الاثنين، 12 مايو 2014

العلاقة الشرعية بين الأمن الوطني والدولة القمعية

الدولة الاستبدادية أو القمعية أو الديكتاتورية أو الفاشية ....سمها كما ترغب ولكن المهم هو أن هذه الدولة - واسمحول لي أن أراجع معكم منهجاً صغيراً في الحياة الماضية لتاريخ البشرية، ولتأخذوا من التاريخ عبرة يا أولي الألباب. أعتقد أنني أوضحت هنا أنني أتحدث مع أولي الأباب – هذه الدولة أياً كان اسمها تعبر عن حكومات لا تمثل شعوبها حتى ولو ذهبوا إلى الصناديق واختاروهم بما يقال عنه إعلامياً ( إرادة حرة مستقلة)، فهي حكومات مفروضة كرهاً على شعوبها إما بقوة السلاح أو بقوة تحكمها في لقمة العيش أو بقوة الوصايا الخارجية وفي بعض الأحيان بقوة الاحتلال.
وهنا أحب أن أوضح نقطة هامة جداً، ألا وهي أنه مهما كانت الشعارات التي ترفعها هذه الحكومات، فإن النتيجة التي يخرج بها المواطنون هي تردي إنسانيتهم وانغلاق آفاقهم واضمحلال طموحهم، في الوقت الذي تُرفع فيه شعارات العزة والحرية والمجد.
ويذكر المفكر السوري ممدوح عدوان في كتابه "حيونة الإنسان" في الفصل الخاص بالدولة القمعية، أن هذا النوع من الحكومات لا يستخدم السلطة لفرض القانون بل لفرض قبول النظام القمعي وقبول الاستلاب والاستغلال والتزوير، وأنها لا تستخدم القمع للعقاب بل من أجل الردع والمنع. كما يقول: " بسبب الخوف المتزايد لدى السلطة من الكم الشعبي الهائل المسحوق فإن التعذيب أو القمع لم يعد يمارس للحصول على معلومات أو لمعاقبة عناصر الشرطة بل صار يمارس لمنع الناس من الارتباط فيما بينها سياسيا واجتماعيا، وهدفه هو عرقلة المسيرة السياسية للمجتمع ومنع قيام علاقات بين الناس".
النقطة الثانية التي أحب أن أشير إليها هنا؛ هي وسائل الإعلام، واسمحوا لي أن أسوق لكم رأياً للمفكر الفرنسي فرانسوا لوجاندر، الذي يرى أن امتلاك الدولة لوسائل الإعلام سمة أخرى من سمات الدولة الفاشية، فتنظيم الإعلام بشأن وسائل الترفيه وسحق الفكر غير النمطي وسحق كل معارضة حقيقية وذكية هي المصدر المفضل لاندلاع عنف يكمن في كل مكان: عنف السلطة لا عنف الدولة وحدها.
وعند دراسة لوجاندر لأسلوب هتلر تبين له الآتي:
أن الوسيلة الكبرى التي أخذ بها الفوهرر لفرض ذاته هي الوسيلة السهلة المتمثلة في " الإقناع بالقوة" وهذا ما يسميه تشاخوتين " الاغتصاب النفسي بدعاية عاطفية قائمة على العنف" وذلك في كتابه ( اغتصاب الجماهير بالدعاية السياسية).
مؤسس صحيفة نيويورك تايمز يفسر كيفية تنفيذ هذا النوع من الاغتصاب الجماهيري وفقما بين ممدوح عدوان في كتابه "حيونة الإنسان"، حيث يقول آرثر سالزبورج: " احجب المعلومات الصحيحة عن أي إنسان أو قدمها له مشوهة أو ناقصة أو محشوة بالدعاية والزيف وهنا تكون قد دمرت جهاز تفكيره ونزلت به إلى ما من دون مستوى الإنسان".
المفكر الباكستاني أحمد إقبال يشرح هنا الخطوة التالية لخطوة الإعلام ألا وهي " المزج بين الأمن الوطني وأمن الحكومة نفسها" حيث يتم التشهير بكل تهديد لها على أنه تهديد للأمن الوطني ومؤامرة على الوطن وقضاياه الكبيرة. وبالتالي فإن هذه السلطات لا تعالج المشاكل التي تثير الاحتجاجات وهي المشاكل التي تسببت بها الحكومة نفسها، ولكنها تعاقب المحتجين وتقتل المعترضين، وتجبر المجتمع كله على الصمت وقبول العيش في ظل تلك المشاكل بدعوى الحفاظ على الأمن الوطني والوقوف أمام المؤامرات الخارجية.
وإلى هنا تسكت أمنية عن الكلام المباح وتترك لأولي الألباب مساحة للتفكير ربما وصلوا إلى شئ.




الخميس، 27 فبراير 2014

عروس النيل ...كنت يوماً


لا يمكنني أن أدعي أنني الوحيدة من بين المصريين أوالمصريات التي تمتلك مخزوناً خاصاً ومتفردا من الذكريات مع نهر النيل العظيم، لكنني وبكل بساطة أحب أن أدعي أنني الوحيدة من بين نساء وبنات مصر التي اصطفاها النيل دون غيرها لتكون حبيبته السرية، وصديقته الأثيرة وخلته الوفيه. هل يمكنني أن أقول: هكذا كنت لسنين طويل سابقة لكنني منذ فترة ليست بالقريبة فقدت القدرة على التواصل الذي كنت أتمتع بها مع النيل؟ ...هذه هي الحقيقة للأسف، فالنضوج القسري والمبني على أحزان وآلام، بإمكانه أن يبعدنا عن أفضل مشاعرنا التي كانت تحلق بنا في الفضاء ونغلق عليها جفوننا ونحن ذاهبون إلى النوم.

نشأت في بلدة اسمها الفشن بمحافظة بني سويف، وعيت على الدنيا وأنا أحيا فيها لكنني عرفت من عائلتي أننا لا ننتمي إلى المكان بل ننتمي إلى مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية، بعد فترة عرفت بأن جزءً كبيراً من عائلتنا ينتمي إلى مدينة طنطا بالغربية بينما يعيش جزء آخر في القاهرة. هذا بالنسبة لعائلة أمي التي تربيت بينها، أما أبي الذي لم أتعرف عليه إلا في عشريناتي فعلمت أنه ينتمي إلى منطقة بولاق أبو العلا لكن أصوله تعود إلى محافظة أسيوط. كل هذه المدن والمحافظات وجدت دمائي تتوزع عليها، ما دفعني إلى القليل من التشتت بين صديقات ينتمين كلهن إلى الفشن وعائلاتهن متمركزة بالمكان، فقررت أنني من الفشن ولا علاقة لي بكل تلك الانتماءات المتعددة، لكن الأمر لم يكن سهلاً حيث كنت وأسرتي دائماً ضيوف على أهل الفشن ولم ينظروا إلينا أبداً على أننا "فشناوية"، فكان هذا دافعاً كافياً لي منذ طفولتي أن أبحث عن هويتي المشتتة فلم يكن أمامي سوى مصر بكل محافظاتها وربوعها ولم يكن هناك من يمكنه أن يمثل مصر في نظري سوى نهر النيل.
تتمتع مدينة الفشن بموقع متميز على النيل مثل كل مدن الصعيد، وكي نذهب إليه علينا أن نعبر خط السكة الحديد نحو شارع البحر الأعظم والذي كان شبه مهجور آنذاك إلا من بعض البيوت المزروعة وسط حقول الذرة الشامخة بعيدانها الباسقة. كان الذهاب إلى شارع البحر الأعظم شبه ممنوع من قبل أسرتي نظراً لبعده نوعاً عن شارع الجيش الذي كنا نقطن به بإحدى وحدات المساكن الشعبية التي بناها عبد الناصر للموظفين والذي استطاع جدي عبد المنعم هلال أن يفوز بإحدى شققها. كما أن الشارع لم يكن قد أصبح مأهولا بالسكان بشكل يبعث بالطمأنينة إلى قلب أمي التي عاشت عمرها كله في فزع خوفاً من فقدي وأختي، لما كنا ومازلنا نمثل لها من إنجاز واحد وحيد لعمرها كله. لذلك لم يكن مسموحاً لي الذهاب إلى شارع البحر الأعظم إلا إذا كنت بصحبة جدتي لشراء السمك من " حلقة السمك" هناك والتي كانت جديدة آنذاك. كانت عيناي تذهبان بعيداً في آخر الشارع الطويل في كل مرة أذهب فيها إلى حلقة السمك، وعندما كنت أسأل جدتي عما يوجد بآخر الشارع، كانت تجيبني بأنه " البحر".
الأفق السماوي المفتوح أعلى حقول الذرة بآخر الشارع، مَثل إغراءً لا يقاوم بالنسبة إلى فتاة في الثامنة من عمرها تتمتع بخيال خصب وتحلم برؤية وزيارة بلاد ومواقع كثيرة لا تراها سوى عبر شاشة التلفاز والمجلات والكتب التي تدمن قراءتها. لم يكن النهر ليظهر من موقعي هذا، فلقد كانت مياهه تجري أسفل تل منحدر، لذا فشوقي لرؤية النهر او "البحر" كما اعتاد اهل البلدة أن يطلقوا عليه كان كبيراً وعبور ذلك الشارع الطويل حتى آخره ومن ثم الهرولة نحوالأسفل، كان بمثابة مغامرة شديدة الخطورة، ولا أنكر أنني كنت وربما ما زلت أعشق المغامرات وإن انطوت على خطورة ما، فالحياة المستوية بلا منحنيات لطالما كانت مملة وقاتلة بالنسبة لي.
عندما انتهت امتحانات المدرسة بدأت في نسج بعض الأكاذيب الصغيرة لأمي؛ بأنني أذهب إلى زيارة صديقاتي أو لشراء مجلات من عم نسيم بائع الجرائد والذي يقع " كشكه" جوار مزلقان القطار. كانت الساعة الثامنة مساءً هو موعد سندريللا كي تعود إلى المنزل، فكنت أغادر المنزل في الرابعة والنصف عصراً وأتوجه نحو النيل.
في المرة الأولى شعرت برهبة كبيرة وانا أتقدم بخطوات بطيئة نحو المجهول؛ نعم لقد كان النيل بالنسبة لي آنذاك مجهولا، أشاهده فقط عبر شاشة التلفاز الأبيض والأسود وأسمع عنه من أمي وجدتي، حيث يأتي ذكره عارضا في حكاياتهما المتذكرة لرحلات قامتا بها في المركب الذي قد يطفوا فوق مياه نهر النيل أو فوق مياه بحيرة المنزلة بالدقهلية التي احتلت جزءً كبيرا من ذاكرتيهما.
عندما وصلت إلى قمة المنحدر الذي يستقر في آخره النهر، كان المشهد الذي أثر لبي ولا يختفي من ذاكرتي حتى اليوم، هو انعكاس أشعة الشمس الغاربة على صفحة مياه النيل لتعطي ألوان الطيف. كان قوس قزح بألوانه السبعة مجرد حدوتة أقرأها في قصص الأطفال مع صورة كرتونية مبهجة، لكن في ذلك اليوم تعرفت عليه بنفسي. لم تتمكن طفولتي من التمهل واتخاذ قرارا متعقلا بشأن الألوان المبهجة والعائمة على صفحة النهر، فجريت نحوها ولمست قدماي لأول مرة برودة المياه المنعشة ومن ثم اخذت باللعب مع الألوان مشتتة تجمعها فوق المياه. في غمرة عبثي الطفولي المرح وجدت من ينادي ورائي: " انت يا به انت يا به" نظرت خلفي لأجد احد الصيادين منزعجاً باعتباري فتاة بندرية قد تتسبب في مصيبة غرق جديدة. لا أتذكر الحوار بالنص ولكنه حذرني من ان أدخل في عمق النهر أو حتى أسير بالعرض على الشاطئ موضحاً ان طمي النيل غدار وأن الشاطئ غير مستوٍ قد يهبط بي فجأة في العمق، كما ان هناك مناطق تحتوي على دوامات تسحب البشر للأسفل بلا رجعة.
عدت إلى الأرض خائفة ربما، ووعدت الصياد بأنني لن أرتكب خطأً من تلك التي عددها على مسامعي، لكن ذلك اليوم كان بمثابة بداية علاقتي الحقيقية بالنيل، فلقد دأبت على الذهاب هناك كلما ابتكرت قصة جديدة لأمي كي أتسلل نحو النهر دون ان تدري وحفظت سري داخل قلبي ولم أخبر به حتى أختي التي كانت بمثابة راعي رسمي لي.
ظللت أتردد على النهر وكونت علاقة متينة مع الصيادين وأسرهم المتناثرة في أكشاك صفيح على التل المطل على النهر، كنت أجلس بينهم وألعب مع أطفالهم بين أشجار التين الشوكي التي لطالما تأذيت منها في ظل محاولاتي المستميتة لقطف ثمرة بنفسي. الجلوس على الشاطئ كان معجزتي الحقيقية فلقد تحول النيل بالنسبة لي إلى صديق حميم أسرد على مسامعه تخاريفي وأحلامي وأزماتي وحلمي بأن يكون لي أبا أعرفه ويمنحني مصروفي كل صباح مثل باقي صديقاتي، وكان يجيب علي أو هكذا كنت اظن، لكن الأكيد أنني كنت أجالسه وأقص عليه مرويات طويلة من تلك التي كانت تحكيها لي جدتي أو من تلك التي أتفنن أنا في نسجها.
بعد ان حصلت على إجازة المدرسة بعد انتهاء الصف الخامس الابتدائي، اقترحت علي صديقتي وجارتي التي تقاربني في العمر أنها ترغب في أن تخرج إلى مكان جديد لنمضي فيه وقتاً مختلفاً، ولا أذكر كيف انضمت الينا أختي وصديقتها، وبالفعل كنت أنا القائد لتلك الرحلة النيلية كي يشاهدوا معي قوس قزح على الطبيعة. للأسف لم أعد سرد تعليمات الصياد لجارتي التي تحمست كثيراً لقوس قزح ونزلت معي إلى شاطئ النيل، فقامت بخطأ جسيم حيث سارت بالعرض في النهر إلى أن وصلت لإحدى منزلقات الطمي فانكفأت على وجهها في الماء. كنت أظنها تكمل لعبها فاغتظت منها كثيراً وذهبت نحوها وأنا أصرخ: ايه اللي بتعمليه ده هتروحي مبلولة كدة إزاي؟. مددت كفي حتى أجذبها من الماء لكن الصياد لم يكن قد سرد علي أهم تحذير: لا تحاول جذب غريق بيديك لأنه سيجذبك أنت نحو الغرق. انزلقت في مياه النيل جوار جارتي ولم أعد أدري ما الذي يحدث على الشاطئ. لكنني عشت لحظات بين السعادة ومصارعة الموت. كنت أسفل المياه لكنني كنت أرى ضوءً شفيفاً يتسلل نحو عيني يأتي من أعلى، لم أكن أعرف السباحة حينها، لكنني كنت أخبط بذراعي وقدمي المياه فأصعد لأعلى قليلاً لاستنشق الهواء ثم أعود لأغوص في المياه وأدور في الدوامة الهيولية الممتعة. لم أتذكر أمي ولا أبي تذكرت فقط أنني أرغب في أن أقوم بأشياء كثيرة وأنني لو استسلمت لذلك الهلام الذي أسبح داخله وأغيب في ألوان أشعة الشمس الغاربة التي تعتلي بصري، لن أفعل شيئاً منها.
لم تغرق أياً  منا، فلقد أنقذنا الصيادين على الشاطئ واكتشفت بأن أختي كانت واحدة من اللائي تم انقذاهن بعد أن حاولت انقاذي فغاصت في النهر معنا. عدنا ثلاثتنا نقطر ماءً وبمجرد أن طرقنا بابي منزلينا لم يكن هناك الكثير ليتم رويه!.
منذ ذلك اليوم وأنا أتعامل مع النيل على أنني عروسته، لم يرهبني الحادث بقدر ما قربني أكثر من النهر وإن كنت قررت تحاشي النزول إلى مياهه والاكتفاء بالجلوس على الشاطئ. لكن للأسف بدأ زحف السكان إلى منطقتي السرية، وبدأت المباني تحتل الحقول واختفت عيدان الذرة ليحل محلها الطوب، وقبل أن أغادر الفشن نحو القاهرة لم يعد هناك مساحة على الشاطئ كي أجلس عليها بين أطفال الصيادين، فقد اقتلعوا شجر التين الشوكي وهدموا صفائح الصيادين وبنوا شيئاً أطلقوا عليه " نادي". وغابت ألوان قوس قزح.
في القاهرة اخترت بقعة هادئة على الشاطئ أسفل كوبري قصر النيل كي أتقرب زلفا إلى حبيبي الأبدي وكذلك مَثل كوبري أبو العلا قطعة أثرية من الجنة تطل على شاطئ خطيبي "النيل". اعتدت ان اتنقل بين هاتين البقعتين لأبث حبيبي وصديقي الأبدي لواعج صدري وكل خرافات السياسة والدين التي انغمست داخلها آنذاك في فترة دراستي الجامعية، لم يكن لي حبيب غيره فلم أجرب في تلك الفترة ان احب مثل باقي قريناتي وإن كنت دوما مملوءة بالحب الرومانسي الموجه نحو الفضاء باتجاه شخص يماثل قلبه نهر النيل اتساعاً ويحمل على صفحته ألوان قوس قزح المبهجة. ورود حمراء كثيرة ألقيتها في النهر حباً وشغفاً وعشقاً حقيقياً لم أشعر بمثيله يوما تجاه بشر. لكن القدر دائما ما كان يتربص بقصة حبي، فكوبري أبو العلا اختفى بأمر من الرسميين العظام وأسفل كوبري قصر النيل زحف البشر والبائعين المتجولين ولم يعد هناك لحظة صمت تشملنا.
الآن اجدني بعيدة عن النيل كثيراً ولا ادري السبب ...ربما عدت اليه وعاد الي يوماً.

تم نشر المقال في مجلة الثقافة الجديدة في أكتوبر 2013


الأحد، 9 فبراير 2014

انتبهي .... أنت تربين وحشا في منزلك

مقولة أن الأم هي صانعة الرجال لم تكذب وإن كانت تقال على أنها تصنع الرجال الأقوياء الأشداء لخوض الحروب والموت من أجل الوطن أو
الدين أو أي من تلك الأشياء التي يفرضونها علينا في قائمة الأولويات في الحياة.  لكن اسمحوا لي هذه المرة أن استخدم المقولة في موضع آخر فالأم بالفعل تصنع الرجال وإن كان المثل الشعبي يقول "اكفي القدرة على فمها تطلع البنت لأمها" فسأعطي لنفسي الحق ان أقول: الرجل انعكاس لما فعلته معه أمه ورآها عليه".

عزيزتي الأم انتبهي أرجوكي فأنت قد تربين وحشاً في منزلك وقد تربين رجلاً سوياً، أنت لا تدرين أن كافة احباطاتك وتصرفاتك مع ابنك لن تمر مرور الكرام وإنما ستصنع شخصيته، وكما كنتِ معه سيكون مع كل نساء الأرض، نظرته لكِ سيترجمها في كل النساء ما عدا أنتِ، لأنه للأسف للأم قداسة مهما فعلت لا تسقط، تلك القداسة لا تتوفر لدى الإبنة فهي أيضاً امرأة وستكون أماً ولها نفس ما لأمها من قداسة، لكن الأمر يختلف مع الإبن.
نحن نعيش في مجتمع لا تفطم فيه الأم ابنها أبداً وإن كانت تفطمه من الرضاع فهي لا تفطمه من التعلق بها والارتباط بكل شئ تقدمه له أو لغيره، مثلما تكون الأم تكون نظرة الإبن لزوجته وزميلته في الدراسة أو العمل، لذلك فإن العبئ على كاهل الأم تجاه كل النساء من حولها عبئ ضخم وليس بالبسيط.
دعونا نفسر ما سبق في بعض المشاهدات التي شاهدتها في الحياة وتلك التي قرأت وسمعت عنها:
دائماً ما أسمع تلك الجملة من زملائي الرجال في العمل: ( الحج لو حصله حاجة أنا هازعل طبعاً واتأثر جداً لكن الحجة لو حصلها حاجة أنا ممكن أموت). أحد الأصدقاء المقربين لي كان يعرف منذ طفولته أن أبيه يخون أمه مع نساء كثيرات وأمه صابرة متحملة لكل خيانات زوجها، وكانت دائماً تقول لولديها أنها استبدلتهما بأبيهما وأنهما كفاية بالنسبة لها، فما كان من هذا الصديق عندما تزوج إلا أن فرض على زوجته بعد الزواج بشهور قليلة أن يتركا منزل الزوجية وأن يقيما مع والدته بحجة أن أمه ليس لديها من يرعاها رغم أن والده على قيد الحياة. هذا الصديق وضع زوجته في نفس خانة أمه رغم ذلك وما كان منه عندما اكتشفت زوجته خياناته المتكررة لها أن قال: (وإيه يعني ما ماما استحملت خيانة بابا ليها) .... ورغم أنه يخون زوجته إلا أنه تنازل عن ملكية سيارته وشقته لزوجته ولا يعاملها إلا بكل أدب ووقار واحترام، لكنه يعلن دائماً أنه يخونها لأنه لا يعرف أن يستمتع بها في الفراش. هو ببساطة يرى فيها أمه ولأن أمه وقفت موقفاً سلبياً من أبيه رأى أن هذا هو ما يجب أن تفعله المرأة، وكما استبدلت أمه أبيه به وبأخيه، فرض على زوجته فكرة أن لديها ولدين فلتكتفي بتربيتهما.
هناك أيضاً النموذج المتكرر لذلك الرجل الذي مهما صنعت زوجته من طعام شهي في منزل الزوجية، فهو يرى أن أكل أمه لا يُعلى عليه وأنها مهما فعلت لن تكون مثل أمه، وإن دخلت كطرف محايد لتتذوق طعام الأم وطعام الزوجة قد تكتشف أن الزوجة طباخة ماهرة أكثر من الأم، ببساطة الأم لم تفطم ابنها، وكانت دائماً تمنعه من الأكل عند أخريات في العائلة أو تُعلق تعليقات ساخرة على أكل الجارات أو القريبات وتمنع الولد من الخروج لتناول الطعام مع أصدقائه في الشارع، وتمنعه أيضاً من تجربة الطهي في المطبخ بينما تفرض ذلك على أخته قائلة أنه رجل والرجال لا يقفون في المطبخ. تخدمه حتى لو اشتد عوده ويكون كل مطلب له مجاب، لا تُعنفه إن ألقى بملابسه على الأرض وتجمع أشياؤه وتنظمها له دون أخته مدعية أنه رجل والرجال لا يفعلون تلك الأمور.. إن تدخل والده لتقويمه تمنعه أو إن منع عنه المصروف تعطيه المال من وراء ظهر أبيه.
رجال آخرون ينظرون للمرأة دائماً نظرة الريبة والشك الدائم ودوماً المرأة لديهم سيئة السمعة مهما فعلت، يفسرون كل تصرفاتها بشكل خاطئ، وأن المرأة مهما كانت هي مشروع عاهرة كاذبة صيادة للرجال. ببساطة لو جلس أي من هؤلاء على (شيزلونج) الطبيب النفسي سنكتشف أن أمه كانت تلك العاهرة المستترة أو المفضوحة التي رآها تخون أبيه أو تتحدث عنه بشكل غير سوي أو ربما تكون تلك الأم التي تغير على ابنها بأسلوب مرضي وترغب في أن تُفهمه أنها القديسة الوحيدة في الكون فتتحدث عن جميع النساء الأخريات بأسلوب سلبي مريض. أتذكر أحد الزملاء حكى أنه تعلم الجنس في باكورة شبابه على يد جارتهم التي كانت تستدرجه لمنزلها بعد أن ينزل زوجها إلى العمل وتحبس أطفالها في حجرتهم...كان يقول: كنت أسمع بكاء الأطفال المحبوسين في الحجرة وأنا أمارس مع أمهم الجنس. هل يمكنكم أن تتخيلوا موقف أبنائها الذكور عندما يصبحوا رجالاً من النساء؟
هناك أيضاً أسطورة الحماة ( أم الزوج) التي تنغص على كنتها دائما حياتها ولا يكون هناك موقف للإبن سوى أن يجبر الزوجة على قبول تلك الحياة التي ترغب أمه في فرضها على حياتهما، فبالطبع "ماما تعرف كل شئ". أتذكر صديقة بعد اثنى عشر عاماً من الصبر على زوجها وأمه استيقظت صباحاً لتكتشف أن زوجها ترك المنزل وذهب ليعيش عند أمه غير عابئ بالأطفال، فقط لأنها رفضت أن تنتقل للحياة في بيت حماتها وإغلاق منزلها للأبد، مع العلم أن حماتها بصحة جيدة ومازال لديها بنت لم تتزوج بعد مقيمة معها.
كثير من التجارب السريرية التي أجراها معالجون نفسيون على حالات مرضية لرجال ونساء، أكدوا أن المرأة تستبدل احباطها مع زوجها بأن تصنع علاقة مريضة مع ابنها ينقصها الجنس فقط، وإن كانت هناك حالات نادرة لأمهات اعتدين جنسياً بشكل أو بآخر على أطفالهن من الذكور. بالطبع احباط المرأة في زوجها سببه أم زوجها التي أُحبِطَت أيضاً من زوجها وهكذا دواليك ...سلسلة غير منتهية من العلاقات المريضة بين الأم والابن لا تُخرج سوى رجال مريضون نفسياً يعكسون مرآة أمهم على نساء المجتمع وبالأخص الزوجة أو الحبيبة أو حتى الأخت وزميلة العمل.
عزيزتي المرأة أرجوكي ضعي حداً لهذه السلسلة المريضة التي لا تنتج سوى مجتمعاً مريضاً، لا يوجد سبباً يجعلك تظلين متزوجة من رجل مُحبِط لكِ حتى ولو كان جنسياً، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تستبدلي علاقتك بزوجك بعلاقتك بابنك ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تحطمي صورة جميع نساء الأرض من أجل أن تكوني أنت وحدك المقدسة، فلا توجد هناك قداسة حتى للأم وإن كان هناك قداسة مفترضة فهي لكل من الأب والأم، الشريكان الرئيسيان في إنجاب وتربية الأبناء.
رفيقاتي في درب الأنوثة أرجوكن توقفن عن صناعة وحوش في منازلكن ...أزلن تلك القداسة التي ترغبن في أن تهلنها على أنفسكن كبديل لظلم المجتمع للنساء، واشهرهن سيوفكن بنبالة وفي العلن في وجه هذا الظلم ولا تلتفون على الواقع في الظلام وعلى حساب الأبناء.
عزيزتي الأم...أرجوكي أفطمي ابنك ثم أطلقيه في الحياة ليتعرف عليها بنفسه.


الخميس، 26 سبتمبر 2013

أخوات " الأرملة البيضاء" في المنيا


لأول مرة: مصر تشهد ارهابيات من الجنس اللطيف

أخوات "الأرملة البيضاء" في المنيا

>> "جبهة الأنصاريات" تهدد السيسي وشيخ الأزهر والبابا بالانتقام للإخوان.. والكفن يحل محل الفستان في ملابسهن

>> أخطر امرأة في العالم تعرفت على زوجها في غرفة دردشة .. وحلت مكانه في العمليات الارهابية بعد وفاته في تفجيرات مترو لندن عام 2005

>> جائزة قتل "سامنتا ليوثوايت" 5 ملايين دولار .. وقبل عملية نيروبي كتبت على تويتر انها تهب نفسها وأولادها للشهادة


خلال الأسبوع الماضي ظهرت مجموعة من النساء المنتقبات عبر فيديو بثته قناة "التحرير" وتداوله العديد من مستخدمي موقع "فيسبوك"، أطلقن على أنفسهن "جبهة الأنصاريات". قامت هؤلاء النسوة بإطلاق بيان من أعلى منصة بمحافظة المنيا، جاء فيه تهديد للفريق أول عبد الفتاح السيسي ولشيخ الأزهر والبابا تواضرس الثاني، حيث توعدن بالانتقام منهم جميعاً لما أسموه بدعم الانقلاب، كما وجهن رسالة وعيد للفريق السيسي على وجه الخصوص، قائلات: " والله والله لن نجعل السيسي يهنأ بالسيطرة على شبر واحد من أرض مصر وإن كنت ترانا نساء فواحدة منا بألف رجل يا سيسي". كما جاء في ختام بيانهن بالفيديو وهن يحملن الأكفان قولهن: " ها نحن يا سيسي نحمل أكفاننا على أيدينا فأطلق رصاصك علينا".

ربما يكون هذا الفيديو أول مرة يتعرض فيها المصريون لفكرة انتقال العمليات الإرهابية من الرجال إلى النساء، مع اشتداد قبضة الأمن المصرية على قادة الجماعات الإرهابية، لكن بثه عقب أيام بسيطة من العملية الإرهابية التي استهدفت مركز "وست جيت" بالعاصمة الكينية نيروبي والتي أعلنت جماعة "الشباب" الصومالية مسئوليتها عنها، ثم تصريح قوات الأمن الكينية أن البريطانية "سامنتا ليوثوايت" الشهيرة بالأرملة البيضاء هي العقل المدبر وراء هذه العملية الإرهابية، يفتح باب التساؤل إن كانت أخطر امرأة في العالم أو كما يُقال عنها في كافة وسائل الإعلام الغربية "المرأة المطلوبة رقم واحد في العالم" قد امتد تأثيرها إلى شمال أفريقيا ومصر تحديداً، حيث تردد بأنها تقوم بتدريب نساء مسلمات في أفريقيا وإعدادهن لما يُعرِّفونه بأنه جهاد ضد أعداء الإسلام.



من هي الأرملة البيضاء

وُلدت سامنتا في 5 ديسمبر عام 1983 حيث كانت الأصغر بين ثلاثة أطفال في عائلتها، وهي ابنة جندي بريطاني خدم في أيرلندا الشمالية. وقد عاشت ليوثوايت مع والدتها كريستن في " أيليسبري"، بعد أن ترك والدها الجيش وعاد إلى إنجلترا. انفصل والداها وهي في الحادية عشر من عمرها، حيث ذكر أصدقائها أنها تأثرت بشدة من جراء هذا الانفصال، لكنها وجدت العزاء في منزل جيرانها المسلمين حيث شعرت بأنهم يتمتعون بالترابط الأسري، لذلك قررت وهي في الخامسة عشر من عمرها دراسة الإسلام فالتحقت بمدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية في وسط لندن. في هذه الأثناء كانت سامنتا تذهب إلى حفلات المدرسة في "باكنجهام شاير" ترتدي أحدث الملابس كأي فتاة من هذه المنطقة، وهناك العديد من الصور تظهر فيها وهي في السادسة عشر من عمرها متأنقة تضع المكياج وترتدي ملابس مفتوحة، لكن لم يمض وقت طويل حتى تغير مظهرها وملابسها بشكل جذري ونهائي، حتى أصبحت الآن ترتدي النقاب، وهو ما اشتكت منه الشرطة الكينية واعتبرته يشكل عائقاً في القبض عليها بعد أن ثبت تورطها ببعض الأعمال الإرهابية منذ عام 2012.

زواجها من ليندسي


أثناء دراسة ليوثوايت للدين الإسلامي، التقت بجيرماين موريس ليندسي أو عبدالله شهيد جمال عبر أحد غرف المحادثة على الإنترنت حيث كانت قد تحولت رسمياً إلى الإسلام في عمر السابعة عشر، اتفقا بعدها على اللقاء في مسيرة معارضة تحت اسم " أوقفوا الحرب" وفجأة وبدون سابق إنذار عام 2002 تزوجا باسميهما الاسلاميين ( شريفة و عبدالله) وبشعائر إسلامية أيضاً وفقاً لروايات أصدقائها، لكن هذا الزواج لم يتم تسجيله رسمياً، كونهما لم يعقدا قرانهما بأحد المساجد أو الأماكن المرخصة حكومياً.

لم يحضر والدا سامنتا حفل زواجها حيث لم يعترفا به تماماً مثلما لم يعترفا بدخولها الإسلام، وقد قالت الأرملة البيضاء في وقت لاحق عن هذا الأمر: " لم يكن أبي موافقاً ونأى بنفسه بعيداً. لقد وجد في اعتناقي الإسلام أمراً صعباً بما فيه الكفاية فكيف بالزواج من مسلم كان لا يسمح لي أن ألتقيه إلا نادراً".

لكن؛ هل كان جيرماين مجرد فتى بريطاني عادي دخل في الإسلام عن اقتناع؟ ليندسي أو عبدالله شهيد جمال والمولود في سبتمبر عام 1985، كان واحداً من أربعة إرهابيين نشأوا في بريطانيا وقاموا بتفجير ثلاثة قطارات في مترو الأنفاق وأتوبيس بوسط لندن خلال التفجيرات التي وقعت عام 2005، وأسفرت عن قتل 56 شخصاً بما فيهم مرتكبي الحادث، وإصابة أكثر من 700 شخص. ليندسي أو جمال مسئول وحده عن تفجير القطار الذي كان مسافراً على خط بيكاديللي بين شارع كينجز كروس بمنطقة بانكراس ومحطة نفق ميدان راسل.

وجيرماين ليندسي الجامايكي الأصل والذي انتقل إلى إنجلترا في الخامسة من عمره، عاش مع والدته في منطقة دالتون غرب يوركشاير، وهو بالكاد يعرف والده، وقد تحول إلى الإسلام وهو في الرابعة عشر من عمره عقب دخول والدته الإسلام بعدما تزوجت من رجل مسلم. الغريب أن ليندسي تزوج سامنتا بعد زواجه من امرأة انجليزية مسلمة طلقها بعد ثماني أيام فقط هي عمر زواجهما، كذلك قام بتفجير نفسه في قطار لندن وسامنتا حامل في الشهر السابع من ابنهما الثاني. كما يُقال أن هذا الشاب تربى على يد شيخ جامايكي يُدعى عبدالله الفيصل، تم اتهامه بالتحريض على حوادث عنف طائفي ومحبوس منذ عام 2003، وأن هذا الشيخ هو الرجل الذي تزوج من أمه وكان سبباً في تحولهما إلى الدين الإسلامي.



تخصص إرهابيين


عندما تم استدعاء ليوثوايت عقب مقتل زوجها في تفجيرات لندن وإثبات تورطه في العمل الإرهابي، أنكرت معرفتها بأي شيئ وقالت أنها تدين الأعمال الإرهابية وأنها نفسها شعرت بالرعب والترويع عقب سماعها عن الحادث عبر وسائل الإعلام، لكنها اعترفت أنها بالفعل زوجة ليندسي وإن كانت مصدومة لاشتراكه في مثل تلك الأعمال قائلة: " لم أتنبأ أو حتى أتخيل أنه متورط في هذه الأنشطة الإرهابية، لقد كان زوجاً محباً وأباً عطوفاً". وبناء على تصريحاتها قامت الشرطة البريطانية بوضعها وطفليها تحت وصايتها خوفاً من تعرضهم لأي اعتداءات.

لكن المفاجأة أن ليوثوايت متخصصة في الزواج من إرهابيين، حيث تعرفت لاحقاً بشخص اسمه حبيب غاني وأنجبت منه طفلها الثالث، وقد عاشت معه في شمال إنجلترا لكنها عام 2009 اختفت معه وأطفالها تماماً و ُعتقد أنهم انتقلوا للعيش في الصومال أو تنزانيا. بعدها تم اكتشاف أن زوج سمانتا الثاني هو حبيب صالح غاني خبير صناعة القنابل المعروف باسم أسامة والمتورط في العديد من الأعمال الإرهابية في شرق أفريقيا.

المرأة اللغز

في أغسطس الماضي عادت سيرة سامنتا أو شريفة ليوثوايت إلى الظهور مرة أخرى، فهذه المرأة اللغز وفقاً للاستخبارات البريطانية " يُخشى أن تكون متورطة في مؤامرة جديدة لتنظيم القاعدة لضرب أهداف غربية في اليمن قادت إلى إغلاق السفارة البريطانية لمدة أسبوع"، حيث أكد نفس المصدر أنها أجرت عمليات لتغيير مظهرها بالكامل لتجنب الاعتقال فهي تُعرف كشخصية رئيسية في المنطقة في عمليات جمع الأموال لتسهيل النشاط الإرهابي وأنها ستلعب دوراً رئيسياً في المؤامرات مع تفاقم الوضع في اليمن. كذلك ظهر اسمها مؤخراً كلاعب رئيسي في العملية الإرهابية التي وقعت في مركز "وست جيت" التجاري بالعاصمة الكينية، حيث أشارت تقارير إلى مشاركة امرأة بيضاء في الهجوم على المركز، فقد صرح مصدر أمني كيني لـ CNN، أن معاينة أشرطة كاميرات المراقبة داخل المركز تظهر وجود امرأة بيضاء بريطانية على الأغلب وهي تشارك بفعالية في الهجوم، وإن استبعد خبير CNN المختص بشؤون الإرهاب، بيتر برجن، ضلوعها أو أي امرأة أخرى في هذا الأمر قائلا:" سيكون أمراً غير عادي بالمرة أن تشارك امرأة في أي من هذه العمليات، فعادة ما تكره هذه الجماعات النساء، ورؤيتها بشأن المرأة أنه ينبغي أن تكون في البيت مخفية داخل برقع".

من هنا ينبت السؤال: هل سمانتا مجرد امرأة مغلوبة على أمرها تورطت مع زوجين تصادف أنهما من الإرهابيين ما اضطرها أن تختفي مع أطفالها بعيداً عن الأنظار حتى لا تكون مستهدفة من السلطات في بلدها؟ يبدو أن الحقيقة غير ذلك، فهذه المرأة اللغز والتي ظلت بعيدة المنال طوال السنين الماضية لعبت دوراً هاماً لصالح تنظيم القاعدة في باكستان بعد زواجها من حبيب غاني، حيث كانت حلقة لإيصال الأموال التي تُجمع من التبرعات في المناطق ذات الغالبية المسلمة في المملكة المتحدة وأماكن أخرى إلى الخلايا الإرهابية، ووفقاً لمصدر أمني بريطاني؛ فإنها يبدو قد أمضت عامين في بناء الشبكة الممتدة في المملكة المتحدة وجنوب أفريقيا وباكستان والصومال.

وفي شرق أفريقيا، وبدلا من أن يُطلق عليها اسم "الأرملة البيضاء" فهي معروفة باسم " دادا مزونجو" والتي تعني باللغة السواحلية الأخت البيضاء. وفي أحد المواقع الإليكترونية المتعاطفة التي كتبت عن ليوثوايت وبالتفصيل؛ كيف أنها منحت حياتها إلى الله، وأنها تخدم الله كواحدة من جنوده في الصومال. كما يشير الموقع أيضاً إلى أنها قامت بتدريب فرقة نسائية كمفجرات انتحاريات قامت بتجنيدهن بنفسها من الدول الإسلامية، وكان واحد من المدعين العامين الكينيين ويُدعى يعقوب أونداري، قد حذر في العام الماضي من أن ليوثوايت امرأة خطيرة للغاية قائلا: " إنها ليست مجرد شيئ صغير في هذا التنظيم بل لديها صلات بشخصيات قيادية عليا فيه".

وفي عام 2011 وجهت إليها الشرطة الكينية تهماً بالتخطيط لتفجير فندق مومباسا ولكن في الوقت الذي ألقي القبض على شريكها المزعوم جيرمن جرانت، تمكنت من إقناع الشرطة بأنها ليست سوى سائحة بريطانية بريئة، ومع مرور الوقت أدركوا خطأهم لكنها كانت قد هربت. في نفس الوقت داهمت الشرطة الشقة المستأجرة من قبل شريكها جرانت وعثرت داخلها على مواد كيميائية مماثلة لتلك التي استخدمت من قبل زوجها الأول ليندسي في تفجيرات قطارات بيكاديللي في عام 2005، ما يفتح باب تورطها في هذا الحادث أصلاً، وحتى جرانت نفسه اعترف بأنه كان يعمل تحت إشرافها، ويُزعم أنها فيما بعد حاولت تهريبه من السجن قبل مثوله إلى المحكمة، لكن خطتها فشلت حيث تم نقل محاكمة جرانت إلى محكمة آمنة داخل حرم أحد السجون وسط إجراءات أمنية مشددة. وفي عام 2012 نُسب إليها أيضاً الهجوم الإرهابي الذي تم تنفيذه في حانة قرب نيروبي حيث كانت الحانة تعج بالغربيين الذين يشاهدون مباراة إنجلترا وهي تلاعب إيطاليا في نهائيات الأمم الأوروبية، فقد ذكر الشهود أنهم رأوا امرأة بيضاء، يُعتقد أنها ليوثوايت، وهي ترمي قنابل يدوية في الحانة، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ثلاثين آخرين.

وقبل حادث المركز التجاري في نيروبي، كانت السلطات الأمنية الكينية تخشى من أن تكون ليوثوايت تخطط لمزيد من الهجمات، وذلك بعد أن نشرت على حسابها الخاص بموقع تويترأنها على استعداد لشهادتها وأنها تربي أطفالها ليكونوا شهداء في المستقبل.

ظل مكان سمانتا أو " شريفة" لغزاً للسلطات الكينية وكذلك البريطانية ما بين شك في إقامتها بالصومال وانتمائها لجماعة "الشباب" الإرهابية، وبين عودتها مرة أخرى إلى مومباسا.

نهاية الأرملة البيضاء

هل قٌتلت سامنتا ليوثوايت من قبل الشرطة الكينية أثناء اقتحام المركز التجاري في نيروبي لتحرير الرهائن؟ المرأة المطلوبة رقم 1 في العالم خصوصاً من قبل المخابرات الأمريكية والتي وضعت على رأسها جائزة قيمتها 5 ملايين دولار، وأيضاً سكتلانديارد البريطاني والإنتربول الدولي والمخابرات الكينية والصومالية، يبدو أن وفاتها ستظل لغزاً مثلما كانت حياتها، فالفتاة التي تحول مجرى حياتها بالكامل لرفضها تفكك أسرتها، والتي ظلت مُشتبه بها ما بين متأكد من ضلوعها بكل الأعمال الإرهابية التي وقعت في بريطانيا واليمن وشرق أفريقيا منذ عام 2005، وبين مشكك في الأمر مقتنع بأنها مجرد ضحية لزوجين تصادف أن كانا إراهبيين، لم يتم تأكيد مقتلها أو حتى مشاركتها من الأساس في تفجيرات نيروبي الأخيرة. لكن بعد أن ظهرت عدة إشارات لوجود جماعات إرهابية تتشكل من نساء للقيام بعمليات جهادية وفقاً لتعريفهم، ظهرت إحداها في مصر كما ظهر غير في العراق، فهل لنا أن نعتقد أن أخوات سمانتا انتشرن في بقاع بلاد المسلمين؟ وهل يجب أن تتغير النظرة الأمنية في بلادنا لنساء الجماعات الجهادية، لأخذ الحذر منهن بدلاً من التعامل معهن على أنهن مجرد نساء مغلوبات على أمرهن؟ أسئلة مطروحة لا أدري إن كان لها إجابة واقعية على الأرض.

تم نشر المقال في جريدة الصباح المصرية والموقع اليساري الحوار المتمدن








الجمعة، 6 سبتمبر 2013

أمنية طلعت: دبى أكثر المدن العربية صداقة للمرأة

أمنية طلعت: دبى أكثر المدن العربية صداقة للمرأة
1-9-2013 | 12:17

امنية طلعت
أجرى الحوار -عزمى عبد الوهاب
انشغال الروائية “أمنية طلعت” بهموم المرأة يختلف كثيرا عن انشغالات أبناء وبنات جيلها بمثل تلك الهموم، فهى غير معنية بتيار من الكتابة ساد طويلا فى إبداعات هذا الجيل، كالانشغال بقضايا الجسد، واجترار الهموم الذاتية الخالصة، من خلال تجارب شخصية جدا، فى حين أنك ستقابل فى إبداعات “أمنية طلعت” نماذج لنسوة ينتمين إلى أكثر من مكان عربى، يواجهن الواقع بكل تشوهاته، وقد تجلى هذا الأمر فى روايتها “طعم الأيام” التى تعرض لنماذج تنتمى إلى جيل التسعينيات، الذى عاصر الغزو العراقى للكويت عام 1990، وكان شاهدا على سقوط بغداد فى قبضة الاحتلال الأمريكى عام 2003.

وفى روايتها الصادرة حديثا بعنوان “نسائى الجميلات” تدور الأحداث فى أجواء إماراتية خالصة، بداية من الإهداء إلى مدينة دبى، الذى يتصدر الصفحة الأولى من الراوية، وانتهاء بالمصائر الخاصة بشخصيات العمل التى تدور فى فضاء سردى إماراتى، فقد أقامت الروائية مابين دبى وأبو ظبى والشارقة لمدة أربعة عشر عاما.
سبق وأن أصدرت “أمنية طلعت” مجموعة قصصية بعنوان “مذكرات دونا كيشوتا” وهنا حوار معها.

لنبدأ من أحدث رواياتك «نسائى الجميلات» وهى مكرسة لشخصيات تدور فى فضاء روائى خاص بدولة الإمارات، كما أنك أهديت الرواية إلى مدينة دبى، ما الذى منحته دولة الإمارات لك كإنسانة؟
تعلمت هناك الكثير وعشت حياتى بدون ضغوط ، كما منحنى جو الحرية الكبير فى دبى الفرصة للتجربة والخطأ، دون عيون تراقب تحركاتى، ففى دولة الإمارات هناك احترام كبير لخصوصيات البشر، ولا يتدخل الناس فى حياتك.

وكيف كانت الاستفادة من هذا المناخ كمبدعة؟
هناك تنوع كبير فى الحياة، فكل ما ترغب فيه متاح لك، والحياة الفنية والثقافية فى الإمارات ثرية، وكل إنسان موهوب يجد له مكانا ويحصل على الدعم والتشجيع الكافى لأن يعبر عن نفسه ويحقق ذاته، كما أن المرأة تتمتع بمكانة قوية فى الإمارات، ولا تتعرض لأى مشاكل فى الشارع أو العمل، ما يجعلها قادرة على تحقيق ذاتها.

بدأت مشوارك الإبداعى بإصدار مجموعة قصصية عنوانها “مذكرات دونا كيشوتا” ثم توالت أعمالك بنشر روايتين هل خرجت القصة القصيرة من حساباتك لأسباب تتعلق برواج فن الرواية؟
أعشق الحواديت فى المجمل وأحب استخدام مسمى حكاءة على أديبة، وهذا ما يمكن لأى قارئ أن يلاحظه فى كتاباتى، فأنا لا ألعب باللغة كثيراً، ولا أميل إلى الغرائبيات فى كتاباتى، فتجدنى دائماً ما أحكى حدوتة عن أشخاص هم فى الواقع يعيشون بيننا ولا تشعر بأنهم منفصلون عن واقعنا. هذا ينطبق على القصة أو الرواية، وإن كنت نظراً لطبيعتى الحكاءة أميل إلى الرواية أكثر لأنها تعطينى مساحة من الحرية فى الحكى، وأعترف بأننى قبل أن أفكر فى تجويد أسلوبى فى الكتابة لم أجرب كتابة القصة، لكن وجهنى إليها أستاذى الذى أعتز به حتى اليوم الأديب النوبى يحيى مختار، فهو صاحب الفضل فى اكتشافى وتعليمى فنون القص والكتابة الإبداعية، لذلك جاء عملى الأول فى شكل مجموعة قصصية، ثم كانت روايتى الأولى “طعم الأيام” التى أحمد الله أنها وجدت مكانها بين القراء، لكن هذا لا يعنى أننى ابتعدت عن القصة القصيرة، فرواية “نسائى الجميلات” تزامن مع كتابتها مجموعة قصصية جديدة لكننى انتهيت من “نسائى الجميلات” أولا فدفعت بها للنشر، أما المجموعة القصصية فلا تزال قيد الكتابة حيث إننى أجرب فيها شيئاً جديداً أعتقد أنه سيكون الأول من نوعه فى الكتابة العربية، لذلك أفضل ألا أتحدث عنها بالتفصيل الآن حتى تنتهى وتمثل للنشر.

فى مجموعتك القصصية الأولى تتناولين قضايا خاصة بالمرأة هل ترين أن المرأة هى الأحق بأن تكون “دون كيشوت” لا الرجل وأنها تحارب طواحين الهواء حقا؟
رواية “دون كيشوت” لثربانتس كانت هوسا بالنسبة لى فى مرحلة من حياتى عندما كنت فى بداية مشوارى فى العمل الصحفى وأحمل داخلى أحلاماً أكبر مما يمنحه العالم العربى لامرأة، كنت أرى فى نفسى دائماً “دون كيشوت” المهووس بقيم الفروسية فى عالم انتهت فيه الفروسية، ولم تعد سوى أسطورة، فلم يفعل سوى أن عاش فى وهم الفروسية، ما أدخله فى مشاكل ومصائب كبيرة ليجد نفسه فى النهاية يحارب طواحين الهواء. هذا هو واقعى فى فترة من فترات حياتى فجاءت قصة “مذكرات دونا كيشوتا” وباقى قصص المجموعة التى تحكى عن النساء، بعيداً عن منطقة الجسد المكبوت التى غرقت فيها الكاتبات فى التسعينيات، فكتبت عن المرأة الصعيدية والمرأة المناضلة فى سبيل وطنها وعذابات المرأة العاملة والمرأة الطموح التى تقضى أمومتها على طموحها والمرأة الشحاذة والمرأة الخادمة فى البيوت.. إلخ، أى أننى قدمت المرأة فى صورة من لحم ودم، لا فى صورة خيالية لا توجد سوى فى عقول من يعيشون فى الأبراج العاجية، ولذلك نعم فالمرأة المصرية تستحق لقب “دونا كيشوتا” لأنها مطلوب منها أن تكون صورة ناعمة لأنوثة سحرية، بينما الحقيقة أنها تعيش فى واقع من عرق وطين.

تناولت فى روايتك الأولى «طعم الأيام» أحداثا بدأت مع غزو العراق عام 1990 وانتهت الأحداث بسقوط بغداد عام 2003 ما الذى أغراك بهذا الحدث حتى تتناوليه فنيا؟
أنا وجيلى أبناء لهذا الحدث، فقد تفتح وعيى السياسى على غزو العراق للكويت، وأذكر أن نتيجة الثانوية العامة الخاصة بى ظهرت تقريباً فى نفس توقيت الغزو، والتحقت بالجامعة ومصر بين أن تشارك فى حرب تحرير الكويت أو لا تشارك، وكنت واحدة من الطلاب الذين شاركوا فى مظاهرات حاشدة بجامعة القاهرة لرفض ذهاب الجيش المصرى للمشاركة فى جيش أمريكى أوروبى لتحرير الكويت من العراق، وطالبنا بجيش عربى خالص حتى لا يكون ذلك بداية لاستعمار جديد فى المنطقة ..أنا أنتمى إلى هذا الجيل الذى تحطمت صخرة اعتزازه بعروبته على واقع التمزق والضعف العربى، أنا أنتمى إلى الجيل الذى تم النصب عليه باسم قضية فلسطين ...لذلك جاءت رواية “طعم الأيام” لتحكى تجربتى وتجربة جيلى الذى انكسر على صخرة الوطن والوطنية والذى صدم فى كل القيم التى تربى عليها.

هل يمثل هذا الحدث التاريخى النكسة الخاصة بجيل التسعينيات مقارنة بما جرى فى العام 1967 ؟
فرض علينا جيل الستينيات - وهم آباؤنا - أن نعيش فى حزن النكسة ، ولما حاولنا أن نخرج منها بأن نفعل شيئاً لهذا الوطن كان جيل الستينيات نفسه هو من حاربنا ووضع كل العراقيل فى طريقنا كى نفشل وتحطمنا صخرة العجز الوطني. نعم حادث غزو العراق للكويت الذى اكتمل بسقوط بغداد عام 2003 هو نكسة جيلى وحزنه العميق، وفى “طعم الأيام” تنتهى الرواية بحوار بين أحلام البطلة وصديقها العراقى حيث تندب حال واقع مصر المنهار وهو يندب انهيار العراق وبداية تمزقه تحت نير الاستعمار الجديد. فى “طعم الأيام” تنبأت بأن الدور المقبل على القاهرة، وهذا ما نراه الآن بعد عشر سنوات من غزو العراق.
ناقشت فى الرواية أفكارا كبرى كالاشتراكية والناصرية والقومية العربية، ما الذى تبقى من هذه الأفكار الآن؟

الأفكار لا تموت أبداً ولكن يموت من يمثلها حتى يأتى من يحييها مرة أخرى، وهذا ما أراه الآن، فممثلو الفكر الاشتراكى والناصرى والقومى فى مصر أضعف من أن يحملوا لواء هذه الأفكار العظيمة، وللأسف كل واحد منهم يعمل على تنجيم نفسه بعيداً عن المبدأ الذى يرفع شعاره.

السياسة والاقتصاد وغير ذلك من مفردات شكلت الفضاء الروائى فى “طعم الأيام” هل تؤمنين بضرورة أن يعالج المبدع مثل هذه القضايا الكبرى فى إبداعه؟
لا يوجد مفروض فى الأدب فالإبداع فضاء مفتوح للمبدع عليه أن يبحث فيه عن عالم ينتمى إليه كى يعبر عنه بصدق، لكن فى النهاية الأديب ابن مجتمعه وعليه أن يعبر عن كل زوايا هذا المجتمع من خلال تجاربه ومشاهداته، والسياسة والاقتصاد هما المحركان الرئيسيان لنا، وبالتالى عندما يعبر عنهما الأديب فهو بذلك لا ينفصل عن فضاء الإبداع، خصوصاً أنه لا يعبر عنهما بأسلوب تحليلى جامد وإنما يضفرهما فى قلب حكايته التى يحكيها.

هل لديك موقف مما ساد فى الفترة الأخيرة من كتابات تتكئ على الذات وهمومها الشخصية؟
بالطبع لا، فكما قلت الفضاء الإبداعى واسع ورحب وعلى المبدع أن يبحث عن عالمه داخل هذا الفضاء كى يعبر عنه بصدق، وأنا لا أنفصل عن همومى الشخصية حينما أكتب، لكننى فى النهاية لا أميل نحو الإغراق فى الذاتية، لأن شخصيتى فى الأساس تميل إلى الناس والاندماج وسطهم، وسماع حكاياتهم ومشاهدة ممارساتهم فى الحياة، وأجدنى منجذبة نحو السحر الخاص لكل شخصية حولى، لذلك عندما أكتب أضفر حكاياتى بحكايا الآخرين فيخرج العمل الأدبى بعيداً عن ذاتى، لكنه يعبر عنى أيضا فى نفس الوقت.

هل توجد شخصية «أمنية طلعت» ضمن شخصيات روايتك الجديدة «نسائى الجميلات»؟
نعم بالطبع أنا موجودة فى الرواية ولكن ليس بالشكل الذى يتخيله الناس، فأنا لا أحكى قصتى ولكن شخصيتى ومشاعرى وهواجسى كامرأة موجودة فى “ نسائى الجميلات” التى أعتقد أنها تحكى المرأة بشكل جديد فرضه المكان وهو مدينة دبى التى أعتبرها أكثر المدن العربية صداقة وحباً للمرأة >

الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

الوجه السياسي للثقافة والفن...من الأدب الروسي للأفلام الأمريكية وصولا إلى الدراما التركية


قنوات مصرية تلغي عروضها التركية والسؤال: ما هو البديل؟


البديل المصري جاهز وشركات الإنتاج تحتاج إلى ابتكار أساليب تسويقية جديدة

الفن العربي يلعب دور الفريسة في دراما السياسات العالمية لتحديد مصير المنطقة


هل تحتاج مصر إلى المسلسلات التركية فعلا؟ ...سؤال أطرحه على نفسي منذ وقت طويل، فمثل أي مواطنة مصرية صالحة، لم أتمكن من مقاومة إغراء الشوارع النظيفة والرجال ممشوقة القوام أصحاب الشعر الناعم والعيون الملونة، لكن كل هذه المغريات لم تتمكن من دفعي إلى المضي قدماً في مشاهدة أي مسلسل تركي ورد على قنواتنا المصرية أو الفضائية، فهي ببساطة دراما مُعَوقة تم قتلها بحثاً في السينما والدراما التلفزيونية المصرية ملايين المرات منذ أن دخل الفن السابع الساحر مصر في أوائل القرن العشرين. ولو كانت هذه الحكايات القديمة تمثل الواقع التركي فعلاً فهي بالتأكيد لا تعبر بأي شكل من الأشكال سوى عن مجتمع عقيم لا تتوائم مشاغله وأسلوب حياته مع العصر الحديث، حتى المسلسلات التركية التاريخية فهي لا تخرج عن نفس الإطار المُعَوَق، مجموعة من النساء والرجال في حالة كبت جنسي وسباق محموم بين النساء للفوز بقلب رجل حيث تُحاك المكائد داخل خدور الحريم.

لم أستطع أن أقف على أسباب الاقبال العظيم على هذه المسلسلات، لكنني وبعودة بسيطة إلى الماضي التلفزيوني الأليم للعالم العربي، تذكرت هذا المسلسل الأسطوري الذي شغل نساء مصر قبل رجالها لسنين طويلة، وهو ( Bold and Beautiful) رغم أنه ببساطة لا يحكي سوى قصة متشابكة لمجموعة من المنحرفين الذين يعيشون ترفاً من الصعب استيعابه جملة واحدة على الشعب المصري الغلبان. وكذلك مسلسلات أخرى كثيرة شغلت المشاهد المصري وأثرت في تكوينه مثل ( knots landing ) و ( Falcon Crest ) و ( MacGyver) ....إلخ.

في تلك الفترة من أواخر الثمانينات وبداية التسعينات من القرن العشرين كانت الثقافة الأمريكية قد استطاعت أن تجد لها موضعاً لقدم في مصر والمنطقة، حيث استطاعت أن تلفت الأنظار إلى الحياة الأمريكية وتصدير " الحلم الأمريكي" للشعب المصري الذي بدأ في التخلي عن ثقافات غربية سابقة والانغماس بكليته في تلك الثقافة البديلة والتي تبدو أكثر حداثة وتطورا وعصرنةً، مقارنة بثقافات غربية أخرى مثل الأوروبية والسوفيتية. في نفس الوقت تقريباً بدأت السينما الهندية تغزو محلات تأجير شرائط الفيديو ودور السينما الدرجة الثالثة أو المعروفة شعبيا " السينما الترسو". آنذاك كانت الدراما العربية محتكرة لصالح قطاع الإنتاج المصري وفترته الذهبية التي ترأسها ممدوح الليثي الذي تولى المنصب عام 1985 ولا ينكر حتى الجاحد او المعترض على شخص الليثي نفسه، أن هذا الرجل استطاع أن يخلق حالة ثرية في الواقع الدرامي المصري، حيث برزت أسماء كثيرة في سماء الفن بسببه مثل السيناريست الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة والمخرج الكبير الراحل  يحيى العلمي والمخرج محمد فاضل وغيرهم كثيرون من الممثلين أمثال ممدوح عبد العليم وآثار الحكيم و خالد زكي وفردوس عبد الحميد وعفاف شعيب الذين فقدوا بريقهم بعد ذلك لأسباب متباينة.

مع بزوغ عصر الفضائيات في أوائل التسعينات من القرن الماضي واتساع رقعة القنوات العربية بما فيها المصرية، ظهر احتياج لزيادة عدد ساعات الانتاج العربية وبدأت سوريا تجد لها موضعاً لقدم لدى المشاهد العربي والمصري أيضاً، وأذكر أنني توجهت بسؤال عام 1999 لوزير الإعلام المصري آنذاك صفوت الشريف عن السبب وراء عدم عرض الدراما السورية في القنوات المصرية، حيث لم يكن المواطن المصري قد دخل عالم الفضائيات بقوة ومازالت الغالبية من الشعب تشاهد القنوات الأرضية فقط، حينها أجابني بأن قطاع الإنتاج ينتج ساعات درامية كافية لسد احتياجات القنوات المصرية ولا يوجد متسع للمنتج السوري أو العربي بشكل عام، وعندما سألته إن كان من الممكن عرض مسلسل واحد على الأقل في السنة، تجاهل سؤالي ومضى، وكان ذلك أثناء مهرجان الإذاعة والتلفزيون آنذاك.

لم أكن ساذجة بما يكفي لأن آخذ إجابة صفوت الشريف دون ثبر أغوارها، فالأمر كان واضحاً تماماً، أنها سياسة دولة لأن القنوات التي لا تتسع ساعات بثها للمسلسلات السورية، كانت تتسع لعرض مسلسل لا علاقة له بطبيعة مجتمعنا المصري، بل إنه لا علاقة له بالواقع الأمريكي نفسه ولا يشاهدها حتى المواطن الأمريكي، وأعني مسلسل ( Bold & Beautiful) الذي يمارس فيه الجنس كل أبطال المسلسل بلا ضابط ولا رابط وحتى وإن حاولنا أن نكون منفتحين إلى أبعد الحدود فلن يستطيع أكثرنا انفتاحاً أن يستوعب فكرة أن يمارس الأب الجنس مع عشيقة ابنه وأن تنجب منه طفلاً غير شرعياً لتعود وتمارس الجنس مع ابنه مرة أخرى. أذكر أن عقلي البسيط لم يستطع فهم آلية حدوث هذا الشئ آنذاك فقررت التوقف عن مشاهدة المسلسل.

بغض النظر عما سبق، أستطيع وبعد هذا هذا العمر الطويل من عشقي للسينما والدراما وانتمائي لفن الحكي بغض النظر عن الوعاء الذي ستخرج فيه الحكاية، أن ما نشاهده على شاشاتنا وتحديداً من المنتج الأجنبي أياً كانت بلد هذا المنتج، ما هو إلا تعبيراً عن التوجه السياسي لحكومة بلادنا، فمع بدء اختفاء الأفلام الأوروبية بشكل عام عن برنامج " نادي السينما" والذي كان وجهة جيلي الوحيدة للاضطلاع على المنتج الفني غير المصري، وزيادة جرعة الأفلام الأمريكية ثم سيادتها لكل ما هو غير مصري على الشاشة المصرية لتصبح الأفلام والمسلسلات كلها وارد أمريكا، كان الهدف هو ترسيخ الثقافة الأمريكية في الوجدان الشعبي المصري، وبالفعل هذا ما حدث فالشعب المصري حتى غير المتعلم منه تحتوي لغته المحكية على مفردات باللغة الإنجليزية ينطقها كيفما أراد. وكذلك أصبحت أمريكا هي الحلم والوجهة المبتغاة لكل انسان مصري بسيط. ننتقد أمريكا وسياساتها لكننا في النهاية نعشقها ونعشق موسيقاها بدليل أنه حتى الغناء الشعبي المصري دخلت عليه موسيقى التكنو الأمريكية ومنذ مطلع السبعينات وحتى أواخر التسعينات انتشرت فرق الجاز والجاز فيوجن في كل مسارح مصر وأولها الأوبرا المصرية.

نحن ننتمي بشكل أو بآخر لأمريكا لأن دولتنا العزيزة منذ السبعينات وجهت قبلتها نحو الشمال، وفي الوقت الذي كان الأدب الروسي والفرنسي المترجم هو الشغل الشاغل لجيل الستينات والذي استطاع جيلي أن يلحق بأواخره من إصدارات الهيئة العامة للكتاب، حلت السينما والدراما الأمريكية محلهما لأن الثقافة الأمريكية ببساطة لا علاقة لها بالكتاب وإن كان لديهم دور نشر عريقة وعظيمة لكنها لا تمثل الحلم الأمريكي المادي خارج حدود أمريكا نفسها.

نعود إلى تركيا، أو إلى الحلم التركي الذي بدأ ولاة أمورونا يوجهون نظرنا نحوه منذ منتصف الألفينات تقريباً، فتركيا ليست مجرد دولة أوروبية أخرى، ولا حتى مجرد محاولة لتنويع المعروض الفني علينا لتوسيع دائرة ثقافتنا وفتح آفاق العالم علينا، فالهند مثلاً رغم انها تنتج دراما متميزة لا تختلف في سذاجتها الفكرية كثيراً عن الدراما التركية إلا إنها ليست دولة اسلامية فمعظم الدراما الهندية تحكي قصص من واقع أسر هندوسية يظهر فيها شخصيات مسلمة تماماً مثلما نفعل في الدراما المصرية حيث شخص مسيحي لا يتمتع بأي أبعاد عميقة ( مجرد واحد معدي في الحكاية ويتصادف أن يكون اسمه مايكل). أما تركيا فالأمر مختلف حيث أنه مجتمع مسلم بالكامل ويحمل وجهاً مغايراً للذي نحمله نحن، فالوجوه ليست مكفهرة والنساء رشيقات ممشوقات يعشن الحياة بحرية ودون قيود في الملبس، وشوارع نظيفة وحياة تبدو عصرية ومرفهة. هل يأتي الأمر بالصدفة البحتة؟ من وجهة نظري المتواضعة فالإجابة هي لا. فتركيا دولة اسلامية منذ سحيق الزمان والساحة الفنية التركية قوية منذ وقت طويل، فما الذي جعلنا نتوجه إليها الآن، خاصة في دولة مثل مصر معروفة بأنها هوليوود العرب، حيث إنتاج سينمائي وإن كان متعثراً، ودراما تلفزيونية تعود إلى الستينات منذ أن دخل اختراع التلفزيون مجتمعنا.

لقد تم تهيئة المجتمع المصري منذ أواخر السبعينات مع فتح الباب للتيارات الدينية المتشددة ووجهها الذي يبدو طليعيا ومثقفاً من خلال الإخوان المسلمين، لفكرة عودة الخلافة الإسلامية، جميعنا كنا نتباكى على انهيار الخلافة الاسلامية والتي كانت الخلافة العثمانية آخر من مثلها، ورغم أن جيلي كان آخر الأجيال المصرية التي درست الخلافة العثمانية باعتبارها استعمار للمنطقة العربية تم تقويضه على يد الاحتلال الإنجليزي لتبدأ رحلة التحرر العربي وبزوغ نجم القومية العربية، إلا أن المد الثقافي للتيار الديني المتشدد استطاع من خلال عمله على الأرض أن يجذبنا لفكرة توحد كافة الشعوب الإسلامية تحت لواء خلافة واحدة لنشكل قوة عالمية مجابهة للقوى الاستعمارية الغربية. كان النزاع في الثمانينات والتسعينات بين قوتين حقيقيتين على الأرض وهما قوى القومية العربية وقوى القومية الاسلامية ممثلة في حلم الخلافة المفقود. لا ينكر أحدنا أن القومية الإسلامية تغلبت على العربية دون أن يفكر أحدنا في كيفية توحيد هويات ثقافية تنتمي للإسلام أيضاً تحت الهوية الثقافية العربية، مثل باكستان وأندونسيا وإيران مثلاً. وبغض النظر عن هذه النقطة فإن كفة الخلافة الإسلامية رجحت لدى العرب في النهاية، فكانت الخطوة التي يجب أن تلي هذا الأمر هو تحديد موقع هذه الخلافة، فلم يكن هناك سوى تركيا فهي من وجهة نظري المتواضعة تحمل صفات عديدة تؤهلها لذلك، مثل كونها تقع في أوروبا حيث الحلم الدفين في داخلنا لأن نكون مثل أوروبا، وكونها البلد التي خرجت منها آخر خلافة إسلامية قضى عليها الغرب الاستعماري الكافر، ولا ننسى في النهاية أنها في العقدين الأخيرين بدأت في التخلي عن علمانية أتاتورك وسيطر عليها حكام يمثلون تيارات سياسية إسلامية. لم تكن تركيا اختيار عربي صرف، ولكن أيضاً لأن تلك الدولة بعد أن استطاعت أن تعبر أزماتها الاقتصادية بشكل كبير ومع رفض الاتحاد الأوروبي لضمها إليه بدأت في البحث عن ساحة لفرض سيادتها السياسية لأسباب عديدة أهمها إقتصادي حيث أننا نمثل سوقاً هامة لها، فالمسلسلات التركي ليست المنتج الوحيد الذي غزا أسواقنا.

مؤخراً وبعد وضوح الهدف السياسي التوسعي لتركيا من خلال رجالها في بلادنا ألا وهم الإخوان المسلمين وتابعيهم، بدأت تتصاعد نبرة الغضب الشعبية ضدها ورغم إن أغلب القنوات الفضائية المصرية والعربية أعلنت في أواخر رمضان الماضي عن عودة المسلسلات التركية لشاشاتها، قامت قنوات مثل "الحياة" و "النهار" و "القاهرة والناس" باتخاذ قرار بوقف عرض المسلسلات التركية رداً على الموقف الرسمي التركي من الأحداث في مصر الآن، وهذا قرار سليم ولكن السؤال الأهم هو: متى ستتوقف تبعيتنا الثقافية والفنية؟ متى سنعود لسابق عهدنا بأن نكون منتجين ومصدرين للثقافة؟ ولماذا لا نستغل الطاقات الفنية الشابة التي ظهرت على السطح خلال هذا العام والعام الماضي لإنتاج دراما مصرية عربية متميزة، خاصة وأن مصر في السنوات القليلة الماضية استقبلت العديد من المواهب الفنية العربية والتي أثبتت قدرتها على الاندماج في الحالة الفنية المصرية. لم يعد الأمر في يد قطاع الإنتاج وحده الآن فشركات الإنتاج الخاصة تملأ ربوع القاهرة، لكنها في رأيي مازالت جبانة وغير قادرة على تسويق منتجها طوال العام حيث تعتمد فقط على خصوصية شهر رمضان. إن الأمر يحتاج إلى شجاعة ورغبة حقيقية في العمل وابتكار أساليب تسويقية جديدة لتدوير آلة الانتاج الفنية في مصر، فهل سنرى ذلك خلال الأيام القادمة؟

  

 

 

الثلاثاء، 6 أغسطس 2013

رغم الأحداث السياسية العاصفة ...دراما رمضانية متميزة


أعتقد أنه من المناسب الآن أن نقدم رؤية شبه مكتملة عن الأعمال الدرامية التي دخلت في السباق الرمضاني لهذا العام. فالأحداث الدرامية للأعمال وصلت في مجملها إلى قمة الصراع ما يجعلنا قادرين على اتخاذ القرار بشأنها.

بالطبع لم أتمكن من مشاهدة كل المسلسلات حيث أن الأمر يخرج عن نطاق قدرات " السوبر مان" شخصياً وبالتالي فإن كل ما يمكنني إطلاق قرار بشأنه لا يزيد في مجمله عن الستة أعمال درامية أو ما يقارب ذلك.

ودعوني أمنح جائزة أفضل دراما رمضانية لمسلسل " نيران صديقة" الذي أبدع في كتابته السيناريست الموهوب محمد أمين راضي، فهو ببساطة أعاد ماء الحياة للدراما المصرية وجعلنا نتذكر العصر الذهبي لأسامة أنور عكاشة، حيث المؤلف هو اللاعب الرئيسي في العمل الدرامي ويعود إليه بشكل كبير نجاحه أو فشله، فمهما كانت عظمة المخرج وروعة الممثلين، لو لم يكن هناك نص متميز لما كان هناك دراما متميزة. وهذا ما شعرته مع مسلسل نيران صديقة من الحلقة الأولى، حيث قابلت معالجة نصية مغايرة وذكية دفعتني لأن أبحث عن السيناريست وهو أمر لم أعد أهتم به مؤخرا. أحداث المسلسل تدور في زمنين مختلفين، فهو ثابت في عام 2009 ولكن يعود إلى 1986 ومن ثم تتصاعد الأحداث متقدمة في الأعوام إلى أن تصل إلى اللحظة الراهنة التي يتوقف عندها أبطال الحكاية. غرائبية الأحداث أيضاً يعالجها راضي بشكل مبدع يقف به على قدم المساواة مع أعمال الإثارة التي اعتدنا الانجذاب إليها في الانتاج الأمريكي، وما يُكسبه حلاوة إضافية أنه يقدم هذه الإثارة من خلال شخوص وأحداث داخل مجتمع يخصنا ما يُكسبه حميمية نفتقدها مع الأعمال الأجنبية. لا توجد حاجة لأن أمدح الأبطال أو المخرج فكلهم تضامنوا في عزف سيمفونية محمد أمين راضي ببراعة.

في المرتبة الثانية بالنسبة لي، يأتي مسلسل "موجة حارة" وهو مأخوذ عن نص للراحل الكبير أسامة أنور عكاشة  قامت مريم نعوم بتقديم معالجة درامية له. المسلسل يناقش بجرأة كبيرة أمراض المجتمع المصري في السنوات السابقة على الثورة، من فساد طال كل شيئ ويوضح أن الفساد عبارة عن شبكة واحدة لا يمكن أن نفصل جزء منها عن الآخر، ففساد الشرطة مربوط بفساد رجال الدين مربوط بالقوادين وتجار الرقيق الأبيض. الجميع في المسلسل قدم دوره برقي وابداع حقيقي، لكن المعجزة التي جعلتني أًصر على أن لا تفوتني حلقة واحدة من المسلسل هو الفنان سيد رجب، فهذا الممثل الكبير يؤكد لي عاماً بعد عام أن الساحة الفنية في مصر ظالمة وقاسية، فأين كان سيد رجب قبل مسلسل الطرف الثالث الذي تم عرضه العام الماضي؟ أين كان هذا الممثل الغول الذي يستطيع ببساطة أن يأكل كل من حوله فيصبح هو النجم الحقيقي وما عداه مجرد ممثل عادي؟ ... ويشترك سيد رجب أيضاً في مسلسل آسيا بدور " بحر" الرجل الصامت والكلب الوفي لتاجر آثار وسلاح يدير أعماله تحت ستار ملهى ليلي في شرم الشيخ. ومسلسل "آسيا" في رأيي مجرد فكرة جميلة لم يتمكن مؤلفها عباس أبو الحسن من إخراجها بشكل لا يدعونا إلى التثاؤب وإمكانية ملاحقة الأحداث حتى لو فاتتنا حلقة أو اثنين، كما أن المخرج محمد بكير لم يتمكن من الاستفادة بالإنتاج الضخم الذي تم تكريسه للمسلسل. ورغم عشقي الخاص بالفنانة منى ذكي التي أحب بساطتها في الأداء وسلاسة تعبيرها عن كافة الأدوار التي لعبتها، إلا إنها وبمنتهى الصراحة ليست الشخص المناسب لهذا الدور، وللأسف مرة ثانية فإن شخصية آسيا لم تكن لتليق على ممثلة مصرية عدا حنان ترك رحمها الله فنياً منذ ارتدت الحجاب ثم اعتزلت الفن نهائياً بعد أن قدمت أعمالاً لا تليق بمستواها الفني الذي بهرتنا به لنسنوات طويلة.  

" العراف" للنجم الكبير عادل إمام لا يمكن أن نصفه بغير أنه مسلسل معمول خصيصاً له ولا يخرج عن الإطار المحفوظ صم للنجم الكبير، فهو مجرد اسكتشات لطيفة ومتفصلة عليه، لكن في النهاية لا ننكر أن عادل إمام حتى لو قال "ريان يا فجل" هيكون على قلبنا زي العسل، حيث خرج عادل إمام منذ زمن طويل من سباق إرضاء الجماهير إلى دائرة عشقهم وعشقنا له مهما فعل.

مسلسل "القاصرات" يتناول موضوعاً مهماً جداً لكن تم تناوله بأسلوب حيد القضية ولم يستطع تقديم دراما جاذبة تنفر المجتمع من بشاعة زواج القاصرات إيقاظ الضمير الشعبي ضدها، أما "مزاج الخير" فهو شهادة وفاة حقيقية لمصطفى شعبان الذي فيما يبدو "اتزنق" في هذه النوعية من الأدوار ولم يعد مجدياً المحاولة للخروج منها، ثم نأتي لمسلسل " الزوجة الثانية" الذي لم أستطع أن أكمل حلقتين متتاليتين منه حيث لم ينجح سوى في إصابتي بحالة استياء شديدة، فقررت التوقف عن المشاهدة.

لم أتمكن من مشاهدة مسلسل "ذات" و" اسم مؤقت" رغم مدح الكثير من المشاهدين على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لهما، وعن طريق الآراء التمبادلة على تلك المواقع علمت أن هناك عنصران أثارا انتباه الناس في مسلسل "حياة" للفنانة غادة عبد الرازق، الأول هو الثراء الفاحش في فيللا حياة والألفاظ البذيئة التي نفرت كثيرون طوال حلقات المسلسل. ويبدو أن نجوماً مثل يسرا وليلى علوي وإلهام شاهين لم يتمكن خلال الأعمال التي قدمنها هذا العام، أن يلفتن نظر المشاهد حيث لم ألحظ تبادل أي نوع من الأراء السلبية أو الإيجابية بخصوصها.

 المقال تم نشره في جريدة اليوم السابع