السبت، 29 ديسمبر 2012

ما لن يأتي في 2013


 

اعتادت الشعوب العربية منذ قديم الأزل على انتظار شخص ما يخلصهم من أوضاعهم البائسة. ربما يأتي هذا المخلص في شكل نبي أو قديس أو زعيم أو قائد حربي وذلك وفقاً لتطور الزمان وظروف المجتمع. بالطبع الفئة التي تنتظر هذا المخلص غالبا ما تكون فئة المهمشين والفقراء الذين تم سرقة قوتهم وأملهم في الحياة من قبل المتنفذين في أمور البلاد سواء بالسلطان أو بالأموال، وعندما يأتي هذا الشخص المنتظر يلتف حوله الفقراء ويعاديه أصحاب الجاه والمال ويكيلونه صنوف العذاب والتضييق والملاحقة ولا ينتصر في النهاية إلا بالتفاف جموع الطبقات الكادحة حوله.

السؤال هنا؛ هل الظرف الزماني الذي نعيشه الآن يسمح بظهور زعيم أو قائد جديد يلتف حوله الجميع ليحل لهم كل مشاكلهم؟ لا أعتقد لأن الجيل الحالي يختلف كثيرا عمن سبقوه، وكل واحد منهم يؤمن بفكرة ويتطلع إلى مستقبل مغاير تماماً لكل ما تمليه الأدبيات السابقة من وحدة الصف والهدف القومي أو الروحاني الواحد وكل المعاني العميقة العظيمة الجامدة التي كنا نحفظها في الماضي عن ظهر قلب دون الوقوف على فحواها الحقيقي بما يفرضه من منهج عمل أو خطوات نسير عليها لنصل إلى نقطة ارتقاء ما، سواء اقتصادي أو سياسي أو حتى إنساني مجرد.

في المظاهرات التي تأخذ الطابع الديني تجدهم جميعاً يرددون " نريد تطبيق شرع الله" فإذا ما سألت أحدهم عن تصوره لشكل هذه الشريعة وآليات تطبيقها والفائدة التي ستحل علينا بتطبيقها، لن تجد إجابة تأخذك إلى مكان تفهمه. اما في المظاهرات المعروفة بالمدنية فستجد جمعاً منها يرفع صور جمال عبدالناصر ويطلق أغاني عبدالحليم وأم كلثوم الوطنية ليفرغ معها شحنات معينة، فإذا ما سألت أحدهم " ما المفيد في يومنا هذا أن نرفع صور عبد الناصر ونغني أغانيه؟" فغالباً ستجد إجابات هلامية مفادها أنه زعيم خالد وأنه حقق الكرامة للمصريين والعرب، ولا يأتي أحدهم على هزيمة 1967، أو على ديكتاتورية ناصر وقضائه على التعددية الفكرية والسياسية. بغض النظر عن كوني من الذين يقدرون شخصية ناصر التاريخية ويحترمون الشريعة، إلا أنهما لا يذهبان بنا إلى مكان.

الجيل الجديد وبكل هدوء متعدد الانتماءات يبحث عن إجراءات لا عن أشخاص، ويحلم بوطن يحقق أحلامه لا يموت من أجله عبثاً، ولا فائدة تُرجى من أن يتخيل شخص ما بخطب رنانة وجمل عظيمة وهتافات مدوية أنه سيحل مشاكل ويصل لدرجة السيطرة على العقول لتخضع لمخططاته التمكنية، فنسبة ليست هينة من الشباب لم تعد المبادئ المطلقة تعنيه بقدر ما يعنيه المنتج المادي الذي سيصل إلى يديه منها، والجموع الغفيرة من الفقراء والمهمشين لم تعد نفوسهم ضئيلة راضية بالمقسوم بل تنظر إلى كل من يملك أي شيئ بحقد ويرغبون في الارتقاء.

صباح الخير نحن في عام 2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق