاع والفرقة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين يسير على قدم وساق، مدعوم بتمويل من الخارجين، الأمريكي في صورة أقباط المهجر، والسعودي في صورة التيارات الاسلامية المختلفة. ولم نكن نفعل، نحن شعب مصر الساذج الغلبان سوى إصدار ردود أفعال إنسانية طبيعية تمنح أعدائنا ما يرمون إليه بمنتهى السهولة والبساطة، فقد ذهب مبارك وقد نفذ ما كان مطلوباً منه بدقة، شعب ممزق يكره بعضه بعضاً، نصفه أمي فقير، تحركه عصا التيارات الاسلامية بصناديق السكر والزيت والوعد بالجنة، والنصف الآخر لا يدري ما الذي يجب أن يفعله وهو لا يملك شيئاً، سوى التظاهر والاعتصام.
الغريب أننا وكشعب ينتمي لدول العالم الثالث بجدارة، مصابون بالذاكرة الضعيفة، أو بذاكرة السمكة نفسها، فلقد تعرضت مصر أو بمعنى أصح مملكة مصر والسودان من قبل للتقسيم والتمزق، وبرغم أن غالبية الشعب السوداني الواعي كان ضد التقسيم آنذاك، لكن تحريك صناديق الاقتراع نحو التقسيم، تمت بنفس الطريقة المعهودة، ألا وهي صناديق السكر والزيت، أو بمعنى أصح دفع الأموال للتيارات المعادية للوحدة لحشد الناس في اتجاه الانفصال. أعتقد تماماً أن جدي وجدتي قالا لي ذات يوم؛ أن أحداً لم يكن يتخيل أبداً أن تنفصل مصر عن السودان، تماماً مثلما نقول الآن، لا يمكن أن تقع مصر تحت سكين التقسيم!
نحن لا نفعل سوى الكلام، بينما يتحرك أعداؤنا في الغرب الكافر والشرق المؤمن في تحالف قوي وثابت، نحو تحقيق أهدافه، لنستيقظ ذات يوم على مصر وهي جزء تابع لإسرائيل، وآخر مسلم وثالث مسيحي، ورابع نوبي. المحير بالفعل بالنسبة لي أنني لا أرغب في الانتماء إلى الدولة الاسلامية، وكذلك وبما أنني لست بمسيحية فليس من حقي الانتماء إلى الدولة المسيحية، رغم أنها ستقوم على الجزء المحبب إلى قلبي من مصر، وطبعاً لون بشرتي لا يمنحني جواز العبور نحو الدولة النوبية، ولأنني ضد التطبيع فلن أكون يوماً من عرب سيناء الذين سينضمون إلى دولة إسرائيل، ليبقى السؤال المحير أين سأذهب بحقيبة ملابسي، أو حتى من دونها؟ وأين سيذهب كل المواطنين المصريين الذين يشبهونني وهم كُثر؟ هل سنلجأ إلى أمريكا أم إلى السعودية؟ لأنه وبكل صراحة على من حضر العفريت أن يصرفه، فالدولتان لا تألوان جهداً للدفع نحو هذا المستقبل المرعب لمصر. لكنني واثقة أن السعودية سترفض امرأة علمانية كافرة مثلي، وبالتالي سأضطر إلى اللجوء لأمريكا لأنها تسمح للكفار بأن يعيثوا في أرضها فساداً، وإن كنت سأحزن كثيراً على نقود الخليج وماركات المكياج والبارفان والملابس التي لا تجدها المرأة بأسعار جيدة إلا في السعودية والخليج بشكل عام، وسلامي إلى مصر التي لا يمكن تقسيمها.

الثلاثاء، 19 يوليو 2011

أيها المصريون....أنتم مضحوك عليكم




قررت بعد قيام ثورة 25 يناير، أن أحزم حقائب غربتي وأتوجه عائدة إلى بلادي " مصر"، بالطبع لم ألق أي كلمة تشجيعية من المحيطين بي في الغربة، ولا حتى من أصدقائي في مصر نفسها، الكل أجمع على أن الوضع " زي الزفت وخليكي مكانك أحسن"، لكنني بالطبع وفقاً لانتمائي العنيف لبرج الثور " برج الرئيس المخلوع"، عندت وأصريت على تنفيذ قراري، فتجربتي في الإمارات اكتملت ولم يعد لديها شيئ أخوض غماره، بعد أن تنقلت من عمل إلى عمل بها، وقطعت إماراتها على قدمي شبراً شبراً. ورغم أنني أحب الإمارات جداً، إلا أنها في النهاية ليست بلدي ولا تمثل بالنسبة لكاتبة مجنونة مثلي سوى مغامرة وتجربة انتهت منذ فترة. لهذا ولأسباب أخرى كثيرة، من ضمنها أن مصر الآن تقدم مغامرة وتجربة حقيقية وكبيرة، نفذت قراري وعدت.
التقطوا أنفاسكم يا أصدقائي، فأنا لن أنطق بالجملة التي تنتظرونها حتى تعقبوها " بألم نخبرك بذلك؟"، في الحقيقة أنا آسفة أن أعلن لكم أنني مازلت سعيدة بقراري، فبعد مرور أسبوع بالتمام والكمال على وجودي في المحروسة، لم يداخلني الندم، بالعكس فالأمل هو الذي يحيط بي، وكذلك البهجة، فشوارع القاهرة رغم كل ما يشاع عنها في الخارج، بأنها ليست آمنة، هي آمنة وفوق ذلك مبهجة. في آخر زياراتي للقاهر العام الماضي، عدت إلى اّلإمارات لأبحث عن مكتب محامي هجرة إلى كندا، كانت القاهرة كئيبة وحزينة، وكان الناس يسيرون مطأطئي الرأس وفي عيونهم ضياع وتشتت. الآن نفس هؤلاء الناس وتحديداً الغلابة والنساء ذوات الجلاليب الفلاحي السوداء والطرح الشيفون اللائي يفترشن أرض الأسواق، يتحدثن في السياسة ويحلمن بغد أفضل....هل ورد على أذهانكم هذا المشهد من قبل؟ سواق التاكسي يعلم جيداً أن المجلس العسكري يجب أن يرحل، ويعلن خوفه من الإخوان المسلمين ويقول بكل صراحة عنهم أنهم خانوا الشعب وأنهم طوال تاريخهم خونة، أم أحد الشهداء من المنيا، صعدت على مسرح التحرير بحجابها المصري البسيط وثوبها رقيق الحال، وأعلنت بأعلى صوت؛ أنها لن تترك حق إبنها يضيع، وأنها صعيدية ولن تترك ثأره؛ حتى لو أشعلت النار في جسدها وألقت بنفسها داخل أحد كتائب الجيش.....هل سمعتم هؤلاء يتحدثون من قبل بهذا الصوت؟ هؤلاء هم الأغلبية الصامتة فعلاً، هؤلاء هم الذين لم ينتفعوا من مصر يوماً ولم يشعروا بوطنهم إلا بعد 25 يناير، أما أهلنا سكان روكسي ومصطفى محمود، فأنا بالفعل أعذرهم وأتعاطف معهم في موقفهم، لأنهم ببساطة فقدوا أو يشعرون أنهم على وشك أن يفقدوا مكتسباتهم التي يؤمنون تماماً بأنها حقوق إلاهية، ممنوع الاقتراب منها.... لكن الحقيققة يا أخواني في الوطن داخل روكسي وميدان مصطفى محمود، لن أستطيع أن أقدم لكم سوى التعاطف الانساني.
إذاً ما الذي سأعلنه عليكم من خلال هذا " الرغي" المطول السابق؟ ...أخواني في الوطن " مصر العظيمة"، أنتم مضحوك عليكم ...نعم مضحوك عليكم في كل شيئ، فبرغم أن المرتبات التي تحصلون عليها آخر كل شهر زهيدة، تكاد تقترب من خطوط ما تحت الدنيا، إلا أنكم دوناً عن شعوب أخرى غنية، تدفعون أضعاف أضعاف أسعار السلع الاستهلاكية التي تستخدمونها، حتى الضرورية جداً، والتي لا يمكن أن يخلو بيت منها وإلا اضطر الناس إلى عمل "شوربة" على الطوب. هذه المرة، أنا لست زائرة ولكني مقيمة، وبالتالي كان علي أن أبدأ في تنظيم أوراق إدارة منزلي، فنزلت كأي امرأة تنتمي للطبقة المتوسطة لكي تمون أدراج ثلاجتها ومطبخها، وأحب أن أبلغكم بمنتهى الأمانة، أنكم تدفعون ما لا يقل عن عشرة جنيهات زيادة في أغلب السلع، وعلى أقل تقدير هناك جنيهان أو ثلاثة زيادة، في السلع النثرية الصغيرة. تخيلوا أن أهل الإمارات - التي يحصل الفراش فيها على 2000 درهم وعامل البناء على على 1600 درهم شهرياً، وتستطيع عاملة النظافة في المراكز التجارية أن تشتري سيارة موديل 1995 مستعملة – يدفعون في السلع الاستهلاكية أقل منكم بكثير رغم أنهم قادرون على أن يدفعوا مثكلم وأكثر. لقد أصبت بالذهول وأنا أتبضع مشترياتي المنزلية كي أطعم أبنائي كما اعتدت كل أسبوع، ووجدت صوتي يرتفع تلقائياً " يا ولاد الحرامية ...إيه السرقة دي؟" . الأسعار كلها بلا استثناء مبالغ فيها وبرغم إن أنواع الشامبوهات والكريمات واحدة، إلا أنها تباع في مصر بأسعار غالية جداً مقارنة بأسعارها في الإمارات. سأسوق إليكم مثلا بسيطاً جداً على أننا في مصر مضحوك علينا ومنهوبين، فاللحوم المصرية مشهورة في الإمارات، وطبيعي جداً أنك تذهب إلى الجزار في تمام الساعة العاشرة صباحاً كي تفوز بكيلو لحم مصري، فلا تجده، لأن المستهلكين يتكالبون عليه...إذا بلغة السوق البسيطة، فهذه السلعة عليها طلب كبير، مما يشكل سبباً هاماً في أن يكون سعرها مرتفع، إلا أن عزيزي المصري داخل مصر، أزف إليك بشرى، ألا وهي أن المستهلك في الإمارات يشتري اللحوم المصرية بأقل مما تشتريها أنت بما يعادل عشرة جنيهات!!!!!!!!!!!! هل هناك اقتصادي مغوار على أرضنا السعيدة يفهمني كيفية التوصل إلى هذه المعادلة الاقتصادية العظيمة؟
أشياء بسيطة جداً ولكنها تثير التساؤل والحيرة، لماذا؟ ما هو السبب الاقتصادي القوي الذي يجعلني كمصرية أشتري لحوم بلادي بأكثر مما يشتريها مستوردها في الخارج؟ لماذا أشتري ملابسي بقيمة تشكل أضعاف أضعاف القيمة التي أدفعها في الخارج؟ لماذا أشتري الأرز والسكر والزيت والبيض بأسعار مبالغ فيها وغير منطقية...وفي النهاية نقرأ كل فترة خبر " دمه تقيل وغبي" يأتي إلينا بأشكال متعددة، كل فترة، ألا وهو : الحكومة تدرس رفع الدعم عن السلع الأساسية، أو الحكومة متمسكة باستمرار الدعم على السلع الأساسية.
آسفة ولكني مضطرة لأن ألطم وأرقع بالصوت الحياني، وأرجو معذرتي في هذا الأسلوب البلدي في التعبير عن موقفي، وعلى رأي يوسف وهبي " أهي رجعت لأصلها بنت صلطح ملطح". في عرض النبي محمد، أتمنى أن أفهم ...ماذا لو استندلت الحكومة ورفعت الدعم المزعوم فعلاً؟ هل سترتفع الأسعار حتى تصبح مثل أسعار " لندن" مثلاً؟ مع الفارق الكبير بين الخدمات المذهلة التي تقدمها بريطانيا نظير الضرائب المضاعفة التي يدفعها أهلها، واللاخدمات التي نحصل عليها في مصر، إضافة مثلاً، إلى أن كل البلديات التابعة لكل الأحياء لا تكلف نفسها لرفع القمامة من الشوارع، فنتميز بذلك على لندن في أننا ندفع ضرائب مضاعفة ولا نحصل مقابلها على خدمات وكمان نعيش في زبالة.
مضحوك علينا أم لا يا رفاقي في الوطن السعيد؟ وفي النهاية حكومة شرف والمجلس العسكري، يرون أن المعتصمين في التحرير متسرعين ومبالغين في طلباتهم ويعطلون عجلة الإنتاج...... خليكوا يا شباب وأوعوا تتحركوا، على الأقل يمكن ومع كثير من الجموح، يتمكن الشعب المصري من الحصول على لحم بقره الوطني بنفس سعره في الإمارات!
وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ....أقيموا الثورة