الجمعة، 6 سبتمبر 2013

أمنية طلعت: دبى أكثر المدن العربية صداقة للمرأة

أمنية طلعت: دبى أكثر المدن العربية صداقة للمرأة
1-9-2013 | 12:17

امنية طلعت
أجرى الحوار -عزمى عبد الوهاب
انشغال الروائية “أمنية طلعت” بهموم المرأة يختلف كثيرا عن انشغالات أبناء وبنات جيلها بمثل تلك الهموم، فهى غير معنية بتيار من الكتابة ساد طويلا فى إبداعات هذا الجيل، كالانشغال بقضايا الجسد، واجترار الهموم الذاتية الخالصة، من خلال تجارب شخصية جدا، فى حين أنك ستقابل فى إبداعات “أمنية طلعت” نماذج لنسوة ينتمين إلى أكثر من مكان عربى، يواجهن الواقع بكل تشوهاته، وقد تجلى هذا الأمر فى روايتها “طعم الأيام” التى تعرض لنماذج تنتمى إلى جيل التسعينيات، الذى عاصر الغزو العراقى للكويت عام 1990، وكان شاهدا على سقوط بغداد فى قبضة الاحتلال الأمريكى عام 2003.

وفى روايتها الصادرة حديثا بعنوان “نسائى الجميلات” تدور الأحداث فى أجواء إماراتية خالصة، بداية من الإهداء إلى مدينة دبى، الذى يتصدر الصفحة الأولى من الراوية، وانتهاء بالمصائر الخاصة بشخصيات العمل التى تدور فى فضاء سردى إماراتى، فقد أقامت الروائية مابين دبى وأبو ظبى والشارقة لمدة أربعة عشر عاما.
سبق وأن أصدرت “أمنية طلعت” مجموعة قصصية بعنوان “مذكرات دونا كيشوتا” وهنا حوار معها.

لنبدأ من أحدث رواياتك «نسائى الجميلات» وهى مكرسة لشخصيات تدور فى فضاء روائى خاص بدولة الإمارات، كما أنك أهديت الرواية إلى مدينة دبى، ما الذى منحته دولة الإمارات لك كإنسانة؟
تعلمت هناك الكثير وعشت حياتى بدون ضغوط ، كما منحنى جو الحرية الكبير فى دبى الفرصة للتجربة والخطأ، دون عيون تراقب تحركاتى، ففى دولة الإمارات هناك احترام كبير لخصوصيات البشر، ولا يتدخل الناس فى حياتك.

وكيف كانت الاستفادة من هذا المناخ كمبدعة؟
هناك تنوع كبير فى الحياة، فكل ما ترغب فيه متاح لك، والحياة الفنية والثقافية فى الإمارات ثرية، وكل إنسان موهوب يجد له مكانا ويحصل على الدعم والتشجيع الكافى لأن يعبر عن نفسه ويحقق ذاته، كما أن المرأة تتمتع بمكانة قوية فى الإمارات، ولا تتعرض لأى مشاكل فى الشارع أو العمل، ما يجعلها قادرة على تحقيق ذاتها.

بدأت مشوارك الإبداعى بإصدار مجموعة قصصية عنوانها “مذكرات دونا كيشوتا” ثم توالت أعمالك بنشر روايتين هل خرجت القصة القصيرة من حساباتك لأسباب تتعلق برواج فن الرواية؟
أعشق الحواديت فى المجمل وأحب استخدام مسمى حكاءة على أديبة، وهذا ما يمكن لأى قارئ أن يلاحظه فى كتاباتى، فأنا لا ألعب باللغة كثيراً، ولا أميل إلى الغرائبيات فى كتاباتى، فتجدنى دائماً ما أحكى حدوتة عن أشخاص هم فى الواقع يعيشون بيننا ولا تشعر بأنهم منفصلون عن واقعنا. هذا ينطبق على القصة أو الرواية، وإن كنت نظراً لطبيعتى الحكاءة أميل إلى الرواية أكثر لأنها تعطينى مساحة من الحرية فى الحكى، وأعترف بأننى قبل أن أفكر فى تجويد أسلوبى فى الكتابة لم أجرب كتابة القصة، لكن وجهنى إليها أستاذى الذى أعتز به حتى اليوم الأديب النوبى يحيى مختار، فهو صاحب الفضل فى اكتشافى وتعليمى فنون القص والكتابة الإبداعية، لذلك جاء عملى الأول فى شكل مجموعة قصصية، ثم كانت روايتى الأولى “طعم الأيام” التى أحمد الله أنها وجدت مكانها بين القراء، لكن هذا لا يعنى أننى ابتعدت عن القصة القصيرة، فرواية “نسائى الجميلات” تزامن مع كتابتها مجموعة قصصية جديدة لكننى انتهيت من “نسائى الجميلات” أولا فدفعت بها للنشر، أما المجموعة القصصية فلا تزال قيد الكتابة حيث إننى أجرب فيها شيئاً جديداً أعتقد أنه سيكون الأول من نوعه فى الكتابة العربية، لذلك أفضل ألا أتحدث عنها بالتفصيل الآن حتى تنتهى وتمثل للنشر.

فى مجموعتك القصصية الأولى تتناولين قضايا خاصة بالمرأة هل ترين أن المرأة هى الأحق بأن تكون “دون كيشوت” لا الرجل وأنها تحارب طواحين الهواء حقا؟
رواية “دون كيشوت” لثربانتس كانت هوسا بالنسبة لى فى مرحلة من حياتى عندما كنت فى بداية مشوارى فى العمل الصحفى وأحمل داخلى أحلاماً أكبر مما يمنحه العالم العربى لامرأة، كنت أرى فى نفسى دائماً “دون كيشوت” المهووس بقيم الفروسية فى عالم انتهت فيه الفروسية، ولم تعد سوى أسطورة، فلم يفعل سوى أن عاش فى وهم الفروسية، ما أدخله فى مشاكل ومصائب كبيرة ليجد نفسه فى النهاية يحارب طواحين الهواء. هذا هو واقعى فى فترة من فترات حياتى فجاءت قصة “مذكرات دونا كيشوتا” وباقى قصص المجموعة التى تحكى عن النساء، بعيداً عن منطقة الجسد المكبوت التى غرقت فيها الكاتبات فى التسعينيات، فكتبت عن المرأة الصعيدية والمرأة المناضلة فى سبيل وطنها وعذابات المرأة العاملة والمرأة الطموح التى تقضى أمومتها على طموحها والمرأة الشحاذة والمرأة الخادمة فى البيوت.. إلخ، أى أننى قدمت المرأة فى صورة من لحم ودم، لا فى صورة خيالية لا توجد سوى فى عقول من يعيشون فى الأبراج العاجية، ولذلك نعم فالمرأة المصرية تستحق لقب “دونا كيشوتا” لأنها مطلوب منها أن تكون صورة ناعمة لأنوثة سحرية، بينما الحقيقة أنها تعيش فى واقع من عرق وطين.

تناولت فى روايتك الأولى «طعم الأيام» أحداثا بدأت مع غزو العراق عام 1990 وانتهت الأحداث بسقوط بغداد عام 2003 ما الذى أغراك بهذا الحدث حتى تتناوليه فنيا؟
أنا وجيلى أبناء لهذا الحدث، فقد تفتح وعيى السياسى على غزو العراق للكويت، وأذكر أن نتيجة الثانوية العامة الخاصة بى ظهرت تقريباً فى نفس توقيت الغزو، والتحقت بالجامعة ومصر بين أن تشارك فى حرب تحرير الكويت أو لا تشارك، وكنت واحدة من الطلاب الذين شاركوا فى مظاهرات حاشدة بجامعة القاهرة لرفض ذهاب الجيش المصرى للمشاركة فى جيش أمريكى أوروبى لتحرير الكويت من العراق، وطالبنا بجيش عربى خالص حتى لا يكون ذلك بداية لاستعمار جديد فى المنطقة ..أنا أنتمى إلى هذا الجيل الذى تحطمت صخرة اعتزازه بعروبته على واقع التمزق والضعف العربى، أنا أنتمى إلى الجيل الذى تم النصب عليه باسم قضية فلسطين ...لذلك جاءت رواية “طعم الأيام” لتحكى تجربتى وتجربة جيلى الذى انكسر على صخرة الوطن والوطنية والذى صدم فى كل القيم التى تربى عليها.

هل يمثل هذا الحدث التاريخى النكسة الخاصة بجيل التسعينيات مقارنة بما جرى فى العام 1967 ؟
فرض علينا جيل الستينيات - وهم آباؤنا - أن نعيش فى حزن النكسة ، ولما حاولنا أن نخرج منها بأن نفعل شيئاً لهذا الوطن كان جيل الستينيات نفسه هو من حاربنا ووضع كل العراقيل فى طريقنا كى نفشل وتحطمنا صخرة العجز الوطني. نعم حادث غزو العراق للكويت الذى اكتمل بسقوط بغداد عام 2003 هو نكسة جيلى وحزنه العميق، وفى “طعم الأيام” تنتهى الرواية بحوار بين أحلام البطلة وصديقها العراقى حيث تندب حال واقع مصر المنهار وهو يندب انهيار العراق وبداية تمزقه تحت نير الاستعمار الجديد. فى “طعم الأيام” تنبأت بأن الدور المقبل على القاهرة، وهذا ما نراه الآن بعد عشر سنوات من غزو العراق.
ناقشت فى الرواية أفكارا كبرى كالاشتراكية والناصرية والقومية العربية، ما الذى تبقى من هذه الأفكار الآن؟

الأفكار لا تموت أبداً ولكن يموت من يمثلها حتى يأتى من يحييها مرة أخرى، وهذا ما أراه الآن، فممثلو الفكر الاشتراكى والناصرى والقومى فى مصر أضعف من أن يحملوا لواء هذه الأفكار العظيمة، وللأسف كل واحد منهم يعمل على تنجيم نفسه بعيداً عن المبدأ الذى يرفع شعاره.

السياسة والاقتصاد وغير ذلك من مفردات شكلت الفضاء الروائى فى “طعم الأيام” هل تؤمنين بضرورة أن يعالج المبدع مثل هذه القضايا الكبرى فى إبداعه؟
لا يوجد مفروض فى الأدب فالإبداع فضاء مفتوح للمبدع عليه أن يبحث فيه عن عالم ينتمى إليه كى يعبر عنه بصدق، لكن فى النهاية الأديب ابن مجتمعه وعليه أن يعبر عن كل زوايا هذا المجتمع من خلال تجاربه ومشاهداته، والسياسة والاقتصاد هما المحركان الرئيسيان لنا، وبالتالى عندما يعبر عنهما الأديب فهو بذلك لا ينفصل عن فضاء الإبداع، خصوصاً أنه لا يعبر عنهما بأسلوب تحليلى جامد وإنما يضفرهما فى قلب حكايته التى يحكيها.

هل لديك موقف مما ساد فى الفترة الأخيرة من كتابات تتكئ على الذات وهمومها الشخصية؟
بالطبع لا، فكما قلت الفضاء الإبداعى واسع ورحب وعلى المبدع أن يبحث عن عالمه داخل هذا الفضاء كى يعبر عنه بصدق، وأنا لا أنفصل عن همومى الشخصية حينما أكتب، لكننى فى النهاية لا أميل نحو الإغراق فى الذاتية، لأن شخصيتى فى الأساس تميل إلى الناس والاندماج وسطهم، وسماع حكاياتهم ومشاهدة ممارساتهم فى الحياة، وأجدنى منجذبة نحو السحر الخاص لكل شخصية حولى، لذلك عندما أكتب أضفر حكاياتى بحكايا الآخرين فيخرج العمل الأدبى بعيداً عن ذاتى، لكنه يعبر عنى أيضا فى نفس الوقت.

هل توجد شخصية «أمنية طلعت» ضمن شخصيات روايتك الجديدة «نسائى الجميلات»؟
نعم بالطبع أنا موجودة فى الرواية ولكن ليس بالشكل الذى يتخيله الناس، فأنا لا أحكى قصتى ولكن شخصيتى ومشاعرى وهواجسى كامرأة موجودة فى “ نسائى الجميلات” التى أعتقد أنها تحكى المرأة بشكل جديد فرضه المكان وهو مدينة دبى التى أعتبرها أكثر المدن العربية صداقة وحباً للمرأة >

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق