الثلاثاء، 15 مايو 2012

http://www.youtube.com/watch?v=eH99quxAxtM&feature=youtu.be


تقريري الخاص بالقافلة الطبية التي نظمها حزب الحرية والعدالة في قرية أبوعزيز مطاي المنيا لإجراء عمليات ختان للإناث

الأربعاء، 7 مارس 2012

حكايات من واقع حال الشرطة النائمة


دعوني أقص عليكم بعض حكايات من واقع شرطتنا العزيزة النائمة. هذه الحكايات بعيدة تماماً عن ظاهرة السير عكس الطريق والتي وصلت أمام عيني إلى الحد الذي قاد فيه أحدهم سيارته عكس السير في شارع التحرير بالدقي الساعة الثانية ظهراً وأمام عسكري المرور الذي لم يحرك ساكناً أو يستجيب لزمامير السيارات المعترضة. أربع حكايات حدثت مع ثلاث أصدقاء، والرابعة حدثت مع ابنتي.

عادت ابنتي ذات مساء بعد انتهاء درسها الخاص بأحد المراكز الدراسية بمنطقة الزمالك، وهي مستاءة وتقول لي بشكل قاطع: " مصر مش هتنضف أبداً يا ماما"، عندما أجبتها بغيرة وطنية تلقائية: " ما تقوليش كدة المسألة محتاجة وقت مش أكتر". أجابتني بأنني علمتها منذ الصغر وفي بلاد الغربة أن المصريين يتمتعون بنخوة لا تتوفر لدى الآخرين، وأنه حتى لو لم يكن هناك نظام في الشوارع، فإن المصريين بنخوتهم يفرضون الأمان والنظام على بعضهم البعض ويقفون أمام الخارج عن هذا النظام. بالطبع وفي أول احتكاك لابنتي مع هذه النخوة، تأكدت أنها ليست متوفرة بالإضافة إلى غياب الشرطة، وبالتالي مصر لن تتطور أبداً " ورحنا جميعاً في شربة ماء".

عند خروج ابنتي وصديقتها من درسهما الخاص وهم يسيرون في شارع أبو الفدا بالزمالك، شاهدوا فتى يكسر زجاج سيارة ليسرق منها "جيتار"، ثم يهرب فوراً على دراجته البخارية، ورغم أنهما صرخا بعلو صوتهما " حرامي حرامي"، لم يعبأ أحد بهما، وحسب قولها، نظر لهما المارة باستهزاء كبير، فلم يجدا أمامهما سوى الذهاب إلى شرطي المرور ليستنجدا به، لكنه لم يفعل سوى أن وجههما نحو قسم شرطة الجزيرة للبلاغ، ورغم أن الفتاتين صغيرتين بما يكفي لأن يدخلا قسماً للبوليس، إلا أنهما ذهبا بالفعل ليبلغا عن الحادث. استقبل الضابط المناوب الفتاتين بترحاب شديد وقال لهما: " برافو عليكوا"، لكنه لم يفعل أكثر من ذلك، حيث طلب منهما العودة مرة أخرى إلى موقع الحادث ليحضرا رقم السيارة، لكنه لم ينس أن يبلغهما أنه حتى لو أحضرا رقم السيارة، فلن يغير في الأمر شيئاً، لأنه يجب أن يحضر صاحب السيارة للبلاغ عن الحادث حتى يحرر محضر، وبصفتهما ليسا متضررتين شخصياً مما حدث، فإنه لن يستطيع أن يحرر محضراً بالحادث!. وهنا نهاية القصة، لأن الفتاتين ببساطة قررا أن يعودا إلى منزليهما، لأنه لو كان البوليس لن يتحرك معهما لمعاينة موقع الحادث واتخاذ الاجراءات اللازمة للقبض على السارق، فما جدوى أن يحضرا له رقم السيارة؟. نقطة ولننتقل إلى الحكاية الثانية.

صديقة لي كانت تركب الميكروباص بجوار النافذة، في طريقها إلى منزلها. أثناء توقف الميكروباص في أحد نقاط الزحام بشارع الهرم، أخرجت صديقتي هاتفها المحمول لتجري مكالمة، وأثناء وضع الهاتف على أذنها جوار النافذة المفتوحة، التقط أحدهم الهاتف منها بسرعة واختفى، ورغم صراخها لم يتحرك أحد في الميكروباص، بينما ظل عسكري المرور في الخارج ينظر إليها في بلاهة صعب وصفها. لم تفكر صديقتي في تحرير محضر بالقسم بخصوص سرقة هاتفها وتبريرها لذلك هو: " مصر كلها اتسرق الموبايل بتاعها وفتحوا محاضر وما حصلش إني سمعت إن واحد رجعله موبايله أو قبضوا على حرامي موبايلات". لننتقل الآن إلى الحكاية الثالثة.

بعد أن جلست قليلاً إلى مكتبي بالجريدة، لاحظت أن زميلتي التي تجلس في المكتب المقابل، تعمل على جهاز الكمبيوتر " ديسك توب"، لأول مرة بعد أن كانت تتعامل فقط مع جهاز اللاب توب خاصتها، تساءلت: أين اللاب توب الخاص بكِ؟، فأجابت بسخرية مريرة: اتسرق. أما كيف تم سرقة اللاب توب الخاص بها؟ فببساطة شديدة على طريقة عصابات شيكاغو، فقد كانت تسير في شارع النيل بمنطقة العجوزة وهي تعلق حقيبة اللاب توب على كتفها، فمر جوارها شاب على دراجة نارية، التقط الحقيبة وطار، بينما وقعت هي على جانب الطريق في حالة ذهول لا تدري ما الذي يجب أن تفعله، ونظراً لأن زوجها فقد الآي فون الخاص به ولم تفعل له الشرطة شيئاً، لم تتوجه لتحرير محضراً بالحادث قائلة: " المحاضر إجراء روتيني تقوم به الشرطة ولكنها لا تعني أنهم سيتحركون لفعل أي شيئ، كلها يتم حفظها إدارياً ولا يحولونها حتى إلى النيابة للتحقيق"!. وإلى الحكاية الرابعة.

في الحقيقة أشعر بالذنب مع هذه الحادثة، فلولا أنني اعتذرت لصديقي هذا لانشغالي في العمل، عن ملاقاته بأحد مقاهي وسط البلد، ما جاء إلي في مقر الجريدة بالدقي، وما حدث له ما حدث. قام صديقي بركن سيارته في الشارع وصعد لنتحدث في أمر هام يخص نشاط توعوي نقوم به مع أصدقاء آخرين في أحد مناطق إمبابة العشوائية، وبعد أن غادر محاولاً تشغيل السيارة، لم تستجب وكانت كمن سقط سهواً دون مبرر. بعد أن فتح "كبوت" السيارة، اكتشف أن البطارية تم سرقتها، وعلى طريق "فانلة" فؤاد المهندس التي سرقتها شويكار من أسفل صديري بستة زراير وجاكت بدلة بثلاثة زراير، وقف مذهولاً وحمد الله أن السيارة لم يتم سرقتها بالكامل، حيث أن البطارية يمكن تعويضها ولكن السيارة المسروقة لا تعود حتى لو قام بتحرير ألف محضر.

الغريب أن كل هذه الوقائع حدثت في شوارع رئيسية داخل أحياء كبيرة، ومن المفترض أنها تحت سيطرة الشرطة ومؤمنة تماماً وفقاً لتصريحات وزير الداخلية الذي أكد لنا أن الأمن تم فرضه بنسبة 60%. والسؤال هنا: إن كان الأمن غائب عن الزمالك والدقي والعجوزة والهرم، فهل علينا أن نتخيل مثلاً أنه مفروض في الأماكن النائية والطرق السريعة؟، أما السؤال الثاني فهو ببساطة: ما هو لزوم تحرير محاضر في مقرات الشرطة المختلفة إن كانت نتيجتها التخزين الإداري؟ السؤال الثالث توجهه ابنتي: أليس من المفترض أن تتحرك الشرطة عند البلاغ عن حادث سطو أو سرقة لمعاينة الحادث؟ وإن كانوا لا يتحركون فهل يعني هذا أن مصر فيها شرطة من الأساس؟. وفي النهاية أتوجه بالتحية إلى وزير الداخلية وشرطته النائمة.




الجمعة، 24 فبراير 2012

ظلال السوق الحر على الكيان الأنثوي

ربما تأتي كلماتي القادمة مخالفة لتوقعات الكثيرين من مجتمعنا المصري، الذي تأتي مفردة "ليبرالية" لديه كمرادف للتحرر التام، لدرجة أن عقل البعض يذهب به إلى البعيد، فيعتقد أن الليبرالية هي الحرية غير المشروطة، والتي قد تصل بالإنسان إلى ارتكاب كل الموبقات المعروفة منها وغير المعروفة. لكن الحقيقة هي أن الليبرالية والتي تتبنى الآليات الرأسمالية في شقها الاقتصادي، أبعد ما تكون عن هذا التخيل الجامح للتحرر، بل إنها تكرس في آلياتها إلى تقييد حركة الأفراد في المجتمع، ودائماً ما يكون رجال السياسة فيها في تحالف مع رجال الدين لخدمة مصالح الرأسماليين أو أصحاب الشركات والاستثمارات الكبرى لديها.
الليبرالية ونسختها الحديثة الـ "نيو ليبرالية" أو السوق الحر، هي في الحقيقة تنتمي للجانب اليميني من الفكر البشري، وبمعنى أكثر وضوحاً تنتمي إلى الفكر الأصولي وليس التجديدي، ولا تتحرك نحو التطور الفكري إلا إذا اقتضت متطلبات الآلة أو الاستثمار ذلك الأمر، لتفتح سوقاً جديداً لترويج سلعها، كما أنها في الأغلب تستخدم الدين والأخلاق لإخضاع الأفراد لها، وكله تحت شعار كبير اسمه الديموقراطية أو الحرية الفردية، التي تمنحها للناس باليمين ثم تسحبها "بصنعة لطافة" باليسار. الحقيقة هي أن الرجل متساو تماماً مع المرأة في الليبرالية، ولكن في القهر وليس في الحياة التشاركية السعيدة التي تساعد على خلق مجتمع إنساني متطور فكرياً. ولكن بما أننا بصدد الحديث عن المرأة بالتحديد في الفكر الليبرالي أو المجتمع الرأسمالي، فسنركز عليها، لكننا بالتأكيد سنأتي على ذكر الرجل باعتباره الشريك الوحيد للمرأة في الحياة التي نعيشها.
تعمل الرأسمالية منذ بذورها الأولى التي بدأت مع عصر النهضة، على تطوير استخدام الآلة وذلك لزيادة حجم الإنتاج بما يسمح بزيادة الأرباح لدى صاحب رأس المال، ومن هنا بدأت الإنسانية تشهد الاكتشافات العلمية الحديثة التي تم تسخيرها لتطوير الآلات، التي أدَّت بالتبعية إلى زيادة الإنتاج والاستغناء عن العمالة الزائدة، حيث أن إنتاج متر من القماش قد يحتاج إلى مجهود أربعة عمال منهم نساء على "نول نسيج" بينما آلة نسيج واحدة تستطيع أن تنتج مئات الأمتار في وقت قليل وبإشراف عامل واحد. أدَّى ذلك إلى زيادة الإنتاج والاستغناء عن العمال، ومن هنا بدأت المجتمعات الأوروبية تروج للأفكار الخاصة بطبيعة جسد المرأة المرهف والحساس والذي لا يتمكن من مواجهة قسوة الآلة التي تحتاج إلى قوة عضلية. الأساس في الفكرة هو التخلص من عبء العمالة الكثيرة التي سيتم تسريحها على إثر تطور الآلات، فكان من السهل في البداية التخلص من العمالة النسائية بدعاوى أخلاقية، وبالطبع ساندتها دعاوى دينية تزعمها القساوسة لتأكيد رهافة المرأة، وأن مكانها هو المنزل للحفاظ على طبيعتها الحساسة من قسوة الحياة الخارجية، وأن دورها الرئيسي هو رعاية أبنائها في المنزل.
حدث نفس الشيء في الولايات المتحدة الأمريكية في القرن السادس والسابع عشر عندما اعتمدوا على المهاجرين الأوائل في مناجم الفحم، ولم يفرقوا في ذلك بين رجل أو امرأة، فكانت النساء تعمل مثل الرجل تحت قسوة شروط العمل في المناجم دون أن يعبأ أحد بكرامتها ورهافتها ووضع جسدها الضعيف، ولكن وبمجرد اختراع الديناميت وتطوير الآلات المستخدمة في المناجم، إضافة إلى استخدام الأفارقة الذين تم استعبادهم في الأرض والمناجم الأمريكية، خرجت شعارات المرأة المرهفة والحساسة، زينة بيتها وجوهرة عائلتها إلى آخره من قيم الشرف والأخلاق، وبالطبع لم ينس الرأسماليون الاستعانة برجال الدين لتأصيل هذه الفكرة، وكله من أجل الخلاص من العمالة الزائدة التي تترتب على تطور الآلة.
عندما تشبعت الأسواق بالمنتج الزائد عن حاجة الأفراد، كان لابد من البحث عن أسواق جديدة لتسويق تلك السلع بها، لأن الرأسماليين ما كانوا ليكتفوا بما حققوه في نطاقهم الإقليمي، ومن هنا أتت الإمبريالية أو الفكر الاستعماري التوسعي والذي كان الغرض الرئيسي منه فتح أسواق جديدة لمنتج الآلة الشرهة التي لا تتوقف ولا تشبع. وبالطبع جاء الدور على الرجل هنا ليكون هو القربان المقدم على مذبح الرأسمالية، حيث خاضت الدول الكبرى حينها مثل إنجلترا وفرنسا حروباً موسعة غزيا بها العالم كله تقريباً وقسماه فيما بينهما فيما عدا أجزاء بسيطة استأثرت بها إيطاليا وألمانيا على سبيل المثال. عندما غاب أو مات الرجل في الحرب، احتاج صاحب الآلة إلى عمالة بديلة، حينها تنكر للأقوال السابقة ودعم حركات التحرر النسائي وحقها في العمل والاستقلال المادي، فأخرجها من بيتها لتعمل في ظل نفس الظروف القاسية التي كان يعمل تحتها الرجل، ولم يراع طبيعتها الجسمانية المرهفة، كما أنه لم ينس الاستعانة برجال الدين لدعم فكرته، فبرروا قتل شعوب أخرى باسم الوطنية ونُصرة الله، وبرروا خروج المرأة باسم مساواتها في الحقوق والواجبات للرجل لأن الله خلق البشر متساوين.
المرأة في الرأسمالية ببساطة تماماً مثل الرجل، مجرد أداة يتم استخدامها لصالح صاحب رأس المال والآن لصاحب الاستثمارات العالمية والشركات العابرة للقارات، التي تحكم مصالحها السياسات في العالم كله، فهي لا تعني بآدمية المرأة ولا الرجل ولا يهمها كثيراً حقهما في الحياة، وإنما تقدم فقط ما يسمح لهما بخدمة طموحاتهم الاستثمارية. رغم ذلك فالمرأة في ظل آليات الرأسمالية أو شكلها المتطور الآن المعروف بالسوق الحر، يتم تسليعها بشكل يسحب منها آدميتها أكثر، ونظرة بسيطة على الولايات المتحدة الأمريكية، وما روجت له منذ عقود بما يُعرف بالحلم الأمريكي، تجعلنا ندرك قيمة المرأة في النيو ليبرالية، فمع الصورة التسويقية المستخدمة منذ خمسينات القرن الماضي، حيث امرأة جميلة تقف في مطبخها الحديث وتُجهز الطعام لطفلين يلمعان، بينما الزوج يدخل من باب المنزل في بِزته الأنيقة وأسنانه البيضاء تبرق من وراء ابتسامته العريضة، نجد المرأة السلعة تنتشر على نطاق واسع، حيث فتيات "البلاي بوي"، وأفلام "البورن"، وفتاة الإعلانات التي يجب أن تكون نصف أو ربع عارية لتُروج لكافة السلع على اختلافها. المرأة في عالم الرأسمالية لا تستطيع أن تُنافس على وظائف البنوك ولا الشركات الهندسية ولا المستشفيات، بينما المتاح لديها دائماً العمل في البارات ونوادي التعري والعمل كموديل لمجلات الجنس وغيرها من الأعمال الشبيهة، والحقيقة التي لا يعرفها كثيرون أن نسبة العمالة النسائية في أمريكا لا تتجاوز 20% من حجم العمالة الأمريكية ككل، فما بين الترويج في الكنائس وغيرها من دور العبادة على اختلاف الأديان، لأفكار الدرة المكنونة ودور المرأة في المنزل، وما بين استخدامها كأداة جنسية لترويج السلع وتسلية عالم رجال الأعمال والساسة، تسقط المرأة في المجتمع الرأسمالي والذي تجسده أمريكا بقوة. في النهاية لا تعني الليبرالية، حرية المرأة أو الحرية بشكل عام، وإنما تعني ببساطة، تطبيق آليات السوق الحر الذي يستعبد المرأة والرجل لخدمة مصالح الرأسماليين وأصحاب البنوك.

الخميس، 9 فبراير 2012

أيها الرجل العزيز ...عصر الحرملك انتهى!


عندما ترغب في أن تشهر سيفك وتثبت قوتك وسيطرتك على المكان، فخذها نصيحة مني باعتباري أنتمي لفئة النساء، أصدر قوانيناً تقهرنا بها وتُحجم حركتنا وتمنعنا من الإبداع والمشاركة بفعالية في المجتمع حتى تجمع الجماهير حولك، فإذا ما اعترضك بعض الخبثاء من الذين يُعملون عقلهم ويفكرون، أُخرج عليهم ببعض من آيات القرآن أو الإنجيل حتى تكتم أصواتهم وتوقف عجلة أدمغتهم الدائرة، فإذا ما ظلوا على اعتراضهم، لا تخف لأن الجماهير الغفيرة لا تعلم حقيقة دينها وتتلقاه بالسمع فقط من رجال دين مسيسون في الأساس.

إن ما ذكرته سابقاً، هو ببساطة شديدة تلخيص لتاريخ وضع المرأة على مر العصور في شرقنا السعيد، حيث يواجه ولاة الأمور الأزمات الاقتصادية والاجتماعية دائماً بالهرب داخل رداء المرأة باعتبارها الحلقة الأضعف، لأنها ببساطة الأضحية الدائمة التي تقدمها كافة الأسر الشرقية قرباناً للفقر والهزيمة، وبالتالي هي لا تملك دائماً الأدوات اللازمة للدفاع عن حقوقها ومكانتها الحقيقية في المجتمع.

المرأة العربية أو الشرقية، دائماً منسية. تقف في الأزمات والصعاب لتساعد الرجل وتدفعه للأمام، فيكرمها ويدافع عنها، وبمجرد أن يسيطر على الأمور ينساها أو ينحيها جانباً ويطلب منها باسم الأخلاق والدين أن تعود إلى منزلها بدعوى حمايتها وأن المنزل هو مكانها الحقيقي!

في الربيع العربي لم تكن المرأة مجرد مشارك في الثورة ولكنها كانت فاعل رئيسي في الأحداث، وبمجرد أن استوى الرجل على عرش السلطة بدأ يفكر في تحجيم حريتها وتضييق الخناق عليها، وفي مصر وهي واقعنا الذي نعيشه، لم يتوان الرجل في كافة أشكاله السياسية سواء الليبرالية أو اليسارية أو الدينية، عن إغفالها ونكران مكانتها وحقها في أن تستوي إلى جانبه على عرش الانتصار على الفساد، فاختفت من كافة التشكيلات الوزارية والسياسية، حتى القوانين الاجتماعية التي تحفظ لها حقها كإنسان تم نسبها إلى المفسدين السابقين، وبدأت تتوارد علينا عبارات مثل " قوانين سوزان مبارك". نفس الشيئ حدث عندما أغتيل السادات وجاء مبارك بعده، تم الادعاء بالقول أن قوانين الأسرة التي أنصفت المرأة هي " قوانين جيهان السادات".

كانت البداية مع إلغاء كوتة المرأة في البرلمان، وللأسف الشديد ناصرت القوى المدنية غيرها من القوى الدينية، وادعوا أن الكوتة باطلة لأنها ضد الديموقراطية، وأن على المرأة أن تبذل مجهوداً في المجتمع حتى تحصل على أصوات الناخبين. وهذا الادعاء باطل في أصله، لأنه ببساطة كان يجب وفقاً لمقتضيات الديموقراطية، أن يتم إلغاء كوتة العمال والفلاحين أيضاً، لأنها تمييز مجتمعي مساوي تماماً لكوتة المرأة. كذلك تم إغفال أن المرأة تلعب الدور الأكبر في العمل الاجتماعي والخيري، فكافة المؤسسات الاجتماعية والجمعيات الخيرية، الفاعل الرئيسي فيها امرأة. لكن للأسف العادات والتقاليد الشرقية التي تسيطر على عقول أغلبية الشعب المصري والعربي لا تؤمن بدور المرأة السياسي، فكانت الكوتة هي الحل الأمثل لتدريب الشعب على انتخاب المرأة، خاصة وأن الكوتة جاءت في شكل ديموقراطي، ألا وهو أن يتم التنافس في الدوائر بين النساء وبعضها، تماماً مثل العمال والفلاحين. كما أنه كان قد تم تحديد عمر الكوتة بعشر سنوات فقط، بعدها تعود المرأة للتنافس بشكل طبيعي على المقاعد الانتخابية في الدوائر المختلفة.

الآن وبعد أن ضاعت منا الكوتة في زحام الانشغال بتقسيم الكعكة السلطوية، نواجه تهديد مباشر من القوى الدينية التي سيطرت على البرلمان لقوانين الأسرة التي فازت بها المرأة بعد كفاح طويل بدعوى لا شرعيتها، فنسمع مثلاً الاعتراضات على قانون الخلع بدعوى أنه لم يُطبق وفقاً للشريعة الإسلامية الصحيحة، وأنه كان وراء تفكك الأسرة المصرية، ولا أدري كيف يكون الخلع غير شرعي وقد وافق عليه الأزهر، كما لا أدري كيف خرب بيوت المصريين وقد حل أزمات آلاف النساء اللائي كن يقفن في طوابير المحاكم لسنوات طويلة في انتظار حكم قضائي بتطليقهن من أزواجهن. نفس الشيئ يواجهه قانون حضانة الأطفال والرغبة في خفض سن الحضانة مرة أخرى إلى سبع سنوات للذكر وتسع سنوات للأنثى، في حين أن المطلوب فقط هو تعديل شروط حق الرؤية للأب وإضافة حق الاستضافة عليه. هل من المعقول أن أمنع المرأة قانوناً من حقها في الزواج مرة أخرى طالماً أبنائها في حضانتها وبعد أن يمر سبع أو تسع سنوات من عمرها، يكون قطار الزواج قد فاتها بعدها، انتزع منها أبنائها؟ وهل من المعقول أن أفرق بين الإخوة أنفسهم في تفاوت أعمارهم، لينقسموا بعضهم لدى الأم والبعض الآخر لدى الأب؟ إن قانون الحضانة جاء بعد عذابات ومآسي مريرة عانى منها الأطفال والأمهات عقود طويلة ولا يمكن لنا الآن أن نعود إلى الوراء لنواجه مشاكل عذبت المجتمع سابقاً.

لا أعتقد أن المرأة المصرية التي تنتمي إلى القرن الواحد والعشرين ستصمت على هذه الخرافات التي يخرجون علينا بها من وقت لآخر، وكله باسم الدين والديموقراطية. ولا أعتقد أن قطار النساء سيتوقف عند الدفاع على مكتسباته السابقة، بل سيمضي إلى الأمام ليقتنص مكتسبات جديدة. أيها القائمون على تشريع القوانين الآن؛ لا تعتقدوا أن ضعف التمثيل النيابي للنساء داخل البرلمان سيدعم توجهاتكم لسلبنا حقوقنا، فنحن لم نعد درراً مكنونة ولا جواهر ثمينة، لأنكم إذا أردتم أن تجعلوا منا أشياء ثمينة تحفظوها في البيوت، عليكم أن تدفعوا المقابل المادي الفاحش، ولا أعتقد أن رجال مصر يملكون الآن أي أموال يغدقون بها على النساء حتى تعود إلى الخدور وتعيش دور الحُرمة داخل الحرملك.

الأحد، 8 يناير 2012

مثلما عاش ... إبراهيم أصلان يرحل في هدوء

كانت "حجرتان وصالة" هي المجموعة القصصية الأخيرة التي قدمها الأديب الراحل إبراهيم أصلان لعالم الإبداع العربي، وكما اعتدنا منه قدم فكرة غير مسبوقة في هذا العمل الرائع، فلأول مرة نقرأ عن عالم الشيخوخة، برتابته وفقدانه لوهج الأمل في الغد والتخطيط للمستقبل والطموح لتحقيق الأهداف، ومع ذلك نقرأ بشغف عن هذا العالم ونشعر وكأننا ندخل إلى منطقة جديدة في الحياة. فهكذا كان إبراهيم أصلان، لا يمسك بقلمه إلا من اجل أن يفتح بوابة إبداعية كانت مغلقة قبله.
الكاتب مصطفى عبدالله يسرد تفاصيل آخر لقاء جمعه بأصلان قائلا: "التقينا في القاعة الذهبية بمتحف المنيل أثناء واحدة من احتفاليات دار الشروق، وكنت قد أنهيت لتوي مجموعته الأخيرة "حجرتان وصالة"، حيث هنأته على براعته وتجديده الدائم في الكتابة، فلقد استطاع أن يعكس بنجاح، مشاعر اثنين من كبار السن بصدق أقنع القارئ"، ويتحدث عبد الله عن شخصية الأديب الراحل قائلاً: "كان منطويا قليل الكلام عكس باقي أدباء جيل الستينات، ولم يكن يهتم بالأضواء ورغم قلة إنتاجه الأدبي، إلا أنه لم يكن يقدم سوى اللافت للنظر والمختلف عمن سبقوه او عاصروه".
كان أصلان يقدم نصوصا إبداعية، لا يمكن وصفها إلا بالسهل الممتنع، فلا يمكن لمن يقرأ أعماله أن يشعر معها بصعوبة الفهم أو المتابعة، لكنه في ذات الوقت إذا ما حاول كاتب محاكاة أسلوبه، شعر بأنه لا يستطيع الاقتراب منه؛ يقول الأديب إبراهيم عبد المجيد: "أصلان تمتع بطريقة فريدة في الكتابة، سبق بها جيله وقفز بالقصة القصيرة العربية إلى منطقة حديثة تحاكي الأساليب العالمية، فلقد كان بلا شك مجددا"، أما على المستوى الشخصي، فلم يستطع عبد المجيد إخفاء ألمه الشديد حيث تفاجأ بالخبر وهو في طريق عودته من الأسكندرية، فلم يدر ماذا يفعل سوى أن يبكيه في صمت داخل منزله.
إبراهيم الخجول المتواضع
كان المقال الذي رثى فيه أصلان صديقه الأديب الراحل خيري شلبي جِد محزن ويبعث على الأسى، فلقد كان كلاهما رفيق عمر ودرب طويل، والآن وقد لحق بصديقه بعد أقل من ثلاثة شهور؛ يقف زين خيري شلبي بجوار هشام إبراهيم أصلان، وهو يبكي والديه "خيري وإبراهيم". زين يؤكد أنه يشعر الآن فقط بأن والده قد توفى وأنه لأول مرة يدرك حقيقة انه اختفى فعلاً ولن يتمكن من رؤيته مرة أخرى: " لقد كان والدي وأصلان شخصا واحدا بالفعل، فعندما توفى والدي كنت مطمئنا أن هناك عمي إبراهيم ألجأ إليه في شدتي وحيرتي، لكن الآن أشعر فعلاً أنني قُطِعت، للأسف مصر تخلو تدريجيا من عظمائها".
لم يكن إبراهيم أصلان يتعامل مع من حوله باعتباره أديبا كبيرا، فلقد كان خجله وتواضعه يسبقانه حيثما ذهب. يحتضن الأدباء الصغار، ويستقبل قراءه بترحاب ويسير في الشوارع غير مكترث لشهرته.
القاصة عزة سلطان تقول: " كان أصلان إنسانا يتمتع برحابة صدر غير اعتيادية، ولديه قدرة على استيعاب الآخر مهما كان دون قيد أو شرط. أذكر أنني في بداية مشواري الأدبي في التسعينات، عندما قابلته للمرة الأولى في حياتي، ذهبت وتحدثت معه على أنه صنع الله إبراهيم، فلقد كنت أخلط كثيرا بينهما في الشكل، لكنه لم يشعر بأي ضيق واستقبلني مرحبا وصحح خطأي ببساطة، بل أنه ساعدني على نشر أعمالي واحتفى بكتاباتي في صفحته الثقافية بجريدة الحياة. إبراهيم أصلان خسارة حقيقية للإنسانية وليس للأدب فقط".
مكتبة الأسرة
ولعل أهم درس قدمه إبراهيم أصلان إلى المجتمع الثقافي قبل أن يرحل، هو أداؤه العادل والحيادي في اختيار الأعمال المقدمة عن طريقة مكتبة الأسرة، والتي اعتاد أغلب الناشرين والكتاب أنها مخصصة لأصحاب النفوذ او من يقتربون منهم وتؤكد ذلك فاطمة البودي صاحبة دار نشر عين بقولها: "لم تطل فرحتنا بتوليه رئاسة لجنة اختيار الأعمال بمكتبة الأسرة، فلقد كان حريصا على إعادة الألق والزهو إلى هذا المشروع من خلال تقديمه لأعمال هامة ومفيدة للقارئ المصري فعلاً". ولا تخفي البودي حزنها لأنها لم تتمكن من نشر عمل له من خلال "عين"، حيث كانت قد اتفقت معه على أن ينشر عمله القادم لديها، ومازالت تأمل أن تتمكن من نشر أعماله الكاملة، لأن ذلك حسب قولها :" إثراء لأي دار نشر وقيمة هامة نقدمها للقارئ العربي".
أما إسلام عبد المعطي صاحب دار نشر روافد فيقول: " كان احتكاكي الرئيسي معه عندما تولى رئاسة لجنة مكتبة الأسرة، فلقد كانت شبه مغلقة على الخاصة من المقتربين من السلطة الثقافية في مصر، لكنه غير وجه هذه اللجنة تماما، وبدأنا نشهد حيادية شديدة في اختيار الأعمال دون تدخل من أي واسطة".

الأربعاء، 4 يناير 2012

سوزان راخش: إيران بلد إرهابي كبير

الخوميني رفض حقوق المرأة والإنسان بدعوى أنها ليست إسلامية.

التيارات الدينية تحدثت عن إصلاح سياسي لكنها لم تهتم سوى بحجاب المرأة.

الخوميني آمن بأن السياسات الاقتصادية للقرود فقط ودمر إيران في حرب العراق.

20 ألف إيراني قُتل في الثمانينيات باسم الإسلام.

ربما لم أكن أتوقع مدى التشابه بين الثورة الإيرانية التي انطلقت شرارتها الأولى عام 1977، وبين ثورتنا 25 يناير، إلا عندما التقيت بعالمة الاجتماع الإيرانية سوزان راخش، في التحرير لاونج بمعهد جوته، من خلال ندوتها "الثورة الإيرانية وكيف تحولت إلى ديكتاتورية دينية"، وإن كانت قد ركزت بشكل كبير على وضع المرأة الإيرانية قبل وبعد الثورة.
قدمت سوزان ملخصًا سريعًا لكفاح المرأة الإيرانية من أجل الحصول على حقوقها وحريتها، وكذلك على حركات التحرر الإيرانية من الاستعمار الغربي، وإن لم يكن استعمارًا مشابهًا لما عانينا منه في منطقتنا العربية، كما نوهت بكيفية تأسيس أول دستور مدني شاركت فيه المرأة الإيرانية في بداية القرن العشرين، وتركيز الحركة النسائية الأولى على تعليم المرأة كي تخرج من التفكير التقليدي للحكم الديني الذي يُحكم الخناق على الحريات العامة وخاصة النساء.
انتقلت بعد ذلك إلى الحركات السياسية التي نشأت في خمسينيات القرن الماضي، والتي تفرعت إلى حركة اليسار الإيراني وحركة رجال الدين المتشددة وحركة مصدق الوطنية الإسلامية، والتي اختلفت معًا ما تسبب في صراعات قوية بينها سهل عودة الشاه إلى إيران بمساعدة المخابرات الأمريكية. اتبع الشاه سياسة ديكتاتورية شديدة، فمنع الأحزاب وحبس النشطاء، لكنه مع ذلك أسس لسياسة إصلاحية مدنية شملت النساء، فمنحهم حقوقًا اجتماعية وسياسية عديدة، حتى أن الخوميني وصفه بالمهرطق لأنه سمح للنساء أن يخرجن من بيوتهن!
تقارن سوزان راخش بين الثورة الإيرانية والمصرية قائلة: "بدأت الثورة الإيرانية عام 1977، خرجنا إلى الشوارع تمامًا مثلما فعل المصريون بدون خطة سابقة أو أهداف محددة، في هذا الوقت كان الخوميني في كربلاء وبدأت تظهر صورته بوضوح وتنتشر كتبه بيننا، حيث ظهرت آراؤه ديمقراطية ومنفتحة جدًا، فتأثرنا بآرائه، وإن كان جيل آبائنا رافضًا له تمامًا".
وتسترسل راخش في حديثها حتى تصل إلى أولى قرارات الخوميني بعد توليه الحكم مباشرة؛ حيث أصدر أمرًا بأن ترتدي النساء الحجاب في الأماكن العامة، حينها خرجت مظاهرة حاشدة ضمت أكثر من خمسين ألف امرأة، لكن الخوميني كان عنيدًا، وقال إننا في دولة إسلامية والنساء عليها ارتداء الحجاب، وبعد سنة من المقاومة صدر الدستور الجديد مع تحديد نوع الملبس للنساء فأصبح الخروج عليه جريمة، تقول راخش: "بدأنا بعد ذلك نتعرض للاعتداء علينا في الشوارع، كما بدأت التيارات السياسية تُروج لأن حقوق المرأة ليست مهمة الآن ومن الأولى أن نهتم بالإصلاحات السياسية والاقتصادية".
نفس الشيء تعرضنا له في مصر، حيث بدأ الحديث عن عدم أولوية الحديث عن حقوق المرأة عقب انتهاء أحداث ثورة 25 يناير مباشرة، ما أثر على بعض مكتسبات المرأة السياسية، ألا وهى كوتة النساء في البرلمان، وما زالت هناك قوانين أخرى معرضة للانقضاض عليها مثل قانون حضانة الأطفال وقانون الخلع، كما نتعرض حاليًا لتهديدات من يطلقون على أنفسهم لقب "هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر المصرية" والتى تتوعد الناس بملاحقتهم حتى يغلقون متاجرهم في أوقات الصلاة وأن يتم إجبار الناس على الصلاة في الشوارع، إضافة إلى فرض النقاب على النساء، ولم نسمع حتى الآن أي تعليق من المسؤولين في مصر!
ورغم دعاوى أولوية الاقتصاد الإيراني على التحدث عن حقوق المرأة تكمل سوزان كلامها قائلة: "مع ذلك بدأ الخوميني في تدمير الاقتصاد الإيراني بدعوى أن السياسة الاقتصادية للقرود وليس للمسلمين، وإلا كان النبي تحدث عنها في القرآن، ومنذ ذلك الوقت والاقتصاد في إيران منهار، حتى بدأت الحرب الإيرانية العراقية".
تضيف رخش بحسرة: "لقد مررنا بنفس التجربة، حيث كانت أيام الثورة أجمل أيامنا، كنا نغني ونرقص في الشوارع، وكان هناك مناقشات بين اليمين واليسار، وكتب كثيرة تُباع تتحدث عن هذه الأفكار، لكن بعد الخوميني تحولنا إلى أعداء". كانت إيران في ذلك الوقت وفقًا لسوزان، تخسر الحرب مع العراق ومع ذلك كان الخوميني يتحدث عن تحرير القدس والحرب مع إسرائيل، لكن الوضع المنهار للاقتصاد أجبره على إنهاء حالة الحرب ومات بعدها، وإن كانت الحكومات التي تعاقبت بعده، بدلاً من إصلاح الاقتصاد والحالة الاجتماعية للمواطنين، عملت على إصلاح الجيش وإعادة بنائه.
وتسرد عالمة الاجتماع سوزان راخش عددًا من الحقائق المفزعة حول حكم الملالي الإرهابي في إيران، حيث إعدام 20000 إيراني وإيرانية خلال حقبة الثمانينيات من القرن الماضي، ورفض الخوميني الحديث عن حقوق الإنسان قائلاً إنها ضد الإسلام، الذي يقضي بثلاث أنواع فقط من العقاب التحذير والتعزير وإقامة الحدود، فتم ترويع الناس في الشوارع بدعوى التحذير من خلال ما يُعرف بالشرطة الأخلاقية، وتم تعذيب الناس في السجون بدعوى التعذير، وتم قتلهم وقطع أيديهم ورجمهم بدعوى إقامة الحدود دون حتى أن يحظوا بمحاكمة عادلة، وتقول: "لقد أدلت نساء إيرانيات كثيرات استطعن الهرب من إيران أنهم تعرضن للاغتصاب أكثر من مرة داخل السجون بدعوى التعزير".
ولا تنكر راخش، أنه كان هناك على الجانب الآخر حركة نسائية إسلامية ساندت الخوميني في حركته، ما جعله يدرك أنه لا يستطيع إعادتهم إلى المنزل لاحتياجه إلى دعمهن سياسيًا واستخدامهن للقضاء على الحريات الشخصية للنساء والرجال بشكل عام. "لم يكن أمام جيلي من المنتمين للاتجاهات اليسارية والليبرالية إلا أن يقبل بحل من اثنين، إما أن نذهب إلى السجن ونتعرض للتعذيب والموت، أو نترك إيران، وبالفعل ترك أغلبنا إيران ومات من بقى"، هكذا قالت سوزان في أسى شديد ثم أكملت: "وهذا هو ما أخاف أن يحدث في مصر، حيث سمعت من كثيرين توقعهم لنفس الشيء حتى أن هناك تيارات دينية طالبت اليسار والليبرال المصريين بأن يغادروا إلى كندا".
وعن حال المرأة الإيرانية الآن، تؤكد سوزان أنه لم يعد لديها حقوق تقريبًا حتى الاجتماعية منها، كما أنه مسموح تزويج البنت في سن التاسعة من عمرها، وتضيف أن إيران الآن تُعد بلدًا إرهابيًا كبيرًا سواء لأهله أو لجيرانه، كما أنها تدعم الجماعات الإرهابية المسلحة بدعوى الدين في فلسطين وسوريا وكذلك تيارات سياسية دينية في مصر.

الثلاثاء، 3 يناير 2012

عبدالقدوس يقمع حريات الصحفيين!!

لم يكن من المتوقع أن يتم قمع حق الصحفيين في النقاش وتوجيه الأسئلة لضيفات ندوة مرشحات مجلس الشعب، التي أقامتها لجنة الحريات بنقابة الصحفيين المصرية بالتعاون مع مجلة الزهور النسائية، لكن محمد عبدالقدوس الذي أدار الندوة رغم وجود مديرة تحرير المجلة هناء محمد، رفض تماما وبأسلوب لا يمكن وصفه سوى بالقمعي، حق الصحفيين في توجيه أسئلتهم لمرشحات مجلس الشعب والفائزات منهن عقب انتهائهن من تقديم كلماتهن الخاصة بتجاربهن في خوض الانتخابات، وفرض مداخلة من الزميل كارم يحيى ليتحدث عن تجربته وزوجته التي تعرضت للقبض عليها واتهامها بترويج مخدرات، وكان الاعتراض الأساسي على أن هذه المداخلة خارج سياق موضوع الندوة الرئيسي، إضافة إلى أن يحيى قام بتوزيع بيان على الحضور يسرد فيه تفاصيل تجربة زوجته قبل بدء الندوة، هذا عدا اهتمام كل الصحف المصرية بنشر أخبار وموضوعات عن الحادث، مما يجعل مداخلته لا محل لها من الإعراب، بين رغبات الصحفيين وحضور الندور في توجيه أسئلتهم للنائبات البرلمانيات، خاصة أن موضوع المرأة في مجلس الشعب هو موضوع الساعة، في ظل تهديد بعض التيارات المتطرفة دينيا لحقوق المرأة المصرية ومحاولات الجور عليها.. ولا أدري كيف يكون محمد عبد القدوس عضوا نقابيا منتخبا من الصحفيين لتولي لجنة الحريات بالنقابة ويكون هو ممثل قمع حريات الصحفيين في ندوة تُقام داخل النقابة؟!
وكان السؤال الذي قاطعت به عبد القدوس عند إصراره على تقديم كارم يحيى ليقرأ نفس البيان الذي وزعه علينا وكأننا لا نعرف القراءة والكتابة، هو: إن كنت ستقدم نموذجا لعودة مداهمات أمن الدولة لمنازل الناشطين، والاعتداء على النساء واستخدامهن كحلقة أضعف لقمع الحريات، فلماذا لم تستضف أخا نغم الهلباوي، التي خُطفت من منزلها وظلت أياما لايعرف أهلها عنها أي شىء ؟ ولماذا لا تستضيف مصابات موقعة سحل وتعرية الناشطات في شارع مجلس الوزراء؟ وهل هذه الندوة عن نائبات البرلمان فيما بعد الثورة، أم إنها عن انتهاكات الشرطة والأمن القومي للحريات والحقوق؟. لكنني لم أجد إجابات من عبد القدوس الذي كان يشيح بيده بأسلوب مستفز ولا ينطق سوى بكلمة "لأ"، لا يوجد عندنا وقت، حيث كان مصرا على إنهاء الندوة وإغلاق القاعة في الواحدة والنصف ظهرا!.
محصلة الندوة بالنسبة لي كانت صفرا، فلم أستفد منها شيئا، حيث لم تُمنح النائبات سوى 15 دقيقة لكل واحدة كي تتحدث عن تجربتها الانتخابية، ورغم المغالطات التي وقعت فيها بعضهن مثل عزة الجرف التابعة لحزب الحرية والعدالة، التي تحدثت عن فوز النساء دون كوتة نسائية في البرلمان، في حين أنه لم تفز امرأة واحدة خلال المرحلتين الأولى والثانية في الفردي وإنما جميعهن أتين عن طريق القوائم الحزبية، والتي هي في النهاية كوتة نسائية في الأساس مفروضة من المجلس العسكري، مما يجعل موضوع الكوتة مهمًا جدًا لإعادة طرحه للمناقشة والتعديل بحيث تكون فرص المرأة في الفوز في الانتخابات التشريعية أكثر حظا في المستقبل.. كذلك تحدثت النائبة عن أن مصر عكس ما يتحدث الناس لا تعاني من انعدام الأمن، مؤكدة أننا مقارنة بدول أخرى لا توجد لدينا مشكلة أمنية حقيقية، ولا أدري من أين أتت الجرف بهذا الاستنتاج الغريب، ربما لأنها لم تتعرض شخصيا لأي اعتداء يهدد أمنها، لكن الحقيقة هي أن المصريين في 26 محافظة مهددون يوميا في ممتلكاتهم وأمنهم وأمن منازلهم وذويهم، ولا يقتصر الأمر على النساء فقط، بل الرجال أيضا، وليس أدل على ذلك، سوى سيل سرقات السيارات التي لم تستطع الداخلية الموقرة وضع حد لها حتى الآن، وحوادث الطريق المتزايدة يوما بعد يوم، بسبب عدم سيطرة شرطة المرور على الشارع وتنظيمه، وغير ذلك من المآسي اليومية التي يعاني منها المصريون يوميا وبصفة مستمرة، ومن ضمنها اعتداءات على النشطاء السياسيين وكان العثور على جثة "القناوي" على كورنيش حلوان آخرها، والذي كان مشهورا بالمصري في أحداث محمد محمود والمعروف بصلابته في تأمين المستشفيات الميدانية.
ولم تتوقف مغالطات النائبة عزة الجرف عند هذا الحد، بل إنها دعت إلى عدم الاهتمام بتحقيق المساواة الكاملة مع الرجل، وأن تكون هناك قاضيات وسفيرات ووزيرات، مبررة كلامها، بأنه علينا الاهتمام بتحسين وضع المرأة من الطبقات المتوسطة والفقيرة، ولا أدري ما الذي يمنع بأن نعمل على المستويين، فمن حق النساء النابهات أن يكن قاضيات ووزيرات وسفيرات وأي منصب أياً كان، طالما تستحقه، ولا أن يتم حرمانها منه فقط لأنها امرأة.
ولم نتمكن في الندوة التي كان من المفترض أن تكون ساخنة ومليئة بالكثير من المناقشات والأسئلة، من أن نحصل على أي معلومات مفيدة، وكأنها كانت جلسة ترويجية لهن ولبرامج أحزابهن، سواء الحزب الاجتماعي الديمقراطي الذي مثلته سناء السعيد، أو حزب الوفد الذي مثلته مارجريت عازر، أو الحرية والعدالة الذي مثلته كل من دكتورة أميمة كامل وعزة الجرف، والسبب بكل بساطة قمع محمد عبدالقدوس -رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين- حريات الصحفيين وحضور الندوة.