السبت، 13 يوليو 2019

نجوم أوبرا القاهرة يبرعون في أداء "إكسير الحب" على المسرح الكبير





تعد "إكسير الحب" أو كما اشتهرت بين محبي الأوبرا في العالم  l'elisir d'amore أوبرا كوميدية من أكثر الأوبرات انتشاراً في العالم ربما لقصتها البسيطة، أو لما تحتوي عليه من آريات عذبة وممتعة، وهي الأوبرا التي قدمتها فرقة أوبرا القاهرة بالتعاون مع فرقتي الأوركسترا والباليه مؤخراً على خشبة المسرح الكبير.
الأوبرا من أعمال الموسيقار الإيطالي جايتانو دونيتزيتي الذي اشتهر بأوبراته البسيطة والاستعراضية والتي لا تتطلب تفكيراً عميقاً، فالموسيقى بالنسبة له كما قال الكثير من النقاد الموسيقيين في عصره، مجرد سرور حسي ونوته الموسيقية يمكن استيعابها بسهولة على العكس من أعمال الموسيقار النمساوي فرانز شوبرت الذي ولد في نفس العام الذي ولد فيه دونيتزيتي عام 1797، ورغم ذلك فإن أعمال دونيتزيتي كانت الأقرب للجمهور الذي كان يسعد بسماعها وبمتابعة الأوبرات التي قدمها وأشهرها بجانب إكسير الحب أوبرا (لوشيا دي لا ميرمور)، كما كان من رواد الملحنين والمؤلفين لأوبرات البل كانتو الاستعراضية.


كتب الأوبرا فليتشي روماني مقتبساً النص من قصة يوجيني سكرايب "الفيلتر" على عجل في فترة ستة أسابيع فقط، مع ذلك كانت الأبرا الأكثر عرضاً في إيطاليا بين عامي 1838 و 1848، وظلت دائماً في مقدمة ريبرتوار الأوبرات العالمية التي يتم عرضها بشكل متكرر حيث تستقر في المرتبة الثالثة عشر في قائمة "الأوبرا بيز" لأكثر الأوبرات أداءً على مستوى العالم في المواسم الخمسة بين عامي 2008 و2013، ولها العديد من التسجيلات في مختلف بلدان العالم، كما أن أغنيتها الشهيرة "أونا فروتيفا لاجريما" مازالت تُقدم في قاعات الحفلات الموسيقية العالمية.
أدخل دونيتزيتي عدداً من التغيرات على النص الأصلي لسكرايب، مثل الثنائي بين شخصيتي أدينا ونيمورينو في الفصل الأول، وتكرار اللحن الموسيقي الذي قام به الثنائي أدينا ودولكامارا "لو سون ريكو إي تو سي بيللا" أو " أنا غني وأنت جميلة" في الفصل الثاني، والمنظر الأول في المشهد الأخير للأوبرا والذي غنته شخصية دولكمارا كأغنية منفردة.


تدور الدراما الرئيسية للأوبرا حول انتصار الإخلاص للحب والذي يعد ضرورة لهذا العصر الرومانسي، كما تتميز الأوبرا بثلاث ثنائيات "ديو" كبيرة بين التينور والسوبرانو، وهناك أصل حقيقي لقصة الأوبرا حيث اشترت امرأة ثرية الخدمة العسكرية بالفعل لدونيتزيتي حتى لا يخدم في الجيش الإيطالي.
عُرضت "إكسير الحب" لأول مرة في مسرح ديللا كانوبيانا في مدينة ميلان خلال شهر مايو عام 1832 وتحتوي على خمس شخصيات رئيسية هي؛ الفلاح البسيط نيمورينو الغارق في غرام أدينا صاحبة الأرض الغنية، وبيلكور الضابط بالجيش، ودولكمارا رجل الطب المتجول، وجيانيتا صديقة أدينا.
تدور أحداث الأوبرا في فصلين لا يتغير فيهما الديكور، حيث نرى أرض أدينا التي تحيط بقصرها وبيوت الفلاحين المحيطة والساحة التي يجتمع فيها أهل القرية، يبدأ الفصل الأول بالبطلة إدينا التي أدت دورها السوبرانو منى رفلة يحيط بها مجموعة من الفلاحات والفلاحين، ويستمعون لها وهي تقرأ قصة تريستان وايزولده عن الإكسير الذي له مفعول سحري في الحب، يسمع نيمورينو الفلاح المغرم بإدينا كلامها عن الإكسير (يؤدي دوره التينور هشام الجندي) ويحلم بالحصول عليه بعد أن رفضت إدينا حبه. يصل الضابط بلكوري والذي أدى دوره الباريتون إلهامي أمين، ويطلب يد إدينا للزواج فتعده بالتفكير في الأمر.
عندما يظهر الطبيب المتجول دولكمارا والذي أدى دوره الباص باريتون الشهير رضا الوكيل، ويبدأ في عرض منتجاته من الدواء على الفلاحين بطريقة كوميدية، يطلب منه نيمورينو إكسير الحب ويستجيب له الطبيب المحتال ويخبره أن لديه أفضل تركيبات هذا الإكسير، ويعطيه زجاجة نبيذ على أنها الإكسير الذي يبحث عنه، فيشتريه منه رغم سعره المرتفع، ويؤكد الطبيب لنيمورينو أن مفعول الإكسير يبدأ بعد يوم كامل وهذه هي المدة التي يحتاجها للاختفاء. يشرب نيمورينو النبيذ "الإكسير" ويشعر بثقة زائدة في نفسه ما يجعله يتجاهل إدينا عندما يقابلها، ويشعرها ذلك بالغضب فتقبل الزواج من الضابط بلكوري.


يبدأ الفصل الثاني باحتفالات زواج إدينا من بلكوري ويشعر نيمورينو بالحزن واليأس الشديدين، حيث أن مفعول الإكسير لم يظهر بعد، فيذهب إلى الطبيب المحتال للحصول على المزيد، لكن دولكامارا يرفض أن يعطيه شيئاً دون مقابل. في نفس الوقت تؤجل أدينا مراسم الزواج إلى المساء ما يغضب بلكوري ويقابل نيمورينو في طريقه ويلاحظ حزنه الشديد، فيخبره نيمورينو انه في حاجة ملحة إلى المال، فيقنعه بلكوري بأن يلتحق بالجيش ويحصل على مبلغ التطوع الكبير، وبالفعل يوقع نيمورينو على استمارة التحاقه بالجيش ويحصل على مبلغ كبير يشتري به كمية كبيرة من الإكسير المزيف.
في نفس الوقت ينتشر في القرية خبر وفاة عم نيمورينو الذي ترك له ثروة كبيرة، ما يجعل كل الفتيات يلاحقنه، فيظن أن مفعول الإكسير قد بدأ. تعلم أدينا ما فعله نيمورينو من أجل الوصول إلى قلبها وتطوعه في الجيش فتذهب إلى بلكوري وترد له المال الذي أخذه نيمورينو نظير تطوعه وتحصل على استمارة تطوعه في الجيش، ثم تذهب إليه لتعطيه الاستمارة، لكنه يبدي عدم اهتمامه بها حتى تعترف له بحبها.
يفاجأ بلكوري بارتباط أدينا بنيمورينو، لكنه يبدي عدم اكتراثه بالأمر بدعوى أن فتيات كثيرات يسعدهن الارتباط به، ويستغل دولكامارا الوضع ويزعم أن الإكسير الذي اشتراه نيمورينو منه هو سبب الثروة والحب اللذان هبطا عليه، فيبيع كمية كبيرة من زجاجات الشراب للفلاحين ثم يهرب مختفياً عن الأنظار، وتنتهي الأوبرا باحتفال القرية بارتباط نيمورينو وأدينا وبلكوري وجيانيتا صديقة أدينا.
تحتوي أوبرا "إكسير الحب" على عدد من الآريات الشهيرة مثل "كم هي جميلة – كوانتو إي بيللا كوانتو إي كارا"، الذي أداها التينور هشام الجندي في دور نيمورينو بعذوبة شديدة في المشهد الأول من الفصل الأول، ويلزم القول هنا أن الجندي اقترب كثيراً من روعة أداء بفاروتي لنفس الدور من قبل. وآريا "إيزولدا القاسية" والتي أدتها السوبرانو المخضرمة منى رفلة في دور أدينا في المشهد الأول أيضاً، وآريا "تماماً مثل باريس الساحرة" التي أداها الباريتون إلهامي أمين في دور بلكوري بصوته الواثق الرخيم، و آريا "أنصت، أنصت" الذي أداها الباص باريتون رضا الوكيل بفخامة صوته المعتادة دائماً، أما الفصل الثاني فاحتوى على ثلاث آريات منها الثنائي بين أدينا ودولكمارا (منى رفلة ورضا الوكيل) بعنوان "أنا غني وأنت جميلة"، وكذلك الآريا الكثر شهرة وانتشاراً " أونا فروتيفا لاجريما" أو "مسيل الدموع" والتي أشعل بها التينور هشام الجندي المسرح، وآريا "خذها لقد حررتك" التي أدتها منى رفلة في المشهد الثاني من الفصل.

 المقال منشور بجريدة القاهرة 2 يوليو 2019

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق